سبق للصدر أن أعلن تأييده استمرار الكاظمي وصالح في منصبيهما، لحين إجراء انتخابات مبكّرة، تعقبّ حلّ البرلمان وهو ما يرفضه قادة «الإطار» وبالتحديد المالكي.
بغداد ـ «القدس العربي»: انتهت أمس السبت، المهلة التي وضعها «الإطار التنسيقي» الشيعي، لاستئناف مفاوضات تشكيل الحكومة الجديدة، التي يسعى من خلالها تمرير مرشحه النائب محمد شياع السوداني، لرئاسة الوزراء، رغم رفض زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، تأليف الحكومة الجديدة وفقاً لمبدأ «التوافق» أو المحاصصة، على عكس خصومه.
وسبق «للإطار الشيعي» أن أجّل البحث في قضية عودة البرلمان إلى الانعقاد، واستكمال الاستحقاقات الدستورية المتمثلة باختيار رئيس الجمهورية والوزراء، إلى ما بعد زيارة الأربعين.
وقطع قرار المحكمة الاتحادية الأخير القاضي بعدم صلاحيتها حلّ البرلمان- وهو مطلب الصدر- أمام الأخير في المضي بمشروعه، وما عزّز ذلك موقف حلفاءه في «التحالف الثلاثي» المؤيد لالتئام مجلس النواب من جديد، وتشكيل حكومة كاملة الصلاحيات، كشرط أساسي للبحث في إمكانية حلّ البرلمان وإجراء انتخابات جديدة.
ويقول المحلل السياسي العراقي، واثق الجابري لـ«القدس العربي» إن «المشهد السياسي العراقي ما يزال معقداً، لكن هذا لا ينفي وجود طرق للحلول، خصوصاً بعد قرار المحكمة الاتحادية الأخير» مبيناً إن الحلول تتركز بـ«عودة البرلمان والتزام النواب بواجباتهم التي أنيطت بهم بكونهم ممثلي الشعب وليسوا ممثلي الأحزاب».
وبشأن مطالبة التيار الصدري وبعض القوى الناشئة بحلّ البرلمان، يرى الجابري أنها «تتم عبر التفاهمات التي ما يزال التيار الصدري رافضاً لها» موضحاً أن حلّ البرلمان يمكن عقب «عودة المؤسسات الدستورية لأداء مهامها، من خلال انتخاب حكومة وإقرار قانون جديد للانتخابات وتغيير أعضاء المفوضية، ومن ثم التفكير بخطوات إجراء انتخابات مبكرة. هذا في حال موافقة كل القوى السياسية التي ما يزال بعضها لم يعلن رسمياً موقفه».
وأضاف: «هناك قوى سياسية كردية وسنّية لا تريد إجراء انتخابات مبكّرة، فهي ترى أن المشكلة بين التيار الصدري والإطار التنسيقي» مشيراً إلى موقف رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود بارزاني، المؤيد لإجراء انتخابات مبكّرة «شريطة أن تكون في وضع سياسي مستقر» وهو ما يراه الجابري بأنه «ليس متوفراً الآن».
وأوضح أن «جميع تلك الخيارات يمكن أن تُطرح من خلال عودة المؤسسات واستئناف الحوار بين القوى السياسية» معتبراً في الوقت عيّنه أن «مطالب التيار الصدري في قطع الطريق أمام تشكيل الحكومة، لن تجدي نفعاً، في ظل وجود اجماع وطني وضغط وإجماع دولي على ضرورة استقرار العملية السياسية في العراق، وضرورة تبنّي الحوار والعودة إلى المؤسسات».
ورأى الجابري أن طروحات الصدر «التي عبّر عنها من خلال صالح محمد العراقي (وزير القائد) تبيّن أنه يريد الإبقاء على حكومة الكاظمي» معتبراً أن الأخير «هو المستفيد من هذه الأحداث، ويحاول البقاء في المنصب لأطول فترة ممكنة» مبيناً أن الكاظمي يرى أن «بقاءه في المنصب أو الإشراف على الانتخابات المقبلة قد يؤهله أن يكون رقماً في العملية السياسية وحليفاً أساسياً للتيار الصدري، للحصول على أكبر عدد من المقاعد وتشكيل تحالف جديد».
وقال: «كيف يمكن أن تكون الانتخابات المبكّرة حلّاً إذا تم إجراؤها بنفس القانون والآلية؟».
وسبق للصدر أن أعلن تأييده استمرار مصطفى الكاظمي وبرهم صالح في منصبيهما، لحين إجراء انتخابات مبكّرة، تعقبّ حلّ البرلمان نفسه، وهو ما يرفضه بـ«شدّة» قادة «الإطار» وبالتحديد ائتلاف «دولة القانون» بزعامة المالكي.
آخر المواقف الائتلاف بهذا الشأن، ورد على لسان النائب محمد الصيهود، الذي اتهم الكاظمي بالمراهنة على «تمزيق وحدة الصف الوطني والمجتمعي لإرضاء قوى دولية وإقليمية ومحلية لا تريد الاستقرار للعراق وشعبه» حسب رأيه.
وأضاف في بيان صحافي، إن تركة حكومة تصريف الأعمال مصطفى الكاظمي كبيرة وكثيرة وفي جميع المجالات، وأخطرها الانقسام المجتمعي الخطير الذي راهن عليه وعمل من أجل تعميقه بكل الوسائل، وحاول جاهدا وبكل الطرق إرضاء قوى دولية وإقليمية واُخرى محلية على حساب العراق والشعب العراقي لغرض إعادة تدويره، فيما تجاوز صلاحيات حكومة تصريف الأعمال في توقيع عقود واتفاقيات لا تخدم العراق بقدر ما ترضي الأطراف الدولية والإقليمية».
إلى ذلك، ألقى النائب المستقل باسم خشان، باللائمة على التيار الصدري بشأن أزمة تشكيل الحكومة، كاشفا عن مبادرة كان يمكن ان تكون ناجعة حال موافقة الصدر عليها.
وقال خشان في «تدوينة» له، إن «طمع الصدر بكل مناصب الشيعة، وطمع الحلبوسي والخنجر (حلفاء الصدر في التحالف الثلاثي) بكل مناصب السنة، كان هو الحاجز الذي قطع الطريق إلى تشكيل الحكومة التي كان الصدر يسعى إلى تشكيلها».
وأضاف: «كان هذا الطمع من أهم أسباب عجز الصدر عن إقناع ثمانية عشر نائبا من أصل 137 نائبا قاطعوا جلسة انتخاب الرئيس، فقد امتنع الصدر عن التفاوض مع المستقلين، بينما كان يتفاوض مع قوى الإطار ويعد بعضها بحصص ونصيب من غنائم الاتفاق الثلاثي، وكان يظن أن ركوب المستقلين معه تحصيل حاصل، لأن أغلبهم كان على (الحياد الصفري) ولم يفكر الصدر في التفاوض مع المستقلين إلا بعد عجزه عن تحقيق نصاب الثلثين».
وأشار إلى أنه «بعد أن أعلن الإطار قبوله بحكومة تتشكل برئاسة مستقل لكي يقطع الطريق أمام عرض أدنى من الصدر يغري النواب المستقلين الطامعين بالمناصب، فعرض الصدر على النواب المستقلين منصب رئيس الوزراء بشرط توقيع 40 نائبا مستقلا على الانضمام إلى تحالف انقاذ وطن (الثلاثي) ليشكل الصدر الحكومة وفقا لشروطه التي سيعلنها بعد قبول عرضه، الذي رفضه النواب المستقلون، وتمسكوا بتشكيل كتلة نيابية تدعو القوى السياسية إلى الانضمام إليها لتكون الكتلة النيابية الأكثر عددا، فتتولى تشكيل حكومة برئاسة مستقل، دون ضغوط وإملاءات من الكتل والأحزاب السياسية».
ومضى النائب المستقل قائلاً: «لو كنت مكان الصدر لوافقت على هذه المبادرة قبل انسحابي من مجلس النواب حتى إذا توجهت إرادتي إلى الاستقالة، فأكمل بذلك نصاب الثلثين لتتشكل حكومة مستقلة وفقا لمبادرة المستقلين، ليكون الأمر كله بيدهم، فاقصي بذلك خصومي من المشهد السياسي برمته ثم استقيل بعد ذلك، فلا يبقى لقوى الإطار غير التوجه إلى المعارضة، لكن الصدر اختار أن يستقيل ليجعل يد خصومه فوق أيدي المستقلين وحلفاءه، ليكون الصدر هو السبب الوحيد لتشكيل حكومة يقودها الإطار وحلفاؤه».
وتتفق أغلب القوى السياسية العراقية، على ضرورة أخذ مباركة الصدر قبل أي خطّوة تهدف إلى تشكيل حكومة جديدة.
ويؤكد عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني، وفاء محمد، أهمية عودة التيار الصدري إلى طاولة المفاوضات السياسية قبل الخوض بالحديث عن انعقاد جلسات البرلمان.
وذكر محمد في تصريحات لمواقع إخبارية محلّية، أنهم «بالمراحل الأولية لتشكيل لجنة مع تحالف السيادة للذهاب إلى الحنانة، مقر إقامة زعيم التيار الصدري، لمحاولة إقناع التيار بالعودة إلى طاولة المفاوضات السياسية».
وبيّن إنه «في حال عقدت جلسة برلمانية فعلى الإطار التنسيقي تلبية مطالب التحالف الثنائي (الحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف السيادة) بشكل موحد، وحال قبول الإطار تنفيذ تلك المطالب بوجود ضمانات فإن التحالف الثنائي سيقبل الدخول لأي جلسة برلمانية، وبخلاف ذلك لن يحصل الإطار التنسيقي على نصاب 220 نائبا لعقد جلسة انتخاب رئاسة الجمهورية».
ورغم إن محمد عدّ مطالب حزبه وتحالف «السيادة» السنّي، بأنها «دستورية وواضحة» لكنه اعتبرها «أمرا ثانويا قياسا بأهمية قبول التيار بعودته إلى المفاوضات».