بكين/نيويورك/طوكيو – رويترز: انتعش الطلب على النفط في الصين متجاوزا 90 في المئة من مستواه قبل أزمة فيروس كورونا في أوائل العام الجاري، فيما يمثل تحسناً قوياً غير متوقع ربما يتكرر في مناطق أخرى من العالم في الربع الثالث، مع تحرر المزيد من الدول من قيود الجائحة.
ورغم أن الصين ثاني أكبر دول العالم استهلاكا للنفط هي الاستثناء في الوقت الحالي، يقول تنفيذيون في صناعة النفط أن تخفيف القيود السارية على السفر وحزم التحفيز التي تهدف لإنعاش النشاط الاقتصادي قد تعجل بنمو الطلب العالمي على النفط في النصف الثاني من 2020.
وقال جيم بورخند، نائب الرئيس ورئيس وحدة أسواق النفط في مؤسسة «آي.اتش.إس ماركت» للأبحاث «السرعة التي استؤنف بها الطلب على النفط في الصين وارتفاعه في نهاية أبريل/نيسان إلى 90 في المئة من مستويات ما قبل الوباء ومواصلة ارتفاعه مؤشر موضع ترحيب للاقتصاد العالمي».
وكان للقيود الواسعة التي فُرضت لاحتواء انتشار الفيروس أثر سلبي شديد على أسواق النفط، إذ انخفضت الأسعار العالمية بما يصل إلى 70 في المئة بحلول منتصف أبريل/نيسان، وأدت إلى تراكم كميات هائلة من النفط والوقود في المخزونات على مستوى العالم.
وقال بورخند «عندما تفكر في انخفاض الطلب على النفط في الصين، أول دولة تتأثر بالفيروس، بأكثر من 40 في المئة في فبراير/شباط فإن الدرجة التي يعاود بها الطلب صعوده تتيح بعض التفاؤل في اتجاهات الانتعاش الاقتصادي وتحسن الطلب في أسواق أخرى مثل أوروبا وأمريكا الشمالية».
كذلك انتعشت أسعار النفط مع تخفيف القيود إذ صعد برنت بنسبة 50 في المئة والخام الأمريكي بما يتجاوز 90 في المئة منذ أول مايو/أيار.
وفي حين يتفق محللو النفط على انتعاش الطلب في الصين، فإن التقديرات تختلف من حيث درجته وأجله.
وتتوقع مؤسسة «وود ماكينزي» الاستشارية المتخصصة بشؤؤن الطاقة أن ينمو استهلاك النفط في الصين في النصف الثاني بنسبة 2.3 في المئة، ليصل إلى 13.6 مليون برميل يومياً، مقارنة بالفترة المقابلة من العام الماضي، بفضل انتعاش نشاط النقل والاستخدامات الصناعية.
وقالت «بحلول الربع الثالث، سيتجاوز الطلب على البنزين في الصين مستواه في الفترة نفسها من العام الماضي بنسبة ثلاثة في المئة، ليصل إلى 3.5 مليون برميل في اليوم»، في حين يمكن أن ينمو الطلب على وقود الديزل بنسبة 1.2 في المئة إلى 3.4 مليون برميل في اليوم خلال الفترة نفسها.
وعلى النقيض، قالت «وكالة الطاقة الدولية» في تقريرها لشهر مايو/أيار أن الطلب على النفط في الصين سينخفض بنسبة خمسة في المئة في النصف الثاني من العام، ليصل إلى 13.2 مليون برميل يومياً. وقالت كونستانسا رانجيلوفا، المحللة في شركة «جيه.بي.سي إنِرجي»، أن إجمالي الطلب على المنتجات المُكرّرة في آسيا قد يرتفع إلى 34.3 مليون برميل يومياً في النصف الثاني من العام، من 31.6 مليون برميل يومياً في الأشهر الستة الأولى، لكنه سيظل أقل بنحو 1.5 مليون برميل في اليوم عنه في الفترة المقابلة من العام الماضي، لأسباب أهمها انخفاض الطلب على وقود الطائرات.
وفي الهند، ثالث أكبر دول العالم استهلاكا للنفط، رفعت شركات التكرير التابعة للدولة إنتاجها في مايو/أيار مع تحسن مبيعات الوقود قبل رفع قيود كورونا في يونيو/حزيران.
وفي اليابان، التي تأتي في المرتبة الرابعة بعد الهند من حيث استهلاك النفط، قالت شركة «كوزمو إنِرجي هولدنغز» للتكرير أن من المتوقع أن ينكمش الطلب على البنزين بنسبة عشرة في المئة في الشهور الثلاثة الأخيرة من العام الجاري، لكنه سينتعش بقوة بعد انكماشه بنسبة 27 في المئة في الفترة من أبريل/نيسان إلى يونيو/حزيران.
وفي الولايات المتحدة، أكبر المنتجين والمستهلكين، من المتوقع أن يرتفع الطلب على وقود النقل إلى 10.6 مليون برميل يومياً في النصف الثاني، وذلك وفقا لما قالته شركة «رايستاد إنِرجي» بزيادة 22 في المئة عن النصف الأول.
غير أن بير ماغنوس نيسفين، المحلل في الشركة النرويجية، قال أن استهلاك البنزين سيقل بنسبة خمسة في المئة عن 2019 لارتفاع البطالة وانخفاض الدخول وتزايد أعداد العاملين من المنزل.
لكن باتريك دي هان، من مؤسسة «غاس بادي» الاستشارية في الولايات المتحدة، قال أن تزايد حركة السفر على الطرق خلال الصيف قد يتيح انتعاشا ملموسا في الطلب في الأجل القريب.
ومع ذلك فإن بعض شركات التكرير الأمريكية تتردد في زيادة إنتاجها بدرجة كبيرة وتلزم الحذر، فيما يتعلق بالطلب على البنزين، إذ تأخذ في اعتبارها تزايد مخزونات المنتجات المكررة.
ويقدر جيسون غيبلمان، محلل شؤون التكرير في شركة «كوين»، أن انتعاش هوامش التكرير سيستغرق عامين مع تعافي الاقتصاد الأمريكي من آثار الجائحة وقيود الإقامة في المنازل. كذلك يخشى المديرون التنفيذيون في صناعة النفط من تقلبات جديدة في الطلب على النفط، مع تقليص الدول لتوقعاتها للنمو الاقتصادي وتغيير الناس لعادات التنقل.
وقال تسوتومو سوجيموري، رئيس شركة «جيه.إكس.تي.جي هولدنغز» اليابانية «في الوقت الراهن لا نعلم ما إذا كان الطلب على البنزين ووقود الطائرات سيعود إلى مستوياته ما قبل الجائحة»، مضيفا أن من الصعب التنبؤ بمدى التغيرات التي ستطرأ على أساليب العيش عند المستهلكين. وأضاف أن الناس ربما يفضلون مواصلة العمل من المنزل وتقليل خروجهم من البيت إلى أدنى حد ممكن لتجنب الإصابة بالعدوى.