بغداد ـ «القدس العربي»: يواجه رئيس الوزراء العراقي الجديد، مصطفى الكاظمي، تحدي تجدد الاحتجاجات الشعبية في العاصمة العراقية بغداد، ومحافظات البلاد الوسطى والجنوبية، رفضاً لاستمرار منهاج المحاصصة، وسطّوة الأحزاب السياسية المتحكمة في جميع مفاصل الدولة العراقية، الأمر الذي يحتّم عليه اتخاذ قرارات سريعة من شأنها تهدئة الشارع الذي بدأت بوادر غليانه.
ومنذ تشكيل الحكومة الجديدة، فجر الأربعاء، جدد العشرات من الشباب في ساحة التحرير، وسط العاصمة بغداد، ومُقترباتها، بالإضافة إلى بعض محافظات الجنوب، احتجاجاتهم، مجددين إحياء مطلبهم الأساسي بـ«إسقاط النظام».
وبينما ينشغل الكاظمي بتلقي برقيات التهنئة، والردّ على الاتصالات الهاتفية من قادة وزعماء ومسؤولين عرب وأجانب، يخطط المتظاهرون لإعادة إحياء حراكهم الاحتجاجي شبه المتوقف منذ تفشي وباء كورونا وإجراءات حظر التجوال، فضلاً عن فرض أتباع التيار الصدري سيطرتهم على ساحة التحرير، مركز الحراك الاحتجاجي في العاصمة بغداد، قبل ثلاثة أشهر مضت.
ويتواصل الناشطون وتنسيقات ساحات الاحتجاج، لاسيما في ذي قار وواسط والديوانية، عبر موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، حالياً، لتنظيم تظاهرة «مليونية» في العاصمة بغداد ومحافظات البلاد الأخرى التي شهدت حراكاً احتجاجياً، تحت شعار «مليونية أخذ الحقوق وعودة الثورة».
وحسب الصفحات والمواقع المناصرة لتجدد الحراك الاحتجاجي، فإن التظاهرة المرتقبة من المقرر لها أن تنطلق غداً (10 أيار/ مايو الجاري).
وكتبت صفحة «التنسيقية الوطنية العراقية» منشوراً أمس، على صفحتها في فيسبوك جاء فيه: «إكسروا القيود وانتفضوا لمستقبل العراق والأجيال المقبلة، لرجولتك لكرامتك، لغيرتك، لوطنك، لطرد الفرس وعملائهم الأوباش»، مبيناً أن «دعم الثورة وتطويرها وترسيخ هويتها الوطنية هو المفتاح الرئيسي لتحرير العراق. وأهم أسلحة دحر إسرائيل الشرقية».
أوهام الإصلاح
وأضاف المنشور: «بدعم الثورة تتحقق وحدة العراقيين كافة وتتحقق تطلعات الشعب بالخلاص والعيش بحياة حره كريمة»، مشيراً إلى «التخلي التام عن أوهام الإصلاح من داخل النظام الحالي، فكل المشاركين الفاعلين فيه، فاسدون، عملاء لا يملكون حرية التقرير، ومن يتوقع خيراً من الكاظمي فهو كمن يتوقع أن حلب الثور سوف ينتج حليبا وليس سما زعافا».
وبالتزامن مع عقد جلسة البرلمان فجر الخميس، لمنح الثقة لحكومة الكاظمي، تجمع المئات في ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد، وعند حائط الصدّ الأول المقام على جسر الجمهورية المؤدي إلى المنطقة الخضراء، ومدخل البرلمان من الجهة الثانية من نهر دجلة، مرددين شعارات تنادي بـ«إسقاط النظام».
ونشرت صفحة « اتحاد تنسيقيات الثورة العراقية» على «فيسبوك»، مقاطع فيديو توثق عودة الحياة للحراك الاحتجاجي في بغداد من جديد، وسط تلويح بتظاهرة مليونية قريبة.
ووثق مقطع فيديو قيام مجموعة من المتظاهرين بحرق الإطارات في ساحة النصر، المحاذية لساحة التحرير من جهة الشرق، مع تدفق العشرات سيراً على الاقدام باتجاه ميدان التحرير.
في الأثناء، وجه الناشط المدني، أحمد سعيد، رسالة إلى رئيس الوزراء العراقي الجديد، أمس، نشرها على صفحته في «فيسبوك»، قال فيها: «سنجربك تجربة واحدة فقط لاغير، وهي، تشكيل محكمة جنائية خاصة ومستقلة حسب صلاحياتك، ويكون مكانها المطعم التركي (المطل على ساحة التحرير) واجبها محاسبة قتلة المتظاهرين والقصاص، وبهذا سوف يقرر الشعب والمتظاهرين، قرار المصادقة والشرعية على منصبكم».
يحدث ذلك في وقتٍ قالت منظمة «العفو الدولية»، في رسالة مفتوحة جديدة، إنه يتعين على الحكومة المشكلة حديثاً في العراق ضمان وضع حقوق الإنسان في صميم جدول أعمالها، وعكس مسار الإفلات من العقاب منذ عقود.
وقال رزاو صالحي، من منظمة أبحاث العراق في المنظمة، إن «لدى هذه الحكومة الجديدة فرصة لضمان إعطاء الأولوية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان في العراق بعد سنوات من الانتهاكات المروعة».
ووفق المنظمة: «لقد دفع الشعب العراقي ثمناً باهظاً للغاية لعقود من الإفلات من العقاب وما كانت حتى الآن وعود جوفاء من السلطات، نرحب بالتزام الحكومة المعلن بمحاسبة المسؤولين عن قتل المتظاهرين، وإعطاء الأولوية لتلبية احتياجات النازحين»، مبينة أن «يجب عليها الآن ترجمة هذه الوعود إلى عمل فوري وهادف، بما في ذلك معالجة المظالم الاجتماعية والاقتصادية للشعب العراقي التي طال أمدها».
وأوضحت أن «الارتفاع في حالات العنف المنزلي التي أبلغت عنها وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني، والتي أدت في بعض الحالات إلى وفاة النساء والإصابة الشديدة لفتاة صغيرة، تتطلب إجراءات فورية من قبل الحكومة لضمان أن النساء والفتيات يمكنهن الوصول إلى الخدمات الأساسية والحماية».
الحياة تعود للحراك الاحتجاجي… و«العفو الدولية» تحث على ضمان حقوق الإنسان
وأشارت إلى أن «وفقاً لبحث أجرته منظمة العفو الدولية، واجهت قوات الأمن، بمن في ذلك أفراد فصائل مسلحة، المتظاهرين المسالمين إلى حد كبير بالذخيرة الحية وبنادق الصيد والنيران الحية التي تتوافق مع نيران القناصة والغاز المسيل للدموع ومدافع المياه».
ودعت، «الحكومة إلى كبح جماح قوات الأمن على وجه السرعة، وبدء تحقيقات دقيقة ومستقلة في عمليات القتل»، موضحة أن «كان أمام السلطات شهور لتغيير المسار بعيداً عن القمع العنيف، يجب عليهم طمأنة المتظاهرين أن لهم الحق في توقع أن قوات الأمن ستحميهم ولن تقتلهم وتشوههم بشكل تعسفي، وأن حكومتهم ستعالج مظالمهم، ولاسيما مطالبهم بالوفاء بحقوقهم الاجتماعية والاقتصادية».
وتناولت المنظمة أيضاً العديد من القضايا المتعلقة بالنزاع ضد «الدولة الإسلامية»، بما في ذلك العقاب الجماعي للعراقيين النازحين داخلياً الذين ينتمون إلى التنظيم «الدولة الإسلامية»، ومصير الآلاف من الرجال والفتيان الذين اختفوا قسراً على أيدي قوات الأمن أثناء النزاع، والإفلات من العقاب على حقوق الإنسان الانتهاكات التي ارتكبتها جميع أطراف النزاع، والجرائم المرتكبة ضد الأقليات العرقية والدينية.
في حين كتب النائب السابق عن محافظة البصرة، محمد الطائي يقول: «أخيرا اتفقت الفرق المشاركة في دوري تشكيل الحكومة (الكتل السياسية) على تحديد فريق الحكومة الجديد الذي يقوده الرئيس الجديد الكابتن مصطفى الكاظمي، بعد أن تمت استقالة (إقالة) الفريق السابق بقيادة الرئيس الكابتن عادل عبد المهدي، وذلك بسبب نتائج مباراة الذهاب التي قدم فيها فريق الشعب خسائر كبيرة حوالي 700 شهيد وأكثر من 30000 جريح وعشرات من ذوي الاحتياجات الخاصة، وقد حققت لعبة الذهاب بعض النتائج أهمها قانون الانتخابات وإرغام (الكتل السياسية) على تغيير فريقها (الحكومة)».
وأضاف: «رغم الخسائر التي قدمها فريق الشعب في مباراة الذهاب إلا أن الكتل السياسية المشاركة استطاعت ان تفوز بالمحاصصة بسبب الأوضاع الأمنية التي سمحت بدخول المخربين إلى الساحات وكذلك وباء كورونا».
وأتم قائلاً: «بعد تشكيل الفريق الجديد، يستعد فريق الشعب لمباراة الإياب حيث يقوم بتنظيم صفوفه وستكون الظروف مؤاتية له وهو يلعب في ساحته بين جمهوره، خصوصا إذا توقف وباء كورونا حيث سيستطيع تحقيق النتائج المطلوبة أهمها (انتخابات بإشراف دولي، المصادقة على قانون الانتخابات بنظام الترشيح الفردي، مفوضية مستقلة) وقد يحسمها (فريق الشعب) قبل موعد الانتخابات المقبلة».
كذلك، أكد النائب عن تحالف «سائرون»، سلام الشمري، أن أمام الكاظمي فرصة كبيرة لتحقيق مطالب المتظاهرين السلميين الدستورية.
وقال، في بيان صحافي أمس، إن «ما حصل خلال الفترة الماضية من تطورات متسارعة في البلاد توجت بتشكيل الحكومة الجديدة نتاج لحركة الشارع الدستورية للمطالبة بالإصلاح ومحاربة الفساد والفاسدين وتوفير الخدمات».
وأضاف أن «حركة الشارع ستستمر مادام التأخير في تنفيذ المطالب الرئيسية مستمرا ويجب أن تكون من أولويات الحكومة الجديدة تنفيذها ضمان التأييد الشعبي واستمرارها لها».
واقع جديد
ودعا «رئيس الوزراء إلى الاستماع واللقاء بمن يمثل المتظاهرين السلميين في عموم العراق والعمل على منح من يمثلهم مقعدا وزاريا في خطوة لترسيخ واقع جديد لتنفيذ المطالب المشروعة».
يأتي ذلك فيما طالب «مفتي جمهورية العراق»، مهدي الصميدعي، الكاظمي بأهمية تنفيذ مطالب الشارع العراقي والمتظاهرين، جاء ذلك خلال تهنئة وجهها الصميدعي للكاظمي بمناسبة تسلمّه مهامه.
وجاء في البيان إن الصميدعي طالب رئيس الوزراء بـ«إعطاء أهمية ذات طابع جدي وفيه قرار ومصداقية بتنفيذ مطالب الشارع العراقي المتمثل بالمتظاهرين».
وأضاف البيان أنه طالب أيضاً بـ«حسم موضوع السجناء والسجينات، وحسم موضوع المهجرين والنازحين، ومتابعة موضوع العاطلين عن العمل، وموضوع الخريجين وحملة الشهادات العليا، فضلاً عن متابعة موضوع المتطوعين من الشعب العراقي الذين قاتلوا مع الحكومة وممن خرجوا على أصل فتوى الجهاد وتكريمهم».
كما دعا الصميدعي، الكاظمي، إلى «جعل قرار الحكومة التي يمثلها قراراً وطنياً سيادياً، والعمل بحرص وشجاعة على ملف إخراج القوات العسكرية والأمريكية من العراق فهو سيفك القوي والأمين، ومحاسبة الذين أثاروا الفتنة الطائفية ممن دعموا داعش القتلة من السياسيين الدواعش، ونضمن لك خلال شهر وقوف العراقيين جميعا، ولا تستبدل غاليا برخيص من أجل حفنة يد واحدة من دواعش السياسة بشعب عظيم وتاريخه المفعم بالرجولة والبطولة».
في مقابل ذلك، ينشغل الكاظمي، بالردّ على رسائل ومكالمات المهنئين بالمنصب الجديد، وأيضاً عقد اللقاءات السياسية (آخرها مع زعيم ائتلاف النصر حيدر العبادي، وزعيم تيار الحكمة عمار الحكيم)، لبحث شغل المناصب المتبقية في كابينته، سواء كانت على مستوى الوزراء أو الدرجات الخاصة.
يجب على المتظاهرين مراعاة شروط السلامة من فيروس كورونا بالإبتعاد عن التزاحم, ولبس الكمامات والكفوف البلاستيكية!! ولا حول ولا قوة الا بالله