لندن- “القدس العربي”:
خصصت صحيفة “الغارديان” افتتاحيتها عن عام رئيس الوزراء بوريس جونسون في السلطة، حيث لخصته بالقول: “تطهير لا حكم”. مضيفة: “12 شهرا، رئيس الوزراء وحلفاؤه يواصلون تجاهل نصف الأمة ويفعلون هذا على مسؤوليتهم”.
وقالت: “عندما أصبح بوريس جونسون رئيسا للوزراء قبل عام، كانت أولويته واضحة. ففي 24 تموز/ يوليو 2019 وقبل أن يتوجه إلى قصر باكنغهام أصدر أولى قراراته وهي تعيين المنظّر الإستراتيجي لمعسكر الخروج من الاتحاد الأوروبي دومينك كامينغز مستشاره الأول. وكان الاختيار كما قال من أجل أن تكون حكومته، حكومة الخروج. وكان تعيين كامينغز القرار الذي بُني عليه كل قرار خلال الأشهر الـ12 الماضية. وقاما معا بتطهير كل من له علاقة بحكومة تيريزا ماي، وطهّرا نواب حزب المحافظين في البرلمان وحاولا وقف عمل البرلمان لفترة وخططا لانتخابات مبكرة والتي فاز فيها جونسون بأغلبية ساحقة ضد المعارضة المنقسمة.
قبل أن يتوجه إلى قصر باكنغهام أصدر أولى قراراته بتعيين المنظر الإستراتيجي لمعسكر “البريكسيت” دومينك كامينغز كمستشاره الأول
وبنهاية كانون الثاني/ يناير، قام جونسون وكامينغز بإنهاء علاقة بريطانيا مع الاتحاد الأوروبي، وأدارا ظهريهما لكل التعاون مع أوروبا حول الخروج أو أي شيء آخر. وعندما خططا لميزانية ما بعد التقشف هذا الربيع قاما بتطهير الحكومة مرة أخرى، وأجبرا وزير الخزانة ساجد جاويد الذي رفض للخضوع لـ10 داونينغ ستريت على الاستقالة.
ثم جاء كوفيد-19 وترددت الحكومة أولا قبل أن تعلن الإغلاق العام للدولة، وهو الذي اخترقه كامينغز بدون اعتذار، وسقط فيه جونسون نفسه مريضا بسبب فيروس كورونا. ومع تراجع حدة الإصابات بالفيروس بدأت الحكومة حملة تطهير أخرى، وهذه المرة ضد موظفي الخدمة المدنية البارزين، وبدءا بالتحضير ضد الصحة العامة في إنكلترا وأعضاء المؤسسة القضائية البارزين.
وتعلق الصحيفة أنه بعد نهاية عام على حكم جونسون، قد يحاول المرء النظر إلى حكومته على أنها في الطريق للخروج من الاتحاد، ولكنها وجدت نفسها موزعة بسبب كوفيد-19. وهذا خطأ. فليست بهذه الطريقة تنظر حكومة جونسون- كامينغز إلى نفسها، فالمشروع لم يتغير وما فعله كوفيد-19 هو أنه غيّر طريقة الإنفاق والاقتراض الحكومي، مع أن هذا لم يغير من مسار وأهداف الحكومة والتي تقوم على الخروج من اوروبا، وإعادة بناء متواضعة للاقتصاد الجهوي للمرحلة ما بعد الصناعية وخلق حكومة مركزية.
وتعتقد الصحيفة أن أولوية الحكومة ظلت ولا تزال هي تهميش نصف السكان الذين عارضوا استفتاء عام 2016 وما بعده. وهي لا تريد فقط محو أي حس مؤيد لأوروبا، ولكن تدمير التأثير الذي تمارسه معارضة تمثل نصف السكان. ويطمح جونسون وكامينغز للحكم من خلال الدمى سواء كانت حكومة أو حزب المحافظين أو البرلمان أو الإعلام أو القضاة أو التعيينات غير السياسية.
ورغم أن الحكومة تزعم أنها تتحدث باسم الشعب، إلا أنها تمثل نموذج الحكم من فوق لأسفل، والتي لم تمر على بريطانيا في تاريخها الحديث. ولهذا السبب جاءت رحلة جونسون إلى اسكتلندا، فهو لم يخترع فكرة خروج اسكتلندا من المملكة المتحدة، لكنه ورثها من الحكومات التي سبقته.
إلا أن جعل فرصة الخروج كبيرة لأسباب عدة تعود لشخصيته وعدم اهتمامه بأي شيء يتعلق بإسكتلندا وطريقته الكسولة في إدارة وباء فيروس كورونا والتي تفوقت عليه فيها نيكولا ستيرجين حاكمة اسكتلندا. إلا أن السبب الرئيسي هو أن الإسكتلنديين لا يتفقون معه في عدد من المسائل الرئيسية بما فيها بريكسيت وكوفيد-19، ولكنه تجاهل آراءهم بطريقة منسقة. فهو بهذه الطريقة يحكم، وفي معظم الأحيان نجا في إنكلترا وعلى المستوى الدولي. لكن ثقافة اللامركزية جعلت من إفلاته أمرا صعبا.
أولوية الحكومة ظلت ولا تزال هي تهميش نصف السكان الذين عارضوا استفتاء عام 2016 وما بعده.
وهذا واضح في اسكتلندا وبشكل محتمل في ويلز؛ لأن القومية تعطي الناخبين طريقة للانفصال عن بريطانيا العظمى، تماما كما فعل دعاة الخروج من أوروبا. وظل جونسون مهملا لإسكتلندا. وقبل عام أعطى نفسه رئيس وزراء الوحدة، ولكنه لم يقم بأي مبادرة تقترح أنه كان يعني ما يقول.
وقرر جونسون الطيران هذا الأسبوع إلى الشمال لأن سلطة بريطانيا تضعف على اسكتلندا، خاصة أن استطلاعات الرأي تقترح تحولا باتجاه دعم الاستقلال. وستكون لزيارته معنى لو كانت جزءا من مبادرة حكم جادة مستعد فيها جونسون- كامينغز للتنازل. لكن الأدلة من العام الأول في الحكم تشير إلى أن الحكم هو آخر ما يفكران به.