لندن- “القدس العربي”:
قال المحرر الدبلوماسي في صحيفة “الغارديان” باتريك وينتور، إن بريطانيا لن تتخذ على الأرجح قرارا سريعا لإعادة تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، حتى بعد نشر الأمم المتحدة يوم الإثنين خطة طريق لإصلاح الوكالة وجعلها أكثر شفافية.
وكانت بريطانيا قد انضمت إلى 18 دولة بقطع التمويل عن الوكالة الأممية بعدما زعمت إسرائيل أن 12 من موظفيها البالغ عددهم 30,000 شاركوا في هجمات حماس ضد إسرائيل في 7 تشرين الأول/ أكتوبر.
واستأنفت معظم هذه الدول الدعم، في وقت تواجه بريطانيا ضغوطا محلية بشان استئناف الدعم أو عدمه. وتقدم بريطانيا 35 مليون جنيه إسترليني للأونروا، بما فيها 16 مليوناً للمساعدة الإنسانية. وكتب بعض نواب حزب المحافظين والداعمين الأقوياء لإسرائيل إلى وزير الخارجية ديفيد كاميرون يحثونه على عدم استئناف الدعم، وزعموا أن استئنافه هو شكل من الانهيار الأخلاقي، حيث يتهمون الوكالة بأنها قريبة من حماس.
وزعمت وزيرة الداخلية السابقة سويلا برافرمان أن “أونروا فقدت مصداقيتها بالمطلق”، وأن “حماس سيطرت على عناصر في الوكالة واستخدمتهم في هجماتها الإرهابية. وسيكون من العار تحويل الحكومة البريطانية أموال دافعي الضرائب لتمويل أونروا.. يجب ألا يحدث هذا”.
ويزعم المطالبون بحجب الدعم عن الأونروا أن منظمات أخرى تستطيع القيام بمهمتها مثل برنامج الغذاء العالمي وتقوم بتوزيع المواد الغذائية، لكن الأونروا هي الجهة الوحيدة التي تملك البنى التحتية ولا تملكها أي منظمة أخرى. وأعدت التقرير وزيرةُ الخارجية الفرنسية السابقة كاثرين كولونا، وسُلم إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، نهاية الأسبوع حيث حدد موعد نشره في الساعة الخامسة مساء بتوقيت غرينتش.
ووصف التقرير بالدقيق والمباشر واحتوى على مجموعة من التوصيات لجعل المنظمة أكثر شفافية ومحاسبة. وتلتزم الأونروا بتزويد المانحين قائمة بالموظفين لديها في كل ربع سنة، بما في ذلك أرقام هوياتهم وصورهم. ومن بين الدول التي أستأنفت الدعم للأنروا، الاتحاد الأوروبي، كندا، أستراليا، دنمارك، فنلندا، السويد وفرنسا واليابان.
ولم تستأنف ألمانيا الدعم للأونروا في غزة، إلا أنها استأنفت الدعم لعملياتها في الأردن ولبنان والضفة الغربية. ولم تستبعد الصحيفة اتخاذ بريطانيا قرارا باستئناف الدعم، حيث قال نائب وزير الخارجية، أندرو ميتشل، إنه لا يرى بديلا عن الوكالة قادرا على تولي مهامها.
ولن تستأنف الولايات المتحدة الدعم للوكالة إلا بعد عام، حيث صوّت الكونغرس على قرار يحظر على إدارة بايدن تمويل الأونروا في ميزانية العام الحالي، وربما حتى آذار/ مارس المقبل، ولو تغيرت الإدارة في انتخابات الرئاسة، فمن المتوقع عدم استئنافها، نظرا لعداء دونالد ترامب للوكالة، حيث قطع التمويل عنها حتى تولى جو بايدن السلطة.
وتعتبر الولايات المتحدة من أكبر المانحين للأونروا. ودعا فيليب لازاريني، المفوض العام للوكالة في نيسان/ أبريل، لتحقيق منفصل بشأن حماية وضعية الوكالة الإنسانية ومنشآتها والتي لم يتم احترامها في غزة. وقال إن الأونروا تواجه حملة لإخراجها من الأراضي الفلسطينية المحتلة. وأخبر جلسة لمجلس الأمن: “تحاول حكومة إسرائيل إنهاء نشاطات الأونروا في غزة. ورفضت طلبات الوكالة كي توصل المساعدات للشمال بشكل متكرر. ومُنع طاقمنا من حضور اجتماعات التنسيق بين إسرائيل والعاملين الإنسانيين. وأسوأ من هذا، تم استهداف منشآت وطواقم الأونروا منذ بداية الحرب”.
وحذر من تداعيات تفكيك الوكالة. فعلى المدى القريب، سيؤدي ذلك إلى مفاقمة الأزمة الإنسانية وتسريع المجاعة في غزة. أما على المدى البعيد، فإنه سيعرض عملية التحول من الحرب إلى اليوم التالي للخطر، وحرمان السكان المصدومين من الخدمات الأساسية، و”ستجعل من المستحيل القيام بمهمة ضخمة لعودة نصف مليون من الأطفال والبنات الصغار المصدومين للدراسة”.
وحملت الصحافة المؤيدة لإسرائيل في بريطانيا مهمة الترويج لرفض التقرير والتوصيات. ونشرت صحيفة “صاندي تلغراف” افتتاحية دعت فيها الحكومة البريطانية لعدم استئناف الدعم للأونروا. زاعمة أن العلاقة بين الوكالة الأممية وحماس عميقة وموثقة بشكل كبير. وقالت إن دعوات مسؤولين كبار في حزب المحافظين، الحكومة لعدم استئناف الدعم لأنه “عار” هي دعوات محقة.
ومن المزاعم التي ساقتها الصحيفة حول علاقة المنظمة الدولية مع حركة حماس، هي استنادها على أرقام وزارة الصحة الفلسطينية في إحصاء ضحايا الحرب، مع أن كل المؤسسات الدولية وحتى الخارجية الأمريكية استنأست بالأرقام.
وتقبلت الصحيفة مزاعم الجيش الإسرائيلي عن ارتباط 1,400 موظف من الأونروا في غزة بحماس. ورددت الصحيفة وجهة النظر الإسرائيلية بأن الوكالة باتت عقبة أمام السلام، وأن مدارسها الـ706 تلقن الأطفال أيديولوجية رفض إسرائيل، وساعدت على تعزيز ميول التشدد لدى الشبان الفلسطينيين.
واستندت الصحيفة على تقرير قام به معهد رصد السلام والثقافة والتسامح في التعليم المدرسي، أشار إلى المقررات الجغرافية الفلسطينية وأنها لا تذكر إسرائيل بل فلسطين. أما المقررات الدينية، فتصف هدف الجهاد بأنه “إرهاب العدو” و”تحقيق الشهادة”.
وزادت الصحيفة على هذا بوصف الدول المانحة بالسذاجة لأنها تدعم وكالة نشأت قبل 75 عاما وتحاول إبقاء حالة اللجوء باعتبارها وراثية، وهي نقطة أخرى تطلقها إسرائيل في محاولاتها لتفكيك الأونروا).
وتصل الصحيفة للنقطة بأن بقاء الفلسطيني في وضعية اللاجئ يمنحه حق العودة والعيش في إسرائيل. وقالت إنه طالما بقيت الأونروا تعذر حل الدولتين، فهي ليست منظمة إنسانية، بل أداة سياسية لتهديد أمن إسرائيل. ودعت الصحيفة الغرب لاستبدال المنظمة بأخرى. وقالت إن على وزير الخارجية ديفيد كاميرون “الاستماع لزملائه”.
وفي تقرير لمراسلها من تل أبيب، قالت “ديلي تلغراف” إن تقرير الأمم المتحدة بشأن الأونروا يقترح إصلاحات تجميلية وليس حلولا للمشاكل العميقة.
وأشارت الصحيفة لرسالة أرسلها أمير ويزبورد، نائب الأمين العام الإسرائيلي لقسم الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، إلى رئيسة فريق المراجعة كاثرين كولونا، عبّر فيها عن قلقه من تمويل الأونروا. وقال ويزبورد إن التقرير المؤقت يحتوي على “ملاحظات إيجابية ودقيقة” لكنه فشل في معالجة حيادية الوكالة ودور مدارسها في تعزيز التشدد واستخدام حماس لمنشآتها.
وترى إسرائيل أن التقرير يوصي بعدد من الإجراءات الشكلية مثل زيادة الميزانية والمصادرة والقيام بإصلاحات وتدريب الموظفين وزيادة الحوار مع المانحين والرقابة المالية. وبدأت المراجعة في شباط/ فبراير، حيث زعمت إسرائيل أنها قدمت منذ ذلك الوقت أدلة عن تورط 2,135 موظفا في الوكالة في غزة بعلاقات مع حماس.