مشرق ريسان بغداد ـ «القدس العربي»: تسابق تحالفا «البناء» بزعامة هادي العامري، و«الإصلاح والإعمار» المدعوم من زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، إلى كسب ودّ زعيم الحزب «الديمقراطي الكردستاني» مسعود بارزاني، وإقناعه في الانضمام لأحد التحالفين بهدف تمرير مرشحيهم المتبقين في حكومة رئيس الوزراء، عادل عبد المهدي.
ورغم لقاء بارزاني بأغلب القيادات السياسية السنّية والشيعية، لكن لقاءه بالعامري ومن ثم الصدر، يعدّان أبرزها، بكونهما يأتيان لضمان تحقيق أغلبية برلمانية مريحة لتمرير مرشحي الوزارات المتبقية.
وتأتي الزيارة في وقت يسعى كل من تحالفي «البناء» و«الإصلاح والإعمار» إلى تعزيز جبهته البرلمانية وضمان تمرير مرشحيهم المتبقين تحت قبة البرلمان، الأمر الذي دفع أغلب القادة السياسيين إلى تجاوز «البروتوكولات» واستقبال بارزاني بـ«السجادة الحمراء».
أبرز الملاحظات جاءت على استقبال رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، لبارزاني، والوفد المرافق له في مطار العاصمة العراقية بغداد.
وفي هذا الشأن قال القيادي في تحالف «الفتح» النائب السابق عن محافظة نينوى، عبد الرحمن اللويزي، لـ«القدس العربي»: «استقبال الحلبوسي لبارزاني في مطار بغداد، يصب في إطار المجاملة والمصالح السياسية. الحلبوسي لم ينظر إلى الأمر من زاوية بروتوكولية، بل من زاوية سياسية».
وذكّر أن «انتخاب رئيس البرلمان جاء بأغلبية بالكاد تحققت، والآن هناك خلاف بين تحالفي البناء، والإصلاح والإعمار، على موضوع الحكومة»، في إشارة إلى حاجتهم لأكبر عدد من النواب لتمرير مرشحيهم في البرلمان، موضّحاً أن «بارزاني يمتلك 25 نائباً في البرلمان، ولقاءه بزعماء الكتل السياسية مهم».
وأضاف: «الاستقطاب الموجود بين تحالفي البناء من جهة، والإصلاح من جهة ثانية، يدفع الأطراف السياسية إلى تقوية تحالفاتها، وهذا الأمر يقتضي تجاوز المشكلات ومجاملة نظيره»، معتبراً لقاءات بارزاني الرسمية والسياسية بأنها تأتي في إطار «المجاملة وتقوية المواقف».
وطبقاً للمصدر، «تحالف البناء يسعى للنجاح في ضم بارزاني له، ويكون عضواً في هذا التحالف»، لافتاً إلى أن «الأكراد لم يحسموا خيارهم في الوقت السابق بالانضمام لأي من التحالفين، وهذه التحالفات مهددة بالتفكك وفقدان الأغلبية، خصوصاً أن بعض وزرائهم لم يمروا في البرلمان بعد، لا سيما وزراء سنة البناء، الأمر الذي يدفعهم للتلويح بالانسحاب».
زيادة موازنة كردستان أبرز المغريات… و«الفتح»: نسعى لضم «الديمقراطي» إلى تحالفنا
واعتبر أن «أحد آثار لقاء بارزاني بالفتح هو ضمان التصويت لفالح الفياض (مرشح وزير الداخلية)»، موضحاً أن «إذا نجح البناء في عقد اتفاق مع بارزاني وكتلته سيصب بالتأكيد في صالح تحالف البناء وقوته، وينعكس إيجاباً على مجمل القضايا التي يتبناها البناء».
وأكد أن «الحزب الديمقراطي الكردستاني أقرب إلى تحالف البناء، من تحالف الإصلاح والإعمار»، منوهاً أن «تحقيق تحالف بين الديمقراطي والبناء لا ينعكس إيجاباً على الأخير، كون بارزاني لديه الكثير من القضايا التي يسعى إلى تمريرها، مثل الموازنة والمادة 140 وغيرها. من مصلحة الطرفين أن يكونا في تحالف قوي».
