العالم لإسرائيل: إبادة ذات أبعاد توراتية.. لا مرحباً بالبرابرة الجدد

حجم الخط
0

ايريس ليعال

منذ نصف سنة ونحن غارقون في ظلام المعرفة والمعلومات، لذلك نعيش في شعور عدم يقين عميق. وفي هذا العصر من فقدان الاحترام للحقيقة والوقائع، اعتاد الناس تلقيم أنفسهم بأكاذيب مريحة ويريدون المزيد من هذا المخدر. ولأننا إلى جانب ذلك فقدنا الرغبة في فهم العالم على أساس حقائق ومعطيات، فكل منا يختار الواقع الذي يريحه.

قبل بضعة أيام، شاهدت عاصفة مقرفة في الإنترنت من الدرجة الأولى. غردت “سيكون هذا ثمناً باهظاً لما فعلته إسرائيل في غزة. هذا دمار بأبعاد توراتية، قتل جماعي لمدنيين بينهم أطفال، ويبدو أن معظم الجمهور يعتقد أن هذا عقاب مبرر ولا فكرة لديه عن صورتنا أمام العالم. البرابرة الجدد في العالم، المتعطشون للدمار والمنبوذون. تلطخ اسمنا إلى الأبد”.

ايلا ترافلز، لمن لا يعرف، هي مبادرة إعلامية خاصة لفتاة اسمها ايلا كينان، كتبت مدونة سفر ولكنها وجدت نفسها بدون عمل عندما اندلعت الحرب، فتجندت للترويج لإسرائيل في العالم. هناك وجه تشابه بين تسويق الرحلات السياحية والأماكن الساحرة وبين الدعاية. ولكن أن تشرح الآن ما تفعله إسرائيل في غزة على أنه أخلاقي مثل أن تقوم بالعلاقات العامة لتجار مخدرات.

المهم أن الرد على تغريدتي كان غضباً يخترق المعسكرات. من المعارضة لنتنياهو هاجمني صحافيون كبار، وسياسية سابقة وناشطة. وتجند من مؤيدي نتنياهو لجهود كبار المذيعين في القناة 14. تنافس اليمين واليسار معاً حول من يهاجمني أكثر بسبب إشارتي إلى حقائق بسيطة: كارثة تحدث في غزة. أكثر من 50 في المئة من القتلى، هذا لا يشمل من يموتون جوعاً، هم من المدنيين. هكذا، عرفت أن من قدموا هذه الوقائع ووصفوا تلك الحقائق يعتبرون أحياناً في نظر الجمهور، بالأساس في فترة الحرب، أشخاصاً خطيرين ومعادين تقريباً كأعداء من الخارج.

يكفي أن نتذكر كيف هوجم، قبل شهر، الذي قال ما يقوله الجميع بشكل علناً، أن نتنياهو لا يريد إعادة المخطوفين، كي نعرف قوة الإيحاء للقمع.

“جوانب من الخداع، خداع النفس، خلق صورة، أدلجة ونفي الحقائق”، كتبت حنه ارنديت عن وثائق البنتاغون، لكنها لا تخص حرب فيتنام فقط. وحرب بوش الثانية وغزو العراق وأفغانستان كانت من وراء ستار لا يمكن تصوره من الأكاذيب. الأنظمة الديمقراطية التي تشن الحروب الطويلة، التي لا أهداف لها وباهظة الخسائر البشرية، تنشغل بخلق صورة لحرب ناجحة – الحرب في غزة ليست مختلفة، فهي في الواقع بدأت بعملية إرهابية قاتلة داخل حدود إسرائيل، وحظيت بسبب ذلك بتعاطف مبرر في العالم، لكنها كشفت أيضاً فشلاً عسكرياً وسياسياً لا يمكن تصوره.        

ليس صدفياً أنه لا إجابة عن الأسئلة الدائرة حول الحرب وحول مكانة المخطوفين في سلم. في الكابنت السياسي – الأمني أشخاص كانوا رؤساء أركان في فترة “التصور”، رئيس الحكومة الذي تهرب من المسؤولية والضباط الكبار في جهاز الأمن الذين يسيطر عليهم الشعور بالذنب، الذين كانوا سيعطون كل ما لديهم من أجل إعادة الدولاب إلى الوراء.

إن حاجة جميع المشاركين إلى إنقاذ الكرامة التي تضررت هي جزء من الفوضى العسكرية التي يعترف بها الجمهور بأنها شر لا بد منه. سيبرز الشيء التالي في كل مرة، الذي يغير المعادلة إلى الأبد. الآن رفح، وفي القريب حرب مع حزب الله. في هذه الأثناء، تقول شخصيات مجهولة رفيعة “بدأنا نفقد المخطوفين”. حماس أعلنت هذا الشهر عن قتل ستة من المخطوفين في الأسر، لكننا نتجاهل ذلك بذريعة وجوب عدم التعاون مع الحرب النفسية. والآن أصبح الجميع عبيداً بشكل طوعي لمناورة علاقات عامة كبيرة حول نجاح الحرب، ويأكلون كل هذه الهراءات عن علم وبسرور. ولكن الحقيقة أننا خسرنا.

هآرتس 31/3/2024

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية