بغداد ـ «القدس العربي»: حفل المشهد العراقي هذه الأيام بالمزيد من التطورات كان أبرزها، أول اتصال هاتفي بين رئيس الوزراء العراقي والرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب، الذي ركز على أهم موضوعين بين البلدين في الوقت الحاضر، وهما تطورات التعاون لمواجهة الإرهاب وخاصة في معركة تحرير الموصل، اضافة إلى قضية الغاء شمول العراقيين بقرار منع السفر إلى الولايات المتحدة.
ودعا العبادي إلى أهمية مراجعة قرار منع العراقيين من السفر إلى الولايات المتحدة لكون البلدان يتعاونان في محاربة الإرهاب، حيث أكد الرئيس الأمريكي استمرار دعم بلاده للعراق في مواجهة تنظيم «الدولة»، مع وعده بالتنسيق لايجاد حل لموضوع منع السفر باقرب وقت. وهذا الأمر متوقع من خلال الاستثناءات العديدة التي صدرت على القرار الذي يؤكد ان الإدارة الأمريكية الجديدة اوقعت نفسها في ورطة نتيجة اصدار قرارات عاجلة غير محسوبة بدقة.
ومن جهة أخرى، وفي مؤشر على شراسة الصراع السياسي بين القوى السياسية العراقية، أكد العبادي خلال ترؤسه اجتماع الهيئة العليا للتنسيق بين المحافظات، ان «الخلافات السياسية يجب ان لا تؤثر على العمل وعلى الانجاز، فليس من المعقول ان يقضي البعض السنوات الاربع من الدورة الانتخابية بالصراعات ويترك العمل».
وحذر العبادي من «الجماعات التي تحاول استغلال انشغال قواتنا في القتال بزعزعة أمن المحافظات المستقرة»، مؤكدا اننا «سنتصدى لهم ونتخذ اجراءات رادعة بحقهم»، فيما أشار إلى «وجود مشروع مشبوه جدا وراءه أيادي خفية يقوم بالاغتيالات واثارة الخلافات، واثارة القضايا الكاذبة ومنها قضية خور عبد الله، بالتزامن مع انتصارات القوات الأمنية بتحرير الساحل الأيسر». وهذا الحديث اعتبره المراقبون أوضح دليل على شراسة الصراع بين القوى السياسية في ظل التحضيرات للانتخابات المقبلة، حيث كشف قادة كتلة القانون ان رئيسهم نوري المالكي هو رئيس الوزراء القادم الذي سيحكم باسلوب الأغلبية السياسية وليس التوافق المعمول به الآن، مما ينبئ باوضاع أكثر تأزما وتوترا للمرحلة المقبلة. وفي هذا الإطار، لوحظ حراك محموم من قبل المالكي لاحتواء الرموز الدينية السنية ضمن كتلته، من خلال الاجتماعات واللقاءات المتكررة مع رئيس الوقف السني عبد اللطيف الهميم والشيخ مهدي الصميدعي الساعي لمنصب الافتاء السني اضافة إلى خالد الملا وآخرين ممن أخذوا يتقربون من مواقف المالكي لتحقيق مصالح خاصة.
تحالفات جديدة
كما جاءت مشاركة ائتلاف العراقية بقيادة اياد علاوي والتيار المدني في التظاهرات التي نظمها التيار الصدري في بغداد للمطالبة بتغيير مفوضية الانتخابات وقانونها، لتعزز المعلومات عن تحالفات جديدة بين تلك الأطراف تمهيدا لخوض حرب الانتخابات المقبلة، وهو الأمر الذي لم ينفه أحد من قادة تلك القوى.
وتجددت هذه الأيام التظاهرات المطالبة بالغاء مفوضية الانتخابات التي شهدتها العاصمة العراقية، والتي جاءت تلبية لدعوة الزعيم الديني الشاب مقتدى الصدر، المتصدي للفساد والداعي للاصلاح وبمشاركة ائتلاف الوطنية بزعامة اياد علاوي، ليجدد الحراك الشعبي المطالب بالاصلاحات تزامنا مع مرور عام على اعتصام الصدر في خيمته مع اتباعه أمام المنطقة الخضراء التي يصر سكانها من حكام العراق، على التمسك بنهجهم في إدارة الدولة رغم اعترافهم بالأخطاء الجسيمة والانهيار الشامل الذي خيم على العراق منذ 2003.
وأكدت زيارة وفد التحالف الوطني الشيعي بزعامة عمار الحكيم إلى الإقليم، ولقاءاته بزعماء الأحزاب الكردية في اربيل والسليمانية المنقسمتين بخلافاتهما المستعصية، ان هدف قادة التحالف هو المحافظة على مواقعهم في السلطة عبر الترويج لما يسمى بـ»مشروع التسوية» واعادة الحياة إلى التحالف الشيعي الكردي القديم حتى ولو كان الثمن هو قبول استقلال الإقليم، حيث أعلن القادة الكرد في مؤتمر صحافي بحضور وفد التحالف الوطني، انهم طرحوا على الوفد وبشكل علني الانفصال عن العراق، وجرى الاتفاق على تشكيل وفود متبادلة لبحث الموضوع بجدية ضمن مساعي حل الخلافات بين بغداد والإقليم وترتيب أوضاع البلد لمرحلة ما بعد الانتهاء من تنظيم «الدولة».
وضمن السياق، واصلت الخلافات بين الأحزاب الكردية فرض نفسها على واقع الإقليم، رغم التحديات المصيرية التي تواجه أوضاع الإقليم وصعوبة الملفات المطروحة التي تتطلب الحد الأدنى من التوافقات والتنازلات، مثل الاستقلال وحق تقرير مصير كردستان والعلاقة بين الإقليم وبغداد والأزمة الاقتصادية التي تعصف بمواطني الإقليم، وسط تصاعد تبادل الاتهامات بين الأحزاب الكردية.
وعسكريا ما زال صراع النفوذ والسيطرة على المناطق والمدن بين القوى المحلية والإقليمية يخيم على ساحات القتال في محافظة نينوى، حيث قامت القوات الكردية (البيشمركة) بتشكيل قوة عربية تابعة لها في مناطق غرب الموصل بالقرب من مناطق التماس مع الجيش العراقي والحشد الشعبي، في الوقت الذي يصر فيه حزب العمال الكردي التركي على البقاء في مواقعه في سنجار، اضافة إلى وجود تشكيلات عسكرية عربية ومسيحية وتركمانية مختلفة التبعية والولاء، ما يعزز مخاوف اندلاع صراعات مسلحة بين القوى المتواجدة في مرحلة ما بعد تنظيم «الدولة».
مصطفى العبيدي