العالم لن يخوض معركة بالنيابة عنا… والهروب للأمام ليس حلاً… وخبراء توقعوا انهيار السد لطمأنة المواطنين

حسام عبد البصير
حجم الخط
1

القاهرة ـ «القدس العربي”»: لا تريد صحف القاهرة الصادرة أمس الخميس 8 يوليو/تموز، أن تتعلم الدرس حتى بعد أن فقدت ثلاث منها نسخها الورقية، ما زال كثير منها يبحث عما يثير الضجة ويلهي الأغلبية المحاطة بسياج من الخوف، إذ اهتمت بعضها بخبر مفاده أن “اليوتيوبر” هبة مبروك تزوجت من كلب. وتصدر عدد من الصحف صور هبة وهي ترتدي فستان الزفاف مصطحبة “العريس”. وسعى عدد من الكتاب لطمأنة الأغلبية المتوجسة من فقد النيل حيث زعمت بعض الصحف على لسان خبراء أن: سد النهضة سينهار.. والحل استرداد السودان لأرضه المقام عليها.
ومن أخبار البرلمان: حذر أعضاء في مجلس النواب، من انتشار ظاهرة التطبيقات المنافية للآداب العامة والأخلاق، على مواقع التواصل الاجتماعي، التي تؤدي إلى ارتكاب جرائم مثل، قضية حنين حسام ومودة الأدهم، مؤكدين أنها تضر بالمجتمع والأمن القومي للبلاد. وشدد النواب على ضرورة المواجهة الحاسمة، وفرض الرقابة على تلك التطبيقات، وكذلك توعية الشباب بخطورتها، واستغلال طاقة الشباب في الأنشطة الرياضية والفنية والثقافية. وطالب رئيس لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في مجلس النواب، بضرورة التعامل الرادع والحاسم من جانب الأجهزة المختصة، تجاه تلك الظاهرة التي تهدد الشباب، مشيرا إلى أن البرلمان أقر عدة تشريعات من قبل، من شأنها الحد من جرائم الإنترنت. وشهد الرئيس السيسي افتتاح المؤتمر الوزاري الثامن لمنظمة التعاون الإسلامي الخاص بالمرأة، في قاعة مؤتمرات الماسة في العاصمة الإدارية الجديدة. من جانبها ألقت هيلين ماري لورانس رئيسة الدورة السابعة للمؤتمر الوزاري الثامن لمنظمة التعاون الإسلامي للمرأة، كلمة ترحيب بضيوف المؤتمر كما استعرضت أجندة عمل المؤتمر.
ومن حوادث أمس الخميس: النيابة تستدعي أسرة شاب لقي مصرعه عقب سقوطه من الطابق السابع في المطرية. غرامة 10 آلاف جنيه لطبيب بيطري لاتهامه بالتحرش بالفنانة زينب الغريب. شخصان يعذبان ابنة شقيقهما المحبوس في بولاق الدكرور.. ومن الأخبار الطبية: أعلنت وزارة الصحة والسكان عن إطلاق 6 قوافل طبية اليوم الجمعة، ضمن مبادرة رئيس الجمهورية “حياة كريمة” لمدة يومين في جنوب سيناء – دمياط – الدقهلية – الجيزة – الغربية – البحر الأحمر. ومن أخبار الفنانين: أكد مصدر داخل المستشفى الذي توجد فيه دلال عبدالعزيز للعلاج أنها لا تستطيع الكلام نهائيا، ولكنها كتبت على ورقة “أريد رؤية سمير” لكي تطمئن عليه، لأنها لم تره منذ ما يقرب الشهرين ونصف الشهر.
زواج غريب

