العاهل المغربي يتطلع إلى مواصلة العمل مع الحكومة الإسبانية من أجل تدشين “مرحلة جديدة وغير مسبوقة”

الطاهر الطويل
حجم الخط
16

الرباط- “القدس العربي”: أعطى العاهل المغربي محمد السادس إشارات إيجابية تجاه كل من إسبانيا وفرنسا، حيث أعرب عن أمله في مواصلة العمل مع الحكومة الإسبانية ومع رئيسها بيدرو سانشيز، من أجل تدشين مرحلة جديدة وغير مسبوقة، في العلاقات بين البلدين، على أساس الثقة والشفافية والاحترام المتبادل، والوفاء بالالتزامات.

الملك محمد السادس: “المغرب، على غرار بعض دول اتحاد المغرب العربي، يتعرض لعملية عدوانية مقصودة، وأعداء الوحدة الترابية للمملكة، ينطلقون من مواقف جاهزة ومتجاوزة، ولا يريدون أن يبقى المغرب حرا، قويا ومؤثرا”

كما أكد أن الالتزام نفسه تقوم عليه علاقات الشراكة والتضامن بين المغرب وفرنسا. وأوضح ملك المغرب أنه تجمعه مع الرئيس إيمانويل ماكرون روابط متينة من الصداقة والتقدير المتبادل.
جاء ذلك في الخطاب الذي وجهه العاهل المغربي مساء الجمعة إلى الشعب، بمناسبة “ذكرى ثورة الملك والشعب” التي تؤرخ لذكرى نفي العاهل الراحل محمد الخامس وأسرته إلى مدغشقر في 20 آب/ أغسطس 1953.
وأوضح الملك محمد السادس أن هذه الذكرى “هي خير مناسبة لاستحضار قيم التضحية والوفاء، في سبيل حرية الوطن واستقلاله”، مضيفا أنها “ليست فقط حدثا تاريخيا، وإنما ثورة مستمرة، تلهم الأجيال المتعاقبة، بنفس روح الوطنية الحقة، للدفاع عن الوطن ومؤسساته ومقدساته.”
وأشار إلى أن المناسبة تأتي قبل أيام من الانتخابات المقبلة، وتتزامن مع مرحلة جديدة من المشاريع والإصلاحات، في إطار تنزيل النموذج التنموي، وتفعيل الميثاق الوطني من أجل التنمية. وأشار إلى أن تلك الاستحقاقات تتميز بإجراء الانتخابات التشريعية والجهوية والمحلية، في نفس اليوم، ما يؤكد عمق الممارسة الديمقراطية، ونضج البناء السياسي المغربي، كما قال.
واستدرك بالقول إن الانتخابات ليست غاية في حد ذاتها، وإنما هي وسيلة لإقامة مؤسسات ذات مصداقية، تخدم مصالح المواطنين، وتدافع عن قضايا الوطن، “لأننا نؤمن ـ كما يقول ملك المغرب ـ بأن الدولة تكون قوية بمؤسساتها، وبوحدة وتلاحم مكوناتها الوطنية. وهذا هو سلاحنا للدفاع عن البلاد، في وقت الشدة والأزمات والتهديدات.”
وذكر أن ذلك “تأكد بالملموس، في مواجهة الهجمات المدروسة التي يتعرض لها المغرب، في الفترة الأخيرة، من طرف بعض الدول، والمنظمات المعروفة بعدائها لبلادنا”؛ مضيفا أن “المغرب مستهدف، لأنه دولة عريقة، تمتد لأكثر من اثني عشر قرنا، فضلا عن تاريخها الأمازيغي الطويل؛ وتتولى أمورها ملكية مواطنة، منذ أزيد من أربعة قرون، في ارتباط قوي بين العرش والشعب. والمغرب مستهدف أيضا، لما يتمتع به من نعمة الأمن والاستقرار التي لا تقدر بثمن، خاصة في ظل التقلبات التي يعرفها العالم.”
وشدد على أن المغرب، رغم ذلك، معروف بسمعته ومكانته التي لا نقاش فيها، وبشبكة علاقات واسعة وقوية، ويحظى بالثقة والمصداقية، على الصعيدين الجهوي والدولي.
ومضى قائلا إن المغرب، على غرار بعض دول اتحاد المغرب العربي، يتعرض لعملية عدوانية مقصودة؛ لافتا الانتباه إلى أن “أعداء الوحدة الترابية للمملكة، ينطلقون من مواقف جاهزة ومتجاوزة، ولا يريدون أن يبقى المغرب حرا، قويا ومؤثرا”.
وقال العاهل المغربي إن “قليلا من الدول، خاصة الأوروبية، التي تعد للأسف من الشركاء التقليديين، تخاف على مصالحها الاقتصادية، وعلى أسواقها ومراكز نفوذها، بالمنطقة المغاربية. كما أن بعض قياداتها لم يستوعبوا بأن المشكل ليس في أنظمة بلدان المغرب الكبير، وإنما في أنظمتهم، التي تعيش على الماضي، ولا تستطيع أن تساير التطورات.
وقد أبانت الشهور الأخيرة، أن هذه الدول تعرف ضعفا كبيرا، في احترام مؤسسات الدولة، ومهامها التقليدية الأساسية. لذلك، يريدون أن نصبح مثلهم، من خلال خلق مبررات لا أساس لها من الصحة، واتهام مؤسساتنا الوطنية، بعدم احترام الحقوق والحريات، لتشويه سمعتها، ومحاولة المس بما تتميز به من هيبة ووقار.”
وأردف قائلا “إنهم لا يريدون أن يفهموا، بأن قواعد التعامل تغيرت، وبأن دولنا قادرة على تدبير أمورها، واستثمار مواردها وطاقاتها، لصالح شعوبنا. لذا، تم تجنيد كل الوسائل الممكنة، الشرعية وغير الشرعية، وتوزيع الأدوار، واستعمال وسائل تأثير ضخمة، لتوريط المغرب، في مشاكل وخلافات مع بعض الدول. بل هناك تقارير تجاوزت كل الحدود؛ فبدل أن تدعو إلى دعم جهود المغرب، في توازن بين دول المنطقة، قدمت توصيات بعرقلة مسيرته التنموية، بدعوى أنها تخلق اختلالا بين البلدان المغاربية.”
وتابع العاهل المغربي “كما دبروا حملة واسعة، لتشويه صورة مؤسساتنا الأمنية، ومحاولة التأثير على قوتها وفعاليتها، في الحفاظ على أمن واستقرار المغرب؛ إضافة إلى الدعم والتنسيق، الذي تقوم به في محيطنا الإقليمي والدولي، باعتراف عدد من الدول نفسها.”
لكنه أوضح أن “رب ضارة نافعة؛ فمؤامرات أعداء وحدتنا الترابية، لا تزيد المغاربة إلا إيمانا وإصرارا، على مواصلة الدفاع عن وطنهم ومصالحه العليا. وهنا نؤكد بأننا سنواصل مسارنا، أحب من أحب، وكره من كره، رغم انزعاج الأعداء، وحسد الحاقدين.” وفق تعبير الخطاب الملكي.
وقال محمد السادس “هناك من يقول بأن المغرب يتعرض لهذه الهجمات، بسبب تغيير توجهه السياسي والاستراتيجي، وطريقة تعامله مع بعض القضايا الدبلوماسية، في نفس الوقت.” ليجيب: “هذا غير صحيح. المغرب تغير فعلا، ولكن ليس كما يريدون؛ لأنه لا يقبل أن يتم المس بمصالحه العليا. وفي نفس الوقت، يحرص على إقامة علاقات قوية، بناءة ومتوازنة، خاصة مع دول الجوار. وهو نفس المنطق، الذي يحكم توجهنا اليوم، في علاقتنا مع جارتنا إسبانيا.”
وأوضح “صحيح أن هذه العلاقات مرت، في الفترة الأخيرة، بأزمة غير مسبوقة، هزت بشكل قوي، الثقة المتبادلة، وطرحت تساؤلات كثيرة حول مصيرها. غير أننا اشتغلنا مع الطرف الإسباني، بكامل الهدوء والوضوح والمسؤولية. فإضافة إلى الثوابت التقليدية، التي ترتكز عليها، نحرص اليوم، على تعزيزها بالفهم المشترك لمصالح البلدين الجارين.”
وأشار العاهل المغربي إلى أنه تابع شخصيا، وبشكل مباشر، سير الحوار، وتطور المفاوضات. “ولم يكن هدفنا هو الخروج من هذه الأزمة فقط، وإنما أن نجعل منها فرصة لإعادة النظر في الأسس والمحددات، التي تحكم هذه العلاقات”، كما قال مستطردا “إننا نتطلع، بكل صدق وتفاؤل، لمواصلة العمل مع الحكومة الإسبانية، ومع رئيسها معالي السيد بيدرو سانشيز، من أجل تدشين مرحلة جديدة وغير مسبوقة، في العلاقات بين البلدين، على أساس الثقة والشفافية والاحترام المتبادل، والوفاء بالالتزامات.”

وأضاف أنه “الالتزام نفسه الذي تقوم عليه علاقات الشراكة والتضامن، بین المغرب وفرنسا، التي تجمعني برئيسها فخامة السيد إيمانويل ماكرون، روابط متينة من الصداقة والتقدير المتبادل.”
وختم خطابه بالقول “إذا كانت ثورة الملك والشعب، قد شكلت منعطفا تاريخيا، في طريق حرية المغرب واستقلاله؛ فإننا اليوم، أمام مرحلة جديدة، تتطلب الالتزام بروح الوطنية الحقة، لرفع التحديات الداخلية والخارجية.”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Said:

    ما لا يفهمه البعض أن المغرب يتعامل بمنطق التوازنات الإقليمية و الدولية ذات المنفعة. فكل أزمة دبلوماسية يخرج منها أكثر قوة. لان الخطاب التعصبي و الكراهية اصبحوا من الماضي.
    المغرب ليس له وقت الاتهامات المتبادلة و الكلام الفارغ.

  2. يقول ابن الوليد. ألمانيا.:

    و مع هذا لا نحتاح الى اعلان انتصار .. و لا نحتاج انتصارا اصلا
    كما نتطلع الى علاقة اكثر من متميزة مع التوأم الجزائر .. علاقة اساسها بكل بساطة الاحترام المتبادل ..
    .
    انا اتحدث عن الجزائر .. أما نظامها .. ففقدانه للحليف الاسباني قد يفسر هذه الدرجة العالية من التوثر النفسي الاخير. ربي بعاون ..

  3. يقول صحراوي مغربي:

    الملك يقصد ألمانيا بالهجمات المدروسة التي تتعرض لها المملكة،ملخص الخطاب أنه لا غنى للمغرب عن اسبانيا و فرنسا و ما دونهم من الدول الأوروبية فالمغرب سيتعامل معهم على قدر تعاملهم معه.

  4. يقول لحسن:

    كلام معقول ومسؤول ورزين . حفظك الله ورعاك

  5. يقول طارق بن رحال:

    رسالتي الى الأشقاء في الجزاير، نتمنى ان تاخدوا العبرة من اتفاق السلام المغربي- الأسباني التاريخي الذي سيكشف عنه قريبا و سيكون اتفاقا ينظر للمستقبل بكل ثقة و تطلع بعيدا عن الارث التاريخي الصعب بين بلدين جاريين، بموجب هذا الاتفاق ستعيد إسبانيا للمغرب جزره المحتلة في شمال المغرب و ستعترف بمغربية الصحراء في اطار شراكة تضمن مصالح الطرفين تحت شعار “رابح-رابح”.

    1. يقول هيثم:

      يا سيد طارق: تنبغي قراءة ما بين السطور في الخطاب الملكي. الحوار / التفاوض مع الاسبان يتوخى إعادة النظر في الأسس والمحددات… حتى لا يبقى المغرب عرضة للنفاق السياسي و الدبلوماسي الذي مارسته الدولة الإسبانية و فضحته مناورة استقبال بن بطوش. بيننا وبين اسبانيا مشاكل عويصة على رأسها احتلال سبتة ومليلية و العنصرية المقيتة و مساندة الدولة والمجتمع للبوليساريو لأنهم لم يستسيغوا أبدا أن المغرب استرجع الصحراء بالمسيرة الخضراء السلمية. كما أنهم ينظرون بعين السخط للتحولات الاقتصادية المتسارعة في شمال المغرب التي تهم البنيات التحتية من مواصلات وطرق و مواني و منجزات صناعية و سياحية ناهيك عن محاصرة و منع التهريب عماد اقتصاد المدينتين السليبتين…

  6. يقول ابراهيم:

    الأوربيين أذكياء وبراكماتيين..حين يفهمون انه لا فائدة من محاولات عرقلة تقدم المغرب سوف يركنون لتهدأة الأوضاع إلى حين، حفضا لمصالحهم ومصالح شعوبهم..الطامة الكبرى هي الجارة الشرقية التي لا تفهم لا لغة المصالح ولا لغة الاخوة ولا ابسط مبادئ علم السياسة!!

  7. يقول عبد الرحيم المغربي .:

    خطاب الملك كان رزينا في تناول المعطيات السياسية التي تهم المغرب والمنطقة المغاربية…وعندما تطرق إلى الاشكالات التي شابت العلاقات المغربية مع بعض الدول…ركز تحديدا على الدول الفاعلة في معاكسة المصالح المغربية…وهي ألمانيا واسبانيا…ولم يشر ولو بمجرد إشارة إلى مايصدر من بيانات وتطاول من الجوار… لأن التركيز السياسيي عند المسؤولين الحقيقيين يكون على مركز الفعل وليس على من ينتشي بالصراخ خلف خطوط الميدان…!!!! ومن المؤشرات المهمة التي حملها الخطاب…قرب التوصل إلى مراجعة جدرية للسياسة الألمانية مع المغرب….ورجوع إسبانيا إلى بيت الطاعة المغربي…مع ما يحمله ذلك من مسح لما تم التواطىء فيه بين إسبانيا والنظام المجاور…ولا ادل على ذلك من إقالة الحكومة الإسبانية كلها للوصول إلى نقطة التوافق….؛ وعلى العموم فالخطاب أثبت بالملموس أن المغرب بلد الأفعال وليس الأقوال….وهذا ما يثير حفيظة واعصاب الخصوم..

  8. يقول مصطفى:

    ملكنا.واحد..محمد السادس..يحق لنا.نحن المغاربة…ان نعتز و نفتخر ..نقول.للاعداء مووتوو….بغيضكم ولا غالب الا الله?☝

  9. يقول مصطفى:

    المغرب…اعطى..للاسبان.درسا لن ينسوه طيييييلة حياتهم…الند .للند.!!!..اخدهم الرعب…وفقدوا البوصلة…مغرب اليوم سيضرب له الف حساب…مستقبلا ! عاش الملك…….رب ضارة نافعة…. احب من احب وكره من كره….??????☝?✌??

  10. يقول SOUAD:

    لهجة المغرب على اسبانيا تغيرت 180 درجة بعد ان كان يهدد و يتوعد اصبح يهادن و يستعطف و يتكلم عن حسن الجوار و المصالح المشتركة و لم يطالب هذه المرة بتغيير موقف اسبانيا من الصحراء الغربية الذي لم يتغير و بقي ثابتا .اذن الضجة التي افتعلها المغرب مع اسبانيا لم تغير من سياستها و مواقفها من الصحراء الغربية مثلها كان يشترط بوريطة من اسبانيا في عدة مناسبات انهزام جيوسياسي اخر للمغرب ورضوخ لي مطالب اسبانيا بي عودت كل قاصر مغربي من المدن الإسبانية كانت البداية فقط فخلال اسبوعين خط خطابين الاول يتودد الجزائر والتاني يتودد اسبانيا وغياب كبير لي الشعب المغربي في كلا الخطبتين وهو امر غريب وعجيب

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية