بغداد ـ «القدس العربي»: تمكّن جهاز المخابرات العراقي، برئاسة رئيس الوزراء الحالي، مصطفى الكاظمي، من اعتقال قياديٍ بارز في تنظيم «الدولة الإسلامية» وأحد المقربين لزعيم التنظيم السابق أبو بكر البغدادي، وأشرف على معارك عدّة في العراق وسوريا، وكان له دور بارز في توحيد فرعي تنظيم «القاعدة» في سوريا والعراق بتنظيمٍ موحدّ.
وقالت خلية الإعلام الأمني (حكومية)، في بيان صحافي أمس، إن «قيادات داعش في قبضة أبطال العراق مِن رجال الظل في جهاز المخابرات الوطني العراقي، مهما رسمت عصابات داعش الإرهابية مِن صورة لها في إيهام الرأي العام انها مازالت قادرة على إعادة بناء نفسها مِن خلال ماكنتها الإعلامية والنفسية التي تعتمد المبالغات والكذب والفبركة وإنتاج الاصدارات الفيديوية بمضامين صورية قديمة، تبقى مكشوفة أمام عيون الأجهزة الأمنية العراقية وهم يعملون بصمت ودقة في اختراق ما تبقى مِن هيكليات لهذا التنظيم الإرهابي، ويستمرون في اصطياد رؤوس ما تبقى منهم».
وأضاف «نؤكد لأبناء شعبنا الكريم أن حركاتهم وأنفاسهم محسوبة ومسألة وقت لا أكثر لتقدمهم لكم واحدا بعد الآخر، عهدا ووفاء لدماء أبناء شعبنا الكريم لينالوا جزاءهم العادل لما اقترفته أياديهم الإجرامية الإرهابية بحق المواطنين».
وقدمت خلية الإعلام «المعلومات الكاملة عّن أحد قادة داعش الذي أصبح بقبضة العدالة العراقية وهو الإرهابي (طه عبد الرحيم عبد الله بكر الغساني)، المكنى حجي عبد الناصر قرداش وأبو محمد مواليد 1967 تلعفر يسكن الموصل حي مشيرفة».
وحسب البيان، فإن الغساني انتمى لتنظيم «القاعدة» عام 2007، في محافظة نينوى، وعمل بصفة إداري بـ«ولاية الجزيرة» لغاية نهاية العام، حيث شغل منصب «والي الجزيرة»، وخلال فترة توليه المنصب قام بعدد من العمليات استهدفت القوات العراقية والمواطنين.
والي ولايات الشمال
وفي بداية عام 2010، كُلف من قبل «والي الشمال» بالعمل نائباً له، وبأمر من أبو عمر البغدادي، تم تكليفه بشغل منصب والي ولايات الشمال (جنوب الموصل والموصل والجزيرة وكركوك).
وأشارت الخلية إلى أن «نهاية عام 2011 التقى بالإرهابي المقبور أبو بكر البغدادي في أطراف محافظة بغداد وكلفه بشغل منصب أمير التصنيع والتطوير»، مبينة أن الغساني «كُلف بعدها من قبل الإرهابي البغدادي بالذهاب إلى سوريا وعمل مصانع أسلحة ومتفجرات وكواتم لتجهيز الولايات بها، حيث قابل البغدادي أكثر من مئة مرة».
وتابع البيان: «بعد حدوث انشقاقات في داعش وانشقاق جبهة النصرة عن الدولة كلف المتهم بمنصب والي الشرقية (الحسكة ودير الزور والرقة). وشغل بعدها بأمر من المقبور البغدادي منصب والي البركة، وبعد إعلان الخلافة كلف بمنصب نائب أمير اللجنة المشرفة وبعدها أمير اللجنة ثم نائب المقبور العدناني وأميراً للجنة المفوضة، وبعد مقتل الأخير أصبح اميراً للجنة ونائباً للمقبور البغدادي».
ووفق المصادر الأمنية العراقية الرسمية، فإن الغساني «كان المشرف الأول عن معركة كوباني والسيطرة على مدن تدمر وحلب ودمشق، ومعارك الباب، وكان له دور كبير في أحداث الباغوز الأخيرة»، وهو كذلك «مسؤول عن صناعة ومتابعة وتطوير غاز الخردل الذي تم استخدامه باستهداف القوات العراقية داخل العراق فقط»، بالإضافة إلى «دوره البارز في أغلب المفاوضات التي جرت بين التنظيم والفصائل والمجاميع الأخرى. فقد كان المشرف على كافة المفاصل الإدارية ومفاصل التصنيع والتجهيز حينها».
وأختتم البيان بالقول: «عهدا من جهاز المخابرات الوطني العراقي في ملاحقة ما تبقى من هذه المجاميع الإرهابية واصطيادها استخباريا واحدا تلو الاخر وتقديمهم للعدالة لينالوا جزائهم العادل».
الغساني المعروف بـ«قرداش» أشرف على معارك كوباني وتدمر وحلب ودمشق
وفي تفصيلات أخرى عن القيادي في التنظيم المعتقل، بين الكاتب العراقي والباحث في شؤون الجماعات المسلحة، هشام الهاشمي في منشور على صفحته في «فيسبوك»، أن، «أبو عبد الرحمن الشامي، أبو عبد الرحيم، واسمه طه عبد الرحيم عبد الله بكر الغساني، المعروف في داعش بحجي عبد الناصر قرداش، وأبو محمد، مواليد 1967 تلعفر، يسكن الموصل حي مشيرفة، وهو خريج كلية الهندسة، ودرس الفكر التكفيري على يد أبو علي الأنباري المعروف بأبي علاء العفري، وانتمى إلى حركة أنصار الإسلام عام 2003».
وأضاف: «في عام 2007 بايع القاعدة، لكنه لم يلتق بأبي عمر البغدادي، ولا أبي حمزة المهاجر، وعمل مساعداً لأبي قسورة المغربي نائباً، ثم والياً، وانتمى للقاعدة في محافظة نينوى، كما عمل بصفة إداري في ولاية الجزيرة لغاية نهاية 2007، حيث شغل منصب والي الجزيرة»، موضحاً أنه «خلال فترة توليه المنصب، كان مسؤولاً عن مجازر عدة».
وتابع: «عينه أبو عمر البغدادي بتزكية من أبي مسلم التركماني عام 2010 وكلف من قبل أبو قسورة المغربي والي الشمال بالعمل نائباً له، وبأمر من أبي عمر البغدادي تم تكليفه بشغل منصب والي ولايات الشمال (جنوب الموصل والموصل والجزيرة وكركوك) وذلك عام 2010».
لقاء بالبغدادي
ويبين أن «بعد مقتل أبي عمر البغدادي في نيسان/ إبريل 2010 أصبح مرتبطاً بصديقه أبي مسلم التركماني، الذي رتب له لقاء نهاية عام 2011 بأبي بكر البغدادي في ريف العاصمة بغداد، وكلفه بشغل منصب أمير التصنيع والتطوير كونه مهندساً».
وحسب المصدر، «شكل مع حجي بكر الخليفاوي وأبي محمد الجولاني وأبي محمد العدناني النواة الأولى في نشر أفكار القاعدة فرع الشام، وذلك في عام 2011، وكانت له اليد العليا في تجنيد الموارد البشرية في الشرق السوري بمعية أبي محمد العدناني، وأسس مصانع أسلحة ومتفجرات وكواتم لتجهيز الولايات».
وزاد: «لديه حوارات ومقابلات لا تحصى مع أبي بكر البغدادي، وهو صاحب فكرة توحيد فرعي العراق وسورية للقاعدة (داعش)، بعد حدوث انشقاقات بالتنظيم وانشقاق جبهة النصرة عن داعش، كلف حجي عبد الناصر بمنصب والي الشرقية أي الحسكة ودير الزور والرقة».
قرداش طباً للهاشمي، «شغل عام 2014 منصب والي البركة وبعد إعلان الخلافة كلف بمنصب نائب أمير اللجنة المفوضة وبعدها أمير اللجنة، وتمت معاقبته بسبب مجادلته لقرارات البغدادي وأصبح مشرفاً على ملف التطوير والتصنيع لغاية عام 2017، وبعد مقتل العدناني أصبح أميراً للجنة ونائباً للبغدادي لغاية 2019».
وأكد أن «أهم المعارك التي أشرف عليها؛ كوباني وتدمر وحلب وريف حمص ومعارك الباب، وهو قائد آخر معركة لداعش في شرق الفرات السورية في نيسان/ إبريل عام 2019 أحداث الباغوز الأخيرة، فضلاً عن دوره البارز في أغلب المفاوضات التي جرت بين داعش والفصائل والمجاميع الأخرى، ومنها صفقة الباصات الخضر»، لافتاً إلى أنه «تم تسليمه إلى الجانب العراقي من قبل قوات سوريا الديمقراطية».
الخبير الأمني حسن حسن، بين، في منشور له أن عبد الناصر قرداش، سّلم نفسه لقوات «قسد» العام الماضي قبل أن يسلمه الأمريكيون للعراق أخيراً، وهو سبق أن «تولى أول منصب أميراً للموصل بعد اعتقال أمير الموصل محمد خلف شكارى أبو طلحة الأنصاري، وتم اعتقاله من قبل قوات التحالف في العراق عام 2005 بعد توليه منصب أمير الموصل بثلاثة أشهر».
وأضاف: «خرج عبد الناصر عام 2010 من السجن وتم تعيينه مسؤولاً للتصنيع، ولكن بعد خلاف جبهة النصرة مع تنظيم الدولة في المنطقة الشرقية في سوريا انتدب البغدادي عبد الناصر قائداً للشرقية لتنظيم الدولة ليواجه القحطاني».
ووفق حسن: «دارت معارك بين تنظيم الدولة وجبهة النصرة ومعها الفصائل السورية التي كانت تقاتل في تحالف يقوده أبو ماريا القحطاني، والذي كان يشغل المفتي العام للنصرة وقائد المنطقة الشرقية»، مبيناً أن «عبد الناصر قال لوجهاء العشائر في دير الزور حينئذ إن النصرة والفصائل المتحالفة معها قتلت 1.300 عنصر من التنظيم».
يشار إلى أن إبراهيم عواد إبراهيم علي البدري السامرائي، وشهرته أبو بكر البغدادي كان قائد تنظيم القاعدة في العراق والمُلقب بأمير الجماعات المسلحة التي تسمى بـ«دولة العراق الإسلامية».
وقام البغدادي بإعلان الوحدة بين تلك الجماعات، «دولة العراق الإسلامية» المسلحة ومنظمة جبهة «نصرة أهل الشام» في سوريا تحت اسم تنظيم «الدولة الإسلامية» في العراق والشام الذي اشتهر بـ«داعش».
وفور انتشار معلومات اعتقال «عبد الناصر قرداش»، تسربت معلومات عن وقوع مرشح زعامة التنظيم بيد القوات العراقية، الأمر الذي نفته وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاغون».
في هذا الشأن، قال المحلل الأمني والمختص بشؤون الإرهاب والجماعات المتطرفة، فاضل أبو رغيف، في تصريح لمواقع إخبارية، إن «هناك لبسا على الجميع أن (عبد الناصر قرداش) هو نفس القيادي الآخر في داعش (عبد الله قرداش) اللذان يلتقيان في اللقب، لكن (عبد الناصر قرداش) كان نائبا لزعيم داعش السابق أبو بكر البغدادي، ومسؤول عن الهجمات الكيميائية لداعش ومسؤول عن قيادة الحرب في مدينة كوباني السورية ومعارك عديدة جداً».
وأضاف أن «قرداش وهو أخطر من (عبد الله قرداش)، هو مهندس مدني وإداري عام في ولاية الجزيرة ومن ثم أصبح والياً للجزيرة وكذلك والي الشمال وولايات الشمال ومسؤول تطوير الأسلحة والكيمياوي ووالي الحسكة ووالي البركة ورئيس لجنة المفوضة في داعش ومسؤول عن تصنيع غاز الخردل ونفذ مئات العمليات الإرهابية».
وأكد أن ليس لعبد الناصر قرداش علاقة أن يكون خليفة للبغدادي في زعامة التنظيم.»