تقول أسماء منصور في “الدستور” إن مبادرات من نوع : “بلاها جواز” و”فرحك من غير عريس” جميعها مبادرات أو سلوكيات فردية إن جاز التعبير، لجأ العديد من الفتيات إلى انتهاجها بعد التعرض إلى خيبات أمل كبرى على يد الزوج أو الخطيب، ما أوجد تصرفا من الأنثى ليس معاديا لشريكها فقط، ولكن معاديا لجميع الرجال كنتيجة لهذه الخيبة. ولكن ذهبت البلوجر هبة مبروك في تطرفها ضد زوجها، إلى أبعد من ذلك بكثير حيث أعلنت على مواقع التواصل الاجتماعي زواجها من كلب، فقامت بنشر صورتها على مواقع التواصل الاجتماعي وهي ترتدي فستان زفاف بجوارها كلب يحمل ورقة مكتوبا عليها “حفل زفاف” دلالة على زعمها من الزواج بهذا الكلب، وأردفت معلقة على مواقع التواصل الاجتماعي: ظل كلب ولا ظل… كملوا انتوا بقى”. وأقدمت البلوجر هبة مبروك التي نشطت على مواقع التواصل الاجتماعي منذ عام 2018، ويتجاوز عدد متابعيها المليون على هذه الخطوة بعد خلافها مع الزوج وهو عبد الرحمن مبروك، وإن كانت طبيعة هذه الخلافات غير معروفة بشكل كامل، وعلى وجه الدقة، ولكن تصرف البلوجر يفصح أنها خلافات حادة، وأن زواجهما يخطو لنهايته. وتعرضت البلوجر بعد نشرها لمثل هذه التدوينة لعدد من التعليقات اللاذعة والحادة من قبل ناشطي مواقع التواصل الاجتماعي أبرزها: “ده مقامك يعني انتي بتهيني نفسك قبل ما تهيني جوزك عيب أوي اللي بتعمليه ده، اعملي حساب للعيش والملح ومسيرك هترجعي لجوزك وبلاش القرف ده، وكمان انتي عندك ابن لما يكبر ويشوف كده هيعمل أيه ولا هيقول أيه”. وذهب البعض إلى اعتبار أن ما حدث قد يصبح موضة في الفترة المقبلة، ولكنه احتمال بعيد التحقيق فهذا تصرف فردي قامت به البلوجر بفعل إيذاء فادح تعرضت له من قبل زوجها، أوجد لديها رغبة انتقامية أو رغبتها في اجتذاب الأنظار بسلوك مغاير تماماً. وعلى أي حال هذا تصرف متطرف غير صحيح، ولن ينتشر ليصبح سلوكا اجتماعياً.

موقف متخاذل

بصراحة اعتاد أن يخاطب بها عبد الله السناوي في “الشروق” جمهوره فإن الكلام المتلعثم بين التشدد والرخاوة يشجع إثيوبيا على المضي قدما في إجراءاتها الانفرادية والاستخفاف بوجودنا الإنساني نفسه. بأي قراءة موضوعية فإن إثيوبيا ليست في موقع قوة عسكرية ودبلوماسية تؤهلها لممارسة عنجهية مفرطة على دولتي المصب، فجيشها تلقى هزيمة مذلة في إقليم التيغراي والانقسامات العرقية الداخلية وصلت إلى حدود تهدد وحدة الدولة ومستقبلها، ودبلوماسيتها استنزفت طاقتها على المراوغة والتهرب من توقيع اتفاق قانوني ملزم، لكنها ما زالت تراهن على وضع الجميع أمام الأمر الواقع بعد الملء الثاني لخزان السد. إذا لم تكن هناك أزمة كبرى تهدد الأمن والسلم الدوليين، بالفعل لا بالإيحاء، فإن أحدا في العالم لن يخوض معركة وجودنا بالنيابة. الرضوخ للأمر الواقع هو المستحيل بعينه، فإذا ما نضبت مياه النيل وبارت ملايين الأراضى الزراعية، وانتشرت المجاعات فسوف يتقوض كل شيء. هكذا تطرح الحسابات الحرجة نفسها على صانع القرار، وتلقي ظلالها الكئيبة على رأي عام يستبد به القلق، وهو يتوقع الأسوأ في مقبل الأيام. باليقين فإن التعاون الإقليمي بين دول حوض النيل هو الخيار الأفضل، غير أنه شبه مستبعد حاليا أمام الإصرار الإثيوبي المقصود على تحويل نهر دولي إلى بحيرة تتحكم بها وحدها، تحدد الأنصبة المائية وفق المصالح المتغيرة والضغوط الممكنة من أطراف معلنة، وشبه معلنة ــ إسرائيل في مقدمتها. الحرب احتمال مرجح، لكنه قد لا يكون حتميا إذا ما اقتنع المجتمع الدولي بأن أخطارها سوف تضرب مصالحه في الصميم. بنظرة سريعة على خرائط التحالفات والمواقف الماثلة والمحتملة، فإن العالم العربي تأخر في المثول بالمشهد المأزوم، غير أن حضوره لعب دورا لا يستهان به في إضفاء قوة إضافية على الموقف المصري والسوداني قبل اجتماع مجلس الأمن.

