العيّاشي زمّال: تونس على أبواب كارثة اقتصادية والقانون الانتخابي يفتح الباب للمهرّبين لدخول البرلمان

حجم الخط
0

تونس- “القدس العربي”: قال العيّاشي زمّال، النائب التونسي السابق، ورئيس حركة “عازمون” إن القانون الانتخابي الجديد الذي يعتمد نظام الاقتراع على الأفراد، سيقود إلى “ديمقراطية مشوّهة”، معتبرا أن الانتخابات المقبلة ستتيح للمغامرين والمهرّبين فرصة الدخول إلى برلمان مشلول ومُنقسم على نفسه.

وقال في حوار خاص مع “القدس العربي”: “ليس هناك قانون انتخابي نموذجي. التجارب المقارنة تقول إن لكل نظام إيجابيات وسلبيات. والمفاضلة بين القوانين الانتخابية كانت موضوعا للنقاش سنة 2011. وتم اعتماد قانون القوائم بأفضل البواقي لضمان مشاركة كل التيارات والأقليات في كتابة الدستور”.

وأشار إلى أنه “منذ انتهاء انتخابات المجلس التأسيسي، تعالت الأصوات المطالبة بمراجعة القانون الانتخابي بشكل يسمح بانتخابات تُنتج أغلبيات تحكم وأخرى تعارض. ولكن الصراع السياسي منع ذلك. اليوم ذهب الرئيس بشكل انفرادي إلى فرض نظام الاقتراع على الأفراد، وهو نظام له عيوب كبيرة وسيُنتجُ بدوره ديمقراطية مشوهة وبرلمانا مشلولا ومنقسما على نفسه. وأعتقد أن ذلك هو ما يبحث عنه الرئيس قيس سعيد. فدور البرلمان في الدستور الجديد صوري لا علاقة له بالحكم والحكومة ولا بالتنمية والمشاريع”.

زمال: القانون الانتخابي الجديد الذي يعتمد نظام الاقتراع على الأفراد، سيقود إلى “ديمقراطية مشوّهة”، والانتخابات المقبلة ستتيح للمغامرين والمهرّبين فرصة الدخول إلى برلمان مشلول ومُنقسم على نفسه

كما انتقد “الخلط الكبير الذي تسقط فيه هيئة الانتخابات التي نصّبها الرئيس بنفسه، وتغيب عنها كل شروط النزاهة والاستقلالية، فهي تؤكد على منع المترشحين من الإشهار لأحزابهم السياسية أو إعلان انتمائهم لها”.

“الرئيس يعتمد منهجا فردانيا تغيب عنه كل شروط الانتخابات النزيهة”

واعتبر زمال أن الانتخابات البرلمانية المقبلة ستشكل “فرصة للمغامرين وأصحاب النفوذ الجهوي والمحلي والمالي والمهربين ليصبحوا نوابا، وسيكون عندنا مجلس من عديمي الكفاءة وقليلي الخبرة السياسية والعملية ومن الفاشلين، هذا دون نسيان أننا سنكون أمام مجلس منقسم على نفسه وعاجز على خلق كتل وأغلبيات”، مشيرا إلى أنه “من الممكن أن للانتخابات على أساس القوائم عيوبا، لكنها في كل الحالات أقل من عيوب الانتخاب على الأفراد”.

وأضاف: “لكل ذلك، ولغياب كل سياسة تشاركية، ولاعتماد الرئيس منهجا فردانيا تغيب عنه كل شروط الانتخابات الحرة والنزيهة، فإن حركة عازمون قاطعت هذه الانتخابات الفولكلورية ولا ترى نفسها في برلمان صوري. وحركة عازمون تدعو إلى انتخابات رئاسية مبكرة تُجدّد الشرعية وتدفع بالنخب السياسية نحو توازنات وأولويات جديدة، على رأسها الأولويات الاقتصادية والاجتماعية”.

واعتبر أن البرلمان المقبل سيكون “صوريا، وسيستمتع التونسيون فعلا بالكثير من الفولكلور البرلماني. وتبدو المؤشرات سلبية جدا، ومن خلال الأخبار التي تدور في البلاد فإن حملة شراء الذمم من خلال التزكيات على أشدّها، وعُدنا إلى تغذية التناحر الجهوي والتفاخر العائلي والقبلي”.

