القاهرة ـ «القدس العربي»: في الصحف المصرية الصادرة أمس الاثنين 22 مارس/آذار شغلت المصالحة المرتقبة بين القاهرة وأنقرة حيزاً كبيراً من اهتمامات الكتّاب، بعضهم رحب بحذر، والبعض كشّر عن أنيابه، وفريق ثالث زايد على الأمر، وطالب أفراده السلطة بالعودة للمربع صفر، محذرين من الأطماع التركية، ومطالبين بضرورة عدم تقديم غصن الزيتون للأتراك.
واهتمت الصحف كذلك بمستجدات الصراع على مياه النيل، حيث أكد النائب عمرو رشدي عضو مجلس النواب، أن مصر لن تقبل بسياسة الأمر الواقع في قضية سد النهضة، وأنها قادرة على حماية حقوقها المائية. وندد في تصريحات صحافية خاصةً لـ”المشهد” بتصريحات وزيري الخارجية والري الإثيوبيين، اللذين استخدما لغة السيادة في أحاديثهما عن استغلال موارد نهر النيل، فالأنهار الدولية هي ملكية مشتركة للدول المشاطئة لها، ولا يجوز السعي لاحتكارها، بل يتعين توظيف مواردها لخدمة شعوب كل الدول التي تتقاسمها، على أساس قواعد القانون الدولي، وأهمها مبدأ التعاون والإنصاف وعدم الإضرار. وقال رشدي، من الواضح غياب الإرادة السياسية لدى الجانب الإثيوبي للتفاوض من أجل الوصول لتسوية عادلة لأزمة سد النهضة.
ومن تقارير أمس الاثنين حذّر علي المصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية، من الاستغلال، مؤكدا أن هناك مواجهة قوية لاستغلال التجار وتوافر السلع من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي من بعض المنتجات؛ لافتا إلى أن توفير المحاصيل ساهم بشكل كبير في استقرار أسعار السلع. وأكد على أن هناك الكثير من المنافذ للسلع الخدمية والتموينية على مستوى الجمهورية، حيث أن هناك أكثر من 6 آلاف منفذ من مشروع جمعيتي، وهناك 30 ألف منفذ آخر، كما أن هناك 1300 منفذ من منافذ الجمعيات الاستهلاكية، بالإضافة إلى التعاون مع السلاسل التجارية.
ومن الراحلين الفنان عبدالوهاب خليل، الذي توفي بعد صراع طويل مع المرض، عن عمر ناهز 81 عاما، بعد أن قدّم عددا كبيرا من الأعمال الدرامية المهمة في المسرح والسينما والتلفزيون. عبدالوهاب خليل هو ممثل مصري. كما أعلن الفنان عزوز عادل، وفاة الفنانة الشابة رضوى أبو شادي إثر تعرضها لأزمة قلبية مفاجئة أودت بحياتها.
الوقت يمرّ
بقيت أسابيع قليلة، بل أيام كما قال فاروق جويدة في “الأهرام” على نهاية مسلسل سد النهضة، لكي تقوم إثيوبيا بالملء الثاني للسد.. بعد عشر سنوات من المفاوضات التي جعلت إثيوبيا ترفض كل شيء بما في ذلك موقف أمريكا ومجلس الأمن والاتحاد الافريقي، أي إن إثيوبيا أغلقت كل الأبواب في تحد سافر لكل الحلول المطروحة. والآن الجميع يتساءل ولم يبق غير مئة يوم وتبدأ إثيوبيا عمليات التخزين.. وإذا تم ذلك سوف تصبح جميع الحلول أمرا صعبا، إذا لم يكن مستحيلا. هناك سؤال يجب أن نطرحه الآن عن موقف الاتحاد الافريقي، وهل يمكن أن يتدخل بقوة لمواجهة التعنت الإثيوبي، وماذا عن موقف دول حوض النيل، وهذا النهر من حقنا جميعا لأن إثيوبيا تفتح الأبواب لصراعات قد تشعل المنطقة كلها. الشيء الغريب أن موقف الدول العربية يتسم بالغموض، بما في ذلك موقف جامعة الدول العربية وأمينها السفير أحمد أبو الغيط.. نحن أمام تهديد سافر لدولتين عربيتين في أهم مصادر الحياة لهما، وإذا لم تتحد كلمة العالم العربي على مثل هذه الكارثة فمتى تتحد. وأكد الكاتب على أن الأمر يتطلب قمة عربية عاجلة تضع إثيوبيا أمام مسؤولياتها أمام العالم العربي.. هناك مصالح كثيرة بين عدد من الدول العربية وإثيوبيا، ولا بد أن تدرك أن ما يحدث في مياه النيل إعلان حرب وليس مجرد بناء سد.. إذا كان من الضروري تحديد المواقف والمسؤوليات، فإن على القمة العربية أن تؤكد أن حرمان مصر والسودان من مياه النيل جريمة تاريخية لن يقبلها أحد. إننا نحن أمام لحظة تاريخية فارقة لا يجوز فيها الصمت أو التراخى أو اللعب بالنار، وإذا لم تعقد قمة عربية لحماية حقوق مصر والسودان في الحياة فمتى تعقد.
ما تخشاه إثيوبيا
من وجهة نظر جلال عارف الذي كشف عنها في “الأخبار”، فإن ما تقوم به مصر والسودان أمر مهم للغاية لوضع دول العالم أمام الصورة الكاملة لأزمة سد النهضة مع إثيوبيا، ولبيان الانتهاكات الإثيوبية للقوانين والاتفاقيات الدولية، التي تضمن حقوق مصر والسودان في مياه النيل، ولتوضيح حجم الخطر الذي يهدد بانفجار الموقف، إذا مضت إثيوبيا في مخططاتها غير المشروعة، وبدأت في الملء الثاني لخزانات السد، بدون اتفاق قانوني ملزم يحقق مصالح الأطراف الثلاثة الشريكة في النيل الأزرق. مهم جدا أن نفضح كل الأكاذيب التي روجتها إثيوبيا لتبرير انتهاكها للمواثيق الدولية، ورفضها – على مدى عشر سنوات من التفاوض- لكل محاولات التوصل إلى الحل العادل الذي يتفق مع القانون ويكفل التعاون بين الدول الثلاث، الذي يحقق الخير ويضمن الحقوق ويعزز الاستقرار. ومهم جدا أيضاً أن تكون الحقائق واضحة أمام شعوب افريقيا وحكوماتها التي استهدفتها إثيوبيا – على مدى السنوات الماضية – بحملات التضليل التي تحاول من خلالها الظهور بمظهر المدافع عن الحقوق الافريقية على حساب مصر، واستهدافا لحرمان مئة وخمسين مليون مصري وسوداني من حقهم في الحياة التي تمثل مياه النيل شريانها الرئيسي. ولسنا هنا في مجال التذكير بموقف مصر من جانب، وإثيوبيا على الجانب الآخر من نضال شعوب افريقيا من أجل التحرر، فافريقيا تعرف وتقدر من ساند بكل إمكانياته، ومن كان يقف عوناً لقوى الاستعمار. لكننا ملزمون بأن نضع الصورة كاملة أمام الأشقاء الأفارقة، وأن نكشف كل الأكاذيب الإثيوبية، لتدرك كل دول افريقيا أن ما تفعله إثيوبيا هو الخطر الحقيقي على أمن واستقرار القارة السمراء. لقد كان أحد الأسس التي قامت عليها جهود افريقيا من أجل الوحدة، من خلال منظمة الوحدة ثم الاتحاد الافريقي، أن تحترم الحدود وأن يلتزم الجميع بالاتفاقيات والمعاهدات الملزمة منعا لاشتعال القارة بالحروب.
سلام عليها
استقبلت منى ثابت في “المشهد” جولات رئيس الحكومة في المناطق الأثرية، وتصريحه بأن العاصمة الجديدة لن تنسينا “القديمة” بحذر شديد قائلة “قلًبوا مواجع ربيعنا قبل غزوة الكباري، أكدوا أن القاهرة كبرت وتعبت، فلتكن كوبري”. وتابعت: أحكي لكم، أمام بيوتنا في مصر الجديدة “القديمة”، عاشت وترعرعت أشجار أكاسيا وبنسوانا، ظللتنا عمرا، تنبت زهورها والربيع على وصول، تتفتح فنتذكر أبجدية لغتها وترق قلوبنا، ينتهي عمر الزهرة فتهبط بكبرياء تتوسد أرصفتنا، وتجزع أقدامنا من لمسها نابضة ما زالت أو جافة.. نعم هذا رثاء لأشجار مصر الجديدة، وإعلان لغربتنا، وخوف مما هو آت بغير إرادتنا. والسبب هو تصريحات رئيس مجلس وزرائنا، عن همة الحكومة لتجميع البشر داخل ناطحات إسمنت.. وبعد جولة في شارع المعز والخيامية، وعد بعدم تهجير أهالي القاهرة التاريخية، وسماها “العاصمة القديمة”، ووعد بأن يحافظ التطوير والترميم على النسيج المعماري والحضاري، واعترف بأن إهمال المنطقة أفرز أنشطة دخيلة شديدة الخطورة على المنطقة الأثرية، وتعهد لقاطني المنطقة بأولوية الحصول على الوحدات التجارية المزمع إنشاؤها.. وعلم بمخاوف اندثار الحرف اليدوية نتيجة عزوف الشباب عن تعلمها.. وأعلن اعتزام الحكومة إجراء حوار مجتمعي مع الخبراء وأهالي المناطق الأثرية حول التطوير، وإنه لصالح الدولة والمواطنين. وأقول لرئيس وزرائنا، “لا مساس” و”حوار مجتمعي” باتت توحي بتخدير المريض محدود التعليم، عليل الصحة. سيادتك رأيت واعترفت وتعهدت وصرحت بأن “إهمال مناطق كنوزنا الحضارية هو سبب انهيارها وحتمية تطويرها”.. فهل تم حل مشكلة الإهمال وسوء الإدارة. وما دليل سيادتك قبل إهدار المليارات؟
الحل من هنا
مشكلة المناطق الأثرية، كما أوجزتها منى ثابت هم الباعة المفترشون.. أكوام النفايات، والحيوانات النافقة والكلاب الضالة، وتحتل ميادين ومداخل شوارع تحيط وتحتضن كثيرا من مواقع كنوزنا الأثرية، التي تتبع إشراف ومسؤولية أكثر من جهة، متى حوسب أي طرف منها؟ ومنطقة مصر القديمة الأثرية هي شاهد حي لأن التطوير نالها، واهمال الرقابة والمحاسبة أتعسها.. سيادتك مصطحبا حشدك، ادخل إلى عمق مواقع أهالي الخيامية، ورضوان بك.. اخترق الشوارع الداخلية التعيسة المواجهة لجامع عمرو بن العاص، الشارع ناصية القهوة، سيصل بكم إلى دير أبو سيفين، ترجل إجباري يسارا إلى شارع ممتد، هو موطن بؤر قمامة ثابتة فوق ينابيع صرف صحي، يفتح على إشراقة شمس الحضارة بمجمع الأديان بعد تطويره، لتواجد الأمن وعمال النظافة. وبإذن الله ستخرج سالما لأن طريق السياح الخارجي مكنوس. تطهير المنطقة من افتراش الباعة لعرض الشارع، ورصفها بالطوب أو الحجر، يفتح رئة الطريق بأمر دون قرض.. ومن فضلك وإحسانك تريث كثيرا قبل هدم محلات قديمة هي الأجمل جدا من التقليد.. روح الأماكن القديمة هي ثروتنا فلا تغتالوها بالتقليد. أما عن عزوف الشباب عن تعلم الحرف، فالحل – كما الماضي- هو تحفيز تعليم الحرف اختياريا بمراحل التعليم الأساسي لجميع مدارس مصر.. لنفتح مدارس المناطق الأثرية مساء للتدريب والإنتاج، وليكن صناع المنطقة المهرة هم الأساتذة، ويُباع إنتاج التلامذة بحضورهم في معارض موسمية في المنطقة نفسها، وبمقابل يدعم قيمة العمل، والوقت، والفن، والحياة، وتميز الشخصية المصرية.. لندفع التلميذ للبحث عن المعرفة مش المجموع، ليكن امتحان الدين هو حاصل تقييم سلوكه في البيت والشارع وورشة المدرسة.. التطوير هو تواؤم التعليم والبيئة.. توفير أساسيات الصحة النفسية للطفل وللمواطن، هي بداية نظافة الشارع والعقول والسلوك.. مشكلتنا هي الزحام وسط القبح البصري والتفاوت الطبقي، ورأسمالية التطوير.. أوقفوا تسلق الكباري ومحلاتها لأشجارنا، احفظوا روح الأماكن القديمة، علشان ربنا يبارك تعبكم.
