لندن – الجزائر – “القدس العربي”:
وجّه العاهل المغربي محمد السادس، خطاباً إلى الشعب بمناسبة العيد الوطني “ثورة الملك والشعب” طالب فيه شركاء المغرب التقليديين والجدد بموقف واضح من سيادة المغرب على الصحراء الغربية. ويقصد كلاً من فرنسا التي أصبح موقفها مبهماً من هذا الموضوع، كما يقصد إسرائيل التي تصنف بالشريك الجديد، لكنها تتردد في الاعتراف بمغربية الصحراء رغم مسلسل التطبيع.
ووجه الملك الخطاب ليلة السبت من الأسبوع الجاري، مباشرة بعد عودته من العاصمة باريس، وفق منابر إعلامية مغربية، التي يوجد فيها منذ بداية حزيران/ يونيو الماضي مع زيارات قصيرة للمغرب بمناسبة عيد الأضحى وعيد العرش، والآن عيد “ثورة الملك والشعب”.
وتمحور الخطاب حول الصحراء أساساً، وأبرز في هذا الصدد أن ملف الصحراء قد تحوّل إلى ترمومتر لقياس مستوى العلاقة، ويقول حرفياً: “إن ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وهو المعيار الواضح والبسيط، الذي يقيس به صدق الصداقات، ونجاعة الشراكات”.
واستعرض الملك موقف عدد من الدول التي تساند الموقف المغربي في النزاع. وإضافة إلى الدول العربية والأفريقية، ركز على دول غربية، مشيراً بالأساس إلى الولايات المتحدة وإسبانيا، وقال عنهما: “قد شكل الموقف الثابت للولايات المتحدة الأمريكية حافزاً حقيقياً، لا يتغير بتغير الإدارات، ولا يتأثر بالظرفيات. كما نثمن الموقف الواضح والمسؤول لجارتنا إسبانيا، التي تعرف جيداً أصل هذا النزاع وحقيقته. لقد أسس هذا الموقف الإيجابي لمرحلة جديدة من الشراكة المغربية الإسبانية، لا تتأثر بالظروف الإقليمية، ولا بالتطورات السياسية الداخلية”.
والمثير أن الملك استثنى من الخطاب أي إشارة إلى فرنسا، رغم أنها كانت هي المقصودة عندما طلب من الشركاء التقليديين موقفاً واضحاً، وقال في الخطاب: “لذا، ننتظر من بعض الدول، من شركاء المغرب التقليديين والجدد، التي تتبنى مواقف غير واضحة، بخصوص مغربية الصحراء، أن توضح مواقفها، وتراجع مضمونها بشكل لا يقبل التأويل”.
وعلاقة بالشركاء الجدد، فهو يعني إسرائيل مباشرة، إذ قام مسلسل التطبيع معها على ضرورة الاعتراف بمغربية الصحراء الغربية، إلا أن إسرائيل لم تتخذ أي موقف واضح حتى الآن. وكان ممثلها الدبلوماسي في المغرب ديفيد غوفرين قد صرح خلال تشرين الأول/أكتوبر الماضي في حوار مع وكالة إيفي الإسبانية، أن إسرائيل تؤيد مساعي الأمم المتحدة للبحث عن حل متفق عليه بين المغرب وجبهة البوليساريو، واستبعد الإشارة إلى الحكم الذاتي.
وعلاقة بفرنسا، وهي الدولة التي وقفت إلى جانب المغرب في الدفاع عن موقفه من الصحراء طيلة العقود الماضية، غير أنه طرأ تغير على موقفها خلال السنوات الأخيرة، فمن جهة، لم ترحب بموقف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عندما اعترف بسيادة المغرب على الصحراء، ومن جهة أخرى، يعتقد أنها حالت دون تبني الاتحاد الأوروبي موقفاً مكملاً لمبادرة ترامب خلال سنة 2021. وكان المغرب ينتظر منها الدفاع عن مصالحه في ملف الصحراء وسط المؤسسات الأوروبية.
ويأتي خطاب الملك أياماً قليلة قبل الزيارة التي سيقوم بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الجزائر، وهي أول زيارة رسمية له إلى شمال أفريقيا بعد ولايته الرئاسية الثانية.
ويوجد ترقب كبير في الرباط وعواصم الجوار، هل سيقبل ماكرون في البيان الختامي للزيارة “تأييد مساعي الأمم المتحدة في نزاع الصحراء” أم سيتجنب الإشارة إلى الملف.
ويعني تجنب الإشارة إلى نزاع الصحراء استمرار باريس في تأييد الحكم الذاتي. وكل إشارة إلى مساعي الأمم المتحدة يعني تغييراً لا يستهان به من طرف فرنسا في الملف.
وكانت الجزائر قد اشترطت على دول الجوار أن تطوير العلاقات يمر أساساً عبر موقف غير منحاز إلى الموقف المغربي في الصحراء.
وكانت جريدة “القدس العربي” قد نشرت مقالاً في هذا الصدد منذ أيام بعنوان “الجزائر تشترط تطوير العلاقات مع محيطها بالموقف من الصحراء…وترقب للبيان الختامي لزيارة ماكرون”.
وتمر العلاقات بين المغرب وفرنسا بأزمة حقيقية، إذ لا توجد زيارات وزارية منذ أكثر من سنة، ولم يتم أي اتصال بين الملك محمد السادس والرئيس الفرنسي منذ أكثر من سنة، رغم وجود الملك محمد السادس في باريس منذ حزيران/ يونيو الماضي.
ومما يزيد من تأزم العلاقات قرار باريس بتخفيض التأشيرات للمغاربة بشكل كبير مس حتى وزراء سابقين. وتضاف إلى كل هذا، أخبار تفيد بمغادرة سفيرة فرنسا المغرب خلال الأيام الماضية.
وتفيد المصادر الفرنسية بأن أصل الأزمة مع المغرب يعود إلى فرضية تجسس المغرب على الرئيس ماكرون، في حين ينسب المغرب ذلك إلى قلق باريس من الاستثمارات المغربية في أفريقيا الفرنكفونية.
جمعية العلماء المسلمين الجزائريين تجمّد نشاطها في الاتحاد العالمي احتجاجاً على الريسوني
من جهة أخرى، أعلنت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين تجميد نشاطها في الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين احتجاجاً على تصريحات رئيسه أحمد الريسوني الأخيرة، وعدم تقديمه اعتذاراً صريحاً عنها.
وذكر عبد الرزاق قسوم رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، في تصريحات للإذاعة الجزائر، أنه تقرر تجميد نشاط الجمعية في الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين، مشترطاً للعودة تقديم اعتذار صريح ودقيق من رئيسها أحمد الريسوني أو استقالته من منصبه. وطالب قسوم من كل العلماء المسلمين المنضوين في الاتحاد، تبني قرار جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ودعمه والحذو حذوها في المطالبة بتنحية الريسوني من منصبه.
ويأتي هذا القرار من الجمعية الجزائرية التي تتمثل فكر الراحل عبد الحميد بن باديس مؤسسها، عقب التوضيح الذي نشره أحمد الريسوني على موقع الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين، والذي شرح فيه ما يقصده بتصريحات مثيرة للجدل حول الزحف لتندوف الجزائرية، والإشارة إلى أن وجود موريتانيا “غلط” على حد قوله. ورأى كثيرون في الجزائر أن توضيحات الريسوني كانت استغلالاً آخر لمنبر الاتحاد العالمي من أجل تمرير النظرة المغربية للصراع في الصحراء الغربية، عدا كونها لم تتضمن أي اعتذار للجزائر وموريتانيا، مثلما وعد بذلك الأمين العام للاتحاد علي محيي الدين القرة داغي.
وينخرط عدد كبير من أعضاء جمعية العلماء المسلمين الجزائريين بالاتحاد العالمي، بحكم التقارب الفكري ضمن إطار ما تعرف بمدرسة الوسطية والاعتدال. كما يعد عبد الرزاق قسوم ضمن أعضاء أمانة الاتحاد. وسبق للأمين العام للاتحاد القرة داغي أن وجه اعتذاراً للشعب الجزائري، معتبراً أن ما صدر عن الريسوني لا يلزمه إلا وحده ولا يمثل الاتحاد. وأشار في تصريحات للقناة الدولية الجزائرية، إلى أن كل مواقف الاتحاد تتخذ بالتوافق بين الرئيس والأمين العام ولا يجوز للرئيس أن ينفرد بقرار. كما أبدى القرة داغي تحفظه على تصريحات الريسوني، قائلاً إن تناقض مواثيق الاتحاد الداعية لتجنب ما يثير الفتنة بين المسلمين.
وكانت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين قد هاجمت بشدة الريسوني عند ظهور تصريحاته. وقال قسوم، إن دعوة الريسوني للجهاد ضد الجزائر هي مخالفة شرعية صريحة لمفهوم الجهاد في الإسلام، والذي يكون ضد الكفار والمشركين وليس ضد شعب مسلم.
فرنسا تؤيد الحكم الذاتي و اسرائيل كذلك إلا ان علاقة المغرب مع اسرائيل هي علاقة استثنائية ليست كباقي الدول العربية و الإسلامية