العراق: 10أعوام من الخراب

حجم الخط
7

10أعوام مرّت على الاحتلال الأمريكي للعراق، بتمويل (عربي) نفطي، وبمشاركة كثير من الدول التابعة، والدول الاستعمارية القديمة: بريطانيا وفرنسا.
كل التهم التي وجهت للدولة العراقية ثبت بطلانها، وانتحالها، بهدف تبرير العدوان على العراق، وتدميره، وتحويله إلى دولة فاشلة، وهو ما تحقق، بل ويتفاقم رغم مرور 10 أعوام على الاحتلال الديمقراطي!
والعراق يدخل في العام ال11 بعد الاحتلال الأمريكي الديمقراطي، مازال دولة فاشلة، وبلدا غير مستقر، وهو في التصنيف من أكثر دول العالم فسادا، وافتقادا للأمن، وانتشارا للموت المجاني اليومي الذي يحصد أرواح الأبرياء، وآخر المذابح ما وقع يوم الإثنين الماضي، حيث قُتل وجرح أكثر من مئتي عراقي بريء.
لم يبرهن المحتلون الأمريكان بعد تسيدهم على أرض العراق، على التهم التي كالوها للنظام، فلا أسلحة كيماوية، ولا جرثومية، ولا نووية، فالإدارة الأمريكية كذبت قصدا وبوقاحة، وكل من سار في ركابها من دول الغرب و(العرب) التابعين، لم يعتذر عن جريمة تدمير العراق، وتحطيم حياة شعبه، بل يساهم حاليا في تدمير سورية، وبنفس الشعارات!
من دخلوا، أو عادوا، إلى العراق، في ظلال الدبابات، وتحت هدير ودوي الصورايخ والطائرات، تسبقهم وعود الديمقراطية والحرية، تفكك (تحالفهم) المصلحي، فالغنائم الرئيسة لأمريكا، والفتات، أو ما تبقّى، للتابعين الذين وعدوا العراقيين بجنة أين منها جنائن بابل المعلقة، وحرية أين منها جمهورية أفلاطون، وكأن العراق الموعود سيكون السويد، وهؤلاء الكذبة انهمكوا في صراع ضار على تقاسم الغنائم، وكل جاء بجماعته، أو طائفته، أو حزبه الذي لا مبادئ له، وهكذا تحوّل العراق نفطا، وشعبا، ومدنا، وتاريخا، وتراثا، و..حاضرا، ومستقبلاً..إلى مزق، وبأيدي من وعدوا بالرفاهية، والتمتع بعائدات النفط، وبسيادة القانون، وبالدولة المدنية التي يتمتع مواطنوها بكافة الحقوق بالتساوي، ودون تمييز عرقي، أو مذهبي، أو قومي.
10 أعوام احتلال، بدأت بالمقاومة الشريفة الشجاعة، التي ردت للعراق اعتباره، ومرغت راية أمريكا وأتباعها في الوحل، ببسالة عراقية تليق بتاريخ العراق المجيد، عراق الحضارات، الذي بعد كل هزيمة من القوى التي استهدفته، كان ينهض بجهود أبنائه، ويطرد المحتلين ويعيد البناء من جديد.
فوجئ المُحتل الأمريكي بالمقاومة العراقية، وهي تنقض عليه على طرقات العراق، وفي شوارع مدنه، ولا سيما بغداد، وفي المنطقة الخضراء التي حولتها المقاومة إلى وكر للخائفين الأمريكيين، والتابعين لهم، وألهبتها بصورايخها، وقذائف مدافعها، وكان جيش العراق ينتقم لما لحق بشرفه، ووطنه، ويلقن المحتلين دروسا لم ترد على بالهم وهم يخططون ، ويدبرون مع أتباعهم وأدواتهم.
لم يكتف المقاومون بمعاركهم على ألأرض، بل تمكنوا ببراعة أبناء جيش العراق العظيم، الذي (حله) بريمر المجرم، كي يحرم العراق من قوته الضاربة التي تصون وحدته، وتتصدى للطامعين بوحدة شعبه..من إسقاط طائرات الهيلوكبتر، وهو ما رفع معنويات العراقيين، ودفعهم للالتفاف حول مقاومتهم الباسلة التي لم تكن تخوض معارك البطولة والشرف باسم (طائفة) أو (جهة)، بل باسم العراق الواحد بكل مكوناته.
10 أعوام مضت على احتلال العراق، ازدادت فيها الأوضاع سوءا على سوء، وتكشف الطامعون عن انحطاط في أساليب النهب، والتبعية للأمريكي الذي دمر البلد، وأغرقها في ديون بالمليارات لتبرير نهب النفط لتسديدها، بينما يغرق الشعب العراقي في الفقر، وتفتك بأهله الأمراض، وتنتشر البطالة، في حين يزداد الحكّام الأتباع شراسة في صراعاتهم، ومنهم من يوظف النعرة الطائفية ليحتمي بها، ويغطي عمليات نهبه، وتسيده في المنصب، فالعراق مقسم بين رؤوس الطوائف، أو من اغتصبوا وزوروا إرادتها، وأججوا التناحر بين العراقيين، ليشغلوهم عن مصلحتهم الحقيقية بعراق حر سيّد.
في 10 أعوام تمكنت روسيا من النهوض بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، وكانت مرّت عليها سنوات كانت فيها عاجزة عن دفع رواتب الموظفين!
انتشرت المافيات في روسيا، وارتاحت أمريكا لانهيار الاتحاد السوفييتي، وتوريث روسيا العجز الذي كان الرهان أن يمتد لعقود، ولكن روسيا نهضت بعد التخلص من القيادات البائسة التافهة التي عجّلت بانهيار الاتحاد السوفييتي، وجاءت حقبة بوتين الذي قضى على المافيات، واستثمر ارتفاع أسعار النفط لمصلحة بلده، وأحاط نفسه بقيادات شابة حرصت على نهوض وطنها روسيا، واستعادة الدور الذي فقدته مع انهيار الاتحاد السوفييتي.
القيادات في العراق غير معنية بنهوض العراق، واستعادته لأمجاده، ودوره، وحضوره، واستثمار نفطه لخير أبنائه، فباعتراف ولي الأمر الأمريكي يصنف العراق في مقدمة الدول الأكثر فسادا في العالم!
قبل الاحتلال كان العراق قد تخلص من الأمية، وبات من أكثر بلدان العالم تعلما، واحتفل بتعليم آخر أمي، وهو ما أقرته (اليونسكو).
كان العراق من أفضل 8 بلدان في العالم صحيا، وهو الآن عليل، تفترسه الأمراض بفضل الأسلحة التي استخدمتها أمريكا، وأجرت بها التجارب على أجساد العراقيين، فأورثتهم السرطانات، والولادات المشوهة، وأحالت أرضهم إلى أراض موبوءة غير قابله للزراعة!.
في العراق منذ 10 تردد القيادات المُنصبّة أمريكيا عبارة : الاجتثاث!
والاجتثاث انتشر كسياسة بين المتصارعين الذين اتحدوا قبل سنوات، أي قبل (عودتهم) إلى العراق في ظلال الدبابات الأمريكية، حين كان همهم جميعا التخلص من الرئيس (صدّام حسين) والبعث الحاكم.
العداء بينهم حاليا أكثر شراسة من عدائهم للبعث، ولصدام حسين، لأن ما وحدهم لم تكن المبادئ، ولا الأهداف النبيلة، ولكن المصالح الخاصة الجشعة، غير الوطنية!
هؤلاء برهنوا على إنهم غير ديمقراطيين، وأنهم استبدلوا (الديكتاتورية) بالطائفية الممزقة للبلد، والمدمرة لنسيج الشعب العراقي المتعايش منذ مئات السنين.
كان من الممكن استبدال نظام حكم الرئيس صدام حسين والبعث، وبقاء العراق بلدا واحدا، ودولة واحدة، وجيشا واحدا، وثروات واحدة،بالنضال السياسي، والذي يمكن أن يكون صعبا وطويلاً، ولكن المستعجلين المتلهفين على السلطة سخّروا كل جهودهم لاستقدام الاحتلال الأمريكي، وكانت هذه سابقة، تبعها الاستعانة بالناتو في ليبيا، وها هي ( معارضات) سورية تتوسل للناتو بالتدخل عسكريا لنشر الديمقراطية في ربوع سورية كما نُشرت من قبل في العراق، وليبيا!
في التآمر على مشروع المقاومة العراقية التقى المخطط الأمريكي، والذي تمثل بالصحوات، و( القاعدة) بعملياتها التي استهدفت المواطنين العراقيين (طائفيا)، فعمل الطرفان معا على ضرب المقاومة، وتأجيج ( الطائفية)، والصراع الداخلي الذي أضعف روح المقاومة!
مع بدء العام ال 11لا بد من التساؤل: العراق إلى أين؟..المزيد من الخراب، والفساد، والتمزيق الطائفي، وانبتات الولاء للوطن الواحد، وتفكك العراق، وتحوله (أوطانا) للطوائف؟!
بالقيادات الانتهازية التي تلعب بمصير العراق دون وازع من ضمير، وتتركه نهبا للموت اليومي، والفقر، وترتهنه للمحتل الأمريكي بنفوذه المهيمن، والموجه آمرا وناهيا..يبدو مستقبل العراق مظلما إلاّ إذا قيض للعراق قيادات مخلصة، تأخذ بيد شعبه، وتقوده بروح مقاومة، تنفض التبعية، وتكبر على الطائفية، وترسخ الولاء للعراق الواحد، عراق جميع العراقيين…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ف. اللامي:

    ما العشر السابقات، إلا إمتداداً ونتاج ١٩٥٨ المشؤوم، والذي إبتدأ بعبد الكريم، أول من قصف شعبه بالطائرات، وإمتد بصدام وعائلته، ومن ثم، تجلت حكومة الطوائف. رحم الله فيصل، الملك المؤوسس، رحم الله غازي المقدام، العربي الشريف، رحم الله فيصل الثاني، آخر الملوك في أرض العراق، وما بقي بعدهم من عِراقٍ غير ذكرى عن زمن جميل، وبعض من خُلُق أصيل، عَلهٌ يوماً يعود وقد يعود. ودمتم

  2. يقول حي يقظان:

    هل قضى بوتين على المافيات فعلاً؟؟؟ حقيقةً، بوتين لم يقضِ على المافيات القديمة في روسيا إلا ليشكِلَ، من خلال «بلطجيَّته» السرِّيِّين والعلنيِّين، مافياتٍ جديدةً أشدَ خطورة!!! ومنذ سنة 2000 تحديدًا بدأ المجرم المافيوي بشار الأسد يحذو حذوه شيئًا فشيئًا، من خلال «شبِّيحته» السرِّيِّين والعلنيِّين كذلك!!!

  3. يقول HADI:

    مقالة رائعة تعكس ما يجول في قلوب العراقيين الوطنيين وتغيض الخونة والأغبياء الذين بلعوا الطعم وباعوا دينهم وشرفهم ووطنهم للمحتل الذي سرعان ماتركهم على قارعة الطريق كمخلفات مكدسة على بعضها سيكنسها العراقيون في القريب العاجل.

  4. يقول طالب الطالب:

    قلت الحقيقة وليس غيرها . انه الواقع المر الذي يعيشه الشعب العراقي العربيز

  5. يقول HADI:

    Your comment is awaiting moderation.
    هكذا جائنى الرد على تعليقي
    عجبي

  6. يقول ابراهيم المهاجر:

    1:ـ احتلال العراق ضمن استتراجيه كونيه مهده لها منذ عام 1979 او قبل ذلك باشهر.
    2:ـ (اسرائيل) مصيرها مهدد بفعل. أ:ـ الزياده السكانيه للدول العربيه المحيطه والمجاوره لدول الطوق ومنها العراق على وجه الخصوص
    ب:ـ نفوس عرب الارض المحتله في ازدباد مضطرد ج:ـ التحولات العسكريه والتسليح على وجه الخصوص ان تصنع صواريخ اي مجموعه بشريه بامكانها ان تصنع صواريخ قادره على الوصول الى اسرائيل وتقلق الامن .
    3:ـ وجود عقيده تحكم العراق بغض النضر على الانفراد والدكتاتوريه وهذه مسلسم بها تطالب بلحق التاريخي والانساني والاخلاقي والمنصف بلتاكيد كل ذلك يقض مضجع اسرائيل اللوب الصهيوني فكان الاحتلال بلاضافه الى سبب آخر هو السيطره على مصادر الطاقه اما الان فتخطط امريكا 1:ـ زرعت التناحر الطائفي لايصال العراق الى المربع اللا حل لتقدم هي الحل :ـ يتلخص في فدرلة العراق لضمان وجود حكومه مركزيه ضعيفه تستمر لعقود وان اختلفت وجوهها بعد ان تكون الاصح الكون فدراليه قد ترسخت وتجدرت هذه الحلول قد تاخذ ميات م السنين يكون فيها الشعب العراقي العضيم اداتها وضحاياها وهذا ينطبق على بقيه الدول حصريا وهذا ياخذ اشكال مختلفه حسب طبيعه كل بلدا على حدا.تجزئه المجزء

    تحيه للاستاذ رشاد ابو شاور

  7. يقول أ.د/ خالد فهمي - تورونتو - كندا:

    أنا أختلف معك من أنه “كان ممكناً أستبدال دولة حجاج القرن العشرين” بما أسميته النضال السياسي…وهنا لابد أن أقول نحن العراقيون لسنا بصدد لعبة أستبدال أحجار للشطرنج !!! أما ما حدث في العراق عام 2003 فهو في الحقيقة وحسب المعاييرالدولية “الزلزال الرابع” بعد الاحتلال المغولي عام 1258 ثم أعادة أحتلال عثماني وأسقاط داوود باشا (المملوكي) عام 1830 ثم الاحتلال البريطاني عام 1917 وعليه فنحن أعلم بمكة و بشعابها وبالتالي لا نحتاج الى تنظير من أجل أبداء رأي
    في هذا الزلزال “الحديث” واجه شعب العراق الابيّ أربعة قوى غاشمة في ذات الوقت تعمل جميعها على تمزيق الوطن وتشريد الشعب وهي أمريكا وأيران والقاعدة وفلول البعث المقبور….الجميع يحمل السلاح والشعب أعزل وعليه وفي هذا المخاض العسيرلا نستغرب دخول “أقزام” من العراقيين من حملة الجنسيات الاجنبية ممن يدعون بالاخلاص لتربة وشعب العراق ليتغلغلوا في السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية الهشة والحديثة التكوين عن طريق “الديمقراطية” العراقية الفنية
    المهم يا سيدي هو أستعادة كرامة الانسان العراقي وحريته ووعيه الجماعي بعد أن غُيّب لاكثر من أربعة عقود وهذه مهمة الشرفاء المخلصون من أبناء الوطن الواحد من عربه وأكراده و أقلّياته

إشترك في قائمتنا البريدية