فلنصرخ قليلاً

يرى عبد الله السناوي، أن المواقف العربية تتراوح بين دولة وأخرى بين الدعم الدبلوماسى النشيط، و«سد العتب» بإصدار بيانات تؤيد بدون أي تحركات دبلوماسية، أو غير دبلوماسية، وشبهات تواطؤ نصف معلنة على المصالح المصرية العليا، تحتاج إلى وقفات جادة، حتى تستبين المواقف الأخيرة في المعركة الوجودية الضاغطة. هناك اقتناع إثيوبي بأن القارة معها، ثم إنها تستثمر سياسيا في وجود مقر الاتحاد الافريقي في عاصمتها أديس أبابا على حساب مصر، التي أسسته ستينيات القرن الماضي باسم «منظمة الوحدة الافريقية» إثر قيادتها لحركة تحرير القارة. في ما بعد انسحبت مصر من القارة وأخلت مواقعها القيادية. الأكثر مأساوية أن دولة مثل جنوب افريقيا، التي لعبت مصر أكبر الأدوار في تحريرها، أكثر ميلا لإثيوبيا بالقدر المأساوي ذاته فإن الصين الشعبية وروسيا بدرجة أو أخرى أكثر تفهما بحسابات المصالح الاقتصادية والاستراتيجية للسد الإثيوبي، بدون اعتبار كبير لما قد يحيق بمصر، التي لعبت دورا جوهريا خمسينيات القرن الماضي في فك الحصار الغربي عن الصين، كما كانت صداقتها للاتحاد السوفييتي السابق. مصر بالموقع الجغرافي دولة محورية، تحتاجها الصين الطموحة للعب أدوار أكبر في النظام الدولي، الذي يوشك أن يولد. كلتا الدولتان، الصين وروسيا، تتحركان في المناطق الرمادية، لا معنا ولا ضدنا، تميلان إلى إثيوبيا لكنهما غير مستعدتين لمعاداة مصر. أمريكا نفسها، شأن الدول الأوروبية، تتحرك في مناطق رمادية مماثلة، قضيتنا عادلة لكن الأداء العام يحتاج إلى إعادة صياغة، مصر تحتاج أن تزمجر حتى تدرك المراكز الدولية الكبرى أن الأمن والسلم الدوليين مهددين حقا بما يستلزم وقف العنجهية الإثيوبية، وإلا فإنها الحرب أيا ما كانت أخطارها وتضحياتها. عندما يعلو صوت مصر بالغضب فإن خرائط المواقف والتحالفات سوف تتضح.

لماذا يكرهوننا؟

أكد منتصر جابر في “الوفد”، أن المصريين استنفدوا كل أنواع الصبر الممزوج بالمرارة مع إثيوبيا، ووصلوا إلى مرحلة فقدان الأمل تماما معها ومع المجتمع الدولي، لإيجاد حل عادل لهذه المشكلة الوجودية، وأن الشعب المصري على قناعة بأن الحل الوحيد بيده لا بيد عمرو ولا زيد ولا عبيد.. ويعرف كذلك أن الحرب صعبة، ولكن الموت أصعب، وأن محاولات وضع حد لهذه المعضلة سياسيًّا وبأقل الخسائر الممكنة أصبحت من رابع المستحيلات، ولن تنفع وستضر، خصوصا أن نظام الحكم في إثيوبيا يعلم ذلك تماما، ويعلم أن الوقت في صالحه وليس في صالح مصر أو السودان.. وإذا كان هو متعنتا في ظل وجود فرصة عسكرية قبل الملء الثاني، لإنهاء هذه المشكلة، أو تعطيلها لسنوات فماذا سيكون الوضع بعد الملء الثاني، وبعد أن يكون السد نفسه قد صار سلاحا إثيوبيا ضد مصر والسودان، لا نستطيع حتى التفكير في التعامل معه عسكريا؟ ربما كانت هناك فرص محلية وإقليمية ودولية لإنهاء هذه المشكلة، ومنذ سنوات، ولكن لا معنى للبكاء على اللبن المسكوب، في ظل وضع إقليمي ودولي ليس في صالحنا، فإن الحليف الاستراتيجي الأمريكي أول من تخاذل في الوقوف بجانبنا ودعمنا لأسباب كثيرة منها، ضغوط إسرائيلية وضغوط مصانع وشركات الاسلحة، ومنها إضعافك اقتصاديا ونفسيا، وجرك لمصير الدول التي لم يتبقَ منها شيء سوى اسم وعلم.. والكلام ينطبق على الأصدقاء في روسيا وأوروبا.. وحتى الأشقاء العرب والأفارقة، كلهم لهم مصالحهم، يمكن أن تتعارض وتتناقض مع مصالحك.. والدليل أن المجتمع الدولي استطاع الضغط على إثيوبيا من أجل إقليم تيغراي، ويتمكن من إجبار الجيش الإثيوبي على سحب قواته منها، ويتقبل هزيمته ويخرج من الإقليم مذلولا.. ولكنه يعلن بكل بجاحة إنه لا يستطيع أن يفعل شيئا أمام موت شعبين في مصر والسودان من العطش.. ويبدو أنهم اتفقوا جميعا على الخلاص من كل الدول العربية.. دولة بعد دولة وما تبقى منها يقف في الصف.

يتلاعبون بنا

الدور الأمريكي مريب في القضية التي تشغل بال المصريين، وهو الأمر الذي اهتم به سليمان جودة في “المصري اليوم”: لا يكفي أن تتحدث الخارجية الأمريكية عن أن ملء سد النهضة أحاديا من جانب إثيوبيا يزيد التوتر في المنطقة.. هذا كلام لا يساوي وزنه ترابا.. فما يكفي بجد هو أن تقف واشنطن اليوم في مجلس الأمن مع صدور قرار عنه يزيل هذا التوتر الذي تتحدث عنه.. وما عدا ذلك هو مجرد كلام لا قيمة له، حتى لو كانت الولايات المتحدة الأمريكية بجلالة قدرها هي التي تتكلم. وعندما تنعقد جلسة المجلس سوف تكون هذه فرصة تتضح فيها خريطة لعبة المصالح الدولية أمامنا، كما لا تتضح في أي موقف آخر، ورغم علاقة مصر والسودان الجيدة بالدول الخمس عشرة الأعضاء في المجلس، إلا أن كل دولة سوف تظل لها حساباتها، بما في ذلك الولايات المتحدة نفسها.. إذ لا ننسى أن مكتب استصلاح الأراضي الأمريكي، هو الذي أجرى دراسات السد عام 1959.. وليس هذا هو الحساب الوحيد الذي تضعه أمريكا في الاعتبار، وإلا ما كان متحدث خارجيتها نيد برايس، قد قال إن بلاده تؤيد إشراف الاتحاد الافريقي على مفاوضات تصل إلى حل بين القاهرة والخرطوم وأديس أبابا. لو لم تكن للولايات المتحدة حساباتها الأخرى ما كان متحدث خارجيتها قد قال هذا الكلام، لأنها تعرف أن الاتحاد يرعى المفاوضات من سنتين بدون أن تتقدم خطوة واحدة، وبدون أن يكون الاتحاد حازما مع الطرف الإثيوبي بما يكفى، فيمنعه من اتخاذ أي إجراء أحادب قبل الاتفاق معنا ومع السودان. وليست الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة صاحبة الحسابات من بين 15 دولة في المجلس.. فالصين على سبيل المثال من بين ممولي السد، فضلًا عن أنها دولة منبع لأنهار تجري منها إلى دول الجوار.. وهذا كله مع غيره سوف يحكم حركتها اليوم عندما تجد نفسها مدعوة إلى المشاركة في استصدار قرار تلتزم به إثيوبيا. وفي المجلس دول افريقية سوف تجد نفسها حائرة بين علاقتها الجيدة مع القاهرة والخرطوم، والرابطة الافريقية المجردة التي تربطها بإثيوبيا.

الخيار المر

أعرب اللواء سمير فرج الخبير العسكري لـ«بوابة الأهرام» عن أمله في أن يتخذ المجتمع الدولي ممثلا في مجلس الأمن القرار الصواب الذي يحافظ على الأمن والسلم الدوليين، ويحفظ لمصر والسودان حقوقهما التاريخية في مياه النيل، ووقف محاولات إثيوبيا التي تسعى لفرض الأمر الواقع. تعيش إثيوبيا حالة من عدم التوازن والتخبط، بسبب الصراعات القائمة في إقليم تيغراي بين القوات الحكومية والقوات التابعة للإقليم، وكذلك الصراعات القائمة في إقليم بني شنقول جموز، ولأن الأول في الشرق والثاني في الغرب فإن البلاد فقدت استقرارها، وتبحث بكل السبل عن وسيلة للجم هذه الصراعات وإنهائها، لاسيما بعد فشل رئيس الوزراء أبي أحمد في تحقيق ذلك ليذهب إلى ملف سد النهضة، ويحرك ورقة الملء الثاني للسد بدون تنسيق، كحيلة منه لإبراز هذه المشكلة القومية أمام العالم، لعلها تخطف أنظارهم عن صراعات إثيوبيا الداخلية، التي فشل في حلها. وقال فرج إن مصر قامت ولا تزال بتحركات على المستوى الإقليمي والدولي لمعالجة أزمة سد النهضة، تمثلت في زيارات الرئيس السيسي لدول حوض النيل وزيارته لجيبوتي، التي جاءت لأول مرة في التاريخ وهي دولة بها 4 قواعد عسكرية لأمريكا والصين وفرنسا واليابان، إضافة إلى المناورات العديدة التي قامت بها القوات المسلحة وتحركات الدولة على مستوى مجلس الأمن والدول التي تملك حق الفيتو مثل روسيا والولايات المتحدة، التي زارها وزير الخارجية كل هذه الخطوات تعكس أن مصر لا تريد اللجوء إلى الحل الأخير في أزمة سد النهضة، إلا أنهم في الوقت ذاته قالوها بوضوح: “للصبر حدود”.

