لندن ـ “القدس العربي”: قالت صحيفة “الغارديان” إن الرئيس التركي أثبت أنه خبير في رفع درجة التشويق. فبعد أسابيع من التحقيقات والتحولات والتغيرات في مقتل جمال خاشقجي ما زالت الأزمة قائمة بالنسبة للسعودية.
وقالت “الغارديان” في افتتاحيتها إن رجب طيب أردوغان أثبت أنه بارع جدا في خلق التشويق الجيوسياسي.
ومنذ اختفاء خاشقجي قبل ثلاثة أسابيع حفلت الصحف بالرعب عن طريقة القتل. وكان أردوغان يعرف أن جمهوره قد تغذى على التفاصيل المزعجة عن القتل البارد وتقطيع جثة الصحافي الناقد للحكومة السعودية والمعلق في صحيفة “واشنطن بوست”.
وأضافت الصحيفة أن أردوغان أثبت أنه خبير في الفزع وجعل جمهوره ينسى أنها عادية. وقام أولا بالصدمة حيث أكد على العملية التي تشبه عمليات المافيا وكيف تم التخطيط لها مقدما وقامت بها عصابة قتل في القنصلية السعودية في اسطنبول أرسلت خصيصا من الرياض، وهذا يناقض الرواية السعودية من أن خاشقجي قتل خطأ.
أما الأمر الثاني في خطاب أردوغان، أنه لا يريد ترك القضية التي قادت إلى أسوأ أزمة دبلوماسية تواجهها السعودية من هجمات أيلول /سبتمبر 2001. وسجل الزعيم التركي نقطة في الثناء على الملك سلمان الحاكم الشرعي للبلاد، وليس ابنه الحاكم الفعلي محمد بن سلمان. ومن غير المحتمل أن عملية بهذه الدرجة من الوقاحة تمت بدون موافقة الأمير محمد.
ومن المحتمل مواصلة الحكومة التركية تسريباتها إلى الصحف المقربة منها، وتؤشر إلى هذه النتيجة، أي تورط بن سلمان. فمنذ وصول والده إلى الحكم عام 2015 عزز ولي العهد من سلطاته ولم يتسامح بل أثبت أنه انتقامي ضد المعارضين الذي طالبوا بإصلاحات طال انتظارها، وقالوا إنها نتيجة حملاتهم ولم تكن بناء على رغبة الأمير. وتضم كوارثه في السياسة الخارجية قتل المدنيين في اليمن. وتبدو مزاعم الإصلاح والتحديث فارغة أمام جرائم الحرب والاعتقالات التعسفية.
وترى الصحيفة أن مقتل خاشقجي رفع الأمير محمد من درجة الأمير المتعجل والمتهور إلى ديكتاتور مثل حافظ الأسد وصدام حسين، اللذين أرسلا فرق الاغتيال إلى الخارج لقتل المعارضين لهما، ثم قاما بمصافحة أبنائهم الثكلى في الداخل.
ومثل بقية الديكتاتوريين العرب ظهر “م ب س” بشكل قصير وجعل الجميع يصفقون له. وكان ظهوره عائدا إلى إدارة دونالد ترامب التي غاب عنها البعد الأخلاقي لقيادة العالم. وهو يعرف أن ترامب بحاجة للسعوديين عندما ستبدأ المرحلة الثانية من العقوبات على إيران في الشهر المقبل. وحتى ترامب صحا على ما يبدو لحقيقة عدم تقديم الرياض دفاعا عن نفسها يمكن تصديقه والرواية الخيالية لا تنفع القوة العظمى بل وتشوه سمعتها.
ودعت الصحيفة الملك سلمان للتحرك ضد المسؤولين. ولا أحد يصدق أن هذه العملية رتبها وأشرف عليها المستشار الإعلامي وبعض المسؤولين الأمنيين. وربما لم يكن لدى الملك الاستعداد والقدرة للتحرك خاصة أن الأمر تعلق بالتحرك ضد ابنه القوي. لكن على المجتمع الدولي فرض عقوبات على السعودية إن اقتنع بحدوث جريمة. ويجب أن تستنكر العمل السعودي إن لم تقم هي نفسها بتحقيق مستقل. ومن خلال هذا ستتم حماية الشعب السعودي من حاكمهم القاسي وتحقيق ما كان يدعو إليه خاشقجي في حياته.
كأننا لم نتعلم الدرس.. الغرب شيطن صدام والأسد والقذافي، وكانت النتيجة ضياع العراق وسوريا وليبيا، لمصلحة إسرائيل طبعا. أفيقوا يا عرب.