بغداد ـ «القدس العربي»: أعلن «الإطار التنسيقي» الشيعي، تشكيل لجنة خماسية للتفاوض مع بقية الكتل السياسية بشأن مبادرته الرامية لمعالجة الأزمة السياسية المتفاقمة، وفيما يراهن «الإطار» على تفكك «التحالف الثلاثي» بعد تشكيل الحكومة الجديدة، وتصعيد الأزمة بين رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، ونائبه القيادي في التيار الصدري حاكم الزاملي.
«الإطار» يراهن على انهيار «التحالف الثلاثي» بعد تشكيل الحكومة
وليلة أول أمس، عقد قادة «الإطار التنسيقي»، اجتماعاً مع قادة الاتحاد الوطني الكردستاني برئاسة بافل طالباني في منزل الرئيس الراحل جلال طالباني ببغداد.
وحسب مصادر مُطلعة، فإن الاجتماع خرج بـ»تشكيل لجنة خماسية لاطلاق مبادرة حل الانسداد السياسي التي تقدم بها الإطار إلى القوى السياسية المتحالفة معه».
ومن المقرر أن تبدأ اللجنة عملها بمناقشة «رؤية بناء الدولة والبرنامج الحكومي بغض النظر عن الأسماء»، حسب المصدر الذي أشار إلى أن «أطرافاً سياسية رحبت بالمبادرة التي أطلقها الإطار التنسيقي والقوى المتحالفة وسترسل ممثلين لها في اللجنة».
مبادرة الإطار التنسيقي
وأعلن رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني، بافل طالباني، مخرجات الاجتماع مع «الإطار التنسيقي» في بغداد بشأن مبادرته الأخيرة. وذكر بيان لمكتب طالباني أن الأخير استقبل قادة الإطار التنسيقي في منزل الرئيس الراحل جلال طالباني في بغداد.
وأضاف: «جرى، خلال الاجتماع بحث مبادرة الإطار التنسيقي التي قدمت كمخرج للانسداد السياسي الذي تمر به العملية السياسية في العراق».
وشدد الجانبان، حسب البيان، على ضرورة «صياغة المبادرة بشكل تعالج الإشكاليات القائمة عن طريق الحوار والتفاهم الوطني المشترك بين القوى والأطراف السياسية، وبما تخدم المطالب المشروعة للمواطنين، من أجل بناء مستقبل آمن ومستقر».
وكشف ائتلاف «دولة القانون»، المنضوي في «الإطار التنسيقي»، مضمون مبادرة الأخير بشأن الوضع السياسي الراهن.
وقال القيادي في الائتلاف، علاء الحدادي، إن «الثلث الضامن كان مطمئناً بأن التحالف الثلاثي لن يستمر، والمسألة تحتاج إلى أكثر من 40 يوماً»، حسب تصريح تلفزيوني. وأضاف أن «انسحاب الصدر أو خياره الأخير كان لهدف سحب الرأي العام الموجه للتحالف الثلاثي على اعتبار أنه كان صاحب المقاعد الأكثر وحمل على عاتقه تشكيل الحكومة».
وأوضح أن «الخيارات التي صدرت من التحالف الثلاثي فيما يخص مرشحي رئيس الجمهورية لم تكن بالمستوى المطلوب، وحتى المستقلون الذين لم يكن لهم موقف واضح من الحلبوسي، كانت لهم مواقف ضد زيباري وريبر أحمد بسبب الملفات والشوائب الكثيرة عليهم، التي منعتهم من المغامرة في هذا الخيار».
وأشار إلى أنه «قبل انسحاب الصدر، كان للمالكي رؤية ومبادرة تعد المخرج الوحيد وتحفظ حقوق المكونات، ولا تصادر حق الآخرين الذين حصلوا على مقاعد أكثر -عبر الجلوس معاً دون فرض رئيس وزراء على أي طرف، بل اختيار رئيس وزراء بيننا كمكون شيعي وفق محددات ومواصفات وتعهدات، ويتعهد الجميع بإنجاح برنامج رئيس الوزراء الحكومي كونه خيار الجميع».
ومضى يقول: «الـ 40 يوماً التي حددها الصدر لا نعتبرها «ورطة» بالنسبة لنا، ويجب أن يفقه الآخرون الذين يمارسون العمل السياسي إلى أين ستنتهي القضية. هذا الدرس يجب أن يكون محسوباً بالنسبة لهم».
وتابع: «لا يمكن بمفردنا تشكيل حكومة، ولا يمكن للصدر تشكيلها بمفرده كذلك. نجري الآن حوارات، وفي حال فشلنا في تشكيل الحكومة فإن الكرة ستعاد في ملعب الصدر».
ويحدث ذلك في وقتٍ يتعمّق الخلاف بين رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، ونائبه حاكم الزاملي، بشأن «السيطرة» على مجلس النواب.
وقال النائب عن تحالف «إنقاذ وطن»، مشعان الجبوري، إن الخلاف بين رئيس البرلمان ونائبه الأول حاكم الزاملي «مستمر» بينهما بسبب صلاحية وتسمية «هيئة رئاسة البرلمان».
وقال الجبوري في «تدوينة» له، إنه «مازال هناك خلاف بين الرئيس الحلبوسي ونائبه الزاملي، ونأمل أن يتدخل السيد الصدر لحله وفق ما قررته المحكمة الاتحادية سابقاً»، مؤكداً في الوقت عينه قائلاً: «نحن في تحالف «السيادة» باقون في «إنقاذ وطن» وملتزمون باتفاقاتنا مع التيار الصدري وبما تعهدنا به لهم».
«لن نساوم»
واستدرك الجبوري بالقول: «لكننا لن نساوم على قضايا من نمثلهم وسنعمل على تحقيق مطالبهم».
في المقابل، اعتبر النائب عن كتلة «الصادقون»، محمد البلداوي، خلافات رئاسة مجلس النواب بين محمد الحلبوسي وحاكم الزاملي بأنها تمثل «نزاعاً واضحاً للتفرد بالسلطة التشريعية»، فيما أكد أن انعكاسات الخلاف ستؤثر بشكل كبير على التحالف الثلاثي.
وقال البلداوي في حديث نقله إعلام كتلته، إن «صراع رئاسة مجلس النواب بين رئيس المجلس محمد الحلبوسي ونائبه الأول حاكم الزاملي، حول هيئة الرئاسة كان من المفترض أن يناقش داخلياً في اجتماع للهيئة وحلها وفق تعاون مشترك لحفظ حقوق وكرامة هذه المؤسسة».
وأضاف أن «موضوع الخلاف خرج عن مساره الصحيح من خلال تراشق ردود الفعل بين الحلبوسي والزاملي وظهوره بصورة واضحة للشعب العراقي»، مؤكداً أن «رئاسة المجلس كانت من المفترض أن تتعاون فيما بينها لإدارة هذه المؤسسة بصورة صحيحة».
وأوضح النائب أن «الخلافات ستبين انعكاساتها على التحالف الثلاثي، الذي ينضوي تحته كل من الحلبوسي والزاملي»، مبيناً أن «عملية تنازع السلطات بين رئاسة مجلس النواب تمثل مشكلة رهيبة».
لغة الحوار
وتابع أن «مجلس النواب يمثل المؤسسة الأولى التي تصحح مسار باقي المؤسسات والتي يراد تجاوز الخلافات والذهاب نحو لغة الحوار خدمة لأعضاء المجلس والشارع العراقي»، لافتاً إلى أن «الخلاف يمثل نزاعاً حقيقاً حول سلطة رئاسة السلطة التشريعية».
في حين، عد النائب عن ائتلاف «دولة القانون»، محمد الصيهود، الخلاف بين رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي ونائبه القيادي في التيار الصدري حاكم الزاملي، دليلاً على «عدم وجود تحالف ثلاثي».
وقال الصيهود إن «هذا الموضوع بصراحة دستوري قانوني ممكن للمحكمة أن تبت بدستوريته من عدمه، على اعتبار أن توجهاً يقول هيئة الرئاسة وتوجهاً آخر يقول رئيس المجلس ونائباه»، حسب موقع «الفرات» المقرّب من «الإطار».
وأشار إلى أن «المشكلة بحد ذاتها تدل على أنه لا يوجد شيء اسمه تحالف ثلاثي أو مسمى آخر لهذا التحالف، وما يجمعهم فقط هو موضوع تشكيل الحكومة، وبعدها تنفض الأمور مثلما كانت في السابق».
وأضاف الصيهود: «هذا يؤكد أنه لا يوجد من المشتركات ما يجمع التحالف الثلاثي، بل المشتركات بين الإطار التنسيقي والتيار هي الأقوى، مما يدعو الطرفين بالجلوس إلى طاولة الحوار الآن، خصوصاً بعد إمكانية المحكمة الاتحادية بحل مجلس النواب».
وفي سياق ذي صلة، قال الخبير القانوني علي التميمي، إن البلاد لن تدخل في فراغ دستوري بعد تاريخ السادس من نيسان/ أبريل الجاري، والذي يصادف انتهاء مدة انتخاب رئيس الجمهورية.
وقال في إيضاح له إن «قيام رئيس البرلمان محمد الحلبوسي برفع الجلسة إلى إشعار آخر يعني أن الجلسة ستكون مستمرة، وتعبر الجلسة الأيام المخصصة لانتخاب رئيس الجمهورية وهي الـ 30 يوماً، ومعنى جلسة مستمرة أي أنها افتتحت بنصاب قانوني وتفتتح في المرة المقبلة في النصاب ذاته، وهذا يرفع الحرج عن رئيس البرلمان أنه لم يحدد يوماً يعد خارج إطار ما قدمته المحكمة الاتحادية من تفسير، أي تبقى الجلسة وكأنها مازالت بتاريخ انعقاد يسبق يوم 6 نيسان».
وأضاف أنه «يحتاج من رئيس الجمهورية برهم صالح، وفق المادة 67 من الدستور، لكونه حامي الدستور، أن يستفتي المحكمة الاتحادية العليا لمعرفة رأيها في ما وصلت إليه الإجراءات الدستورية لإيجاد مدة أخرى»، مبيناً أنه «لا يوجد شيء اسمه فراغ دستوري، بل خلافات سياسية انعكست سلباً على الإجراءات الدستورية التي هي شماعه تعلق عليها هذه المشاكل دائماً».
وتابع: «أما رئيس الجمهورية برهم صالح، فيستمر في عمله وفق قرار المحكمة الاتحادية 24 لسنة 2022 لحين انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وتستمر الحكومة في تصريف الأمور اليومية».