أقطاي العربي
رغم أن ياسين أقطاي كما أكد سليمان جودة في “المصري اليوم” مواطن تركي، ورغم أنه مستشار حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم، إلا أنه يتحدث العربية كأهلها، ويعرف العامية المصرية كأنه نشأ في حارة من حارات مصر القديمة! ولأنه كان قد نشط طوال الفترة الماضية في ممارسة نوع من الغزل السياسي مع القاهرة، ولأنه مُقرّب من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.. فقد كان عليه عندما يتحدث في موقف تركيا الجديد من جماعة الإخوان، أن يختار عباراته وأن ينتقي كلماته، حتى يصدقها المصريون، الذين يسمعونها منقولة عنه في وسائل الإعلام. تابع جودة: مما قاله مثلًا إن حكومة بلاده لم تكن تعرف أن في البرامج التلفزيونية السياسية الإخوانية محتوى يخالف مواثيق الشرف الإعلامية، وأن حكومة العدالة والتنمية في أنقرة، لم تكن تتابع هذه البرامج التي تقدمها قنوات الإخوان من فوق الأراضى التركية، إلى أن تلقت من الحكومة المصرية ما جعلها تنتبه إلى محتوى البرامج السياسي غير اللائق سياسيا وأخلاقيا. هذا كلام لا نعرف كيف ارتضى أقطاي لنفسه أن يقوله، وكيف تصور أن القارئ سوف يصدقه، ثم كيف تخيل أن كلاما كهذا سوف ينطلى على أحد؟ ما لم يذكره المستشار أقطاي أن أردوغان في مرحلة سابقة كان يرى مصلحته العملية في رعاية الإخوان، وفي احتضان رموز في الجماعة، وفي إتاحة الفرصة أمامها لبث قنوات تلفزيونية تتولى من خلالها الترويج لنفسها من داخل تركيا ومن فوق أرض تركية.. كان أردوغان يرى هذا منذ أن قفز الإخوان على الحكم. من ثلاثة أيام رأى حاكم تركيا أن مصلحته العملية ذاتها هي في التقارب مع القاهرة، فلم يجد أي حرج في أن يعلن ذلك صراحةً لقيادات الجماعة الموجودة في بلده، ولم يجد حرجا في أن يخيّرهم بين الالتزام بطبيعة المرحلة الجديدة، أو إغلاق القنوات ومغادرة البلاد.
لم يكن في الحسبان
كيف نفسر التغيير الأخير في السياسة الخارجية التركية تجاه مصر؟ في البداية والكلام للدكتور محمد كمال في “المصري اليوم”، يجب القول إن الحديث عن التغيير في السياسة الخارجية التركية ليس مقصورا على مصر، رغم أن مصر تحتل أولوية فيه، ولكن يشمل دولا أخرى منها اليونان وفرنسا والسعودية وإسرائيل، هي دول تدهورت علاقاتها مع تركيا في السنوات الأخيرة. أما تفسير هذا التغيير فله أسباب كثيرة، أولها الإحساس العميق بالعزلة الدولية التي تشعر بها تركيا، بدءا من رهانها الفاشل على قوى الإسلام السياسي، الذي أضر بعلاقاتها بالعديد من الدول العربية، ثم تطوير شبكة علاقات جديدة في المنطقة تم استبعاد تركيا منها، مثل منتدى الغاز في شرق المتوسط، وتنامي العلاقات بين دول الخليج ودول شرق متوسطية كان أحد مؤشراتها المناورات العسكرية الأخيرة بين السعودية واليونان، وكذلك تأسيس «منتدى الصداقة» للتعاون بين دول الخليج وشرق المتوسط منذ أسابيع قليلة، وحضر اجتماعه التأسيسي في أثينا، وزراء خارجية كل من مصر واليونان وقبرص وفرنسا والسعودية والإمارات والبحرين، ووصفت وزارة الخارجية التركية المنتدى بأنه «معادٍ». التفسير الثاني للتغير التركي هو وصول جو بايدن للبيت الأبيض، ورغبة تركيا في التكيف مع الإدارة الأمريكية الجديدة، التي توصف بأنها من أكثر الإدارات قربا لليونان (الخصم التاريخي لتركيا)، بالإضافة إلى تصريحات بايدن المعادية لأردوغان، والتخوف من تصعيد العقوبات التي فرضتها إدارة ترامب على تركيا في ديسمبر/كانون الأول الماضي، بسبب استحواذ أنقرة على نظام الدفاع الصاروخي S-400 من روسيا، ورغبة تركيا في العودة إلى برنامج إنتاج الطائرات الأمريكية من طراز F-35، التي تم طردها منه. أي أن تركيا تريد التهدئة إقليميا، كأحد المداخل للإدارة الأمريكية الجديدة. كيف تتعامل مصر مع هذا الموقف التركي الجديد؟
خيارات مفتوحة
بالتأكيد كما أشار محمد كمال فإن هناك إدراكا مصريا لتركيا كإحدى القوى الإقليمية المهمة في الشرق الأوسط وشرق المتوسط، ولكن انفتاح القاهرة على أنقرة سوف يحتاج قدرا من الوقت لبناء الثقة التي هدمها الجانب التركي في العقد الأخير، ليس فقط في ما يتعلق بملف الإسلام السياسي، ولكن في ملفات أخرى مثل ليبيا، وهو أمر يتعلق بالأمن القومي المباشر لمصر. والكرة مرة أخرى في الملعب التركي، لتبنى إجراءات تستهدف إعادة بناء هذه الثقة. يضاف لذلك أن مصر قامت في السنوات الأخيرة ببناء علاقات استراتيجية في شرق المتوسط، خاصة مع اليونان وقبرص، ويجب أن تفهم تركيا أن تطوير علاقاتها مع مصر لن يكون بالانتقاص مما تحقق من اتفاقيات وآليات تعاون مع هذين الشريكين الاستراتيجيين، ومع باقي دول شرق المتوسط، ولكن تظل هناك مساحة كبيرة للتعاون مع تركيا، سواء بتطوير التعاون الاقتصادي، الذي لم يتأثر كثيرا رغم الخلافات السياسية، بالإضافة إلى تحقيق توافقات استراتيجية في الملف الليبي وشرق المتوسط وغيرها. أما التفسير الثالث للتغيير فيتعلق بغاز شرق المتوسط، وإدراك تركيا أن منطق القوة والتصعيد العسكري في هذه المنطقة لن يحقق أهدافه المرجوة، وأن الدبلوماسية هي الطريق الأمثل، خاصة بعد أن بدأ الاتحاد الأوروبي النظر في معاقبة بعض المسؤولين الأتراك المتورطين في التنقيب عن النفط في شرق المتوسط، وبالتالي تستهدف تركيا من مبادراتها تجاه مصر واليونان التوصل إلى اتفاقيات لرسم الحدود البحرية مع كل منهما، تتيح لها استغلال ثروات الغاز وجذب المستثمرين الأجانب، بدون مشاكل أو عقوبات. ويبقى السؤال: هل هذا التحول في السلوك التركي يعكس توجها استراتيجيا سيتسم بالديمومة؟ أم أنه مجرد تغيير تكتيكي مؤقت يرتبط بالظرف السابق الإشارة إليها؟
أزمة الركود
أعرب عبد القادر شهيب في “فيتو” عن سعادته بسبب إعلان صندوق النقد الدولي، أن أزمة الركود التي أصابت الاقتصاد العالمي من جراء جائحة كورونا، في سبيلنا للسيطرة عليها، والتخلص منها، مشيرا إلى أنه سوف يراجع توقعاته بخصوص معدلات النمو الاقتصادي في دول العالم.. ويحدث ذلك في الوقت الذي تتعرض فيه أوروبا للموجة الثالثة من هجوم فيروس كورونا، الذي تحور وصار أكثر انتشارا.. كما يحدث في وقت ما زالت فيه صناعات السياحة والطيران تعاني تراجعا كبيرا، يبدو أنه سوف يستمر معنا لفترة ليست بالقصيرة.. ولذلك تكتسب توقعات، أو بالأصح بشرى صندوق النقد الدولي أهميةَ خاصة، نظرا لأن وطأة الركود الاقتصادي العالمي كانت شديدة على ملايين البشر في أنحاء العالم، لفقد وظائفهم وأعمالهم، ولانخفاض دخولهم مع زيادة أعبائهم في زمن الوباء. وقد استشهد الصندوق الدولي في بشراه إلى نجاح الاقتصاد الصيني في التخلص من كل تداعيات الجائحة، وعودته لتحقيق معدلات النمو الاقتصادي، التي كان يحققها قبل هجوم فيروس كورونا علينا، فضلا عن تحقيق بعض الدول معدلات نمو اقتصادي فاقت توقعاته السابقة، لذلك قرر مراجعة توقعاته بخصوص معدلات النمو الاقتصادي، لعدد من الدول في ضوء ما حققته بالفعل. على كل حال والكلام لشهيب هذه هي أول بشرى دولية بالتخلص من الأزمة الاقتصادية، التي أصابتنا بها الجائحة قريبا نرجو ألا يراجعها الصندوق مرة أخرى.
زلة لسان
عندما أفلتت ملاسنات الرئيسين الأمريكي جو بايدن والروسي فلاديمير بوتين عن أي قيد معتاد في التخاطب بين رؤساء الدول، تراقصت أشباح الحرب الباردة من جديد في التغطيات الصحافية الدولية، وتابع عبد الله السناوي في “الشروق”: “التاريخ لا يعيد نفسه والحقائق تختلف. هذه حقيقة رئيسية في أي قراءة موضوعية للمشاهد الهزلية، التي تابعها العالم مستغربا ومشدوها. لا أمريكا هي الامبراطورية المتفردة بقوتها وثرائها ذانها، التي فرضت بعد الحرب العالمية الثانية قيادتها على العالم الغربي.. ولا روسيا هي الاتحاد السوفييتي، الذي تمكن من فرض سيطرته على أوروبا الشرقية ومناطق واسعة من العالم، حين انقسم العالم أيديولوجيا واستراتيجيا وعسكريا واقتصاديا إلى معسكرين كبيرين. بانهيار جدار برلين في 9 نوفمبر/تشرين الثاني (1989) انتهت الحرب الباردة وتقوض الاتحاد السوفييتي بعده، انفردت القوة الأمريكية بالنظام الدولي وحدها ونشأت أوضاع خلل في التوازنات التي تحكم العلاقات الدولية دفع ثمنها فادحا في العالم العربي. بإيحاء الصور بدت ملاسنات بايدن وبوتين كأنها استعارة لبعض أجواء الحرب الباردة، فالأول يصف الثاني بأنه قاتل وبلا روح، على خلفية تقرير استخباراتي أمريكي جديد ينسب إليه السماح بالتدخل في انتخابات الرئاسة الأمريكية، التي جرت الخريف الماضي.. والثاني يوحي بأن الأول فقد سيطرته على عباراته بحكم التقدم في السن، مدعيا أنه يتمنى له الصحة، رغم أنه هو نفسه لم يعد شابا بعدد السنين، قبل أن يزيد بـ«أننا عادة نرى ما بأنفسنا في الآخرين، ونظن أنهم على ما نحن عليه». لم تكن الأزمة في ذاتها مفاجأة، بقدر ما كانت في الطريقة، التي جرت بها، والانحدار الذي وصلت إليه. بدت القطيعة شبه كاملة. لم يعد ذلك ممكنا الآن، لا موسكو بوارد أن تبني حول نفسها ستارا حديديا جديدا في عالم السماوات المفتوحة، وتداخل المصالح الاقتصادية.. ولا بطاقة واشنطن أن تعلن حربا تجارية وسياسية ودعائية على روسيا.
إهانة جماعية
تابع عبد الله السناوي أقصى ما يملكه بايدن الآن فرض عقوبات اقتصادية جديدة على روسيا، استدعاء «العدو الروسي» من ذاكرة التاريخ يصادم الحقائق المستجدة، فالخطر الأول الذي يتهدد المصالح الأمريكية يأتي من الشرق، حيث التنين الصيني، المرجح أن يتساوى ناتجه القومي الإجمالي مع الولايات المتحدة خلال هذا العقد. إذا ما حدث تحالف بين موسكو وبكين، وهو سيناريو مرجح للغاية، فإن المعادلات الدولية قد تميل لغير صالح التحالف الغربي في عالم ما بعد كورونا. الأمريكيون ينعون على الروس إهدار حقوق الإنسان، واضطهاد المعارضين السياسيين، مثل إليكسي نافالني، الذي تعرض للتسميم ثم المحاكمة والسجن، والتدخل العسكري في أوكرانيا وشبه جزيرة القرم، في ما الروس يعتبرون التعريض ببوتين بهذه الطريقة إهانة جماعية. لا بايدن سوف يمضي في التصعيد إلى أكثر من العقوبات واستثارة ذكريات الحرب الباردة، حين كانت لأمريكا الكلمة الأولى في المعادلات الدولية. ولا بوتين بوارد قطع العلاقات مع الولايات المتحدة، فقد أكد جازما رغبة بلاده في الإبقاء على العلاقات على النحو الذي تراه.الملاسنات في جوهرها تعبير عن أوضاع قلق وتأزم يستبق نظام دولي جديد يوشك أن يولد من تحت ضربات جائحة كورونا. بايدن يستدعى شبح ترامب، لإكساب رئاسته ما تحتاجه من شعبية الاقتناع العام بجدارته في الحكم بعيدا عن إرث سلفه، الذي نال بفداحة من صورة الولايات المتحدة. وبوتين يوظف ما تورط فيه نظيره الأمريكي من تفلت لفظي لإكساب نفسه شرعية جديدة تبرر طول البقاء في الحكم.
أي إنسان
في توقيت متتالٍ والكلام لنشوى الحوفي في “الوطن” كان الإعلان عن تقريرين لحقوق الإنسان، أحدهما عن سوريا والآخر عن مصر. صدر الأول في 11 مارس/آذار الجاري، فأعلنت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان في جنيف ميشيل باشيليت، إدانة أوضاع حقوق الإنسان في سوريا، داعية إلى بذل الجهود للكشف عن الحقيقة وإعمال العدالة والتعويض للمضارين السوريين، بمناسبة مرور 10 سنوات على اندلاع العنف المسلح في سوريا، الذي راح ضحيته آلاف القتلى، وعانى منه ملايين النازحين واللاجئين، في ما يكافح ملايين السوريين من أجل البقاء. كما رحّبت بالحكم الصادر مؤخراً عن محكمة ألمانية على عضو سابق من أجهزة المخابرات السورية، بعدما وُجهت له تهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية. ثم كان التقرير الثاني لمنظمة هيومان رايتس ووتش، وأعلنته يوم 17 مارس/آذار الجاري، واتهمت فيه الجيش المصري بهدم أكثر من 12 ألفاً و300 مبنى سكني وتجاري، وتدمير نحو 13 ألف فدان من المزارع حول العريش ومعبر رفح، على الحدود مع قطاع غزة، منذ عام 2013 في سيناء بسبب المواجهات مع الجماعات الإسلامية المسلحة. تأملت الحوفي التقريرين وتعجبت من فصام الرؤية الممزوج بالتضليل المتعمد، فتقرير المفوضية الدولية لحقوق الإنسان تجاهل الوضع في سوريا على مدار عشر سنوات باتت فيها مرتعاً للصراع الإقليمي والدولي، وتنوع فيها حاملو السلاح. لذا لا يمكن الجزم بالمتسببين في ما آل إليه حال السوريين، الذين أدموا قلب المفوضة الأممية. إذ كيف نحاسب دولة ونظاماً – رغم اختلافنا معه في نواحٍ عدة – على حقوق إنسان، بينما الدولة كلها من مؤسسات وأرض وشعب، في صراع من أجل البقاء، مجرد بقاء؟
إرضاءً لإسرائيل
واصلت نشوى الحوفي: تذكرت ما حدث مع ريما خلف مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة عام 2017 حينما نشرت تقرير لجنة الإسكوا التابعة للأمم المتحدة وأدانت فيه ممارسات إسرائيل ضد المدنيين الفلسطينيين، بل واتهمت إسرائيل بأنها دولة فصل عنصري. وكيف ضغط عليها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لسحب التقرير أو الاستقالة، فكانت استقالتها التي قبلها فوراً، حرصاً على إرضاء إسرائيل! وتساءلت عن معنى حقوق الإنسان في المنظمة الدولية وفارق الحقوق بين سوريا المنهكة في الصراع وفلسطين مسلوبة الهوية؟ ثم كان تقرير منظمة هيومان رايتس ووتش عن الجيش المصري على الحدود المصرية، المطالب بحق لمن وصفتهم بالجماعات المسلحة الإسلامية، بينما هم إرهابيون وليسوا مسلمين، وتساءلت عن تلك الحالة من التغييب المطلق في تصوير المشهد من خلال صراع دولة ومسلحين معارضين لها؟ بينما تقود أمريكا تحالفاً من 40 دولة منذ عام 2014 – كما تُوهمنا – للقضاء على المسلحين ذاتهم في العراق وسوريا، ويبررون لأنفسهم ما حل بسوريا والعراق من دمار، بل البقاء على أرض ضاع فيها الأمان في ظل وجودهم عليها! كما يحدثوننا عن هدم منازل وتدمير زراعات يعلمون أنها كانت تُستخدم لتهريب الإرهاب والمخدرات عبر الأنفاق، فأي تضليل هذا؟ ولماذا الإصرار على تصوير ما يحدث في شمال سيناء بغير واقعه؟ لا أعلم عن أي إنسان يتحدثون ويطالبون له بالحقوق بينما ضاع الإنسان في سوريا تماماً، ويسعى الإنسان للحياة في مصر.
فض الاشتباك
من بين المؤيدين للقصر الرئاسي عبد المحسن سلامة في “الأهرام”: لأنه يتابع كل ما يشغل الرأي العام، وكما حسم الجدل حول تعديلات قانون الشهر العقاري، تدخل الرئيس السيسي لينهي الجدل «ويفض» الاشتباك حول تعديلات مشروع قانون الأحوال الشخصية، في يوم المرأة. رئيس الجمهورية كان واضحا وصريحا، كعادته، حينما أكد أنه لن يسمح بإصدار قانون يضر بالمرأة المصرية، لكنه في الوقت نفسه، أشار إلى أنه في حالة إصدار التعديلات، فسوف تكون هذه التعديلات لمصلحة كل أفراد الأسرة، بدون الإضرار بطرف على حساب الآخر، وأنه سوف يتم الاستماع إلى رأى الأزهر الشريف في هذا الصدد، حتى تتوافق التعديلات مع الشريعة الإسلامية. الرئيس السيسي طمأن الأسرة المصرية، بشأن ما يثار حول التعديلات المقترحة، وأنها سوف تأخذ كامل حقها في الدراسة والمناقشة قبل خروجها إلى النور. الأهم من القانون، كما أشار الرئيس، هو وعي الزوج والزوجة، فالموضوع ليس معركة، ورغم أن الطلاق هو «أبغض الحلال»، فإنه وارد، وهنا يأتى دور الزوج والزوجة في الحفاظ على سلامة الصحة النفسية للأبناء، بعدم تشويه كل منهما الآخر أمامهم. تلك هي المشكلة الكبرى، وهي ناتجة عن ثقافة التخلف والجهل، والسير في طريق العناد، فكلا الطرفين يريد التنكيل بالآخر، وتشويهه بقصد، أو بدون قصد، وهو الأمر الذي يُلحق الأذى بالأطفال، ويخلق منهم أجيالا مشوهة نفسيا. القانون وحده لا يكفي، والمهم هو الوعي لدى طرفي العلاقة الزوجية قبل القانون وبعده.
احترسوا من هذا
تعد الدكتورة فاليرى روش التي تابعها علاء عريبي في “الوفد”، رئيسة قسم الصدر في مستشفى المموريل في نيويورك، ورئيسة جمعية الجراحين الأمريكيين، من أكبر وأهم جراحي أورام الرئة في العالم. ولها خبرة في جراحة الرئة تعود إلى أكثر من أربعين سنة، وسبق لها زيارة القاهرة للمشاركة في مؤتمر للأسف لم ينشر عنه، عن جراحة الصدر، أقيم في فندق سونسته في مصر الجديدة، أقامه الفرع المصري لجميعة الجراحين الأمريكيين. فاليرى صرحت بمعلومة على قدر كبير من الأهمية، وهي أنهم في أمريكا اكتشفوا أن 5% ممن أجروا جراحة أورام في الرئة، يظهر لهم بعد عام ورم جديد، والورم الجديد من نوع غير الورم القديم، الذي سبق وتم استئصاله، وفي حالة استئصال الورم الجديد يصاب بنوع جديد آخر بعد عام. هذه المعلومة الخطيرة ذكرها لى الصديق الدكتور مدحت خفاجي استاذ وجراح الأورام الشهير، فقد حضر المؤتمر، وشارك في فعالياته، وجلس مع فاليري وتناقش معها، وهذه الملعومة في ظني لن يصلوا إليها في الولايات المتحدة الأمريكية بالفهلوة، بل نتيجة قاعدة علمية وبيانات إحصائية، بدايتها من المستشفيات والمراكز الطبية المتخصصة، تقوم بتسجيل بيانات عن المريض، وحالته ونوعية وحجم الورم المصاب به، ونوعية العلاج الذي يتلقاه، وتاريخ إجراء جراحة استئصال له، وهذه البيانات يعود إليها بعض الباحثين، يجرون بعض الدراسات على مرضى مستشفى أو مركز بعينه خلال 10 سنوات أو أكثر، ويتضح من الدراسة البيانية بعض النتائج، منها نسب من تم شفاؤهم تماماً، ومنها نوعية الأورام سريعة النمو والانتشار، ومنها نوعية الأورام بطيئة النمو، ويتضح كذلك النسبة التي ذكرتها فاليري روش خلال زيارتها لمصر مؤخراً.
مهمة الشباب
المؤكد كما يرى علاء عريبي أن بعض المراكز الطبية المتخصصة في الاورام في مصر تمتلك قاعدة بيانات للمرضى المترددين عليها، والمؤكد أيضا أننا لم نستفد من هذه القاعدة، لهذا نقترح على الجامعات المصرية وأساتذة الطب أن يوجهوا الباحثين الشباب إلى إعداد دراسات عن هذه البيانات، سواء المسجلة في معهد الأورام التابع لجامعة القاهرة، أو مستشفى الأطفال أو غيرها من المراكز، التي تمتلك قاعدة بيانات، لأنه من المؤكد أن هذه الدراسات سوف تفيدنا كثيراً في رسم خريطة للأورام ونسبها واحجامها وبيئة المصابين بها وأعمارهم ونوعية عمله وسكنه، وغيرها من المعلومات التي تفيد في تحديد كثرة الإصابة في حي أو مصنع أو مدينة بعينها. للأسف مصر لم تستفد من زيارة فاليرى روش ومن حضر معها من الأطباء، في إجراء بعض الجراحات، أو شرح بعض الأساليب الجديدة في التشخيص، أو إجراء الجراحات أو العلاج للأطباء المتخصصين في المراكز والمستشفيات، وللأسف حضرت وشاركت في مؤتمر أقرب لسري وغادرت.