الجزائر- “القدس العربي”:
دخلت الجزائر رسميا في أجواء الانتخابات الرئاسية، بإعلان الرئيس عبد المجيد تبون عن استدعاء الهيئة الناخبة، وهو إجراء يعني البدء في تحضير الموعد الانتخابي من كل جوانبه السياسية واللوجستية، في وقت ينتظر أن يبدأ المرشحون الجادون عملية جمع التوقيعات المضنية.
وفي مرسوم وقعه الرئيس عبد المجيد تبون، أعلن يوم السبت، عن استدعاء الهيئة الناخبة لإجراء انتخابات رئاسية مسبقة يوم السبت 7 أيلول/سبتمبر 2024، حسبما أفاد به بيان لرئاسة الجمهورية. وتضمن نفس المرسوم الرئاسي، الشروع في المراجعة الاستثنائية للقوائم الانتخابية، ابتداء من يوم الأربعاء 12 حزيران/يونيو سنة 2024، على أن تختتم يوم الخميس 27 من نفس الشهر 2024، يضيف ذات المصدر.
ومن الناحية القانونية، تشرف على عملية المراجعة الاستثنائية للقوائم الانتخابية، السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات التي تقع على عاتقها مسؤولية إعداد وحفظ “بطاقية وطنية للهيئة الناخبة، تتشكل من مجموع القوائم الانتخابية للبلديات والمراكز الدبلوماسية والقنصلية في الخارج، تضبط طبقا للتشريع الساري المفعول” وفقا للمادة 53 من القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات.
وتشير ذات المادة إلى أن السلطة المستقلة تسهر على مراجعة القوائم الانتخابية بصفة دورية وبمناسبة كل استحقاق انتخابي أو استفتائي، وتتم عملية المراجعة من طرف لجان يتم تنصيبها على مستوى البلديات وعلى مستوى كل الدوائر الدبلوماسية والقنصلية تعمل تحت إشراف ومسؤولية السلطة المستقلة للانتخابات.
وفي تصريح له، قال رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، محمد شرفي، إن هيئته تسعى لتعبئة كافة الوسائل البشرية والمادية من أجل التحضير الجيد لرئاسيات 7 أيلول/سبتمبر المقبل، من خلال “كيفية الأداء والتحسيس وشرح وأخذ التدابير التنظيمية والقانونية وتكييفها مع قوانين الواقع الجديد”.
ينتظر أن ترتفع أعداد الهيئة الناخبة لتقترب من 25 مليون ناخب. وكان التعداد في انتخابات 2021، الخاصة بأعضاء المجالس الشعبية البلدية والولائية، قد بلغ 23.7 مليون ناخب.
وينتظر أن ترتفع أعداد الهيئة الناخبة لتقترب من 25 مليون ناخب. وكان التعداد في انتخابات 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2021، الخاصة بأعضاء المجالس الشعبية البلدية والولائية، قد بلغ 23.7 مليون ناخب.
وبموازاة ذلك، أعلنت السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، أن عملية سحب استمارات اكتتاب التوقيعات الفردية لصالح الراغبين في الترشح للانتخابات الرئاسية انطلقت من تاريخ يوم السبت.
ويمكن للراغبين في الترشح أو من يمثلهم إما التقدم مباشرة إلى مقر السلطة المستقلة مرفقين بالوثائق الإثباتية مع دفع كفالة تقدر بمائتين وخمسين ألف (250.000 دج) دينار جزائري، لدى مصالح الخزينة العمومية المتواجدة عبر كامل التراب الوطني”.
والإعلان عن الترشح في الجزائر، كنا هو معلوم ما هو إلا إبداء نية أولي، إذ يتطلب دخول السباق الانتخابي، جمع خمسين ألف توقيع فردي، عبر 29 ولاية، على الأقل. وينبغي ألا يقل العدد الأدنى من التوقيعات المطلوبة في كل ولاية من الولايات المقصودة عن ألف ومائتي توقيع، وهو تحد كبير على المرشح تحقيقه.
ومن الجانب السياسي، يتوقع في الأيام المقبلة ان يعلن الرئيس عبد المجيد تبون ترشحه لولاية رئاسية ثانية. وتتوالى المطالبات بترشحه من لدن كبرى الأحزاب السياسية مثل جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي وجبهة المستقبل، فيما أعلنت 10 أحزاب أخرى دعمها له. ويقود عبد القادر بن قرينة رئيس حركة البناء الوطني حملة دعائية مكثفة لصالحه.
وكانت حركة مجتمع السلم الحزب الإسلامي الاكبر قد قررت ترشيح رئيسها عبد العالي حساني شريف الذي أكد أن “هذه الانتخابات يجب أن تكون فرصة لمعالجة المظاهر السلبية لاستعادة ثقة المواطنين في العملية الانتخابية ولتعزيز الوحدة الوطنية من أجل مواجهة الإكراهات الأجنبية”.
كما حسمت جبهة القوى الاشتراكية التي تعتبر أقدم حزب معارض في البلاد، خيارها لصالح قرار المشاركة في الانتخابات الرئاسية مع تقديم أمينها يوسف أوشيش مرشحا عنها.
ويعد قرار القوى الاشتراكية بالمشاركة، تاريخيا من حيث طبيعة مواقف هذا الحزب الذي كان يتبنى خيارات راديكالية من السلطة وأصبح يتقاسم معها في الفترة الأخيرة الكثير من المواقف المتعلقة بالتهديدات الخارجية والحفاظ على السيادة الوطنية. وكانت المرة الوحيدة التي شارك فيها الحزب في الرئاسيات سنة 1999 من خلال زعيمه الراحل حسين آيت أحمد قبل أن ينسحب من تلك الانتخابات ع باقي المرشحين الستة في مواجهة عبد العزيز بوتفليقة.
وفي سباق الترشح، يظهر اسم زعيمة حزب العمال لويزة حنون التي أعلنت رسميا دخولها الانتخابات للمرة الرابعة بعد سنوات سنوات 2004 و2009 و2014. وفي تبرير خيار المشاركة، ذكر حزب العمال الذي يصنف أيديولوجيا في أقصى اليسار، أنه “لا يمكن أن يبقى متفرجا أو يكتفي بالتعليق على التطورات والقضايا الوطنية والدولية والإقليمية، بل من واجبه تحمّل مسؤوليته كاملة وبصفة فعلية في التصدّي بصفة لا مشروطة لكل المناورات الخبيثة والعدوانية”.
وحنون هي ثاني سيدة تعلن ترشحها بعد زبيدة عسول رئيسة حزب الاتحاد من أجل الرقي والتغيير. ولدى هذه القاضية السابقة، توجهات أيديولوجية قريبة من الفكر الليبرالي في الاقتصاد والعلماني فيما يخص مشروع المجتمع، وسبق لها أن كانت من مؤسسي تكتل البديل الديمقراطي خلال فترة الحراك الشعبي، والذي طالب بتسبيق كتابة الدستور على الانتخابات الرئاسية، لكن السلطة في ذلك الوقت مضت في اتجاه معاكس تماما. وبدأ الحضور السياسي لعسول في سنوات التسعينات، حيث كانت عضوا في المجلس الوطني الانتقالي الذي نصبته السلطة عقب إلغاء المسار الانتخابي بعد فوز الجبهة الإسلامية للإنقاذ بأغلبية مقاعد البرلمان في الدور الأول من الانتخابات.
وكان بلقاسم ساحلي كاتب الدولة السابق للجالية في الجزائر، بدوره قد أعلن عن ترشحه للانتخابات الرئاسية، بوصفه ممثلا عن “تكتل أحزاب الاستقرار والإصلاح” المنشئ حديثا، والذي يسعى وفق ما قال لتحقيق “تحوّل جيلي يسمح بتمكين الأجيال الصاعدة من الاضطلاع بدورها في تسيير الشأن العام، وتحوّل سياسي يؤسّس لنمط حوكمة جديد مبني على الشرعية الديمقراطية والكفاءة والالتزام، وتحوّل اقتصادي يحقّق التنوّع وخلق الثروة”.
وساحلي هو من الوجوه السياسية التي برزت في فترة الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة الذي عينه لفترة قصيرة في الحكومة، وكان من بين داعميه في العهدة الخامسة التي أحبطها الحراك الشعبي سنة 2019. وظهر مؤخرا بخطاب مغاير يمتاز بنقد التضييق على الحياة السياسية والإعلامية والدعوة للإفراج عن معتقلي الحراك والمطالبة بتكريس الحريات وعدم تهميش الأحزاب السياسية لصالح منظمات المجتمع المدني.