طغت خلال العقود الأخيرة، خاصة منذ بداية القرن الجاري أطروحة ضرورة تعلم اللغة الإنكليزية، كشرط إجباري لمواكبة العصر وتفادي التخلف. ويذهب عدد من الدراسات إلى تأكيد صحة هذه الأطروحة إلى مستوى هوس العديد من الحكومات بتلقين طلابها هذه اللغة. وعلى ضوء التاريخ: هل الرقي الحضاري يقوم على لغة عالمية، أو توظيف حقيقي للمعرفة وتوفيرها باللغة التي يتقنها شعب معين، أي لغة الأم؟ وهكذا، كثفت وزارات التعليم في مختلف دول العالم من مستوى تعليم اللغة الإنكليزية، وبدأت الدراسات تتناسل حول أهمية هذه اللغة، وتمنحها التاج على حساب لغات أخرى ومنها الفرنسية.
وانتقل هذا النقاش من دائرة التعليم والتلقين إلى دائرة السياسة، من خلال مقارنة بين العالم الفرنكفوني والعالم الأنكلوسكسوني، وتسقط بعض التحاليل في نوع من السذاجة الفكرية، عندما تتعامل مع اللغة، من باب الموضة على شاكلة المنتوجات المخصصة للاستهلاك من ملبس ومأكل وترفيه.
اللغة الإنكليزية، لغة رئيسية في الوقت الراهن، ومفهوم رئيسية لا يعني حاسمة، بل قد تكون مضرة للكثير من الشعوب التي تعتقد في ارتباط المعرفة بلغة شكسبير. وتجدها تجتهد في تعلم هذه اللغة، وفي آخر المطاف لا تنتج علماء ولا خبراء، بل ربما عددا من التجار والعاملين في السياحة. ويحضر هاجس تعلم اللغة الإنكليزية في الدول المتخلفة، ومنها العالم العربي، وهو في العمق وعي بخطورة التخلف، لكن هل اللغة الإنكليزية هي العلاج المناسب؟ من خلال استعراض تجارب الحضارات منذ القدم ودراسة تقدم الدول في وقتنا الراهن، سينتهي المرء إلى خلاصة رئيسية، تتجلى في اعتماد أي نهضة علمية وحضارية على إبداع الإنسان والبيئة المناسبة التي يعيش فيها، وعلى رأسها مدى توفر المعرفة. وتسعفنا بعض التجارب التاريخية، النهضة العربية الإسلامية ثم النهضة الغربية، انطلاقا من النهضة الأوروبية إلى يومنا هذا، ثم نتطرق إلى نهضة دول جديدة في وقتنا الراهن. لقد تقدم العالم العربي الإسلامي بفضل تظافر الإبداع في رقعة جغرافية كبيرة تمتد من حدود الصين إلى الأندلس والمغرب، حيث جرى تبادل التجارب الثقافية وانصهارها، حيث تمت ترجمة المعارف إلى العربية من شتى الحضارات والثقافات، وعلى رأسها معارف الإغريق ونسبيا الثقافة الرومانية، التي تعرف بالثقافة اللاتينية، نسبة إلى اللغة اللاتينية. واعتمدت النهضة الأوروبية على توفير المعرفة من خلال ترجمة العلوم التي كانت باللغة العربية إلى اللاتينية، ولاحقا إلى اللغات التي ظهرت في أوروبا من فرنسية وألمانية وإنكليزية وإسبانية. ولعبت إسبانيا دورا رئيسيا في هذا المسلسل المعرفي، من خلال مدرسة طليطلة التي تولت ترجمة العلوم التي كانت مزدهرة في الأندلس، وشكّلت أرقى مظاهر الحضارة العربية الإسلامية. وإذا تأملنا التاريخ جيدا، سنجد أن الحضارة الغربية هي الأولى في تاريخ البشرية، التي انبثقت من نقطة انطلاقة واحدة وهي، النهضة الأوروبية، ثم أفرزت لاحقا أقطابا حضارية بلغات متعددة سيطرت على العالم، أي دولا متقدمة علميا، ونخص بالذكر ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، وابتداء من منتصف القرن التاسع عشر، الولايات المتحدة حتى يومنا هذا. لم تحقق فرنسا نهضتها بالإنكليزية بل بالفرنسية، ولا ألمانيا بلغة شكسبير بل الألمانية، ولم تحقق الولايات المتحدة نهضتها فقط بالإنكليزية، بل بفضل مواردها وتشجيعها للمبادرة الحرة واستقطابها للأدمغة، ونقدم مثالا: من أكبر الإنجازات في التاريخ الأمريكي والبشري هو الوصول إلى القمر، والعالِم الذي لعب دورا رئيسيا هو الألماني فان براون المتخرج من الجامعة الألمانية وليس الأمريكية. ومن باب المقارنة، بريطانيا هي مهد الإنكليزية، وهي اللغة الأكثر انتشارا في العالم، ولكن بريطانيا لا تتفوق على فرنسا في الإبداع العلمي والاختراعات، وفي الدخل الفردي ومستوى رفاهية المواطن، رغم ما يقال عن انحسار الفرنسية.
من سنن قيام الحضارة وشروط ازدهارها هو توفير البيئة المعرفية ومنها ترجمة شتى العلوم إلى لغة الأم للشعب
لقد سقط العالم في فخ ربط العلم باللغة الإنكليزية، وأصبح تصنيف التقدم العلمي يقوم على النشر باللغة الإنكليزية. وأصبح العالم أمام ظاهرة مقلقة وهي استفادة الدول الأنكلوسكسونية من الإنتاج العلمي العالمي بسبب النشر بلغة شكسبير بينما الدول التي لا تنتج بهذه اللغة لا تستفيد كثيرا. وكل هذا يصب في خدمة نخبة عالمية تستفيد من جميع الأدمغة بل وتشجع على الإنكليزية على حساب اللغات الأم. كم من باحث ينشر باللغة الإنكليزية وطلبته لا يفهمون هذه اللغة ولا يستفيدون من بحثه.
من سنن قيام الحضارة وشروط ازدهارها هو توفير البيئة المعرفية ومنها ترجمة شتى العلوم إلى لغة الأم للشعب. توجد دول تحافظ على إيقاع التقدم العلمي بفضل دينامية الترجمة، ومن هذه الدول إسبانيا وإيطاليا، وترجمت إسبانيا خلال 2019 أكثر من 12 ألف كتاب في شتى التخصصات المعرفية، وإن كان أغلبها من الإنكليزية، فقد ترجمت من لغات أخرى. وقفزت دول أخرى قفزة نوعية مثل كوريا الجنوبية وتركيا والبرازيل بفضل ترجمة العلوم. ويشهد العالم اليوم ما تحققه الصين من ريادة في شتى المجالات إلى مستوى تهديد زعامة الولايات المتحدة بفضل البحث العلمي باللغة الصينية، وترجمة العلوم العالمية إلى الصينية. إذا أخذنا المئة جامعة الأولى عالميا، نصفها أمريكي وبالكاد من ضمنها ثلاث جامعات صينية، ولكن الولايات المتحدة، رغم ذلك تفقد المنافسة والريادة لصالح الصين، وذلك لأن مقياس النشر العلمي باللغة الإنكليزية كشرط رئيسي ضمن الشروط الأخرى يعتبر فخا. الصين هي التي تحقق السبق في الجيل الخامس والسادس من الإنترنت، الصين هي التي وصلت إلى الجهة المظلمة من القمر، وأنتجت المعرفة باللغة الصينية، التي يعتبرها البعض ضمن أصعب اللغات في العالم وتدرس في جامعاتها باللغة الصينية ولا تعاني من عقدة اللغة الإنكليزية. ومن ضمن أسرار التفوق الصيني في التجارة هو توفيرها مترجمين للتجار والمستثمرين بلغات أوطانهم وليس بالضرورة الإنكليزية.
جميل تعلم الإنكليزية ولكن جعلها شريطة للتقدم كما يعتقد البعض هو فخ خطير، التقدم يتم عبر تهيئة الشروط المناسبة ومنها توفير المعرفة بلغة الأم التي تتقنها الشعوب من أجل سهولة انتشار المعرفة.
كاتب مغربي من أسرة «القدس العربي»
لا توجد أحرف بالكتابة الصينية لإستخدامها على أجهزة الكتابة!
لذلك يستخدم الصينيون اللغة الإنجليزية بالكتابة على الأجهزة!! ولا حول ولا قوة الا بالله
لا تحتاج إلى تعليم قوم لغة أجنبية لأكتساب العلوم ، تحتاج إلى تعليمها أهل الأختصاص بغرض الترجمة لا أكثر.
الأقوام تبدع في لغاتها .
١- العالم المصري زويل رحمة الله عليه وتعالى ، وضع خطة طريق لإقلاع دول العالم العربي الاسلامي تضمنت ارساء قاعدة العلمية لانطلاقة ، واقترح احداث مدينة من اجل ذلك .
٢- مواكبة المدينة للتراجم ( النهضة الاسلامية ساهمت الترجمة بحظ كبير )
٣- نظام ادارة الدولة بخصائص المساواة الشاملة الرعاية الحماية العدالة الشاملة حقوق وحريات ت
هناك عدة دول معتزة بلغتها الأصلية كألمانيا تركيا الصين ورغم ذلك تقدمت في مختلف الميادين تكنولوجيا واقتصاديا وقد خرجت من حرب عالمية مدمرة منها اليابان.التنين الصيني هو البعبع الكبير الذي يشكل خطرا على أمريكا والغرب.وقد استطاع أن يستقل بذاته حتى عبر الإنترنيت.لكن للأسف هناك من بني جلدتنا من العرب من يسفهون ويميعون اللغة العربية ويدعون لاستعمال اللغة الدارجة في التعلم كما في الجزائر بدعوى أن لغة القرآن الكريم متخلفة ولم تعود صالحة ويجب تعلم اللغة الفرنسية والإنجليزية بدل ذلك وغاب عن هؤلاء أنه مهما أخذنا بكل لغات العالم فلن نستطيع اللحاق بالركب ما لم نأخذ بأسباب العلم.فكل أو جل المقدرات العربية موجهة إلى الإستهلاك وتكديس الأسلحة بدون إعطاء أهمية كبيرة للتنمية والعلم.لنا عقول مهاجرة تستفيد منها دول الغرب للأسف الكبير ولا نحاول دعمها لكي تعود لتبدع في بلدانها حتى نخرج من التخلف ومن تبعيتنا لأمريكا والصهيونية العالمية.
فؤاد مهاني – المغرب
مشكلة العرب هي أنّ لغاتهم الأصلية هي العاميات و ليست الفصحى. الإيديولوجية فقط هي التي تمنعهم من الإعتراف بأنّ الفصحى ليست لغة أم أي مخلوق في الكون. عندما يأتي يوم يقرر فيه العرب التخلي عن الفصحى و تطوير لغاتهم الأصلية ( العاميات )، كما فعلت ألمانيا في عهد مارتن لوثر، ستتغيّر نظرتهم للأشياء
لافض فوك
الصين و فرنسا و إيطاليا و إسبانيا و البرتغال…هى دول يصعب على شعبها تعلم اللغة التعلم الإنكليزية. لذلك يلجؤون الى الترجمة. أنا شخصيا مع جعل الإنكليزية اللغة الثانية و خاصتا في الدول العربية. و هكذا يتحصل مواطنيه على العلوم من خلال قراءة الكتب و الأبحاث في شتى العلوم سواء على الورق أو الأنترنات، و لا ينتظر المترجم كي يترجم له مايريد قرائه. صحيح الترجمة جيدة خاصتا للطلبة و الباحثين، لاكن ليس مثل أن تكون تجد التكلم بالإنكليزية. الألمان و الهولنديين و الدول الإسكندنافيا يتكلمون جيدا الإنكليزية و لا يحتجون من يطرجم لهم كتاب أو مقال على الأنترنات.
لا اعتقد ان فكرتك دقيقة، الانجليزية ليست صعبة، وهي مشتقة من اللاتينية كباقي اللغات الاوروبية الاخرى، فيكف تصعب على الاوروربيين؟ لكن هده الدول التي دكرتها تعطي الاولوية للغاتها الوطنية، وتبجلها وتغديها بالمعارف، صحيح ان تعلم اللغات الاجنبية هو شيء جيد لتنويع الثقافة لكن ادا كان هناك فوضى لغوية مثل ما يحدث في الجزائر، فلن نستفيد اي شيء، نتعلم جميع لغات العالم لكن بدون فائدة، حتى اصبحت لغتنا الوطنية غريبة في بلدها.