الغارديان: العالم مدين بالتضامن مع لبنان الجريح بعد كارثة المرفأ

حجم الخط
0

لندن- “القدس العربي”:

خصصت صحيفة “الغارديان” البريطانية افتتاحيتها لانفجار بيروت الذي وقع الثلاثاء، وقالت إن على العالم أن يتضامن مع الشعب اللبناني الذي أنهكته عقود من فساد وإهمال الحكومة.

وقالت الصحيفة: “عرفت بيروت صوت الانفجارات جيدا في الماضي، ولكن لا شيء يشبه التفجير الذي حوّل المناطق المركزية فيها إلى أرض خراب يوم الثلاثاء. فالدمار كان يشبه الدمار الذي جلبته هزة أرضية. ومحي المرفأ الذي كان قلب العاصمة اللبنانية، ومزقت الصدمات التي أحدثها التفجير واجهة كل بناية في الأحياء القريبة، وخلف كل نافذة مهشمة، حياة ممزقة”.

 وتضيف: “ليس هناك مستشفيات كافية أو طاقة كهربائية يمكن التعويل عليها. فالبنية التحتية لتنظيم واستيراد البضائع الأساسية التي تحتاجها المدينة دُمرت بشكل يجعل من ندرة الطعام تهديدا محتوما”.

وقالت الغارديان: “هناك حفرة ضخمة في موقع الانفجار على الشاطئ، ولكن هناك جروح أعمق لأمة تعاني أصلا من أزمة اقتصادية، وأضعفها وباء كورونا، وقلقة من الفوضى السياسية والفساد”.

وتعلق الصحيفة أن الانفجار يبدو حادثا ونتج عن حريق مواد كيماوية نقلت من سفينة محجوزة إلى مستودع في المرفأ وتركت فيه لستة أعوام، وعلّقت: “لكن الأحداث التراجيدية لا تحدث بشكل عشوائي، وهناك أسباب لها يتم التحقيق فيها، ومتجذرة في اختيارات اتخذها الناس”.

وتابعت: “للأسف، فأهل بيروت يعرفون أكثر ولا يتوقعون أجوبة. فهم متعودون على إهمال الدولة الذي برز من خلال المصالح الطائفية، وإدارة الخدمات والمناصب مثل المافيا. فميناء منظم جيدا لن يكون عرضة لحوادث صناعية على قاعدة زلزالية، فالسلطات في دول ديمقراطية يتم التحقيق معها ومحاسبتها”.

وتقول الصحيفة إن لبنان لديه مؤسسات تحاكي الديمقراطية، إلا أن برلمانها لا يمثل مصالح الشعب. فالسلطة توزع للحفاظ على التوازن بين الفصائل المعسكرة وتعرف نفسها من خلال الدين.

وترى الصحيفة هذا الترتيب الانشطاري هو من إرث الحرب الأهلية ما بين 1975- 1990 الذي أنتج دولة فاعلة بالكاد، وقدّم فيها حتى وقت قريب تفاؤل وطاقة الشعب الذي دعم من تحويلات المهاجرين بعض الراحة.

وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2019 نفد صبر اللبانيين، فقد ظهر اقتصاد البلاد وكأنه مشروع هرمي تستمد فيه الأموال العامة وجودها من نظام مصرفي يغذيه الدّيْن غير القابل للخدمة. وعندما انفجرت الفقاعة، حاولت الحكومة عصر موارد المواطنين.

وأدت موجة من التظاهرات غير الطائفية لإجبار سعد الحريري على الاستقالة كرئيس للوزراء. وفشلت حكومة حسان دياب في منع انزلاق البلد نحو الإفلاس الوطني. وتوقفت المحادثات مع صندوق النقد الدولي بسبب مسألة الإصلاح لدولة على حافة الفشل بحسب وزير الخارجية السابق ناصيف حتّي.

ولا يريد المقرضون ضخ المال إلى آلة الفساد ومجموعة صغيرة من محتكري السلطة في بيروت، لا يهمها إلا الحفاظ على اقطاعياتها المالية ويقدمونها على مصالح الحكومة الوطنية.

وترى الصحيفة أن هناك أهمية للخروج من هذا الطريق المسدود في مرحلة ما بعد انفجار الثلاثاء. فبُنية المشكلة لم تتغير، ولكن هناك حاجة أخلاقية ماسة للبحث عن حلول. والخطر الأكبر على لبنان من محاولة النخبة الفاسدة تحويل هذه التراجيديا لصالحهم، واستخدام الوضع الذي تعيشه البلاد لتكريس الوضع الراهن.

وتضيف الصحيفة أن العالم لا يستطيع في الحقيقة التخلي عن بيروت في كارثتها. ولكن الناس الذين يحتاجون إلى الدعم المالي الحقيقي لا يستطيعون إجبار قادتهم على تبني قضية إدارة الدولة بطريقة مسؤولة.

ولا تزال روح اضطرابات تشرين الأول/ أكتوبر حية في نفوس الناس وليس السلطة، وعلى المانحين وأصدقاء لبنان أن يعترفوا بهذه الروح.

وتختم الصحيفة: “نحن مدينون لهذه الأمة بالتضامن والتي كانت تقف على قدميها عندما كانت المأساة تركّعها، ولكنها كان قادرة على اجتراح المعجزة والتصميم مرة بعد الأخرى”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية