الغور الامني

حجم الخط
0

‘سيوضع الحد الامني لحماية دولة اسرائيل في الغور بأوسع تفسير لهذا المصطلح’. هذا الكلام قاله رئيس الوزراء اسحق رابين من فوق منصة الكنيست في 1995. ولم يكن هو الوحيد. فالتصور الذي يرى أن غور الاردن يجب أن يبقى هو الحدود الامنية لاسرائيل في كل تسوية مع الفلسطينيين مشترك بين جميع حكومات اسرائيل في العشرين سنة الاخيرة من حكومة رابين الى حكومة شارون ثم الى حكومة نتنياهو.
أنا استمع الى الاقوال المختلفة في شأن تنازل ممكن عن السيادة الاسرائيلية في غور الاردن وعن وجود الجيش الاسرائيلي في الغور وفي سفح الجبل في يهودا والسامرة وأعجب لذلك. يمكن أن نقول بصورة لا لبس فيها ان السيطرة الامنية الاسرائيلية على الغور وعلى سفح الجبل في يهودا والسامرة ضرورية للحفاظ على امن دولة اسرائيل، وهي عنصر حيوي في تصورها الامني.
من المهم ان نؤكد ان الحديث عن تصور امني لا ايديولوجي بالضرورة. واقول هذا من وجهة نظر لواء في الجيش الاسرائيلي، ومن تجربتي اذ كنت قائدا للقوات البرية في الصراع الطويل مع الارهاب وفي عملية السور الواقي، ومن معرفتي للارهاب وطرق عمل اعدائنا وعن معرفة واسعة بطبيعة الصراع بيننا وبين الفلسطينيين والعناصر الاسلامية في منطقتنا ومعرفة ميدان المعركة.
يجب ان يكون غور الاردن منطقة فاصلة تنشيء فصلا ماديا بين المملكة الاردنية في الشرق والسلطة الفلسطينية في الغرب. والتخلي عن وجود اسرائيلي في الغور معناه انشاء اتصال ارض بين الاردن والسلطة الفلسطينية وهذا امر سيجعل دولة اسرائيل تواجه خطرا مضاعفا هو اولا أن عدم السيطرة على الحدود الشرقية للسلطة الفلسطينية سيمكنها من ان تهرب الى اراضيها وسائل قتالية هي تهديد استراتيجي لدولة اسرائيل بخلاف الاتفاقات التي سيوقع عليها بين الطرفين. وثانيا قد تضعضع الحدود المشتركة بين السلطة والاردن الذي اكثر سكانه فلسطينيون، استقرار نظام الملك عبد الله، وهو نظام معتدل لدولة اسرائيل مصلحة من الطراز الاول في الحفاظ على استمرار وجوده.
ان الوجود الاسرائيلي في غور الاردن ضروري لعلاج التهديدات الارهابية من الشرق كدخول مخربين وادخال وسائل قتالية وللرد على تهديدات عسكرية ممكنة اخرى. وستبقى اسرائيل دون سيطرة امنية في يهودا والسامرة ولا سيما سفح الجبل بلا عمق استراتيجي حيوي اذا اخذنا في الحسبان ان المناطق الفلسطينية ستكون على بعد مئات الامتار الى كيلومترات معدودة عن المراكز السكانية الكبيرة في اسرائيل وعن منشآت استراتيجية مركزية. ان السيطرة الامنية على غور الاردن دون سيطرة على سفح الجبل في يهودا والسامرة تشبه قدما بلا رجل.
لا يوجد أي حل خلاق يمكن ان يكون بديلا عن السيطرة على الغور حتى ولا عائق جدي كجدار لا يستطيع منع الارهاب والانفاق. وليست القوة الدولية حلا ايضا. وان كل الامثلة في منطقتنا تبرهن على ان هذه القوات لا تواجه الارهاب وهي غير فعالة في مواجهة جهات معادية. ان انسحاب الجيش الاسرائيلي من الغور سيعرض امن دولة اسرائيل للخطر. ولا تستطيع اسرائيل ولا يحق لها ان تخاطر هذه المخاطرة وان تبقى بلا عمق استراتيجي.

يديعوت 29/1/2014

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية