الطاقات المتجددة رهان مستقبل التنمية المستدامة

فؤاد صباغ
حجم الخط
0

دخلت شعوب العالم في عشرية جديدة بعد وداعها لسنة 2019 لتنطلق بذلك بثبات نحو مستقبل تلوح في أفقه العديد من المتغيرات التي ممكن أن تطبع العشرية الراهنة وتشكل بالنتيجة تغييرا جوهريا في نمط الحياة اليومية والاقتصاد العالمي. فالعالم يشهد اليوم تجديدا متواصلا ومتزايدا في شتى المجالات والقطاعات خاصة في مجال الاقتصاد الرقمي الذي أصبح يراهن بشكل مباشر على تكنولوجيات الاتصال والمعلومات. أيضا يعتبر الاقتصاد الأخضر العمود الفقري للتنمية المستدامة ويصنف ضمن سمات الحداثة الاقتصادية للعشرية الماضية بحيث ممكن أن تتضاعف البحوث من أجل تحقيق توازن حقيقي يضمن الإنتاجية والثروة الوطنية المطلوبة والحفاظ على بيئة سليمة خالية من سموم الغازات.

إن الطاقات التقليدية التي استغلتها البشرية في المراحل الأولى من الثورة الصناعية وذلك من أجل تشغيل الآلات والمحركات مثل السيارات، الطائرات والقطارات خاصة طاقة النفط الخام ومشتقاته والغاز والطاقة النووية تسببت اليوم بكارثة بيئية حقيقية، مما أدت بالنتيجة إلى حصول ثقب في طبقة الاوزون وتلويث أديم الأرض وانتشار الكوارث الطبيعية من فيضانات وزلازل واحتباس حراري وتغيير مناخي شامل. أما في المقابل فالطاقات المتجددة صديقة البيئة تعتبر اليوم البديل الرئيسي لتلك الطاقات التقليدية الملوثة. كما لها النتائج التشغيلية نفسها وذلك بأقل الكوارث والتكاليف. ومن أهم تلك الطاقات نذكر بالأساس توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية ومن الرياح وإنتاج الوقود الحيوي من زيوت نبتات مثل الذرة وعباد الشمس والغاتروفا أو أيضا الاعتماد على التكنولوجيا النظيفة والتي تعد بدورها حدث الساعة بحيث ممكن أن ترسم سمات الصناعة التكنولوجية المستقبلية.

الكهرباء من الطبيعة

 

تعتبر الطبيعة مصدرا رئيسيا لإنتاج طاقة بكميات كبيرة وقوة ناجعة وفعالة وأيضا بأقل التكاليف الممكنة. بحيث أصبحت أغلب دول العالم تراهن عليها كبديل جدي عن إنتاج الكهرباء من استعمال المحروقات والخزانات الكبرى. فالطبيعة لها إيجابيات وتساهم في الحفاظ على بيئة نظيفة خالية من انبعاثات الغازات السامة منها نذكر بالأساس طاقة الرياح والتي تتوفر بشكل مستمر على مدى فترة طويلة تتجاوز ستة أشهر من السنة وقادرة على تخزين كميات كبرى من تلك الطاقة. أيضا منها الطاقة الشمسية خاصة في القارة الافريقية وأمريكا اللاتينية وبعض البلدان الآسيوية بحيث تشكل بدورها قاعدة إنتاج كبرى بأقل التكاليف المادية وذلك عبر نشر اللوحات المولدة لتلك الطاقة ثم تخزينها وتحويلها للاستهلاك الكهربائي. إذ في هذا الصدد انتشرت مؤخرا بشكل غريب العديد من الشركات الأوروبية خاصة في دول جنوب المتوسط مثل مصر وتونس وبدأت بالفعل في نشر وتشغيل اللوحات الشمسية وإنتاج كهرباء طبيعية ثم توجيهها نحو دول شمال المتوسط لتصبح بذلك دول الاتحاد الأوروبي من أبرز المستهلكين للكهرباء الطبيعية. أما التوربينات الهوائية لإنتاج الكهرباء من الرياح فهي أيضا أصبحت منتشرة بشكل ملحوظ على أغلب تلال الجبال في شتى دول العالم. إجمالا تعتبر تلك الطاقة الكهربائية الأفضل حاليا من أجل تخفيف عبء النفقات العمومية المخصصة لشراء المحروقات خاصة في الدول غير نفطية وذلك من أجل إنتاج طاقة الكهرباء.

