الطريق إلى سد الطبقة شاهد على ضراوة القتال بين تنظيم الدولة وقوات سوريا الديمقراطية

حجم الخط
1

سد الطبقة- أ ف ب- تمتلئ الطريق المؤدية إلى سد الطبقة في شمال سوريا بشواهد على ضراوة القتال بين تنظيم الدولة الاسلامية “داعش” الذي ما زال يسيطر على القسم الاكبر من هذا السد الاستراتيجي وبين قوات سوريا الديمقراطية التي تحاول دحر الجهاديين تمهيدا لمحاصرتهم في الرقة، معقلهم الأبرز في سوريا.

والاثنين تمكنت “قوات سوريا الديمقراطية” المؤلفة من مقاتلين اكراد وعرب من الدخول الى مجمع سد الطبقة وهو عبارة عن مجمع مترامي الاطراف يقع على نهر الفرات ولا يبعد عنه كثيرا مطار الطبقة العسكري الذي سيطرت عليه هذه القوات المدعومة من الولايات المتحدة الاحد.

وتكاد لا تخلو بقعة من الطريق المؤدية الى هذا المجمع من شاهد على المعارك الشرسة التي خاضها طرفا القتال للسيطرة على هذه المنطقة الاستراتيجية: ابنية مدمرة وهياكل سيارات متفحمة، صناديق ذخيرة فارغة، حفر ناجمة عن القذائف، اعمدة انارة محطمة، اعلام جهادية ممزقة… شواهد كثيرة على ان المعركة هنا كانت حامية الوطيس.

– جثث تطفو

والطريق نفسها مزروعة بقذائف لم تنفجر وبألغام زرعها الجهاديون، في حين تجثم امام مدخل السد دبابتان مقلوبتين رأسا على عقب بعدما نالتا نصيبهما من القصف الجوي وذلك مقابل كومة من النفايات والانقاض، في حين تطفو في مجرى مائي مجاور جثث عديدة يعتقد انها لمقاتلي التنظيم الجهادي، بينما يسمع من مدينة الطبقة ازيز الرصاص ودوي القذائف.

ولا يزال التنظيم المتطرف يسيطر على الجزء الرئيسي من السد، اضخم سد على الاطلاق في سوريا، في حين ان مقاتلي قوات سوريا الديموقراطية الذين دخلوا الى المجمع من ناحيته الشمالية باتوا يسيطرون على جزء منه.

واثارت المعارك الدائرة للسيطرة على هذا السد مخاوف من احتمال ان تؤدي الى انهياره مما سيؤدي الى فيضانات “كارثية” بحسب الامم المتحدة.

ومنذ الاحد تم وضع السد خارج الخدمة. فقد ادى القصف في المنطقة الى توقف محطة الكهرباء التي تزوده بالتيار مما جعل هذه المنشأة الحيوية خارج الخدمة وزاد بالتالي خطر ارتفاع منسوب المياه عن حده.

وقالت القيادية في قوات سوريا الديموقراطية روجدا فلات لمراسل فرانس برس وهي تلوح باصبعها الى مدينة الطبقة “نسيطر على 50% من سد الفرات ويراه داعش مكانا محصنا والسد لم يتضرر وحاولنا بالقدر المستطاع الحفاظ على السد كي لا يتضرر. وفي السد تم استخدام الاسلحة الخفيفة ونعتقد ان داعش قام بتفخيخ السد ليعيق تقدمنا وهم يروجون الاشاعات وحتى النهاية سوف نعمل على حماية السد”.

واضافت على وقع اصوات الاشتباكات التي كانت لا تزال تسمع في المكان ان “داعش استخدم الاسلحة الثقيلة، الدوشكا والهاون ولم يستخدم العربات المفخخة، ورفاقنا اقتربوا من الخط الامامي للسد”.

ولا تزال الشواهد على سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية على هذه الرقعة من سوريا ماثلة للعيان، فعند مدخل الجسر الواقع فوق السد وضع التنظيم الجهادي لافتة تحذر السائقين من ان الحمولة القصوى للآليات المسموح لها بالعبور هي 50 طنا، وذلك تحت طائلة دفع غرامة.

وليس بعيدا عن هذه اللافتة كتب التنظيم باللون الابيض على الواح معدنية سوداء “قائدنا محمد، دستورنا القرآن، سبيلنا الجهاد” و”قال تعالى: انفروا خفافا وثقالا”، في حين ترتفع لافتة ضخمة اخرى تحمل علم التنظيم الجهادي وبجانبه شعاره “الدولة الاسلامية: خلافة على منهاج النبوة”.

 – محاصرة الرقّة

وتندرج السيطرة على سد الطبقة في اطار استراتيجية قوات سوريا الديموقراطية لمحاصرة تنظيم الدولة الاسلامية في معقله في الرقة الواقعة على بعد 55 كلم تمهيدا لشن هجوم نهائي على هذه المدينة التي تعتبر “عاصمة” التنظيم الجهادي.

وفي اطار استراتيجية محاصرة الرقة سيطرت قوات سوريا الديموقراطية الاحد على مطار الطبقة العسكري.

ونفذ التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد الجهاديين في سوريا والعراق سلسلة غارات جوية لمؤازرة قوات سوريا الديموقراطية في معركتها للسيطرة على السد، في إسناد قالت القيادية رودجا فلات انه ازداد حجما واهمية في الايام الاخيرة.

وقالت فلات “هذه المرة شارك التحالف بفعالية أكثر من المرات السابقة وتكتيكات جديدة كإنزال جوي وعبور النهر ومشاركتنا بالمدافع وجوا وبرا”، مؤكدة أن “قواتنا دخلت الى مدينة الطبقة والمعارك مستمرة هناك وداعش لا يريد التخلي عن الطبقة وبشكل خاص الجانب المشرف على السد ونحاول محاصرة الطبقة لتجنب الحاق الاذى بالمدنيين”.

وتابعت “حين نحرر السد والطبقة سنحاصر الرقة من كل الجوانب وسيكون هدفنا القادم تحرير مدينة الرقة حسب المخططات”.

ومن على احدى ضفاف بحيرة الاسد، البحيرة الاصطناعية التي تشكلت خلف السد والتي تعتبر اكبر خزان مائي في سوريا، يمكن للمرء ان يشاهد في البعيد مسجدا وبقربه موقع لا يزال تحت سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية “داعش” يرفرف فوقه علم التنظيم الجهادي.

– مرّت من هنا

ومع انه لم يمض وقت طويل على دخول مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية الى هذه المنطقة الا انهم تركوا سريعا شعارات تقول انهم مروا من هنا. فعلى طول جدران السد المبنية من الخرسانة المسلحة والتي يكاد لا يخلو جزء منها من آثار الرصاص كتب هؤلاء المقاتلون بالانكليزية احرف “اف دي اس”، الاحرف الاولى لاسم قوات سوريا الديمقراطية و”واي بي جي” الاحرف الاولى ل”وحدات حماية الشعب الكردي”.

وخشية ان تكون المعارك قد الحقت ضررا بالسد اعلنت قوات سوريا الديموقراطية الاثنين وقف القتال لاربع ساعات كي يتمكن الفنيون من الدخول والتحقق من مدى صلابة السد.

وبعد مضي هذه الساعات قالت المتحدثة باسم هذه القوات جيهان شيخ احمد في بيان إن “السد يعمل ولم يتضرر. المهندسون انهوا عملهم ووقف اطلاق النار انتهى”.

لكن احد الفنيين العاملين في السد شكك في صحة هذه التصريحات.

وقال الفني لفرانس برس طالبا عدم نشر اسمه “نحن بحاجة إلى يومين او ثلاثة ايام لاصلاح الاضرار الناجمة عن قصف الغرفة الكهربائية. ستحاول الفرق الفنية ايجاد بديل عن المحطة الكهربائية لتشغيلها مجددا”.

وتبلغ سعة سد الطبقة 14,1 مليار متر مكعب، ما يعني انه اذا ما انهار هذا السد فان المياه ستطمر كل وادي الفرات وصولا حتى دير الزور، ومن هنا ضرورة السيطرة عليه قبل محاولة السيطرة على الرقة، بحسب ما اكد لفرانس برس الجغرافي الفرنسي المتخصص في الشأن السوري فابريس بالانش.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Dinars:

    العرب ينخرهم الإرهاب.
    سُد انحصر تحته الذهب ؟

إشترك في قائمتنا البريدية