وقال إن الانتخابات الجديدة “أعادت إلى تونس استقطابات خطيرة عملت دولة الاستقلال على القضاء عليها، وساهم التقسيم الجديد في الدوائر الانتخابية في تغذية تنافس محلي وجهوي وعشائري وعائلي. وتجد بعض دوائر المال على مستوى محلي فرصة للنفاذ إلى البرلمان. وبدل تجويد عمليات الترشح وترشيد العملية الانتخابية، فإننا للأسف نعود إلى معايير غير عقلانية”.

وأشار إلى أن “تونس التي مثلت استثناء ديمقراطيا حقيقيا ونموذجا مجتمعيا حديثا ودولة وطنية عصرية، نراها تعود القهقرى لإحياء علاقات وغرائز وهويات عتيقة وخطيرة على وحدة الدولة وعلى تماسك المجتمع وسلمه الأهلي”.

“تونس اليوم تعيش مأزقا اقتصاديا واجتماعيا عميقا”

 من جهة أخرى، قال زمال إن جميع السيناريوهات ممكنة في تونس “ونحن لا نتمنى أن تعيش تونس أيا منها. فالفصل الـ80 من دستور 2014، أكد على كون الرئيس من حقه فرض الإجراءات الاستثنائية، ولكنه سماها استثنائية وجعلها مؤقتة، وفرض زوالها بزوال أسبابها. واليوم نحن نسير دون غاية ولا هدف وليس لنا رؤية واضحة. صحيح أن الرئيس قيس سعيّد وضع خارطة طريق وحدد تواريخ الانتخابات، ولكن ذلك يظل سياسة فردية لا تحظى بإجماع وطني، بل إنها ليست أصلا موضوع نقاش”.

زمال: البرلمان المقبل سيكون صوريا، وسيستمتع التونسيون بالكثير من الفولكلور البرلماني. وحملة شراء الذمم من خلال التزكيات على أشدّها، وعُدنا إلى تغذية التناحر الجهوي والتفاخر العائلي والقبلي

وأضاف: “تونس اليوم تعيش مأزقا اقتصاديا واجتماعيا عميقا، وآثاره تطحن ملايين التونسيين، من خلال غلاء شديد في الأسعار وفقدان المواد الأساسية والأدوية، وتزايد نسب الفقر. وتشير كل التقارير إلى كون تونس تندفع بسرعة كبيرة نحو كارثة مالية واقتصادية واجتماعية قد تنتهي بانفجار اجتماعي وعنف وفوضى. للأسف يبدو أن الرئيس وحكومته لا يهتمان بذلك كثيرا”.

لكن زمال أكد أنه يتمنى للرئيس قيس سعيد النجاح في مهمته “ففي نجاحه نجاح لتونس، ونحن نتمنى الخير لبلادنا ولشعبها الكريم”.

“الحل يبدأ بمؤتمر وطني ينتهي بميثاق جديد”

وأكد أن حركة “عازمون” اقترحت في وقت سابق “عقد مؤتمر وطني ينتهي بإمضاء ميثاق وطني اجتماعي واقتصادي جديد، يتم فيه الاتفاق على الإصلاحات الضرورية ويصدر عنه قانون انتخابي وحكومة كفاءات تقود البلاد حتى الوصول إلى انتخابات رئاسية مبكرة. ثم نمضي بعد ذلك إلى انتخابات تشريعية تقود إلى برلمان يراجع دستور 2022. وإلى مؤسسات ديمقراطية مستقرة. دون ذلك نعتقد أننا ذاهبون إلى سيناريوهات غير ديمقراطية وغير نافعة لبلادنا”.

واعتبر أن إنتاج الثروة هو الشرط الضروري لتجاوز كل الصعوبات في تونس. وأوضح بقوله: “ظاهريا هذا كلام عام، ولكننا نمتلك تصورا فيه تفاصيل دقيقة وإجراءات واقعية نُحقّق من خلالها “ثورة حقيقية” في الطاقات البديلة والاكتفاء الذاتي الغذائي والمائي. ولنا مشروع متكامل في الفلاحة الذكية وإنتاج الفوسفات واللوجستيك، والتخفيض من تكلفة الإنتاج وتسهيل الإجراءات للاستثمار”.

وأضاف زمال: “التونسيون يعرفون مشاكلهم، ويمتلكون الكفاءات القادرة على ابتكار الحلول. وتونس لها إدارة قوية وكفاءات ذات مهارات عالية، ينضاف إلى ذلك موقع تونس وعلاقاتها وأصدقاؤها، كلها عوامل تُحفّز القوة الناعمة لتونس من أجل تونس الجديدة، الديمقراطية والمدنية، تونس الازدهار والرفاه”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية