في مقابلته مع النائب الأردنية هند الفايز، لا يكتفي المذيع حسن معوض في برنامجه «نقطة نظام» على قناة «العربية» بأدائه الكاريكاتيري، غير المفهوم في برنامج حواري جدي، فهو يتعمّد أن يلعب معها لعبة القط والفأر. يستطيع مشاهد «العربية» أن يلمح خلف النقاش والكلام الأقرب إلى التصيّد حركة دؤوبة لمذيع يحاول حشر ضيفته، فيما هي تركض في ممرات الكلام لتفلت، أو لتختبئ.
لم يكفّ المذيع، الضليع لغوياً، كما هو واضح، عن مناداتها بـ «النائبة»، ولم تتوقف هي عن تسمية نفسها بـ«النائب». كلاهما كان يعرف أن «النائبة» في العربية تعني المصيبة، لذلك فإن الصورة الحقيقية للمذيع وضيفته كانت، خلف الكلام، أقرب إلى شدّ الشَعر.
المقابلة لم تكن للبحث في دور المرأة الأردنية وفاعليتها تحت قبة البرلمان، ولم تكن بالتالي انتصاراً للمرأة، كأن المقابلة جاءت لتكرر شيئاً واحداً قيل من قبل لهند الفايز في البرلمان: «اقعدي يا هند». كأن «العربية» أرادت أن تقول للفايز، بشكل زاجر ونهائي أن تقعد وتكف عن الكلام، كما أمرها نائب أردني زميل، في عبارة باتت أشهر من عبارات شكسبير. بل إن المذيع لا يتردد في وصف الفايز بأنها «بطلة واقعة اقعدي يا هند».
«غزارة في مساجلاتك في البرلمان، ونبرة صوت عالية، وشحّ في الإنجاز»، ينقل معوض عن منتقدي الفايز، ويضيف «أنتِ وصلت إلى البرلمان في ظل قانون انتخابي ضعيف»، و»جئت عبر الكوتا»، و»حاولتِ دخول البرلمان عام 2007 ولم تنجحي، فما الذي أدخلك العام 2013؟»! أي أن معوض يعيد تقريباً كل ما قاله النائب الأردني لزميلته في الواقعة إياها. إذاً لا جديد لدى «العربية» سوى أنها جاءت لتكرر صراحة ومجازاً عبارة «اقعدي يا هند»!
الرواية السورية متلفزة
إن جزءاً من مأساة الشعب السوري قد تكون في غياب من يحكي حكايته، فهناك عدد كبير من ضيوف الفضائيات المتحدثين في الشأن السوري يُخجِلون قضيتَّهم فعلاً. قد يقع المرء على عنوان على شاشة «فرانس 24» من قبيل «ما الذي يجري في دوما؟»، وقد يحدث أن نتابعه بشغف المتطلع إلى معرفة ما يجري حقاً، خصوصاً أن المتحدث هو عضو في هيئة التنسيق الوطني في المهجر، ودبلوماسي سابق. حين يسأل مقدم البرنامج ومعدّه توفيق مجيد ضيفه إياد العرفي ما الذي يجري هناك يختصر العرفي بالقول «ما يجري هناك هو جزء مما يجري في سوريا»، وحين يستفيض بالشرح سيصل إلى النتيجة «النظام لا يزال يؤمن بالحل العسكري». أي والله، هذا كل ما قيل عن دوما، مع أن الضيف لو قضى وقتاً في البحث في مواقع التواصل الاجتماعي أطول قليلاً من الوقت الممنوح لتصفيف شعره لخرج بنتائج أوفى من هذه الأجوبة.
لن نطمح أن يتحدث الضيف عن معاني تلك المعركة ولماذا في هذا الوقت، فقد بتنا راضين بأن يتحدث عن أعداد الغارات الجوية التي شنها طيران النظام على المدينة، والأمكنة التي استهدفت، وأعداد الضحايا. لكن شيئاً من ذلك لم يقل، إلى حد بدا أن ما لدى المذيع أكثر بكثير من ضيفه صاحب القضية.
ومن جديد يسأل المذيع ضيفه «هل تعتقد أن القوات العسكرية (للنظام) تتقدم في الجنوب؟»، يجيب الضيف «لست خبيراً عسكرياً، وهذا الخبر سمعته منك الآن»! حسبنا أول الأمر أن الضيف ينفي ذلك التقدم لجيش النظام، وبالتالي فإن لديه رواية بديلة، ومرة أخرى خاب التوقع، فالرجل لا يلوي على سر، ويبدو أنه لا يعرف حتى المعلومات الشائعة والمتداولة التي يعرفها الجميع. فماذا جئت تفعل هنا إذا كنت لا تعرف شيئاً يا عضو هيئة التنسيق الوطني؟ ماذا جئت تنسق؟
لكن عضو هيئة التنسيق يستطرد فيؤكد فوق ذلك ما يختلف عليه نصف السوريين على الأقل حين يجزم بأن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» مرجع أساسي ذو مصداقية لدى السوريين، وأن لا شهادات موثقة عما يجري في الغوطة! لا شيء يقال حقاً، سوى اتقوا الله في هؤلاء الضحايا الذين لا يريدون الآن، وهم في عليائهم، سوى أن تروى حكاياتهم كما تستحق.
نجوى والعلم المصري
ستظل الأعلام تشكل أزمة ما دامت البرامج التلفزيونية تستثمر فيها، تبيع وتشتري بالأعلام كعصبيات وهويات تتناحر. آخر المعارك اشتعلت حول المغنية اللبنانية نجوى كرم حين قالت بوضوح وفخر في برنامج «آرابز غوت تالنت» «العلم المصري يجمع الكل»، قبل أن تضيف «شهيتوني العلم اللبناني يكون بينكم»، ليتم الاجتزاء والتصرف فيما بعد لتصبح عبارة كرم «أريد علم لبنان وليس علم مصر»! ستتعرض الفنانة اللبنانية إلى حملة شتائم واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، ورغم سهولة العودة إلى «يوتيوب» للتأكد من السياق قلة من سيحرصون على ذلك. دائماً ستكون الحظوة للصفعة الأولى، هذه التي ليس من السهل أن تمحى.
أنس صباح فخري: قتل الأب
لم يكتف الفنان السوري الشاب أنس صباح فخري بالظهور مع والده الفنان الكبير صباح فخري على الشاشة الرسمية السورية في أول ظهور للأب بعد التعافي من مرض عسير، بل ظهر معه مغنياً في إحدى الحفلات العامة، محاولاً من جديد أن يستثمر حضور الأب لتسويق اسمه. الأب ظهر في وضع مشفق، لا يقوى على الغناء، لنقلها بصراحة، لقد غنى بصوت مريض لا يشبه بأي حال صوته وهو المغني الأسطورة. لسنا نلوم الأب، فلا أحد يعرف كيف يفكر الناس بهذا العمر، لكن الابن يرتكب خطأً فادحاً بحق أبيه، فمن يقول له ارحمْ أباك منك؟
في المرة الأولى، لدى الظهور على الشاشة السورية لم يلتفت أحد لذلك، باعتبارها مجرد مقابلة تخللها بعض الغناء، أما وقد ظهر فيديو الحفل إياه فقد أثار الأمر استياء كبيراً أجمع عليه كثيرون.
كاتب من أسرة «القدس العربي»
راشد عيسى
شكرا للمعلومات والطرائف والأخبار يا أستاذ راشد
اسلوبك ممتع وشيق كالعادة – يعطيك العافيه
ولا حول ولا قوة الا بالله
للأسف تم جرّ النائب هند إلى ضوضاء البرلمان الأردني حيث يقاطع النواب بعضهم البعض ولا يحترمون دور رئيس الجلسة ولا يستمعون لرأي بعضهم بتحضّر. هذه الحوادث المتلفزة تزيد من نفور المواطن من النظام الديمقراطي المفترض رغم تداول جرعات الضحك الأسود في الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي. كنت أتمنى على كل هند تدخل البرلمان أن تعلم من حولها لفتة ايجابية تعزز من سبب دخولها حلقة السجال السياسي بدلا من الاستعراض المبالغ فيه، رغم أنها أخرجت زميلها عن طوره فانفلت من عقال استعراض التحضر والإيمان بالمساواة التي تفرض عليه الاستماع لرأي والدته أو شقيقته أو زوجته، فكانت نتيجة اصرار هند على التشويح ولفت الأنظار أن لعن زميلها يوم دخول المرأة الأردنية دائرة القرار السياسي.
متى سيصل المشاهد العربي للوعي في التصويت للمواهب في برنامج آرابز غوت تالنت . للتصويت للموهبة وليس للهوية وشكراً