الغد لايران والماضي لنا

حجم الخط
2

العالم يتغيّر في اتجاهات لا نعرفها بوضوح، والإستراتيجيون يقولون، انه يتجه نحو إيران، ويبعد عنّا، الأيرانيون يشكلّون الطريق بالتفريخ والتجمّع ونحن ننفصل كحبات اللؤلؤ التي كان يربطها خيط دقيق، وأصبحت إيران عظيمة ويبدو بأننا سنصبح أقزاما في أفلاكها. فعندما عظمت إيران، أين كنّا نحن ممّا يحدث؟
إيران انتفضت على شاهها في 1979، وكانت تعاني، فأصبحت اليوم القوة الاقتصادية التاسعة عشر عالميا، وأصبحت لها مفاعلات نووية أرهقت العالم، ثمّ امتدت جغرافيا لتسرق قلوب وعقول العرب وأراضيهم، فمدّت يدها واحتلت الجزر الإماراتية وصمت العرب، ومدّت يدها لإعانة حماس والجهاد، ثمّ انطلقت إلى جنوب لبنان فكوّنت قوّة ردعيّة أرهبت وأرعبت وانتصرت على الكيان الغاصب، ونحن قد قلنا على حزب الله انه مغامر، وطالبنا المقاومة الفلسطينية بالاستسلام على أن يكون السلام هو الخيار الوحيد والأوحد، فابتعدنا عنهم بالقدر الذي لا يسمح لهم بالعودة الينا.
لم تكتف إيران بهذا، فقد دخلت على خطّ عدوّها التاريخي في العراق، وهاهي تحكم باسم المالكي وشيعة هذا البلد العربي المخطوف، وبدل أن تضرب سورية فقد احتضنتها وقدمت لها السلاح والدعم الكامل، ونحن طردنا سورية من محور ‘الاعتدال’ وأقصيناها إلى أطراف التشدّد فضاعت منّا، وهاهي تفتح جغرافيّتها إلى الفرس لكي لا يخرجوا منها أبدا.
وقبل ذلك، فقد كان لإيران باع في اليمن، وأيقظت فتنة الحوثيين في بلد فقير بلا ثروات، مزقته الحروب ولم توحده الوحدة الجغرافية، وقد يذهب الحوثيون بشمال اليمن إلى حضن الفرس أيضا.
وهاهي، ايران، تنشر المذهب الشيعي في المغرب والجزائر وتونس، ولا احد ينتبه لهذا الخطر الداهم علينا، فقد يوقظ أو يخلق فتنا سوف لن يكون بوسعنا تحمّلها.
وأما نحن، فلو عددت لوجدتنا انثنين وعشرين دولة، أكثر من نصفها تعاني مشاكل وتوترات، وفتن، وثورات غير مستقرّة تعاني من التردّد والخوف والمجهول، والباقي ينتظر إيقاظ الزلازل السياسية والاجتماعية فيه.
تحسبنا جميعا وقلوبنا شتّى، هم إذا خرج فقيههم السيد ‘علي خامنائي’، يصمت الشيعة جميعا وفي كل أقطار العالم احتراما وإجلالا له، مردّدين سمعا وطاعة ‘مولانا’ وخاصّة في المسائل الإستراتيجية للشيعة، وإذا خرج السيد حسن نصر الله، ليخطب، فحتى عدوّه الإسرائيلي يصمت وينصت، فالرجل أعطى للعالم انطباعا وأثبته بأنه رجل قوي وصادق ينفّذ كل ما يعد به.
وأمّا نحن، إذا خرج واحد منّا، سيكذّبه الأغلبية ويضحكون عليه، وسنتآمر عليه ليلا وصباحا ومساء.
في المحصلة، إيران أصبحت تضم العراق ولبنان ثم سورية وبعض من اليمن، ونحن نتفتّت، منّا من يرحل إلى حضن إيران ومنّا من يبحث عن حضن آخر، ودائما من التابعين.. لذلك سيكون الغد أيضا لإيران إلى أن توحدّنا عروبتنا.
د. محجوب احمد قاهري
[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول محمد:

    نعم . ایران تتعظم لکن لمصلحه العرب و لا علیهم . ایران ستکون ظهیر للعرب و الا فما هی المخاوف الاسرائلیه . اطمئنوا بان لو ما کانت ایران . فاسرائیل تبنت مشروعها التوسعی من النیل الی الفرات حتی الان . فالعرب مدیون لایران .

  2. يقول قاهري عمارة:

    Kahri Amara مقال رائع لم يدل ايجازه الا على على قدرة كبيرة على التبليغ دون اللجوء الى الحشو حتى يضجر القارئ موضوع كان لا بد من طرقه فهو ناضج لدرجة ان اوان قطافه قد يفوت فعلا امر جميل ان نقرا مثل هذه المبادرات غير انها لا تخلوا من نظرة تشائمية فالمواطن العربي مشرد فعلا و الوطن العربي ممزق حتى شهدت عليه كتابات درويش و رائحة الموت التي اشعلت في اراضينا مؤخرا نيران الثورة انقسامنا فاجعة منذ احتلال فلسطين و ايران لم تكن الا وسيطا شانها شان امريكا و اسرائيل يقتاتون على كورثنا و ينامون على اصوات نحيبنا نحن يا سيدي قد تشبعنا وعيا بالقضية و نروم حلولا جديدة قد لا يكفيها سطر اخير في مقالك كان من الاجدر ان يكون موضوع المقال البحث عن حلول جديدة للنكبة العربية لا مزيد وصفها و اهدار حبر يزيدنا الما و يمحي رغبتنا في الاصلاح واسترجاع المجد العربي
    il y a 2 minutes · J’aime

إشترك في قائمتنا البريدية