لا شك أن الكثيرين يتساءلون: ماذا بعد هذا الخراب والدمار الرهيبين في المنطقة؟ ماذا بعد تدمير البلاد وتهجير العباد؟ هل انتهت موجة التخريب؟ هل بدأت الشعوب تلملم أشلاءها وتعود إلى حياتها الطبيعية ولو ببطء شديد؟ هل وصلنا إلى القاع فعلاً كي نشعر بأن الضوء أصبح في نهاية النفق؟ هل حُسمت الحروب والمعارك لصالح الذين باتوا يرفعون إشارة النصر هنا وهناك، وخاصة في سوريا؟ لسنا بحاجة أن نكون منجمين أو نقرأ الغيب حتى نعلم أن كل ما جرى حتى الآن على فظاعته وهوله أشبه بالمقبلات، وأن الوجبة الرئيسية لم تنضج بعد.
قبل عقد من الزمان عندما بدأت موجة الثورات الشعبية، كانت الأوضاع أفضل من الآن بمرات ومرات، مع ذلك ضاقت بها الشعوب ذرعاً، وضحت بالغالي والنفيس من أجل الانعتاق من قبضة ما أسماه الشاعر اليمني البردوني بـ»المستعمر الوطني» وكفلائه الخارجيين. لكن النتيجة كانت أسوأ بكثير مما كانت عليه الشعوب قبل «الربيع العربي». هل يا ترى نجحت لعبة الإقطاعي مع الفلاح؟ تذكرون تلك القصة عندما اشتكى الفلاح للإقطاعي بأنه يعيش مع أسرته الكبيرة في غرفة واحدة، وقد ضاقت بهم الغرفة، فما كان من الإقطاعي إلا أن جاء إلى الفلاح وهو يحمل معه عنزتين وديكاً، وطلب من الفلاح أن يضع معه العنزتين والديك في الغرفة حتى يعود الإقطاعي من رحلة، فتحولت حياة الفلاح في الغرفة الصغيرة إلى جحيم لا يُطاق. ثم عاد الإقطاعي بعد مدة وأخذ العنزتين والديك، وسأل الفلاح لاحقاً عن عيشته في الغرفة الصغيرة بعد أن تخلص من العنزتين والديك، فقال الفلاح: الحياة ممتازة والغرفة كبيرة ولا ينقصنا شيء والحمد لله.
ها هو العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين يواجه أصعب أزمة اقتصادية في تاريخه الحديث. وهذا بدوره سيؤدي إلى مزيد من الفوضى وعدم الاستقرار والعنف وسفك الدماء بالضرورة
طبعاً هكذا كانت خطة الأنظمة الطاغوتية ومشغليها مع الشعوب العربية في مصر واليمن وسوريا وليبيا والعراق وتونس وكل البلدان التي تنزع إلى التحرير من ربقة الطغاة وكفلائهم. لكن لا يمكن مطلقاً أن تنجح لعبة الإقطاعي هنا، فالأوضاع صارت تحت التحت على كل صعيد، وكثرة الضغط علمياً تؤدي إلى الانفجار خاصة عندما لا يبقى للشعوب المضغوطة شيء تخسره بعد أن خسرت في الجولة الأولى كل شيء أصلاً. لهذا علمياً لا يمكن أن نتوقع من الآن فصاعداً سوى مزيد من الانفجارات. وهذه المرة لن تبقى محصورة في بلاد الثورات، بل بالتأكيد ستمتد إلى مناطق جديدة.
ويقول مروان بشارة في مقال له في موقع الجزيرة الإنكليزية: «صحيح أن المنطقة عانت الأمرين على مدى العقد الماضي، لكن المؤشرات الجديدة تؤكد على أن القادم أخطر وأسوأ». وها هو العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين يواجه أصعب أزمة اقتصادية في تاريخه الحديث. وهذا بدوره سيؤدي إلى مزيد من الفوضى وعدم الاستقرار والعنف وسفك الدماء بالضرورة.
هل سيحل السلام النهائي بين إسرائيل والفلسطينيين أم إن الوضع مرشح للتصعيد الكارثي على ضوء السياسات الإسرائيلية التوسعية؟
هل نجحت إيران في تحقيق مشروعها الامبراطوري القومي في المنطقة، أم إنها تواجه الآن كوارث داخلية وخارجية بعد أن غرقت في أوحال المنطقة من العراق إلى سوريا فلبنان فاليمن؟ ولا شك أن ذلك سيكون له تأثيراته الرهيبة على دول المنطقة وخاصة تلك التي تسيطر عليها إيران.
هل جاء الروسي إلى المنطقة كي يصحح ما خربه الأمريكي كما يدعي الروس، أم إنه سيزيد الطين بلة بحماقاته ووحشيته الرهيبة ضد سكان المنطقة وخاصة في سوريا وليبيا؟
هل سيبقى الصراع الليبي محصوراً داخل حدود البلاد أم إنه بدأ يؤثر سلباً على الدول المجاورة كمصر وتونس وربما الجزائر لاحقا، وهذه بلدان كلها تقف على صفيح ساخن من قبل أصلاً، لهذا لا يمكن أن نتوقع فيها سوى مزيد من الانفجارات، خاصة بعد اندلاع الصراع الأثيوبي المصري حول المياه.
انظروا أين كان لبنان وأين صار بعد انفجار مرفأ بيروت؟ لقد كان اللبنانيون في حالة ثورة يومية على الأوضاع الكارثية منذ شهور وشهور، فجاءت ضربة المرفأ لتزيد الدمار والخراب والعذاب أضعافاً مضاعفة. وحتى الأردن فإن النار تعتمل تحت الرماد. وتونس عروسة الربيع العربي تواجه حرباً أهلية باردة من داخل البرلمان. وقد حذر الرئيس التونسي نفسه من أن البلاد تواجه أخطر أزمة اقتصادية وسياسية في تاريخها.
ومما يزيد الطين بلة أن بلدان الخليج التي كانت تحتضن ملايين العرب بدأت تتخلص من العمالة، وتتوقع الكويت وحدها أن يغادرها أكثر من مليون ونصف مغترب مع نهاية هذا العام. ولا شك أن البعض بدأ يتحدث عن الهجرة من الخليج وليس إلى الخليج بعد تدهور الاقتصاديات الخليجية بسبب كورونا وانهيار أسعار النفط. وهذا سيحرم ملايين المصريين واللبنانيين والسوريين والأردنيين والسودانيين وغيرهم من مليارات الدولارات التي كانت ترفد اقتصاديات بلدانهم المأزومة. فكيف سيكون الوضع في تلك البلدان عندما يعود إليها ملايين المغتربين ليصبحوا عالة عليها بعد أن كانوا بمثابة رافعة اقتصادية تعيل ملايين البشر؟ ولا ننسى أن الاقتصاد السوري مثلاً الذي دمرته الحرب سيزداد سوءاً مع عودة المغتربين وبعد إغلاق بنوك لبنان في وجهه، ناهيك الآن عن فقدان الشريان الاقتصادي والتجاري الذي كان يمد بشار الأسد ونظامه بالحياة، ونقصد طبعاً مرفأ بيروت الذي تدمر عن بكرة أبيه.
لا شك أن المنطقة تحتاج إلى معجزات لوقف التدهور الرهيب على كل الأصعدة، لكن زمن المعجزات قد ولى. ولا يكفي حتى لو سقطت الأنظمة الطغيانية، فهذا لم يعد الآن حلاً بعد أن أصبحت معظم الدول على شفير الهاوية. ما الحل إذاً؟ انتظروا الموجة الثانية من الخراب والدمار. القادم أعظم.
أنّ أموالكم الكثيرة ياأمة النبوة ستوضع في بنوك الروم كما هي اليوم ؛ وأوّل النهضة إعادة هذه الأموال لتكون في بنوك العرب والشعب بدل الشتات واللهب.لقد مرّت على أمتنا أكبرمما هي فيه الآن باجتياح المغول والحروب الصليبيّة والصهيونيّة والاحتلالات الغربيّة تترى ؛ وكلما جاءت أمة لعنت أختها وبقينا في الأرض منائرهدى ؛ وإلا لماذا هذا التكالب على أمتنا يابشرى؟ أدرست أوسمعت أنّ هناك في أمريكا الشماليّة أوالجنوبيّة أوفي آسيا وأفريقيا وأستراليا ؛ شيء اسمه الاستشراق؟ ليس هناك إلا الاستشراق المهتم بشؤون أمتنا العربيّة والإسلاميّة ؛ لأنها الأمة الحيّة الرّوح في مسارالتاريخ ؛ ولو وصلوا هم إلى المريخ.فلا يأس مع المبتدأ المؤخّر؛ وخبره المقدّم أنا وأنت ياأخ فيصل.وتذكّر أنّ أمتنا الوسط هي جسربين الأرض والسّماء أزل.
تحية للجميع
الحل هو بتنظيم الشعوب انفسها وعدم الاتكال على الغيبيات وانتظار المعجزات والاهتمام بشؤونها المتدهورة وايجاد الحلول لها واعطاء العلماء والخبراء فرصتهم لكي يكونوا في المقدمة وليس رجال الدين وفتواهم في كل صغيرة وكبيرة
لكن العالم العربي اتجه ويتجه ويسرع نحو الاتجاه نحو العلمانية الغربية منذ 100 عام.. ولا زال البعض يحلم بالجنة الارضية !!.
اذا كان ولا بد من عودة الانتداب فالاحسن ان يكون تركيا لانه عندما كانت الدول العربية تحت الخلافة العثمانية لم تجرأ اي دولة اوروبية بالاقتراب من منطقتنا العربية ولكن عندما ضعف العثمانيون صارت اوطاننا مشاعا لكل لصوص اوروبا و تعرضت للنهب والقتل والدمار
الجزء الأوّل من التعليق ضروري نشره أو حذف الجزء الثاني المنشور من التعليق رجاءً لأنه مبتور عن الأوّل :
اختلف مع كاتب المقال اختلاف جوهرلا عواطف ؛ بل القادم أفضل وأحسن رغم الركام والعواصف.نحن لا نعيش في أبراج عاجيّة بل نعيش في هذه الأرض التي جعلنا الله فيها خلائف ولو كانت القيامة علينا دائمة الشتاء والصوائف.نعم القادم أفضل وأحسن لأنّ ثقتنا بالله تزداد فينا كلما زاد علينا ضغط إبليس مضاعف.نحن أمة مؤمنة لا أمة يائسة بائسة.وهذه المصاعب والمصايب تحديات صقل دائم لشخصيّة الأمة نحو الأفضل مهما كانت التضحيات اليوميّة.منْ لا يثق بالله لا يثق بنفسه ولا بيومه ولا بغده : { أحسب النّاس أنْ يقولوا آمنا وهم لا يفتنون.ولقد فتنا الذين من قبلهم ؛ فليعلمنّ الله الذين صدقوا وليعلمنّ الكاذبين }(العنكبوت2و3)… أتعلم ما معنى العنكبوت ؟ إنه المال الكثيروليست هي حشرة العنكبوت…لهذا جاءت بعدها سورة الروم مباشرة ؛ أي :
الذي يثير العجب والاستهجان هو الاستجابة الضعيفة والروتينية والمتناقضة للتحديات المتراكمة، خصوصا ممن يحتكر القوة ويفترض ان يمتلك المعرفة. الكل ينتظر الفرج من الكل. والبيروقراطية العربية تنتظر حلول المستعمر!
تحليل واقعي عميق، وقراءة دقيقة للأوضاع الحالية وللمؤامرات التي تحاك ضد شعوب هذه البلاد… لكن التنبؤ بالمستقبل فيه نوع من التشاؤم، ومحبط في الوقت نفسه، فأنا أرى عكس ذلك، فالثورات ستستمر ضد الأنظمة الطغيانية، وستنتج من خلالها ثورة حقيقية لتغيير حقيقي قائم على أساس الإسلام العظيم، وهو وعد ربنا وبشرى رسولنا الكريم، وسيتحقق ذلك بإذن الله عاجلاً أو آجلاً…
عندما يكف الغربان عن النعيق سيبدأ الوضع بالتحسن . ولكن للأسف لايزال الغربان عندهم وهم بحدوث تغيير ولكن ماسيحدث هو مزيد من الدمار وقد يتسع إذا اتسعت جوقة الغربان . لا يوجد عاقل يمكن أن يسلم رقبته لقاتله إلا إذا وجد أن ليس هناك أي فرصة للمواجهة . وهذا ليس الوضع لذلك نطلب من الغربان الكف عن النعيق فلا فائدة ترجى سوى حدوث مصائب جديدة
عذرًا منك أخي فيصل القاسم نحن في منتصف الموجة الثانية أكان الربيع العربي أو كوفيد١٩ أنت تقصد الموجة الثالثة هي القادمة وستكون ربما الأقسى لكن ستكون الأخيرة فيما أعتقد. المشكلة فقط إلى حد ستصل الأمور, هل حرب عالمية ثالثة؟ لا أعتقد ذلك لكن علينا أن ندرك ذلك جيدًا حتى لاتكون ضربة قاضية لنا! ولنا الله ومالنا غيرك ياالله
السلام عليكم..الأخ عادل ألمانيا..كيف تنظم الشعوب نفسها و الجهل و العصبية و الطائفية و العمالة من أغلب الحكام و خدامهم تضرب أطنابها و أوصلت جل الشعوب إلى أسفل السافلين!؟،ألم تنتفض الشعوب محاولة الخروج من غيابات جب التخلف و الحكم الفاسد؟ فماذا وقع لها؟لقد خسرت كل شيئ و ازدادت تشرذما و انقساما و إذا بقيت على هذه الحال فستصبح أثرا بعد عين.أشاطرك الرأي في إبعاد تجار الدين عن السياسة فقد أفسدوا كل شيئ و كانوا سببا في كفر الشباب بهذا الدين القويم،و بسبب فتاويهم المضللة أخرجوا لنا القاعدة و طالبان،و النصرة، و جماعات جهادية متزمتة و متشددة نبتت كالفطر في كل بقاع الأرض!..إذا كان عندك حل سحري لما يعانيه المسلمون من إقتتال و دمار في جمع المجالات فاتنا به،أما أن تقول لنا يجب أن ينظموا أنفسهم فهذا مجرد كلام لا يقدم و لا يؤخر..يتبع.
مع تعديل بسيط أخي إلياس الجزائر تجار الدين جزء منهم من أهل السياسة نفسها أيضًا. فهذه الأنظمة هي التي أنشأت ودعمت, طبعا سرًا, هذه الجماعات الجهادية لخدمةأجندتها وهذا شيء معروف وليس سرًّا
نحن في عصر الدجال النظام العالمي الجديد على الابواب بعد الحرب العالمية الثالثة