بغداد ‘القدس العربي’ تنتاب العراقيين مشاعر القلق والخشية من احتمالات التلاعب في نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة التي جرت في الثلاثين من نيسان/ ابريل الماضي وسط تحذيرات من القوى السياسية المشاركة بوجود الكثير من المخالفات والتجاوزات.
ومن خلال لقاءات ‘القدس العربي’ مع المواطنين من مختلف الشرائح، عبر الكثير منهم عن استغرابه من أخذ مفوضية الانتخابات وقتا أطول بكثير من المطلوب في فرز وإحصاء استمارات الانتخابات.
وذكر عامر سعدي الجنابي، الذي عمل مراقبا لأحد الأحزاب في الانتخابات الأخيرة أن الانتخابات في جميع دول العالم يتم الاعلان عنها مباشرة بعد الانتهاء من التصويت ولكنها في العراق تستغرق أكثر من شهر مما يخلق مشاعر الريبة والشك بعدم الشفافية واحتمالات التلاعب بالنتائج.
وأشار الجنابي أنه وزملاءه الآخرين من المراقبين شخصوا العديد من الانتهاكات خلال التصويت في الانتخابات الأخيرة، ومنها دخول عناصر عسكرية أو حزبية متنفذة في السلطة الى مراكز الاقتراع أو منع مراقبي الأحزاب من التواجد في بعض المراكز وفي طريقة نقل صناديق الاقتراع من قبل الأجهزة الأمنية ووجود آلاف الاشخاص ممن يحملون أكثر من بطاقة انتخابية ووجود موظفين في المراكز الانتخابية مرتبطين بأحزاب كبيرة وغيرها من المخالفات.
وأوضح الجنابي أن قانون الانتخابات فيه ثغرات كثيرة ومنها منح المفوضية فترات طويلة قبل الاعلان عن نتائج الانتخابات لمراجعة العد والفرز للاستمارات في أكثر من مكان، حيث تنقل من المحافظات الى المركز، كما منحها القانون فترة طويلة للنظر في الاعتراضات وهذه الاجراءات تستغرق وقتا طويلا يتيح لبعض الأحزاب المتحكمة بالسلطة ان تتدخل وان تمارس ضغوطها على المفوضية.
وفي مقهى الشابندر في شارع المتنبي ببغداد، حيث يلتقي المثقفون والادباء والسياسيون، عبر حامد العاني الموظف المتقاعد عن استغرابه لطول فترة الاعلان عن نتائج التصويت التي تقارب الشهر رغم ان مراكز الاقتراع تعلن النتائج في نفس اليوم ويتم ابلاغ ممثلي الأحزاب بها. وأشار العاني، أن جميع تجارب الانتخابات في العراق بعد 2003 كشفت عن وجود كم هائل من التجاوزات والمخالفات في سير العملية الانتخابية ولكن في النهاية يتم اهمال معظمها من قبل مفوضية الانتخابات فلماذا هذه الإطالة وإضاعة الوقت حسب قوله؟
أما عادل قيس، فيذكر أن سرعة الإعلان عن نتائج الانتخابات هي من مؤشرات الشفافية والنزاهة، وهو السياق المعمول به في معظم دول العالم خاصة وأن الإمكانيات متوفرة لدى مفوضية الانتخابات من كادر وأجهزة وإمكانية الاستعانة بخبرات عالمية. وأكد السيد قيس أن تأخير الإعلان عن نتائج الانتخابات غير مبرر ولا يمكن ان يفسر الا إنه فرصة للتلاعب بالنتائج، خاصة وأن الأخبار ترد بوجود موظفين كبار في مراكز ادخال المعلومات الى الحاسبات في المفوضية ممن لديهم علاقات بشكل أو آخر مع أحزاب السلطة في العاصمة والمحافظات.
وذكر مصلح العبيدي الاستاذ في جامعة بغداد، أن أهله في كركوك ابلغوه بوجود الكثير من التجاوزات في محافظة كركوك وخاصة في المناطق العربية والتركمانية نتيجة تحكم الأحزاب الكردية بمفوضية الانتخابات هناك مما دفع المكون العربي الى مطالبة المفوضية في المركز بنقل صناديق الاقتراع الى بغداد وهو ما جرى بالفعل مما جعل إعادة العد والفرز يأخذ وقتا أطول. ولكن العبيدي مع هذا يؤكد، أن المفوضية يفترض بها ان توفر الكادر والامكانيات الفنية اللازمة للاعلان عن النتائج بوقت أسرع لأن الاطالة تزيد الشكوك بحصول التلاعب نظرا لضعف الثقة بين المواطنين والأحزاب المتحكمة بالسلطة التي تتمسك بها بكل الوسائل كما رأينا.
وكانت بعض القوى السياسية شكت من طول فترة الاعلان عن نتائج الانتخابات، ومنها مطالبة النائب حيدر الملا بمحاسبة مفوضية الانتخابات وفتح ملفاتها بسبب تأخير الاعلان عن نتائج الانتخابات. حيث تعتبر مسألة تأخير الاعلان عن نتائج الانتخابات في العراق احدى المشاكل المتكررة التي تعزز ضعف الثقة والخلل في الشفافية في العملية الانتخابية، وهو ما عبرت عنه نسبة المشاركة في الانتخابات التي بلغت 60′ فقط.
مصطفى العبيدي