وبين أن: «تحالف البناء صلب، ونواة هذه التحالف صلبة أيضاً»، موضّحاً أن «مواقف زعمائه غير مشهورة بالتقلب، وهذا يرجح تحالف بارزاني معهم، إذا ما كانت هناك مفاضلة مع تحالف الإصلاح والإعمار».
نقطة وصل
وإضافة إلى ذلك، يمكن لبارزاني أن يلعب «دور الوسيط» بين العامري والصدر، وحل الخلاف المتفاقم بينهم على خلفية «فيتو» «سائرون» على مرشح «الفتح»، فالح الفياض لوزارة الداخلية.
وقال النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، ديار برواري لـ«القدس العربي»، إن «من الممكن أن يكون بارزاني نقطة وصل بين الخصمين (في إشارة إلى تحالفي البناء والإصلاح والإعمار)»، مشيراً إلى أن «لبارزاني مواقف معروفة في هذا الجانب، ويمكن أن يلعب الدور ذاته حالياً، لكنه، لن يكون جزءاً من أي تحالف على حساب تحالف آخر».
وأضاف: «زيارة بارزاني إلى بغداد جاءت بالوقت المناسب، خصوصاً ونحن في الأيام الأخيرة لتشكيل الحكومة، فضلا عن التحديات أمام رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي، في موضوع استكمال الحكومة»، مبيناً أن «الأخطاء السابقة التي حصلت نتيجة عدم الالتزام بالاتفاقات والمعاهدات، يمكن تجاوزها في الحكومة الحالية».
واعتبر، أن لقاء بارزاني بجميع الشخصيات السياسية العراقية يؤكد أن «ليست لديه خطوط حمر على أي جهة»، مؤكداً أن «مشاركة إقليم كردستان العراق في الحكومة الاتحادية ستكون فاعلة في السنوات الأربع المقبلة».
وعلمت «القدس العربي» من مصدر سياسي مطلع، على مفاوضات تشكيل الحكومة الجديدة، أن «زيارة مسعود بارزاني أثمرت نتائج إيجابية، سواء في ملف استكمال الكابينة الوزارية، او في ما يخص حلحلة الأزمة بين بغداد وأربيل».
وطبقاً للمصدر، الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، فإن «الزيارة وإن جاءت متأخرة، غير إنها مهمة»، لافتاً إلى أن «بارزاني أيقن ضرورة أن يضع يده بيد الحكومة، ويكون جزءاً منها، خصوصاً بعد العزلة التي كان يعيشها عقب استفتاء انفصال إقليم كردستان العراق (في 25 أيلول/ سبتمبر 2017)، والذي رفضته الحكومة الاتحادية حينها».
دعم عبد المهدي
في السياق، عوّل تحالف «سائرون» على لقاء الزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر ببارزاني، وألمح إلى أن الأخير «جزء» من مشروع الصدر الإصلاحي.
وقال النائب عن «سائرون» علاء الربيعي لـ«القدس العربي»، إن «زيارة بارزاني إلى بغداد تتضمن عدّة رسائل، منها دعم الحكومة المركزية برئاسة عادل عبد المهدي»، إضافة إلى «رسالة إطمئنان للشارع العراقي بأن الأكراد وقيادتهم حليف استراتيجي في بناء الدولة ومؤسساتها».
واعتبر أن الرسالة المهمة لزيارة بارزاني تتمثل بـ«لقاء الصدر في النجف»، عازياً السبب إلى كونها «أعطت انطباعاً بأن مسعود بارزاني هو جزء من مشروع الإصلاح الذي يقوده السيد مقتدى الصدر. الزيارة ستسهم في إنهاء الملفات العالقة بين بغداد وأربيل». على حدّ قوله.
وعلى الصعيد السنّي، أعرب خميس الخنجر، زعيم تحالف «المحور الوطني» الذي يضم أغلب الكتل السنية في البرلمان العراقي، عن «تفاؤله» بالزيارة التي أجراها بارزاني إلى بغداد.
وكتب على حسابه على موقع «تويتر»، «متفائل جدا بزيارة الزعيم مسعود بارزاني إلى بغداد؛ من أجل صياغة روح وطنية جديدة تحكم المشهد السياسي المشتت منذ فترة».
وأضاف: «نأمل في إطلاق تحالف عراقي عابر للطائفية والقومية، يؤسس لدولة عادلة وحكومة وطنية ترعى ابن البصرة وابن الشرقاط وابن حلبجة على حد سواء».
هل نضحك ام نبكي