الطاقة ومستقبل المنطقة العربية

حجم الخط
0

الطاقة ومستقبل المنطقة العربية

ياسر الغرباويالطاقة ومستقبل المنطقة العربية ملف الطاقة من أهم الملفات التي ستؤثر في رسم خريطة القوي العالمية المستقبلية وفي صعود وهبوط القوي العالمية، فقدرة أي قوة عالمية علي تأمين الطاقة لمصانعها في الحاضر والمستقبل تحدد حجم مقعد هذه القوة علي الساحة العالمية، والاستهلاك العالمي من الطاقة في تصاعد مستمر من مليون برميل يومياً في الحرب العالمية الثانية إلي 8 ملايين برميل يوميا الآن، الطاقة من الموارد غير المتجددة كما يقول الجيولوجي كبنج هربرت صاحب نظرية الندرة التي تبشر بنفاد الطاقة نتيجة لزيادة الطلب وقلة الاحتياطي العالمي من الطاقة.التنافس علي الطاقة بين القوي الاقتصادية العالمية يتركز علي محورين:1 ـ ضمان تدفق النفط والغاز لهذه القوي في الوقت الحاضر. 2 ـ السيطرة علي الأماكن الكبري للاحتياطي المتوقع مستقبلاً.ومن القوي العالمية المتنافسة علي الطاقة الولايات المتحدة الأمريكية والصين، تأتي الولايات المتحدة في المرتبة الأولي في الاستهلاك العالمي وبعدها الصين التي تستهلك 40% من الطاقة العالمية، وتأتي الهند في المرتبة الثالثة عالميا.ً هؤلاء أفيال الطاقة الذين يسيطرون علي السوق العالمي للطاقة ومن خلال تفهم مدي حاجة هذه الدول وحلفائها للطاقة يمكن أن نفهم بعض ما يقع من صراعات تبدو عرقية أو ايديولوجية أو حدودية وهي في حقيقتها اما صراع علي خطوط إمدادات الطاقة وأماكن احتياطيات النفط والغاز أو علي مناجم ثروات نادرة.إقليم دارفور:تصوير النزاع القبلي الداخلي في الإقليم بين الرعاة والمزارعين، علي أنه أبشع من جرائم الهولوكست والضغط علي الرأي العالمي لتقبل التدخل الأجنبي في الإقليم، إنما يقع في خانة الصراع بين القوي العالمية حول مناطق الإحتياطي النفطي المتوقع في إقليم دارفور، لو كان الدافع للتحرك الذي تقوده الولايات المتحدة نحو قضية دارفور هو الدافع الإنساني المحض والبريء فلماذا كان الصمت الأمريكي والأوروبي أثناء تعرض 800 ألف من التوتسي إلي الموت ذبحا ً في رواندا منذ عشر سنوات مضت؟! القمة الصينية ـ الأفريقية:التي عقدت في تشرين الثاني (نوفمبر) 2006 وبحضور 48 دولة أفريقية، وقدمت الصين فيها المنح المالية لبعض الحكومات الأفريقية وأسقطت ما يزيد علي مليار دولار من ديونها علي الدول الأفريقية ووقعت عقودا لإنشاء طرق سكك حديدية… وإلخ، أحسب أن الخلفية الرئيسة في القمة أن أفريقيا تملك احتياطيا نفطيا كبيرا كما في السودان وتشاد وغرب أفريقيا ومن مصلحة الصين الحصول علي هذا الإحتياطي في ظل التنافس بين الولايات المتحدة والصين علي بترول أفريقيا، السودان يمد الصين بما يقرب من 7% من إجمالي ما تستورده من نفط، ويحتل المرتبة السابعة أفريقياً في إنتاج النفط. والمُستخرج للبترول السوداني هي الحكومة الصينية.الإحصائيات المتوفرة:احتياطيات الطاقة تشير إلي أن منطقتنا تحتكر قرابة 72% من احتياطي النفط العالمي، و35 % من احتياطي الغاز العالمي ونحو 5% من احتياطي الفحم العالمي، ولذلك الكثير من الصراعات تنشأ علي أرضنا، وربما تزداد في الفترات القادمة بحكم أن وقود الحضارة العالمية والقلب النابض لها (النفط والغاز) يقع الكثير منه في هذه المنطقة.المنطقة العربية:هذا البعد الإستراتيجي (الطاقة) يمكن استعماله في مغازلة القوي العالمية، بما يدفع في اتجاه مصالحنا الإستراتيجية، وتحولنا من منتج للمادة الأولية فقط إلي شريك للقوي العالمية في التقدم والحضارة، والضغط من أجل حل قضايانا العالقة. ومن خلال تفهم الدوافع الحقيقية للأحداث، ندرك أن العالم لا يخضع إلي نظرية البقع الأيديولوجية وبالتالي ما نسمعه عن حروب الأديان وصراع الحضارات ما هو إلا غطاء عاطفي للجماهير والرأي العام لصرفه عن إدراك المغزي الحقيقي للحدث السياسي، ليغطي علي الدوافع والأهداف الحاكمة للحدث والتي لا تتعدي حزمة المصالح الاقتصادية والثروات الطبيعية والسيطرة علي المعابر الدولية والتحكم في حركة الأسواق الاقتصادية… إلخ، فيجب علي النخب في بلداننا العربية، أن تدرك الأبعاد التي تقف خلف الأحداث العالمية ولا تنخدع بالتفسير المبسط والساذج للحدث وتضعه في خانة العداء للدين وتستدعي النصوص الدينية لتفسير الحدث كما تحب هي لا كما يراه الخصوم، ويترتب علي التفسير الخاطئ رد فعل لا يتناسب مع حقيقة الأحداث وبذلك ندخل النفق المظلم بأقدامنا.ہ متخصص في الجغرافيا السياسية 8

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية