الكثير من رسميين وسياسيين وأكاديميين غربيين يبدون اليوم آيات الاعتذار والندم بشأن قليل الاهتمام الذي أولوه خلال السنوات الماضية لقضايا حقوق الإنسان والحريات في بلاد العرب.
لم تعد المؤتمرات وورش العمل التي يشارك بها غربيون ويدعون إليها بعض الرسميين والأكاديميين العرب كما كانت بين عامي 2011 و2013، مناقشات صريحة ومكثفة حول فرص التحول الديمقراطي في تونس ومصر وإمكانيات الإدارة السلمية للتغيير السياسي في ليبيا واليمن وإعادة بناء مؤسسات الدولة الوطنية بعد استعادة السلم الأهلي في سوريا.
لم يعد بتلك المؤتمرات وورش العمل سوى أحاديث حول التحديات الأمنية التي ترتبها الحروب الأهلية المشتعلة في بعض بلاد العرب، والمساحات متزايدة الاتساع التي تنفذ منها عصابات الإرهاب لارتكاب جرائمها، والصراعات المتصاعدة على الحكم والسلطة بين نظم قائمة وقوى ومجموعات مصالح تنازعها والتي تهدد ما تبقى من استقرار وأمن وفرص للتحديث الاقتصادي والاجتماعي في بلاد أخرى، وبالقطع حول أزمة اللاجئين المتحركة عبر الحدود بين بلادنا ودول الجوار (خاصة تركيا) ودول الاتحاد الأوروبي.
لم يعد بتلك المؤتمرات وورش العمل سوى أحاديث التحديات الأمنية والإرهاب والحروب الأهلية والصراعات المجتمعية وأزمات اللاجئين، ممهورة بالاعتذار والندم عما بات يوصف كاندفاع الغربيين إلى دعم الديمقراطية بين 2011 و2013.
تهافت الخطاب الرمزي والمقولات الفكرية المستخدمة للاعتذار عن سابق الاهتمام الغربي بالديمقراطية وازدواجية المعايير التي يتورط بها الغربيون
ثم، وفيما يشبه الجلد الجماعي للذات، يتولى نفر من الرسميين والأكاديميين الغربيين ومعهم بعض نظرائهم العرب إنتاج الخطاب الرمزي والمقولات الفكرية اللازمة لكي يشعر الجمع الحاضر في تلك المؤتمرات وورش العمل بوطأة الخطأ الذي وقع فيه «العرب وجوارهم والقوى الكبرى» عندما تصوروا أن حكما ديمقراطيا واحتراما لسيادة القانون والحقوق والحريات والتزاما بمعايير الحكم الرشيد (من تداول المعلومات إلى الشفافية والمحاسبة) قد يغدو ممكنا في بلاد المنطقة الممتدة بين البحرين والمغرب.
الديمقراطية ليست منتجا يصدر كمنتجات ماكدونالدز وكوكا كولا، صون حقوق الإنسان والحريات لا معنى له إذا غابت فرص التنمية الاقتصادية الاجتماعية وتحسين الظروف المعيشية للناس، لم يطلب العرب الديمقراطية بل طلبوا الخبز وعنوا بذلك فرص العمل والتأمينات الاجتماعية، السيناريو الأفضل للعرب ليس التطلع إلى عملية تحول ديمقراطي لا يملكون مقوماتها بل البحث عن تعميم نظم حكم رشيدة ومستقرة كتلك القائمة في الخليج أو تلك التي يمكن للمؤسسات الملكية أو العسكرية إدارتها على نحو يحتوي التحديات الأمنية كما هو الحال في المغرب والجزائر ومصر. تلك هي بعض الأمثلة على الخطاب الرمزي والمقولات الفكرية التي تروج اليوم في مؤتمرات وورش عمل الغربيين عن بلاد العرب. والحقيقة أن طقس الجلد الجماعي للذات يتم إخراجه على نحو شديد الإحكام. رسميون وأكاديميون غربيون يعتذرون ويندمون، ونظراء عرب يبدو لسان حالهم وكأنه يردد «قلنا لكم ذلك من قبل»، وبعض ممثلي قطاع الأعمال في الغرب وبلاد العرب الذين يجلسون حول الموائد المستديرة بلغة جسد وشيئا من لغة الكلام التي تدعي أنهم يملكون الحلول لأزمات العرب المستعصية، وبعض القادمين الجدد الباحثين عن أدوار في سيرك المؤتمرات وورش العمل المعنية بشأن العرب والمستعدين للسباحة مع التيار الغالب وليس ضده. غير أن إحكام الإخراج لا ينفي أبدا تهافت الخطاب الرمزي والمقولات الفكرية المستخدمة للاعتذار عن سابق الاهتمام الغربي بالديمقراطية وازدواجية المعايير التي يتورط بها الغربيون.
كاتب من مصر
فرص التنمية الاقتصادية والاجتماعية وافاق الاستقرار القابل للاستمرار تتحسن مع تطبيق الحوكمة الرشيدة. وهذه الاخيرة تتحسن من خلال تطبيق النظم الشورية او الديمقراطية التي تعزز المساءلة والمشروعية وحكم القانون وتخفف الفساد والاحتكار. ليس المطلوب اعادة اختراع العجلة والنظر الى السلطوية كمنبع للحكمة والعصمة والرفاه والاستقرار.
هل يريد المقال ان يزعم بأن الاستبداد يحقق التنمية الاقتصادية والاجتماعية؟ ما الدليل العلمي والموضوعي والتجربة الاشتراكية على مدى سبعين عاما تفند ذلك؟ هل حقق العالم العربي التنمية والاستقرار بالبعد عن الديمقراطية؟!.
الصورة واضحة دون لبس. الديموقراطية في المغرب بنتها الشعوب وتدافع عنها الشعوب. وتتصدى لأقل إنحراف بجميع الوسائل وعلى كافة المستويات. والديموقراطية عندنا توافق عليها الأنظمة القائمة اصلا على أسس غير شرعية أو العسكر. ثم يقومون بسحبها وهم مطمئنون أن الشعب لن يعترض. وثمة مصيبة أخرى تتمثل في أن الأغلبية الساحقة منا تعتقد أن الديموقراطية تعني عدم إلتزام أية حدود وعايز حقي والتطاول على مؤسسات الدولة وأنا حر و الشتم على الهوية وعدم الرسوب في الإمتحانات إلخ. رحم الله ليو فيري الذي قال : قبل القيام بالثورة في الشارع يجب القيام بها في العقول، لذلك لا توجد ثورة في الشارع.
اقترح قراءة مقال “العودة الى البديهيات” لالياس الخوري في هذا العدد. الكاتب هنا عمرو حمزاوي يعود بنا الى البديهيات، الى نقطة الصفر. العرب يستحقون و يريدون و يحتاجون الديمقراطية. هذه من البديهيات. الاستشهاد بالخليج و مصر كنماذج للحكم الرشيد ابعد ما يكون عن الحقيقة.
شكرًا أخي عمرو حمزاوي، في الحقيقة لم يخرج الناس من أجل الخبز بل من أجل الحرية والكرامة وصد القمع والتسلط والإستبدادوالفساد واستغلال بشع للسلطة ولابأس غالخبر صرورة ملحّة لكن عندما خرج الناس كانت المطالب بسيطة ولم تكن الديمقراطية شعارًا بل أن المطالب ترتفع سقفها بسبب تعنت الأنظمة وبالمناسبة هذا ماكان يريده الغرب (الحكومات الغربية طبعًا) بل أن بعض السياسين من الغرب يُظهرون ارتباطًا مع هذه الأنظمة الديكتاتورية أكثر من الديمقراطية التي يعيشون في حمايتها! هذا هو أحد دعائم المأزق الدي أوصلنا إلى هدا الحال، وكيف الخروج منه يعلم الله.