بعد أيام قليلة من الهجوم العسكري الروسي على أوكرانيا، ألقى المستشار الألماني أولاف شولتز بيانا حكوميا في البرلمان الفيدرالي (البوندستاغ) أعلن به تخصيص 100 مليار يورو لتحديث تسليح الجيش الألماني ورفع قدراته القتالية. قال شولتز أن فشل حكومته والشركاء الأوروبيين والحليف الأمريكي في منع الغزو الروسي لأوكرانيا يلزم ألمانيا بإعادة النظر في عقيدة أمنها القومي التي دوما ما استندت إلى عضوية حلف الناتو والمظلة الدفاعية الأمريكية وتطوير التعاون العسكري داخل الكيان الأوروبي وبناء العلاقات السلمية مع روسيا (الوريثة الكبرى لتركة الاتحاد السوفييتي) على نحو يباعد بينها وبين تهديد أمن ألمانيا ويحول دون الأعمال العدائية على الأراضي الأوروبية. وفي ذات البيات الحكومي، طلب شولتز من البرلمان الموافقة على قيام حكومته بتسليح الجيش الأوكراني بأسلحة هجومية وفتاكة في تجاوز صريح لالتزام ألمانيا منذ منتصف القرن العشرين الامتناع عن تصدير تلك الأسلحة إلى مناطق الحروب والنزاعات العسكرية.
ينتمي أولاف شولتز للحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي قاد في ستينيات وسبعينيات القرن العشرين الانفتاح الألماني على الاتحاد السوفييتي السابق والكتلة الشرقية ودفع باتجاه تطوير شراكة اقتصادية وتجارية بين غرب وشرق القارة الأوروبية بهدف ضمان الأمن وإبعاد شبح المواجهة العسكرية (التقليدية والنووية) بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي على الأراضي الألمانية التي كانت مقسمة بين ألمانيا الغربية العضو في الناتو وألمانيا الشرقية المندرجة في عضوية حلف وراسو وكذلك الحد من الحروب في أوروبا وعالميا.
آنذاك، اضطلع المستشاران الأهم في تاريخ الحزب الاشتراكي الديمقراطي بعد الحرب العالمية الثانية، فيلي برانت وهيلموت شميت، بالدور الرئيسي في إنجاز الانفتاح الألماني على الشرق والتقارب مع الاتحاد السوفييتي السابق والكتلة الشرقية. ولم تكن شواهد مثل الركوع الشهير لبرانت أمام النصب التذكاري لضحايا الهولوكوست في وراسو والفتح الجزئي للحدود بين الألمانيتين لأسباب إنسانية وللتبادل التجاري والثقافي والرياضي والزيارات الرسمية المتبادلة بين المسؤولين الألمان والسوفييت وحلفائهم في أوروبا الشرقية والوسطى سوى المحطات التاريخية الأبرز في سياسة الشرق الألمانية التي تمايزت عن خطوط المواجهة الشاملة بين المعسكرين الغربي والشرقي في سياق الحرب الباردة. كان الحزب الاشتراكي الديمقراطي هو الطرف السياسي الأبرز المحرك لسياسة الشرق الألمانية، ودعمته حركة اليسار وحركات السلام ومجموعات الخضر التي كانت آنذاك في طور التشكل والمشاركة في الحياة السياسية الرسمية.
اليوم، وعلى وقع الغزو الروسي لأوكرانيا وعلى هدير الآلة العسكرية الروسية المتورطة في الحرب النظامية الأكبر التي تشهدها أوروبا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية في 1945، تنهار سياسة الشرق الألمانية
وحين تجدد اشتعال الحرب الباردة وسباق التسلح بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي مع رئاسة رونالد ريغان وتماهت بعض الحكومات الأوروبية الغربية (خاصة الحكومة البريطانية التي تصدرتها آنذاك رئيسة الوزراء اليمينية مارجريت تاتشر) مع المواقف الأمريكية المتشددة، خسر الحزب الاشتراكي الديمقراطي أغلبيته البرلمانية وسقط المستشار هيلموت شميت في اقتراع لسحب الثقة وحل محل حكومته ائتلاف جديد بقيادة الحزب المسيحي الديمقراطي وهيلموت كول الذي صار المستشار الألماني الجديد وتحول في ثمانينيات وتسعينيات القرن العشرين إلى المستشار الأطول بقاء في مقر المستشارية الذي انتقل معه من بون (عاصمة ألمانيا الغربية السابقة) إلى برلين بعد الوحدة الألمانية.
سيطر الحزب المسيحي الديمقراطي على الحكومة الألمانية خلال العقدين الأخيرين في القرن العشرين، وعاصر التصعيد الأمريكي ضد الاتحاد السوفييتي السابق بسباق تسلح محموم وتوزيع الصواريخ النووية التكتيكية على الأراضي الأوروبية ثم انهيار جدار برلين وتفكك ألمانيا الشرقية وتحقق الوحدة بين الألمانيتين وانهيار الكتلة الشرقية ونهاية الاتحاد السوفييتي الذي انفرطت مكوناته إلى جمهوريات مستقلة. ولأن “سياسة الشرق” التي صاغها الحزب الاشتراكي الديمقراطي كانت قد أضحت من المكونات الأساسية لعلاقات ألمانيا الأوروبية والدولية، لم يتخل المسيحي الديمقراطي ومستشاره كول عن مقوماتها المتمثلة في الانفتاح على السوفييت وبناء الروابط الاقتصادية والتجارية معهم نظير ضمان الأمن للألمانيتين وشيء من التهدئة لأوروبا.
وحين سقط جدار برلين وبدأت ألمانيا الشرقية في التفكك والكتلة الشرقية الموالية للسوفييت في التحلل من بولندا وتشيكوسلوفاكيا السابقة إلى المجر ورومانيا، كان التحدي الأكبر أمام حكومة المسيحي الديمقراطي هو إنجاز الوحدة الألمانية في مواجهة شكوك الحلفاء الغربيين (خاصة بريطانيا) ومصالح السوفييت الذين كانت قواتهم العسكرية منتشرة في أراضي ألمانيا الشرقية. نجحت حكومة هيلموت كول في طمأنة الحلفاء الغربيين عبر ضمانات كثيرة من بينها تسريع وتيرة الاندماج الأوروبي الشامل (التحول من السوق الأوروبية إلى الاتحاد الأوروبي واعتماد العملة الموحدة) والبقاء بعيدا عن التسليح العسكري المتطور والثقيل (تراجع بعد الوحدة الألمانية تعداد الجيش الفيدرالي من خمسمائة ألف جندي إلى ما دون مائتي ألف) ورفع الإسهام المالي الألماني في موازنة حلف الناتو. أما السوفييت الذين كان عليهم سحب قواتهم العسكرية من ألمانيا، فطمأنتهم شبكة من العلاقات الاقتصادية والتجارية والقروض البنكية (التي ضمنتها الحكومة الألمانية) المخصصة لدعم الاقتصاد السوفييتي المأزوم ومن بعده الاقتصاد الروسي، وطمأنتهم أيضا الرغبة الألمانية في اعتبار روسيا وريثة الاتحاد السوفييتي دولة أوروبية لها دورها في منظومة الأمن الجماعي لأوروبا وكذلك الالتزام الألماني المعلن بالنظر إلى المصالح الوطنية الروسية، ومن بينها عدم اقتراب حلف الناتو وعتاده العسكري من الحدود الروسية، كمصالح مشروعة.
ولم تختلف سياسة حكومة الاشتراكي الديمقراطي غيرهارد شرودر في نهاية التسعينيات وبداية الألفية الجديدة عن تلك الخطوط العريضة، ولم تخرج أيضا سياسة المستشارة المسيحية الديمقراطية أنجيلا ميركل عن المقومات الأساسية لسياسة الشرق الألمانية كما صاغها برانت وشميت في الستينيات والسبعينيات وكما طورها كول وشرودر بعد الوحدة الألمانية. بل أن ميركل ومعها شريكها في الائتلاف الحكومي لسنوات طويلة، الحزب الاشتراكي الديمقراطي، طورت التعاون الاقتصادي والتجاري مع روسيا باتجاه استراتيجي جديد ببناء “نورد ستريم 1″ و”نورد ستريم 2” وقبول الاعتماد الألماني على إمدادات الغاز الطبيعي القادمة من روسيا.
واليوم، وعلى وقع الغزو الروسي لأوكرانيا وعلى هدير الآلة العسكرية الروسية المتورطة في الحرب النظامية الأكبر التي تشهدها أوروبا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية في 1945، تنهار سياسة الشرق الألمانية. اليوم، يتصدر الحزب الاشتراكي الديمقراطي ومستشاره أولاف شولتز، وإلى جانبه حركة اليسار الألمانية ممثلة في حزب الخضر المشارك معه في الائتلاف الحكومي، الواجهة السياسية مجددا. غير أنهم لا يدفعون باتجاه احتواء روسيا وتهدئة مخاوفها وتطوير علاقات اقتصادية وتجارية مترامية معها بغية تحييدها وضمان الأمن الأوروبي، بل يسعون اليوم إلى إطلاق الآلة العسكرية الألمانية لمواجهة الخطر الروسي والوقوف في وجه تهديد موسكو لأمن جوارها المباشر وأمن أوروبا والأمن العالمي والإسراع بضم المزيد من دول أوروبا الشرقية والوسطى إلى الكيانين الجماعيين حلف الناتو والاتحاد الأوروبي.
٭ كاتب من مصر
الجعجعة الألمانية الكاذبة لا معنى لها فهي تدار من قبل امريكا و القواعد الامريكية المنتشرة في امريكا . المانيا كسبت من حيادها و كسبت من توحدها مجددا بفضل الروس و لكن الآن نكتشف شولتز ناكر جميل . عند اول انتخابات قادمة سينال علامة الصفر..
استفزاز روسيا للعالم بالقرن العشرين باحتلالها عدة مناطق بمظلة إتحاد سوفياتي أدى لتكاتف دولي لحصاره وعزله عن العالم وصولاً لانهياره اقتصادياً واجتماعياً وانسحابه من 15 دولة محتلة وتحجيمه بإتحاد روسي، والآن بالقرن 21 تعود روسيا لإستفزاز العالم لكن بمظلة إتحاد روسي باحتلالها مناطق خارجه ابتداء بجورجيا وسوريا وأوكرانيا وسيقود ذلك لتكاتف دولي لحصاره وعزله عن العالم وصولاً لانهياره اقتصادياً واجتماعياً وتفكيكه واستقلال مناطق القوقاز وقوميات أخرى محتلة وإبعاد روسيا عن بحر الأسود وبحر قزوين وبحر البلطيق
لا يوجد في ألمانيا أخضر وأصفر وأحمر وأزرق يوجد نازيون! هذا ما شهدته خلال 20 عاما دراسة وعمل واختلاط. كان يوقفني أعضاء الأحزاب المروجين أثناء الانتخابات ولكني كنت استشعر عنصريتهم وما تخفيه صدورهم. ومن لا يصدق فليقرأ كتب زعيم الخضر يوشكا فيشر التي كتبها بعد 11 سبتمبر 2001. أعوام الاحتلال الحلفائي السوفييتي انتهت وسرعان ما أخذ النازيون يستعدون لمرحلة متطرفة أخرى.
انه تقاسم الادوار لا غير ففي غزو العراق غضت الروس الطرف و عندما غزت روسيا اوكرانيا غض الغرب الطرف مع شيء من المساحيق كحقوق الانسان
فعند غزو العراق اول ما قاموا به هو حضر الطيران فوق العراق و من تم افترسوه