لا نرضى الابتزاز

بالطبع، والكلام لأكرم القصاص في “اليوم السابع”، القلق مشروع في ما يتعلق بسد النهضة ومياه النيل، قضية مصيرية وجودية، تمثل حياة للشعب المصري على مدى آلاف السنين، وهناك فارق بين القلق والخوف المصحوب بطرح أسئلة، ونوع آخر من الادعاء يمثل حالة من الإرباك والتشكيك، وطرح أسئلة خبيثة وإجابات تمثل نوعا من الابتزاز، أو محاولة لشق الصف، على الرغم من فشل الكثير من هذه المحاولات على مدار السنوات الأخيرة، كانت مصر في درجة من اللياقة أقل كثيرا مما هي عليه اليوم. مصر تمتلك خياراتها، وتحدد شكل ومكان وزمان تحركاتها، بناء على ما يتوافر لدى صانع القرار من معلومات، وليس بناء على ما يتاح من «بوستات»، قد تنطلق من أفراد لا تنقصهم المعرفة، ولكن يدفعهم نوع من الادعاء، واعتياد «إطلاق» تحليلات تتجاوز حدود الخيال، ومجال «الهبد». الدولة المصرية تملك حق اتخاذ قراراتها بما يناسب قوتها وتأثيرها، ولا تخضع لابتزاز أو ضغط من أي نوع، وهذا من تجارب 8 سنوات شهدت أقصى تحديات. في ما يتعلق بموقف إثيوبيا ورئيس وزرائها أبي أحمد، فلا يمكن لعاقل أن يتصور أن هذه التصريحات والادعاءات تنطلق من موقف طبيعي لدولة ذات مسؤولية، وأبي أحمد الذي يعجز عن إطفاء الحرائق الداخلية، أو إنقاذ بلاده من حرب أهلية، وصراعات عرقية يمكنه أن يمتلك قوة لموقف من السد في مواجهة دولتي المصب مصر والسودان، وحتى في مواجهة الدول الافريقية والعالم، ويصل بالأزمة إلى هذا الموقف الخطير إقليميا ودوليا، يحمل قدرا غير مسبوق من التوتر. فشلت إثيوبيا في تعلية وسط السد لتخزين 13.5 مليار متر مكعب مكتفية بـ4 مليارات متر مكعب فقط، بهدف مداعبة – أو تخدير – الداخل المشتعل والمترقب، أما تصريحات الاستفزاز، التي تتحدث عن الحرب، فيكذبها الفشل في حسم الصراعات الداخلية، أو إطفاء حرائق أشعلتها سياسات أبي أحمد الذي فشل في صراعات صغيرة، وراح يطلق تصريحات لا تناسب إمكاناته.

لا تحبطونا

حذر حمدي رزق في “المصري اليوم”من: شيوع اليأس جد خطير، والعاملون على إشاعة أجواء اليأس ينشطون، والخلايا الفيروسية النائمة تستيقظ، وترويج الشائعات بضاعة، والهري بمعلومات مضللة مقصود لتشتيت الانتباه، وخلخلة البناء، وضرب الحلقة الشعبية الصلبة المتحلقة حول القيادة في توقيت حساس. ومع ندرة الخبراء المتحدثين الفاهمين بأحوال النهر وتداعيات السد، ودخول المدعين والنصابين على خط الماء الجارى، وتحلق الطيبين حول معلومة تبل الريق، في مثل أجواء مشوبة بالتوتر الوطني كهذه، لا يجوز ترك الجموع بدون معلومات، مهما كانت قسوة المفاوضات.. نحن لها، والثقة في القيادة المؤتمنة موفورة، وإذا لزم الأمر كلنا جنود، المصريون جنود مجندة في حب الوطن. قطْع الطريق على الطابور الخامس ضرورة وطنية، فالطابور الإثيوبي الخامس يتخفى بين الصفوف، ناشرا عدوى اليأس والإحباط، ويعمد اختراقا إلى تفكيك الجبهة الداخلية، ويتحرك باحترافية، ويروج صورا وهمية من الأقمار الصناعية، ويهرف بأرقام عبثية لا تقف على قدمين في النهر، ولكن مع غياب المعلومات والأرقام اليقينية والحقيقية، يسود هؤلاء الفضاء الإلكتروني بفيروساتهم المُعدية، ولكن كما قال طيب الذكر الشاعر العربي العراقي محمد مهدي الجواهري: سينهض من صميم اليأس جيلٌ..مريـدُ البـأسِ جبـارٌ عنيد.. يقـايضُ ما يكون بما يُرَجى..ويَعطفُ مـا يُراد لما يُريد.

علل الإعلام

أكد كرم جبر في “الأخبار” أن الإعلام شريك أساسي في بناء الوعي، والدفاع عن الدولة الوطنية وهويتها وثوابتها، ونجاحه في مهمته مرهون بالحفاظ على الدولة والحريات العامة، فلا يضيِّق نطاقها ولا يفرض قيوداً، وإنما يوسع أطر الحوار، على قاعدة أن أخطاء الديمقراطية يتم علاجها بمزيد من الديمقراطية، بما يتناسب مع الدستور والقانون وحرية الصحافة والإعلام، في ضوء محددات واضحة لرؤية استراتيجية يتم العمل بمقتضاها. الالتزام بالقانون هو الذي يمنع التعاون أو التعاطف مع أي اتجاهات تضر بسلامة المجتمع، مثل الترويج لأي جماعة إرهابية يتم تصنيفها قانوناً على أنها جماعة إرهابية، وهذا ليس تعطيلاً للديمقراطية، لأن القوانين المعمول بها في الدول المتقدمة تحظر مجرد التعاطف مع الجماعات التي تعتبر قوانينها إرهابية. أثبتت التجارب أن الجيوش هي صمام الأمان للدول والشعوب، ولذا فالجيش المصري خط أحمر، لأن أمن البلاد وسلامتها واستقرارها مرهون بالحفاظ على الجيش الذي حافظ على الدولة ومنع سقوطها، وأعاد بناء مؤسساتها، بينما انهارت الدول حولنا يوم سقطت جيوشها الوطنية، والإعلام الوطني هو الذي يقف في ظهرها ويدعم قوتها. الإعلام الوطني هو الذي يرسخ قيم المواطنة الكاملة، بنشر ثقافة المساواة التامة بين الجميع في الحقوق والواجبات، فلا يميز ولا يفرق ويعمل على إعلاء قيم التسامح والتعايش، وقبول الآخر واحترام الأديان والمعتقدات لكل الفئات. لو نقل الإعلام حقيقة ما يجري الآن في مصر بمهنية وموضوعية، فلن تحتاج من يدافع عنها، لأن إنجازاتها أفضل من أي كلام منمق، الدول المتعافية يحميها شعب مستنير ولديه درجات عالية من الوعي، شعب يبني ولا يهدم، يحافظ ولا يفرط، يثق ولا يشكك، ويؤمن بأن مستقبله سيكون أفضل، وأن الأمانة حين تتسلمها الأجيال القادمة، ستكون في الحفظ والصون حيث تتعرض مصر لهجمة شرسة من جبهات معادية كثيرة، تعتمد على سلاح التشويه والتشكيك في الإنجازات.

عدل غائب

وفي “الوفد” قرع سامي صبري الأجراس مدافعا عن قرابة 80 ألف عامل: في الوقت الذي يتزايد فيه عدد شركات الأمن الخاص عاما بعد آخر، نتيجة الإقبال عليها، إلا أن العاملين في هذه الشركات وعددهم يقدر بالآلاف (80 ألف عامل) يعانون من ظلم يصل إلى درجة السخرة والاستعباد، يعملون 12 ساعة يوميا مقابل أجر زهيد، يصل في أعلاه إلى (2000 جنيه تقريبا) ولا يحصلون على إجازات، أو بدل راحة، حتى الإجازات الرسمية للدولة يعملون خلالها، ولا يأخذون مقابلها، ولا يخضع أغلبهم لأي تغطية تأمينية، وإن تجرأ أحدهم وطالب بحقوقه يكون مصيره الفصل، ومن دون أي مكافأة خدمة أو تعويض. رسائل كثيرة، وصلت للكاتب تشكو من ظلم هذه الشركات لشباب في عمر الزهور، يحملون مؤهلات عليا ومتوسطة، لم يجدوا الوظيفة المناسبة، فكانت هذه الشركات محطتهم الأخيرة، بعد رحلة من البحث المضني عن فرصة عمل، انتهت بهم إلى مؤسسات وشركات تعيش حالة من الفوضى الإدارية، بعيدا عن أعين ورقابة الدولة، وما عليهم إلا الاستسلام أو الموت الزؤام. أي ضمير هذا يسكن رئيس مجلس إدارة أو مدير شركة من هذه الشركات، وهو يرى أمامه شابا مثل ابنه، في عقده الثاني أو الثالث، متزوجا ومسؤولا عن بيت وأسرة، ويحلم بتأمين مستقبله وعش الزوجية، ويعمل براتب 1500 جنيه، بدون أدنى مقومات الأمان الوظيفي والاجتماعي، فإن مرض يتحمل وحده تكاليف علاجه، وإن طلب مقابل إجازات، لا يجد إلا عبارة واحدة «عاجبك ولا مش عاجبك» متجاهلين كل الظروف والضغوط النفسية والعصبية والمعاناة العملية، التي تفرضها ظروف مهنة يتعامل معها المجتمع بشيء من الاحتقار، وينظر إليها نظرة دونية، لا تخلو من السخرية والاستهزاء. الخطير في القضية أن معظم هذه الشركات، يزيد عددها العشوائى على 1000 شركة، إلا أن المسجل والمرخص منها رسميا لا يزيد على 100 شركة! وهو الأمر الذي يفسر حالة من الانفلات المؤسسي، يعيشه قطاع تحول إلى ضرورة حتمية.

أيهما أفضل؟

هل السلطة الفلسطينية أفضل حالاً من حماس في ما يتعلق بحقوق الإنسان والمواطنة؟! وهل حماس تتبع المعايير الأخلاقية، والأسس الديمقراطية في أساليب الاعتقال المتعلق بقضايا سياسية؟ هذا السؤال كما رأت جيهان فوزي في “الوطن” ينطوي عليه الكثير من المرارات التي تتعلق بحقوق الفلسطيني في مكان عيشه، سواء في الضفة الغربية، التي تخضع لسيطرة السلطة، أو في غزة التي تحكمها حماس. كلا الجانبين مسؤول عن حياة المواطنين، والغريب أن كليهما لا يتوانى عن توجيه الاتهامات إلى الآخر، إذا تعلق الأمر بالاعتقال والتعذيب على خلفية الرأي والتوجّه السياسي! وعندما يسقط مواطن في قبضة أحدهما لا ينجُو من التنكيل والتعذيب؟ صراع الديوك الذي لا ينتهي منذ سيطرت «حماس» على غزة، وتقوقعت سلطة رام الله على نفسها، وأغلقت أبوابها على محيط الضفة الغربية التي تسيطر إسرائيل على أجزاء كبيرة منها، والسلطة الفلسطينية لا تملك قراراً أمنياً واحداً، بدون الموافقة الإسرائيلية. منذ أيام قليلة، اشتعلت الضفة الغربية غضباً، على خلفية مقتل الناشط السياسي والمهتم بحقوق الإنسان البارز نزار بنات، الذي لقي مصرعه أثناء التحقيق معه من قِبل أجهزة أمن السلطة في رام الله، ومعروف عن الناشط السياسي والحقوقي نزار بنات معارضته الشرسة للتنسيق الأمني للسلطة الفلسطينية مع إسرائيل، رافضاً مشروع التسوية الذي تقوده، وانتقاده الدائم للقيادات الفلسطينية، التي كان يصفها بالنافذة والمتورطة في ملفات الفساد والتربح، يقف بالمرصاد لكل ممارسات الفساد، مدافعا جريئا عن حقوق الإنسان والديمقراطية.

أكثر من جبهة

تابعت جيهان فوزي، يبدو أن مواقف الناشط المعارض كانت تؤرق أجهزة الأمن في السلطة، وتسبب لهم صداعاً دائماً، فقرروا اعتقاله للتحقيق معه، ولسوء الحظ قضى نحبه في مركز الاعتقال، الأمر الذي ألّب الفلسطينيين، وأثار حنقهم على الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية، فخرجت المظاهرات الغاضبة في الشوارع، مندّدة بالقمع والتنكيل الذي تمارسه الأجهزة الأمنية لكل من يعارض صوت السلطة، والغريب أن حركة حماس سارعت بالإدانة، واتهام أجهزة أمن السلطة بقمع المعارضة، وهو الأمر الذي ينطبق عليها تماماً في التعامل مع المعارضين لسياستها، وأمام الغضب العارم الذي اجتاح مناطق مختلفة في الضفة الغربية تنديداً بمقتل بنات، اعترفت السلطة عبر مسؤول جهاز الأمن المكلف باعتقاله بالمسؤولية عن وفاته، وفتح التحقيق بشأن ملابسات الوفاة، واعتقال المسؤولين عنها، لكن سرعان ما تم الإفراج عنهم. يتزامن ذلك مع وفاة الشاب شادي نوفل، أحد المعتقلين السياسيين في قطاع غزة، الخاضع لسيطرة حماس، والموقوف لدى الأجهزة الأمنية التابعة لسلطة الحركة، التي قامت بدورها بتشكيل لجنة تحقيق للكشف عن ملابسات الحادث! هذه الحوادث تشكل قلقاً كبيراً لدى المواطنين الفلسطينيين، الذين يستشعرون الخطر الداهم الذي يواجهه المجتمع الفلسطيني برمته. وما يترتب عليه من ضرورة معالجة كل الشأن الفلسطيني الداخلي بما يحقق الوحدة الوطنية، ويعزز السلم الأهلي، على قاعدة سلطة واحدة وحكومة واحدة تلتزم بإنفاذ القانون الفلسطيني الواحد، بما يحفظ حياة وكرامة الإنسان الفلسطيني.

