شكلت عودة السياسي العراقي د. رافع العيساوي إلى العراق، موجة جديدة من الصخب حول «استقلالية» القضاء العراقي، وحول موضوع تسييس هذا القضاء وعجزه عن الالتزام بمعايير المحاكمة العادلة. وكان العيساوي سببا رئيسيا في الحراك الجماهيري الذي بدأ في الجغرافية السنية في كانون الأول/ ديسمبر 2012، عندما داهمت قوة من وزارة الداخلية مكاتبه واعتقلت العشرات من أفراد حمايته، وقد كان، حينها، وزيرا للمالية في حكومة المالكي الثانية. وقد اضطر العيساوي إلى مغادرة العراق بعد توالي الاتهامات التي وجهت اليه بموجب المادة 4/ إرهاب، ليحكم عليه غيابيا لاحقا، في قضيتي إهدار مال عام، بالسجن لمدة 7 سنوات في كل منهما.
وقد كانت هذا الحادثة جزءا في سياق منهجي من استهداف الشخصيات السياسية السنية التي بدأها المالكي، بداية من ملاحقة عدنان الدليمي رئيس جبهة التوافق في العام 2010، مرورا بطارق الهاشمي نهاية العام 2011، ثم رافع العيساوي نهاية العام 2012، وأحمد العلواني نهاية العام 2013! وقد نجحت هذه الملاحقات، والاتهامات، والمحاكمات المسيسة، في تدجين الممثلين السنة بشكل كبير، من خلال معادلة الفساد مقابل التدجين، وهو ما جعلهم عاجزين بشكل كامل عن تمثيل مصالح جمهورهم.
وكان القضاء بطبيعة الحال، الأداة الرئيسية في هذا الاستهداف المنهجي، عبر الاستسهال المفرط في إصدار أوامر إلقاء القبض، وعبر عدم تقيدهم بالأطر الدستورية والقانونية لأماكن الاحتجاز، وعبر الأخذ بالتحقيقات التي تجريها الجهات الأمنية دون مراجعة، وعبر الأخذ بالاعترافات المنتزعة بالقوة وتحت التعذيب، أو من خلال عدم اعطاء الفرصة للمتهمين بالدفاع عن أنفسهم، والمحاكمات التي لا تلتزم بالإجراءات التي فرضها قانون أصول المحاكمات الجزائية، وبمعايير المحاكمة العادلة.
في التقرير الأخير الخاص بحقوق الإنسان (تشرين الثاني/ نوفمبر 2016) الذي تصدره بعثة الأمم المتحدة في العراق بشكل دوري، جاء ما نصه: «لا يزال مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان في البعثة، يشعر بالقلق لعدم وجود التزام ثابت بمعايير الإجراءات الأصولية ومعايير المحاكمة العادلة»! وجاء في موضع آخر: «يبقى امتثال القضاء بالإجراءات الأصولية الدولية والدستورية ومعايير المحاكمة العادلة تكتنفه المشاكل… ونادرا ما يحقق القضاة في الادعاءات بأن الاعترافات كانت قد انتزعت بالقوة او من خلال التعذيب وإساءة المعاملة، مفضلين الاعتراف بها كدليل ويأخذون بها لإدانة المتهمين»!
وجود «انتهاكات لمعايير المحاكمة العادلة» عرضت المتهمين إلى «غبن كبير». سواء من خلال عدم فعالية التمثيل القانوني، والافتقار للوقت الكافي والتسهيلات اللازمة للدفاع لإعداد دفاعه
في تقرير أخير للأمم المتحدة نشر في كانون الثاني/ يناير 2020، والذي استند إلى مراقبةٍ مستقلةٍ لـ 794 محاكمة لأفرادٍ متهمين بالانتماء لداعش، من 1 أيار/ مايو 2018 إلى 31 تشرين الأول/أكتوبر 2019، انتهى التقرير إلى وجود «انتهاكات لمعايير المحاكمة العادلة» عرضت المتهمين إلى «غبن كبير». سواء من خلال عدم فعالية التمثيل القانوني، والافتقار للوقت الكافي والتسهيلات اللازمة للدفاع لإعداد دفاعه (في 21 أيار/ مايو 2019، راقبت يونامي جلسة محاكمة في محكمة الكرخ ببغداد، حيث حكم على المتهم بالإعدام. وعينت المحكمة محامي الدفاع في يوم المحاكمة. ولم يقابل موكله أو يتمكن من الوصول إلى ملفات المحكمة قبل الجلسة وظل صامتاً أثناء المحاكمة!)، وامكانية الطعن المحدود بأدلة الإثبات، او من خلال الاستناد المفرط على الاعترافات مع وجود مزاعم متكررة بالتعرض للتعذيب وسوء المعاملة لا تتعامل معها المحكمة على نحو ملائم (في واقعة محاكمة المتهمين في جريمة سبايكر ثبتتها تقارير الأمم المتحدة رفض القاضي ادعاء 19 متهما بأنهم تعرضوا للتعذيب خلال الاستجواب، وادعى آخرون بأنهم أجبروا على الاعتراف او توقيع اعترافات مزورة، رفض القاضي هذه الادعاءات رفضا قاطعا! وعندما حاول أحد المتهمين أن يبين للقاضي آثار التعذيب «رفض القاضي التحقيق في الادعاء»! وعندما طعن المتهم نفسه بصحة التوقيع على اعترافه المزعوم «قام القاضي بتوبيخه مدعيا بأن شرف المهنة يمنع المحققين من تزوير هكذا وثيقة»)! والانتهاكات تحدث أيضا بسبب التعريف الفضفاض والمبهم للإرهاب والجرائم المرتبطة به، ومن خلال عدم التمييز بين من اشتركوا بأعمال العنف، والذين انضموا لداعش طالبين للنجاة بأنفسهم أو تحت الاكراه، والفشل في التمييز بين درجات المسؤولية الجرمية.
يؤكد مونتسكيو في كتابه «روح القوانين» الصادر عام 1748، على مبدأ الفصل بين السلطات الثلاثة: التشريعية، والتنفيذية، والقضائية. وضمان استقلالية كل منهما عن الأخرى، كون هذا الفصل يمثل الضمانة الحقيقية للحفاظ على استمرار أسس الدولة الحديثة، وضمان الحريات العامة، واحتكار أي من هذه السلطات للسلطة، يهدد بإحلال الاستبداد والطغيان محل القانون. وقد صار مبدأ الفصل هذا مقدمة ضرورية لنشأة الدولة الحديثة، وأحد أهم المبادئ الدستورية والأسس التي تقوم عليها النظم الديمقراطية الحديثة. هذا الفصل يعني التوزيع المتوازن للسلطة (Power) بين السلطات الثلاثة، وتفعيل الرقابة المتبادلة بينها: Power should be a check to power، ويتطلب ذلك، بداية، احترام كل سلطة لاختصاصاتها التي حددها الدستور. ورغم من إقرار قانون إدارة الدولة الموقت (2004)، ثم الدستور العراقي الدائم (2005)، لأول مرة في تاريخ العراق، مبدأ الفصل بين السلطات، أثبتت الممارسة العملية لإدارة الدولة في العراق فشلا ذريعا في إنفاذ هذا الفصل. تحديدا فيما يتعلق بالقضاء، سواء على مستوى المحكمة الاتحادية، او على مستوى مجلس القضاء الأعلى، فقد خضعت هاتان المؤسستان تحديدا لإرادة الفاعلين السياسيين الأقوى، الذين استخدموهما كأداتين طيعتين في صراعاتهم السياسية!
بالتأكيد سيثبت القضاء هذه المرة براءة الدكتور رافع العيساوي عن تهم الإرهاب الموجهة اليه، كما ستتم إعادة محاكمته في القضيتين التي حكم غيابيا عنهما، وسيثبت القضاء براءته أيضا، وسينتهي الصخب المثار. ولكن ذلك لن يغير من حقيقة طبيعة أزمة القضاء في العراق، التي لا يمكن فصلها عن أزمة الدولة ككل. وبالتالي من دون معالجات جذرية، وحقيقية، لأزمة الدولة في المقام الأول، سنبقى في الحلقة المفرغة التي لن تنتج سوى الخراب!
كاتب عراقي
القضاء بالعراق كان مستقلاً بأيام الملكية! بعد الإنقلابات العسكرية والإحتلال إختفت هذه الإستقلالية!!
أجمل ما في مقالة (يحيى الكبيسي) التي نشرتها جريدة القدس العربي تحت عنوان (العراق: القضاء وأزمة الدولة مرة أخرى) هي (وقد نجحت هذه الملاحقات، والاتهامات، والمحاكمات المسيسة، في تدجين الممثلين السنة بشكل كبير، من خلال معادلة الفساد مقابل التدجين، وهو ما جعلهم عاجزين بشكل كامل عن تمثيل مصالح جمهورهم.)،
لأنها تمثل خلاصة مأساة العملية السياسية بعد 9/4/2003، وسبب الفساد أو التقصير أو سوء الخدمات، حتى الآن في 2020،
الآن هناك فرصة حقيقية للإصلاح، بعد توفير المال، من الأمم المتحدة لوزارة التخطيط،
البداية من تنفيذ مشروع أتمتة تعداد وزارة التخطيط،
لأن بدون تعداد لا يمكن، تحديد حصة كل مُكوّن، في التوظيف أو في الميزانية في كل محافظة أو وزارة، لو كان المطلوب محاصصة منصفة،
وليس منحازة تظلم أي مكوّن أو طائفة ودين، كما حصل بعد 9/4/2003،
التي لم تَسمَع عِنداً أو كَيداً لنصيحة (د حارث الضاري) وهيئة علماء المسلمين، بضرورة عمل إعداد عملية تعداد قبل أن يستلم (بريمر) أي سلطة من الأمم المتحدة، سبحان الله.
رافع العيساوي انسان انتهازي حاله حال بقية من ادعى انه يمثل العرب السنة (بل اكثر) بعد 2003..ولو لم يكن كلامي صحيح لما بقي العيساوي يوم واحد بعد كل هذا التنكيل الذي حصل للعرب السنة في العراق ،…او على الاقل لترك منصبه بعد ان تم اتهام حارث الضاري ، او طارق الهاشمي ، او الديني ، او عدنان الدليمي ، وغيرهم وغيرهم…استمر مع المالكي يبجل به وينعته با استاذ نوري ،….وعندما جاء دور حساب رافع العيساوي…عمل فيها وطني وهيج العرب السنة في محافظة الانبار مستغلا ثقل عشيرته ومنصبه السابق وجور الحكومة اتجاه العرب السنة…وكان العيساوي سببا في خراب مدن العرب السنة وضياع الكثير الكثير من عوائلهم…من يسمع عن قصة اغتصاب النساء في سجون مابعد 2003، لن يكون بمقدوره الجلوس مع من جاء بعد 2003…اما من يسمع بعبير الجنابي واغتصابها وحرقها مع والديها، فسيفضل ان تقطع يداه على ان يضعها بيد الامريكان… رافع العيساوي يعرف كل ذلك ومع ذلك فهو مستعد ان يفعل كل شيء من اجل كرسي في السلطة؟؟ مع الاسف!!
نعم ياستاذ يحى ، رافع العيساوي طبيب عظام وليس سياسي، وبعد ان قضى ماقضى في السلطة. بعد 2003 وبعد وصول النار لطارف ثوبه (لدشداشته)، جمع اهل الانبار وبدا بالزعيق: اين تاخذ العراق يانوري المالكي، اين تاخذ العراق يارئيس الوزراء وهيج العالم ، …وكانه لم يكن كل هذه السنين التي تلت احتلال العراق مع نوري المالكي ومن دار في فلكه!!ضاعت مدن ومحافظات العرب السنة وضاع مستقبل ابنائها، بينما رافع العيساوي ترك العراق و فتح في دولة عربية شركة سماها شركة المستقبل ليضمن مستقبل ابنائه ، وطز بالمدن السنية؟ رافع العيساوي ، وعندما كان وزيرا للمالية زاره صباحا وزير مع برلماني ، فارسل لهم على حساب الجياع في العراق الجديد فطور (ريوك) ، قيميته قريب من الخمسة وعشرون الف دولار (نعم استاذ يحيى)، هذا لو كنت مكانه (او اي عراقي يهتم لمصلحة العراقيين) وزارني وزراء العراق كلهم…كان قدمتلهم كليجة (من البيت) ووياه شاي…وتفضلوا هذا ريوككم.!!…السراق الذي جائونا بعد 2003، في مركب واحد، لكن من تصير بينهم مشاكل: غراب يقول لغراب وجهك اسود..مع تحياتي لسعة صدرك استاذ يحي.