الوقود الحيوي

 

الوقود الحيوي المستخرج من الزيوت النباتية يعد اليوم من أبرز الطاقات المتجددة الصاعدة خاصة بالدول الناشئة بحيث أصبح له تأثير مباشر على المستهلك وأيضا على الاستهلاك العام نظرا لرخص تكاليف الإنتاج وأسعار التزود به. فتلك الطاقة المعروفة بالبيوديزال أصبحت قادرة بدورها على تشغيل جميع المحركات والآلات الصناعية بشكل ثابت ومستمر ولها القدرات التشغيلية نفسها تقريبا مقارنة مع بقية استغلال طاقات المحروقات. ومن أبرز الزيوت التي يتم استخراج الطاقة منها نذكر بالأساس الذرة، عباد الشمس والأهم نبتة الغاتروفا والمشابهة كثيرا لزيوت الزيتون من جانب الإنتاجية. فتلك الزيوت يقع تكريرها ومعالجتها في المخابر لتنتج بالنتيجة كميات كبرى من الوقود الحيوي المعروف بالبيوديزال أو الوقود الأخضر. كما أن أغلب محطات تزويد السيارات بالبنزين أصبحت توزع ذلك النوع من الوقود بشكل ملحوظ خاصة في الدول المتقدمة.

التكنولوجيا النظيفة

إن التكنولوجيا أصبحت واقعا ملموسا في حياتنا اليومية وتعتبر هذه العشرية تكنولوجية بامتياز نظرا لتزايد انتشار التقنيات والابتكارات المخصصة في الصناعة وذلك بالتحديد في قطاع صنع السيارات والتجهيزات المنزلية والتي أصبحت في مجملها تعتمد بشكل كبير على الإلكترونيات والإنترنت في أبسط الجزئيات. فالتكنولوجيا النظيفة تعتبر رهان المستقبل قصد تقليص نسبة انبعاثات الغازات السامة من محروقات النفط والغاز والتي تتسبب مباشرة في كوارث كبرى على البيئة وخاصة منها تلويث الهواء في المدن. كما أنها أضحت اليوم المساهم الرئيسي في تحفيز التنمية المستدامة نظرا لدورها الهام من أجل تحقيق التوازن بين الصناعة والبيئة. فعلى سبيل المثال نذكر سيارات التسلا التي انتشرت بشكل سريع خلال الآونة الأخيرة لتبرز بذلك في محطات التزويد بطاريات الشحن لتلك النوعية من السيارات والتي تشابه كثيرا في تصميمها جهاز الهاتف المحمول. كذلك تعتبر تلك التكنولوجيا سهلة من جانب الاستعمال وذات تأثير فعال وتحقق أهدافها بجودة عالية ودقة فعالة.

إن الطاقات المتجددة تعتبر الرهان المستقبلي من أجل تحقيق تنمية مستدامة تراعي بين الإنتاجية بكميات مطلوبة وثابتة وتساهم في تطوير الصناعة والتكنولوجيا وتحافظ على بيئة سليمة خالية من السموم. كذلك تعتبر طاقة الكهرباء الطبيعية المستخرجة من طاقة الرياح ومن الطاقة الشمسية ذات تأثير إيجابي مباشر على الاقتصاديات الوطنية لأغلب دول العالم بحيث تساهم في تقليص العجز في الميزانية وتحد من تراكم المديونية وترفع من نسب النمو الاقتصادي وبالنتيجة تحافظ على البيئة وقادرة بدورها على تحقيق التنمية المستدامة المنشودة. كما أن الوقود الحيوي يعد مؤخرا الحدث البارز عالميا في صلب الاقتصاد الأخضر والمعروف بالبيوديزال المستخرج من زيوت النباتات خاصة منها نبتة الغاتروفا أو أيضا من الفضلات المنزلية خاصة منها بقايا الخضروات والمواد البلاستيكية.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية