بغداد ـ «القدس العربي»: طلبت المفوضية العليا لحقوق الإنسان (رسمية خاضعة للبرلمان)، الدولة العراقية، بإعداد استراتيجية وطنية «واضحة المعالم» لمكافحة كورونا، تعتمد على التوقعات العلمية والسقوف الزمنية، وتركز على ثلاثة قطاعات أساسية (الصحي، والاقتصادي، والاجتماعي).
وقال عضو المفوضية علي البياتي لـ «القدس العربي»، إن «على المستوى الصحي؛ يجب أن يتم التركيز على جانبين أساسيين وهو الوقائي والعلاجي؛ أما الوقائي، فيتضمن «الحظر الصحي والتباعد الاجتماعي، حيث يجب تقسيم مواقع التجمعات إلى أماكن بحاجة حتمية إلى إغلاق تام حالياً، وأخرى بحاجة إلى إغلاق جزئي، فأما المجموعة الأولى فتتمثل بالمدارس والجامعات، والمرافق الدينية وأماكن الزيارات الدينية والتجمعات الاجتماعية والمرافق الترفيهية. وأما المجموعة الثانية، فتتمثل بالأسواق والدوائر الرسمية، فأما الأسواق فيجب أن تبقى مفتوحة لمدة أربع ساعات صباحا على الأقل؛ لتأمين احتياجات العائلة وأصحاب الدخل اليومي من خلال العمل صباحا، كما يجب اقتصار دوام الدوائر الرسمية على نسبة لا تتجاوز الـ10٪ فقط للعمل حسب الضرورة والتركيز على العمل من المنزل».
وأشار إلى «زيادة قدرة التعفير للأماكن العامة والمستشفيات ومراكز الاحتجاز ومخيمات النزوح ودور الرعاية وإشراك القوات الأمنية في ذلك وبشكل دوري ومستمر».
ودعا إلى «توفير الكمامات بشكل مجاني عن طريق البطاقة التموينية للعوائل الفقيرة وبأسعار محدودة في السوق لأصحاب الدخل المتوسط والجيد والمحاسبة على عدم لبسها خارج البيت».
تشخيص وعزل
وعلى مستوى الجانب العلاجي، شدد البياتي على أهمية «التركيز على تشخيص وعزل الحالات في المستشفيات للفئات الأكثر تعرضا إلى الفيروس خلال هذه الفترة كالكادر الطبي والفئات الأكثر توقعا للخطورة لديهم كالفئات الضعيفة مناعيا والفئات في المواقع المتوقعة أن تكون بؤر للانتشار كالمحتجزين والنازحين ودور الرعاية، كما نعتقد بضرورة إيقاف المسح المختبري الشامل للتخفيف عن الكادر الطبي وحمايته حاليا. كما يجب توفير المستلزمات الضرورية لحماية الكادر الطبي والتركيز على زيادة القدرة الانعاشية للمستشفيات العراقية».
وأكد أيضاً ضرورة «فتح مركز الأوبئة الوطني وإنشاء قسم البحوث والدراسات فيه، ولغرض التخفيف على المستشفيات والكادر الطبي نرى ضرورة اعتماد آلية الحجز المنزلي للحالات البسيطة والمتوسطة حسب معايير منظمة الصحة العالمية، والاستعانة بأحد أفراد العائلة للمتابعة وتخصيص خطوط وأرقام لمتابعة العائلة مع الكادر الطبي في حال حدوث تطورات وعدم ارهاق الكادر الطبي بالمتابعة المنزلية، لأن الهدف هو تقليل الضغط على المؤسسات الطبية والكادر الطبي مع عزل الحالات».
وأشار عضو مفوضية حقوق الإنسان إلى «المحور الاقتصادي»، الذي يتضمن «مراعاة الفئات الفقيرة والتي تتأثر بشدة من الإجراءات المتشددة، وأيضا تكون سببا أساسيا في عدم التزامها بإجراءات الحظر، فأمام عجز الدولة في توفير الأمن الغذائي لهم لابد من أن يكون هناك توازن بين الإجراءات وتوفير قوتهم اليومي».
وأوضح البياتي «المحور الاجتماعي» الأخير قائلاً أنه «مرتبط ارتباطا وثيقا بالمحور الصحي وإجراءات الحظر الصحي والمحور الاقتصادي، حيث شهد العراق بشكل واضح زيادة في حالات الطلاق والانتحار وجرائم العنف الأسري، مما يتطلب ضرورة مراعاة هذا المحور عند فرض أي إجراءات قاسية قد تخلق تطور اجتماعي خطير لا يقل خطورة عن الفيروس».
وسجّلت وزارة الصحة العراقية ارتفاعاً في أعداد المصابين بفيروس كورونا، إذ وثّقت إصابة 322 شخصاً خلال 24 ساعة، ووفاة 4 آخرين، ليبلغ عدد حالات الإصابة التراكمية 5 آلاف و457، مقابل179 حالة وفاة.
البياتي لـ«القدس العربي»: يجب توفير الكمامات بشكل مجاني عن طريق البطاقة التموينية للعوائل الفقيرة
وتستمر السلطات الاتحادية والمحلية في بغداد ومحافظات البلاد الأخرى، ضمنها إقليم كردستان العراق، بتشديد إجراءاتها الرامية لتطويق الوباء، كان آخرها «اتهام» محافظ بابل وكالة حسن منديل، الجهات المختصّة بـ «التهاون» في تنفيذ حظر التجوال.
وقال، في بيان صحافي أمس، «للأسف سجلنا إصابات جديدة في المحافظة»، مشيرا إلى أن «هناك تهاونا من قبل الأجهزة المختصة في تنفيذ الحظر الصحي».
وأضاف: «وجهنا بغلق منافذ المحافظة مع المحافظات المجاورة وخاصة محافظة بغداد، كما وجهنا بغلق المولات والأماكن العامة»، مؤكدا «سنتخذ إجراءات جديدة بعد اجتماع خلية الأزمة».
وأوضح أن «موضوع الامتحانات سيتم مناقشته لاتخاذ القرار المناسب بذلك، كما سيتم مراجعة حظر التجوال بعد اجتماع خلية الأزمة».
ودعا، من وصفهم «المشككين» بوجود الفيروس إلى «مرافقتنا لزيارة الردهات الوبائية للتأكد من وجود الإصابات»، مشددا على ضرورة «الالتزام بقرارات خلية الأزمة وتطبيق حظر التجوال».
في السياق ذاته، حذر رئيس حكومة إقليم كردستان، مسرور بارزاني، أمس، من خطورة المرحلة المقبلة في مواجهة فيروس كورونا، وفيما أبدى أسفه «للتراخي» الذي أبداه البعض أمام الجائحة والذي أدى إلى معاودة تسجيل الإصابات، أشار إلى أن البعض يحاول استغلال هذا المرض «سياسيا».
جاء ذلك في بيان أصدره بارزاني، عن مخاطر ارتفاع عدد الإصابات بفيروس كورونا، أن «الفتور في الالتزام بالإجراءات الصحية والاحترازية من شأنه أن يفاقم الوضع على نحو خطير»، مشيرا إلى أن «مخاطر فيروس كورونا جدية للغاية في هذه الأيام، ولا سيما بعد التراخي في الالتزام بالتعليمات الصحية مما يجعل انتشار الجائحة يتضاعف بسرعة».
وأضاف: «لقد طلبنا منكم أيها الأكارم، ومع بدايات انتشار هذه الجائحة، الالتزام بالإجراءات الوقائية، ونشكركم على ذلك الالتزام الذي كان له الأثر الجيد في منع تفشي الفيروس، وأصبح انتصارنا حديثاً متداولاً ومحل ثناء من قبل دول ومنظمات دولية عديدة».
المساعي الحكومية
وتابع قائلا: «من المؤسف أن هذا الالتزام قد تراخى مع محاولات بعض الجهات استخدام المساعي الحكومية لمواجهة الجائحة، لأغراض سياسية مع سعيها للتقليل من أهمية التدابير الاحترازية الحكومية، وبذلك فإن استغلال حياة المواطنين سياسياً يعرض حياتهم للخطر».
وشدد على أن «يتحمل كل من يحرض على عدم الالتزام بالإجراءات الوقائية كامل المسؤولية عن تعرض سلامة المواطنين وحياتهم للخطر، وعلى هؤلاء الذين يقفون بالضد من التعليمات الصحية أن يضعوا حداً لتلاعبهم بسلامة المواطنين».
ودعا في ختام بيانه المواطنين الى «تطبيق التعليمات الصحية للحفاظ على سلامتكم وسلامة ذويكم والآخرين»، مخاطبا إياهم بالقول: «ألا تقعوا تحت تأثير الدعايات المضللة التي تعرض حياتكم للخطر، وإن سلامتكم بالنسبة لنا، أهم من أي شيء آخر».
يتزامن بيان رئيس حكومة الإقليم مع جمّلة قرارات جديدة أصدرتها غرفة عمليات محافظة أربيل- عاصمة كردستان- لمواجهة فيروس كورونا، وسط قرار وزارة الداخلية في الإقليم تمديد حظر التجوال بين محافظات الإقليم وبقية المحافظات الاتحادية، اعتبارا من 31 أيار/ مايو الجاري ولغاية 15 حزيران/ يونيو المقبل.