بغداد ـ «القدس العربي»: رغم إيقاف الاشتباكات المسلحة، الثلاثاء الماضي، على إثر إعلان الزعيم الشيعي مقتدى الصدر سحب مسلحيه والمعتصمين من المنطقة «الخضراء» غير إن شرارة النزاع الشيعي المسلّح انتقلت إلى محافظة البصرة، في أقصى جنوب العراق. ففجر الخميس، شهدت مناطق في المدينة الغنيّة بالنفط اشتباكات مسلحة بين مسلحي «التيار الصدري» من جهة، و«عصائب أهل الحق» من جهة ثانية، أسفرت عن سقوط 4 قتلى، من كلا الطرفين.
ونقلت «فرانس برس» عن مصدر أمني، قول إن عنصرين من سرايا السلام قُتلا على أيدي عصائب أهل الحق، ما أدى إلى اندلاع مواجهات أسفرت عن قتيلين في صفوف الفصيل الثاني.
وأضاف، دون كشف هويته، أن السيارة التي كان يستقلّها عنصران من سرايا السلام، استُهدفت فيما كانا يتجوّلان على مقربة من مقرّ عصائب أهل الحق، أحد الفصائل الأكثر نفوذاً في قوات «الحشد الشعبي».
وأوضح أن مواجهات اندلعت بين الفصيلين.
وحسب «رويترز» هاجم مسلحون بنايات حكومية في البصرة، حيث توجد قوات أمنية وجماعات شبه عسكرية لها صلات بإيران.
ولم يتمكن المسؤولون من التعرف بعد على المسلحين الذين أطلقوا النار على البنايات الحكومية، لكنهم قالوا إنهم يعتقدون أنهم من أنصار الصدر.
ونقلت مواقع إخبارية محلّية، بياناً «للعصائب» أفاد بمقتل عنصرين ينتميان للحركة، علي صبّار الحريشاوي، وسرمد حسين المحمداوي «أثناء تأديتهما الواجب في مقرات الحشد الشعبي».
في حين أفاد المكتب الإعلامي لـ«سرايا السلام» في البصرة، أن «الشهيدين سقطا إثر إطلاقات نارية فجر اليوم (أمس) في المحافظة».
وعاش أهالي البصرة ليلة مضطربة جراء الاشتباكات بين الطرفين، لكن سرعان ما وجّه محافظ البصرة، أسعد العيداني، قوات الأمن بالنزول إلى الشارع ونصب السيطرات الأمنية، ومنع أي مظاهر مسلحة في المدينة.
كما، أكدت خلية الإعلام الأمني، أن الوضع في محافظة البصرة، «مسيطر عليه».
وذكرت، في بيان صحافي، أن «مواقع التواصل الاجتماعي تداولت أنباء متضاربة عن وقوع أحداث أمنية واضطرابات في محافظة البصرة».
واضافت أن «الموضوع عبارة عن وقوع حادث جريمة قتل (لم تحدد سببها) في مركز المحافظة وإصابة آخر، حيث ألقت القوات الأمنية القبض على عدد من المشتبه بهم وتقوم بواجباتها والتحقيق في هذا الحادث».
وأكدت أن «الأوضاع الأمنية مسيطر عليها وأن الموقف الآن هدوء أمني وانتشار تام للقوات الأمنية في المحافظة».
الخزعلي أمر بإغلاق مكاتبه و «وزير القائد» دعاه للتبرؤ من «الميليشيات الوقحة»
وفي مدينة الناصرية جنوب العراق، داهم أتباع الصدر مقرات في المدينة لجماعات شبه عسكرية لها صلات بإيران واستولوا على سيارات وأسلحة، وذلك وفقا لما ذكره أتباع للصدر ومسؤولون أمنيون متحالفون مع إيران في المدينة لوكالة «رويترز».
وتنذر الأوضاع بمزيد من التصعيد، خصوصاً بعد أن وجّه «وزير الصدر» صالح محمد العراقي، انتقاداً شديد اللهجة، لأمين عام «العصائب» قيس الخزعلي، وحثّه على التبرؤ من أتباعه الذين وصفهم بـ«القتلة».
«أحذرك يا قيس»
وكتب في «تدوينة» له أمس، على خلفية أحداث البصرة يقول: «أحذرك يا قيس إذا لم تكبح جماح ميليشياتك الوقحة، وإذا لم تتبرأ من القتلة والمجرمين التابعين لك أو تثبت أنهم لا ينتمون إليك فأنت أيضا وقح» حسب قوله.
وأضاف مخاطباً الخزعلي: «كفاك استهتارا بدماء الشعب أيا كانوا. فإن أعطيت لنفسك الولاية بقتل أتباعك مثل: (أبا ذر) فلا يعني أن تنصب نفسك جلادا لكي تغتال كلابك المسعورة، الأسود. والحشد براء منك أيها الوقح» وفقاً للتدوينة. وبعد ساعات نشر العراقي تدوينة جديدة، دعا فيها لتغيير رئيس هيئة «الحشد الشعبي» فالح الفياض.
فكتب: «نقترح على قائد القوات المسلحة، حفاظاً على هيبة الدولة وإنهاء تواجد الميليشيات في الأماكن الحساسة في الدولة، تغيير مسؤول الحشد (فالح الفياض)» مشيرا إلى أن الأخير «متحزّب ورئيس كتلة، وهذا ما يسيس الحشـد المجاهــد». كما أنه (الفياض) «لا يمتلك شخصية قوية بل ولا يمتلك ذهنية عـسكـرية، وهو غير مؤهل لهذا المنصب» حسب العراقي، الذي طالب كذلك، بـ«إستصدار أمر حازم وشديد، بحل الفصائل التي تدّعي المقاومة وهي تـقتل أبناء الشعب» وأيضاً إخراجها هي والحشد الشعبي من المنطقة الخضراء، و«مسكها من قبل القوات الأمنية الوطنية البطلة».
خطورة أمنية
واعتبر أن بقاءها «فيه خطورة أمنية على قائد القوات المسـلحة فضلاً عن باقي المؤسسات ولا سيما القضاء والضغط عليه».
كما دعا «وزير القائد» لـ «إبعاد الحـشـد الشـعبي عن السيطرات والمنافذ الحدودية حفاظاً على سمعة المجــاهدين الأخيار، فهناك من يتعمّد تشويه سمعتهم من خلال استعمال العـنف والتجارة والتهـريب وغير ذلك».
وختم بمطلب «دعم المجاهـدين في المناطق المحررة، فإن بعضهم يعاني من التهميش وعدم الاعتناء من الناحية العـسكرية والأمنية واللوجستية، ويفتقدون الى أبسط المقومات».
على إثر اشتباكات البصرة، وجّه الخزعلي، بإغلاق مكاتب حركته في مناطق ومدن العراق كافة إلى إشعار آخر، ودعا أتباعه إلى عدم اتخاذ أي خطوة للردّ على «إساءة» العراقي.
وخاطب في «تدوينة» أتباعه قائلا: «عليكم بحق الحسين عليه السلام ألّا يردَّ منكم أي رد سلبي على الإساءات التي توجه إليّ شخصياً».
وأضاف أن «هناك من يتربص بنا ويريد تأزيم الأمور فوتوا الفرصة عليهم، وافشلوا مخططهم بالسكوت» مشددا على ضرورة «عدم إفشال إحياء زيارة أربعينية الإمام الحسين».
ووجه بـ«غلق مكاتب الحركة كافة وإلى إشعار آخر» لافتا إلى أن «أي مكتب يُراد حرقه، فليحرقوه، ولا تهتموا لذلك فسيعوضكم الله عن ذلك عوضا كبيرا لا تتوقعونه».
التطورات الأخيرة والذهاب نحو التصعيد المسلّح عقّد المشهد السياسي في العراق الذي يعاني بالأساس من انسداد وتلكؤ في انجاز «الاستحقاقات الدستورية» المترتبة على الانتخابات، وأبرزها اختيار رئيس جمهورية جديد وتكليف رئيس للوزراء بتأليف كابينته الوزارية.
العصابات الطائفية والعوائل التدينية والقومجية الانفصالية والولائية والعشائرية الارتزاقية حولوا العراق الى مستنقع للفساد ومزبلة ومهزلة ومأسات مريرة. كفى فوضى ولا دولة!