بوسعه أن يموت

كان إحسان عبد القدوس يرفض فكرة الحب الأول.. وبدوره كان فاروق جويدة كما قال في “الأهرام” يرى أن الحب يقتل بعضه، والإنسان قد يعيش في حياته أكثر من قصة حب .. وإن كان من النادر أن يبقى حياته أسير إحساس واحد.. وهناك قصص حب عاشت العمر كله، وفي الحب مشاعر مختلفة هناك الوصل والبعاد والفراق والذكرى، وفي تقديري أن الذكريات لا تموت وإن كان الكثير منها ينسى.. والحب لا يموت بالسكتة القلبية، إنه يمرض ويواجه العواصف والرياح، ويقاوم أحيانا ويستسلم في أحيان أخرى.. والحب كيان هش ضعيف لا يحتمل قسوة البشر والحياة، إنه ينهزم أمام الخيانة ولا يحتمل ألم الفراق، أو البعاد طويلا، وهو أمام الإهمال يبدو شيئا هزيلا.. إن الإهمال أحيانا قد يكون شيئا عاديا عند بعض الناس، ولكنه يكسر الحب ويدخل به ما يسمى الإهمال المتبادل.. والغياب قد يمهد للبعاد ويصبح الفراق آخر الرحلة وهو أول أبواب حب جديد.. والحب ليس من حق طرف واحد إنه ليس حقا للرجل وحده أو المرأة وحدها إنه مشروع مشترك وينبغي أن لا يخضع لظواهر العنف والاستبداد والوصاية.. الحب سلطان مشاعر وليس طغيان سلطة ولهذا فإن الحب حرية وليس استبدادا وهو قابل للتغيير وليس قرارا أبديا.. ومن حق كل طرف من الأطراف أن يرفض الآخر ويأخذ أشياءه ويرحل إذا وجد الإهمال واللامبالاة والقسوة وهنا يكون الثمن البحث عن حب آخر.. لا ملكية في الحب ولا استبداد ولا وصاية، لأن الحب أوسع أبواب الحرية.

أسئلة مشروعة

السؤال الأول المنطقي في قرار إغلاق صحف “المساء” و”الأهرام المسائى” و”المسائية” الذي يطرحه أحمد رفعت في “فيتو”هو: هل تحاورت الهيئة الوطنية للصحافة مع مسؤولي هذه الصحف ورؤساء مجالس ومجالس إدارات المؤسسات التي تصدر عنها؟ ومن التساؤل الأول تنشطر أسئلة أخرى تبحث عن إجابات منها: هل خيروا بين بدائل مختلفة واختاروا إغلاق الإصدار الورقي والاكتفاء بالإصدار الإلكتروني؟ هل منحوا مهلة لتحقيق هدف محدد في أرقام التوزيع ولم يوفقوا في تحقيقه؟ أم أن القرار قرار فوقي لم يقبل النقاش ولن يقبل أي نقاش؟ إن كان ذلك جرى وتحاور أطراف الأزمة فيحق لنا – مواطنين وصحافيين – أن نعرف نتائج ما جرى.. أما إن لم يكن حوارا قد تم، أو لقاءات قد جرت فيحق القول إن هذه لم تكن الطريقة الأنسب للتصدي لأزمة مهمة انتهت إلى قرار إغلاق ثلاث صحف مهمة. هذه الصحف وإن كانت تضم عشرات أو مئات الزملاء الصحافيين فخلفهم آلاف الأسر، ممن يعنيهم أمرهم ويرتبطون به وبهم، لكن هذه الصحف أيضا ملك للشعب المصري كله ممن صدرت هذه الصحف من أجلهم، ومن أجل تقديم الخدمات الصحافية. ومن حق الشعب أن يعرف لماذا أغلقت، إن كانت فشلت إدارات الإعلانات في الصحف الثلاثة فلماذا لا تتغير؟! وإن كانت فشلت إدارات التحرير فلماذا لا تناقش الأمور معها؟ الصحيفة كالمصنع.. إغلاقها يعني الفشل في إيجاد الحلول ولا توجد حلول لأزمات ببقاء أسباب الأزمات نفسها. الأمل أن يعاد النظر في القرار.. ولا يعني ذلك دعم استمرار الخسائر، إنما الشروع الفوري في وقفها كخطوة أولى ثم تحويلها إلى أرباح ومكاسب وصولا إلى الانتعاش والنجاحات الكبرى!

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ابو ابراهيم:

    كلما قراْت ما تكتبه الصحف المصرية ادركت الهوة العميقة التي سقطت فيها مصر واخذت معها (العالم العربي والاسلامي)ولا حول ولا قوة الا بالله.

إشترك في قائمتنا البريدية