الصواريخ وقرارات القضاء تهددان عمل شركات النفط في كردستان

مشرق ريسان
حجم الخط
0

بغداد ـ «القدس العربي»: أقرّت حكومة كردستان، أمس الإثنين، بخطورة الهجمات الصاروخية التي تستهدف الشركات النفطية العاملة في الإقليم، تزامناً مع قرار شركات أمريكية الالتزام بقرارات المحكمة الاتحادية، المتعلقة بآلية تصدير نفط الإقليم، الأمر الذي يضع أربيل في مأزق “أمني ـ اقتصادي” جديد.
وأعلنت شركة “شلمبرغر” الأمريكية لخدمات حقول النفط، أمس، التزامها بقرارات المحكمة الاتحادية المتعلقة بنفط إقليم كردستان.
وطبقاً لوكالة الأنباء الرسمية، فإن “شركة شلمبرغر الأمريكية، أرسلت رسالة بوثيقة رسمية إلى وزارة النفط العراقية بالتزامها بقرار المحكمة الاتحادية المرقم 59 والمتضمن عدم التعامل مع إقليم كردستان فيما يخص الملف النفطي”.
كما أعلنت في وقت سابق شركة “بيكر هيوز” الأمريكية أيضاً، المختصّة في مجال خدمات حقول النفط، التزامها بقرارات المحكمة الاتحادية.
وتوقع أستاذ الاقتصاد في جامعة البصرة، نبيل المرسومي، تداعيات سلبية على قرار شركة “شلمبرغر”.
وقال، في توضيح له، “قررت شركة شلمبرغر العالمية في رسالة بعثتها إلى وزير النفط الالتزام بقرار المحكمة الاتحادية بعدم العمل في إقليم كردستان وعدم التقديم على أي مناقصة في قطاع النفط والغاز في كردستان”.
وأوضح أن “شلمبرغر هي أكبر شركة في العالم لخدمات حقول النفط، توظف حوالي 100 ألف شخص يمثلون أكثر من 140 جنسية يعملون في أكثر من 85 دولة حول العالم، ولديها أربعة مكاتب تنفيذية الرئيسية تقع في كل من: باريس، هيوستن، لندن، ولاهاي”.
وأضاف أن “الشركة تقدم حزمة من المنتجات والخدمات من خلال تقييم تشكيل الحفر الموجه والتحفيز، وحفر الآبار، والبرمجيات، وإدارة المعلومات وخدمات البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات التي تدعم العمليات التشغيلية الصناعية الأساسية”.

قرار «سلبي»

وأشار إلى أن “هذا القرار سلبي على إنتاج النفط في كردستان خاصة وإن شركة شلمبرغر مع شركة هاليبرتون الأمريكية للطاقة (التي يبدو أنها في طريقها إلى الانسحاب) لديهما عقود عمل في حقول نفطية شمالية منها (طقطق) و(طاوكي) و(جمجمال) و(كورمور)، و(خورماله)”.
في الأثناء، أكدت شركة دانة غاز الإماراتية، أن الصواريخ التي استهدفت “كورمور” الأسبوع الماضي، لم تسبب أي أضرار، منوهةً إلى الإجراءات التي اتخذتها حكومة إقليم كردستان لتعزيز التدابير الأمنية في منطقة “خورمور”، بما في ذلك نقل المزيد من القوات المسلحة لحماية المنشآت والمرافق في المنطقة.
وقالت، في بيان صحافي، أمس، “تود شركة دانة غاز أن تحيطكم علماً بأنه لاحقاً للحادثة التي وقعت بتاريخ 22 حزيران /يونيو 2022، فقد سقط صاروخان صغيران في منطقة امتياز خورمور في إقليم كردستان العراق يومي الجمعة والسبت”، مضيفةً: “لم يقع نتيجة لذلك أي إصابات او أضرار”.
وأشارت إلى أن “تستمر العمليات الإنتاجية على نحو طبيعي ودون أي انقطاع، وقد تم تعليق العمل مؤقتاً في مشروع توسعة خورمور في أثناء تنفيذ التحسينات الأمنية اللازمة”. وفي السياق، نوهت إلى أنه “تقوم الشركة بالتنسيق بشكل مباشر مع حكومة إقليم كردستان العراق التي أظهرت مع الحكومة العراقية دعماً قوياً للشركة. واستجابة لهذه الاعتداءات، اتخذت حكومة إقليم كردستان العراق جميع الإجراءات اللازمة لتعزيز التدابير الأمنية في خورمور، بما في ذلك نقل المزيد من القوات المسلحة لحماية المنشآت والمرافق في المنطقة”.
وفي الأسابيع الأخيرة، استُهدفت مواقع لإنتاج المحروقات في إقليم كردستان بقذائف صاروخية لم تتبن أي جهة إطلاقها. وحدث أول استهداف بالصواريخ في نيسان/ أبريل، ثم استهدفت في أيار/ مايو مصفاة نفط كوركوسك، وهي من أكبر المصافي في المنطقة الغنية بالنفط والواقعة شمال غرب أربيل.

إدانة أمريكية

وأدانت وزارة الخارجية الأمريكية، الهجمات. وقال المتحدث باسمها، نيد برايس، في بيا،ن إن “الولايات المتحدة تقف مع شركائها في إدانة الهجمات الصاروخية وقذائف الهاون المستمرة التي تستهدف إقليم كردستان العراق، بما في ذلك الهجمات الثلاث على البنية التحتية للنفط والغاز في السليمانية في الأربعة أيام الماضية”.
وأضاف أن “هذه الهجمات تهدف لتقويض الاستقرار الاقتصادي وتحدي السيادة العراقية، وزرع الانقسام والترهيب”، داعياً إلى “التحقيق في هذه الهجمات ومحاكمة المسؤولين عنها”.

«بيئة طاردة»

في الاثناء، رأت كتلة الحزب “الديمقراطي الكردستاني” في مجلس النواب العراقي، أن استهداف إقليم كردستان بالقصف الصاروخي هدفه خلق “بيئة طاردة للاستثمار في العراق”، مشددة على ضرورة تنسيق الجهود الأمنية لمنع “المجاميع المشبوهة” من إشاعة الفوضى.
وقالت، في بيان صحافي، أمس، إن “ملف استهداف إقليم كردستان بصواريخ الكاتيوشا في حاجة ماسة لتنسيق عميق بين بغداد وأربيل والمجتمع الدولي، لأن من يقف خلف هذه الأعمال الإجرامية يريد أن يبعث برسائل إلى الشركات الاستثمارية العالمية، أن العراق بيئة طاردة للاستثمار، وبالتالي يحقق أهدافاً لم ولن تخدم عموم العراقيين”.
وأكدت “إيجاد حلول جذرية لسد الفراغات بين القوات الأمنية العراقية وقوات البيشمركه في عموم الحدود بين الإقليم والمحافظات العراقية المتاخمة له، وخاصة في المناطق التي شهدت نشاطاً إجرامياً مؤخراً ضد الإقليم وبناه التحتية، لأجل الحد من تلك الهجمات وملاحقة من يقف خلفها”.
وأضافت أن “هناك مسلسلاً إجرامياً ممنهجاً ومدروساً ضد إقليم كردستان، حيث تقوم مجاميع مشبوهة بمهاجمة البنى التحتية لإقليم كردستان بصواريخ الكاتيوشا لأجل خلط الأوراق وابقاء البلاد في حالة من الفوضى واللااستقرار، لأن هكذا مجاميع ترتعب من سيادة القانون وتعتاش على الفوضى والأزمات”.
وأشارت إلى إن “من يقف خلف هذه الأعمال الجبانة، هم العاجزون عن تقديم الخدمات لعموم الشعب العراقي، ولهذا، يصيبهم الغيظ بسبب التطور العمراني والحضاري والاقتصادي والثقافي والمدني الذي يحظى به إقليم كردستان، جراء السياسة الحكيمة لقيادته التي ولدت من رحم معاناة ونضال شعب كردستان”.
يحدث ذلك في وقتٍ أصدر رئيس حكومة إقليم كردستان العراق، مسرور بارزاني، بياناً “شديد اللهجة”، وتوجيهات للوزراء والسلطات الأمنية في كردستان للتعامل العاجل مع تكرار الهجمات الصاروخية التي يتعرض لها الإقليم والمنشآت الحيوية والمشاريع النفطية، من قبل “المجاميع الخارجة عن القانون”.
وجاء في نصّ بيان بارزاني: “يساورني القلق، كسائر المواطنين في أنحاء كردستان كافة، إزاء الهجمات الإرهابية المتكررة في الأشهر الأخيرة على شعبنا والبنية التحتية العامة. لقد لجأ الجبناء الذين ينفذون تلك الهجمات إلى الاعتداءات الإجرامية لأنهم فقدوا تعاطف الرأي العام في باقي أنحاء البلاد، وبدلاً من التركيز على المستقبل والتكامل الاقتصادي مع بقية العالم لخلق فرص عمل للشباب، تطلق تلك الجماعات الخارجة على القانون صواريخ على قرانا وعلى المدنيين عامة”.
وأضاف: “لقد تحدثتُ عبر الهاتف مع الشركاء السياسيين الرئيسيين في إقليم كردستان والعراق، إلى جانب أصدقائنا في الخارج. وخلال مكالمتي مع رئيس الوزراء الاتحادي مصطفى الكاظمي، شددت على الحاجة إلى تشكيل قوة مشتركة من البيشمركه والقوات العراقية لملء أي فراغ قائم في المناطق المتنازع عليها التي تستخدمها الجماعات الخارجة عن القانون لزعزعة استقرار البلاد بأسرها بشكل متهور. وشرحت لرئيس الوزراء أن الهجمات تهدد الاستقرار والمناخ الاستثماري للبلاد قاطبة، ودعوته إلى اتخاذ إجراءات علنية وعملية لكبح جماح تلك المجاميع”.
ومضى يقول: “كذلك وجهتُ وزيري شؤون البيشمركه والداخلية لاتخاذ جميع التدابير اللازمة لحماية البنية التحتية العامة الحيوية ومنشآت النفط والغاز. وفي إطار الخطة، اتفقنا على تعزيز المنطقة بقوات إضافية، وستتم مراجعة المزيد من الإجراءات في الأيام المقبلة”.
وتابع: “تحدثتُ الليلة الماضية أيضاً مع منسق البيت الأبيض للشرق الأوسط وشمال إفريقيا بريت ماكغورك، إذ يجب أن يظل أصدقاؤنا الأمريكيون وكل مستثمر ملتزمين، وعدم الاستسلام إلى الخوف، وعلى مدار الأيام القليلة المقبلة، سأحث أصدقاءنا وشركاءنا الدوليين، ومجلس الأمن الدولي على تجديد الجهود مع أربيل وبغداد وإيجاد سبل لنا على حد سواء للحماية من المزيد من الهجمات الإرهابية”.
وشدد على أن “حكومته تقدر بشدة، وستدافع عن الاستثمارات وتحميها في قطاع النفط والغاز وجميع البنية التحتية العامة. وأوضحت أن أي هجوم على كردستان في أي مكان هو اعتداء على كل كردستان وشعبها”.
وختم بالقول: “في لحظة الاصطفاف الوطني هذه، أهيب بشعبنا للبقاء حازماً. إن هذا يعد هجوماً صارخاً على بنيتنا التحتية، وجزءا من جهد منسق لردعنا عن خططنا الاستراتيجية والبرنامج الإصلاحي. وهي بالتأكيد لن تزعزع صمودنا”.
إلى ذلك، طالب النائب عن كتلة “الاتحاد الوطني الكردستاني” النيابية، كريم شكور، حكومتي إقليم كردستان والاتحادية بوضع الحلول المناسبة للمشاكل العالقة بينهما في المناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل، والتي يصفها الأكراد بـ”المناطق الكردستانية خارج الإقليم”.
وقال لإعلام حزبه، “نطالب حكومتي إقليم كردستان والاتحادية بالاتفاق حول معالجة المشاكل وفق الدستور، واللجوء إلى الحوار البناء وتوحيد المواقف، خصوصا حل المشاكل في المناطق الواقعة ضمن إطار المادة 140، وبالأخص قضاء خورماتو”.
وأوضح أن “الاتحاد الوطني الكردستاني، سيقف مع من يريد السلام والأمن وعدم تهميش حقوق الآخرين، ونرحب بأي مبادرة تخص حلول المشاكل والصراعات في تلك المناطق لأن إنهاء المشاكل سيصب في صالح الجميع”.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية