الخرطوم ـ «القدس العربي»: الفشقة، اسم ظل مخزونا لسنين طويلة في ذاكرة الشعب السوداني، وخاصة مواطني شرق السودان، باعتبار المنطقة واحدة من المناطق الغنية، التي خرج جزء كبير منها عن سلطة الدولة السودانية، لمصلحة إثيوبيا في عهد الرئيس السابق عمر البشير، الذي لم يكن حريصاً على استعادة ما فقد منها. وعاد اسم المنطقة إلى صدارة الأحداث، نهاية العام الماضي بعد اندلاع الحرب الداخلية في إثيوبيا بين الحكومة المركزية وحزب جبهة «تحرير شعب نيغراي» حيث أعاد السودان انتشاره فيها وصولا إلى خط الحدود الدولي المرسوم في عام 1902.
هذه الخطوة تسببت بغضب إثيوبي كبير، تبعه انتشار مكثف لقوات إثيوبية حكومية وميليشيات تتبع لقبيلة الأمهرا بجانب مقاتلين من إريتريا والصومال، ما قاد إلى توتر كبير بين البلدين، وهدد بقيام حرب.
السودان أصرّ على أن هذه أراضيه، وأن إثيوبيا احتلتها لسنين دون وجه حق، موكداً الدفاع عن مواطنيه، الذين ظلوا يتعرضون على الدوام لاعتداءات متكررة وممنهجة.
لا أمراض قبلية
بدت مدينة القريشة التي تعد واحدة من المحليات التابعة لولاية القضارف، وهي أقرب النقاط الحضرية من الفشقة الصغرى، شبه خالية من المظاهر العسكرية ويمارس المواطنون حياتهم فيها بشكل طبيعي.
عباس الطيب، المدير الإداري لمحلية القريشة قال لـ«القدس العربي»: «سكان المحلية الذين ينتشرون في المنطقة يصل تعدادهم إلى 123 ألف مواطن، ينحدرون من نحو 30 قبيلة معظمهم من غرب السودان من قبائل الفلاتة والهوسا والمساليت والزبارما مع وجود رئيسي وظاهر لعرب الضباينة الذين هم الأصل في المنطقة، لكن بالعموم المواطنون هنا ليست بينهم الأمراض القبلية، والسائد هو أن الناس جميعهم سودانيون بالأساس».
وتابع « مثلا أنا المدير الإداري للمحلية أنحدر أصلا من إقليم جبال النوبة في جنوب كردفان وحضرت أسرتي إلى هذه المنطقة عام 1956، ولدت هنا وكبرت، وأشعر أنني في بلدي التي لا أعرف غيرها ولا توجد قبيلة مهيمنة مثل ما هو الحال في باقي مدن السودان».
وزاد «ارتباطنا كبير ووثيق بباقي السودان ونتابع التطورات فيه ونشارك فيها مثل ما كان الحال خلال الثورة الحالية التي شاركنا فيها عبر التظاهرات أو عبر الاعتصام المهيب في الخرطوم الذي كانت لأهل الفشقة فيه خيمة، وكذلك في اعتصام القضارف وكبقية المدن، كان هناك مناصرون للبشير وكنا في لجان المقاومة نقف ضده، لكن الانقسام لم يكن حادا واستبشرنا بالتغيير الجديد، وقد حدث ولم يخب أملنا وها هي أرضنا تعود لنا بعد طول غياب».
اعتداءات ونهب وخطف
وعبّر صاحب المتجر الصغير الذي جلسنا أمامه من عرب الضباينة عن سعادته بإعادة الجيش لانتشارها وفرضه الأمن في المنطقة من تعديات الميليشيات الإثيوبية.
وبين لـ«القدس العربي» دون ذكر اسمه : «نحن فرحون للغاية بانتشار الجيش لأننا لأول مرة سنزرع شرق النهر (العطبراوي) الفشقة الصغرى، بعد غياب لـ 25 عاما كان محرما علينا دخول هذه المناطق، بعد أن استولى عليها الإثيوبيون بفضل الميليشيات الذين من الصعب جدا أن تفرقهم عن المزارعين، بل هم ليسوا ميليشيا غير منظمة بل هم جنود نظاميون لديهم سجلات وبطاقات عسكرية، حيث يأتي بهم التجار الإثيوبيون عند حصولهم على تصديق للزراعة من حكومة الأمهرا في بحر دار، ويحصل التاجر على جنود من الميليشيات من حكومة الإقليم الإثيوبي ليمارسوا الإرهاب والتعدي والسيطرة على أرضنا في السودان» حسب قوله.
وتابع: «الإثيوبيون هم إخواننا وليس لدينا معهم مشكلة في شخوصهم، وفي السابق كانوا يأتون ويعملون في الحصاد. لو كانت الأوضاع طبيعية كنت ستجدهم منتشرين في هذا السوق بل بعضهم يذهب بأرجله إلى القضارف ويعملون في المشاريع، لكن كبار التجار والميليشيات شرق النهر يتوغلون في بعض الأحيان إلى غرب النهر ويعتدون على المواطنين وينهبون الجرارات والأبقار ويمارسون الاختطاف ويطالبون بفديات مالية كبيرة بغرض إجلائنا عن المنطقة».
وزاد «عندما بدأ الجيش الانتشار فرحنا بذلك كثيرا، بل النساء كن في بعض الأحيان يتقدمن على الجيش وهن يحملن الحراب والطعام لخدمة الجنود الذين أتوا لتخليصنا من الاستفزاز والإهانات الإثيوبية المتكررة في حق الرجال والنساء على السواء».
وأضاف: «نحن الآن في موسم الحصاد ونشعر بفرح لأننا سنعود إلى أرضنا بعد 23 عاما، لكننا نطالب الدولة بأن تتدخل في الزراعة مثل ما كانت حكومة الأمهرا توفر التقانات للمزارعين الإثيوبيين حيث ينتج فدان المزارع الإثيوبي 10 أضعاف ما ينتجه المزارع السوداني، لذا نحن نحتاج لدخول الدولة بتوفير التقانات الحديثة لرفع انتاجية الفدان».
في الطريق إلى عمق الفشقة الصغرى، عبر الطريق الممهد الذي أنشىء حديثا حسب الدليل الذي رافقنا من الخرطوم، ضمن مجموعة كبيرة من الطرق الممهدة للعيان بشكل واضح، وتنتشر على جانبيها حشائش نبات «العدار» الذي يستخدمه السكان لبناء مساكنهم التي تعرف باسم «القطية» إلى جانب شجر «الهجليج « الذي ينتشر بكثافة في المنطقة.
ويقول الدليل المرافق لنا: «شجر الهجليج جلبه الرئيس جعفر نميري من إقليم كردفان إلى الفشقة أثناء حكمه، حيث كان يريد تمييز أرض السودان بهذه الأشجار وعند اختفائها تظهر الأراضي الإثيوبية» وهو الأمر الذي كان ملحوظا لنا عند وصولنا إلى تخوم خط الحدود السودانية ـ الإثيوبية.
معاناة صحية
ما كان لافتا للانتباه في الطريق من قرية «تبارك الله» إلى «بربر الفقرا» هو «قطاطي» (قبيلة) الدينكا وأفرادها، من دولة جنوب السودان، وتاريخيا كانوا يعملون في الحصاد والزراعة في ولاية القضارف. ووفق المرافق «رغم انفصال الجنوب عن السودان لم يرحل هؤلاء وظلوا مقيمين ويمارسون حياتهم بشكل طبيعي في الزراعة وأعمال الحصاد».
وحسب ما قال المواطن الطيب عبد الله في قرية «تبارك الله» لـ«القدس العربي»: فقد «قام الجيش بعد انتشاره بتحديث المركز الصحي في المنطقة الذي كان في السابق تديره منظمة أطباء بلا حدود، لمعالجة مرض الكلازار الذي ينتشر في المنطقة بكثافة، وبسبب عدم التجديد للمنظمة، بات المواطنون يعانون كثيرا للوصول إلى الخدمة الصحية لأن أقرب مستشفى بعيد جدا خاصة في الخريف، ما كان يقود لوفيات كثيرة، ورغم أن الحال تحسن في المستشفى في تبارك الله حاليا، لكن ما زال دونكي المياه لا يعمل لعدم وجود الوقود الكافي لتشغيله».
وفي قرية «ود عاروض» على ضفاف نهر العطبراوي حدثنا عمدة قبيلة الزبارما، علي محمد علي، بمرارة شديدة وسط رهط كبير من أعيان القبيلة، قائلا لـ«القدس العربي»: «نحن أكثر الناس تعرضا للإهانات من قبل الميليشيات الإثيوبية التي كانت تحرم علينا تماما العبور للضفة الشرقية للنهر، حيث يسيطر الإثيوبيون على المنطقة بشكل كامل، لقد بدأوا تدريجيا في الانتشار منذ الثمانينيات بأعداد قليلة، ولاحقاً، ظهرت الميليشيات المسلحة بسلاح ثقيل لا تملكه سوى الدولة».
وأوضح: «يستولي بعدها المزارعون الإثيوبيون وكبار الملاك من جيش الأمهرا عبر وكلائهم ويمنعوننا من الحصول على الحطب الذي نستخدمه في الطبخ، ويمنعوننا حتى من أن نحصل على الماء من ضفة النهر، كانوا قساة جدا».
وتابع: «بل أكثر من ذلك، كانوا يعبرون النهر ويشترون احتياجاتهم من المتاجر الصغيرة، وأحيانا يدفعون المقابل وأحيانا كثيرة لا يدفعون قيمة مشترياتهم، وفي بعض الأحيان يطلقون النار عليك مباشرة».
وأضاف «خلال هذه السنوات السيئة سلب منا العديد من الآليات من حاصدات وتراكتورات، وبعد حرماننا من الزراعة والاستيلاء على بساتين الفاكهة خاصتنا على ضفة النهر، حرموا علينا تجارة الحطب منذ عام 2000، وغادر تبعا لذلك كل أبناء القرية بحثا عن عمل في القضارف وبورسودان والخرطوم، وبقينا قلة، مصرّين على وجودنا رغم التهديدات والإهانات، وهي قديمة حيث قتلوا أخونا خليل دون أي سبب».
«حماية الأرض»
كذلك أكد الشيخ الماحي الطاهر لـ«القدس العربي»: «تحملنا الكثير من استفزاز الإثيوبيين، وأقسى أمر كان عندما يعطونك قبضة من تراب الفشقة ويسألونك شم وقل لنا هل هذا تراب إثيوبي أم سوداني، وهم يصوبون علينا أسلحتهم ونقول مكرهين إن هذا التراب رائحته إثيوبية، كان هذا أقسى تجارب الاستفزاز المستمرة».
جولة ميدانية في قرى المنطقة… ومشاهد من مستوطنة إثيوبية… وحزن على الضحايا
وتابع: «رغم كل هذا الاستفزاز من اختطاف للنساء والأبقار والاستيلاء على الأرض، لم نغادر، وظللنا ندافع عن هذه الأرض، نيابة عن الدولة، ونثبت سودانيتها بالبقاء فيها، وكنا نقدر للحكومة في الخرطوم انشغالها بالحروب الداخلية، لكن الآن بعد توقيع السلام لن نتحمل عبء حماية هذه الأرض وحدنا، على السودانيين جميعا تحمل عبء الدفاع عن هذه الأرض، وعلى رأس القائمة الجيش».
وزاد: «عموما نحن أهل القرية من قبيلة الزبارما نشعر الآن بالآمان، وعاد كثير من أبنائنا من المدن الأخرى ليزرعوا أرض آبائهم وأجدادهم، ونحن لم ننس حدود أرض كل أسرة منذ عام 5619 لم ننس أن هذه أرضنا وسنظل فيها، نحن الذين نشكل خط الدفاع الأول عن الفشقة، وثبتنا أهلها، ولو سمعت بقية القرى أن الزبارما في ود عاروض غادروا أرضهم، وسيرحل الجميع باتجاه القضارف في اللحظة نفسها».
في السياق، قال بابكر علي، من لجان المقاومة، لـ«القدس العربي»: «أنا عدت للقرية بعد انقطاع عقود طويلة قضيتها في أمدرمان العباسية، وعدت بعد انتشار الجيش، وكثيرون من مدن السودان المختلفة يرغبون في الزراعة هذا الصيف شرق النهر، ونريد من الدولة أن تدعمنا وتقيم قرى توفر فيها الخدمات من كهرباء وصحة، وتوفير السماد والوقود، مثل ما تفعل إثيوبيا مع المستوطنين سابقا في أرضنا حيث توفر لهم كل سبل النجاح للبقاء، وهو ما نريده من حكومتنا أيضا». وتابع «أناشد كل الشباب من لجان المقاومة في مدن السودان، ومن الراغبين في تحسين أوضاعهم الحضور إلى منطقة الفشقة، وإقامة مشاريع زراعية، فهي أضمن طريق للثراء بدلا من التجول في الصحارى بحثا عن الذهب».
حزن في «الليا»
في قرية «الليا» التي دخلناها ووجدنا أهلها ما زال يلفهم الحزن على وفاة 4 نساء وطفل الشهر الماضي نتيجة لتوغل الإثيوبيين، حسب ما قال محمد إبراهيم يحيى إسحق لـ«القدس العربي» مضيفاً: «والدتي قتلت مع نساء أخريات وطفل كان بمعيتهم حيث كانوا يقومون بقطع الحطب، إذ كمنت لهم الميليشيات وقتلتهم، لذا، نحن نخشى كثيرا الابتعاد عن القرية تجنبا لتوغل الميليشيات الذي لم يحسم بشكل كامل، لكننا لدينا عزم كبير لزراعة أرضنا هذا العام».
والده ابراهيم يحيى بين لـ«القدس العربي» أن «الأمن لم يستتب في قريتنا بشكل كامل، وما زلنا نخشى عبور النهر، وجمع الحطب، واستغلال بساتيننا التي استولى عليها الإثيوبيون لفترة طويلة، بجانب نهبهم المستمر لماشيتنا، ونحن في قريتنا هذه فقدنا قرابة عشرين ألف رأس من البهائم على فترات متفاوتة. وكلما وجدت الميليشيات أحد الرعاة مع بهائمه يقومون بالاستيلاء عليها وقتله، لذا نريد أن يبقى الجيش ليقوم بتأميننا من التعديات». عبرنا النهر لأول مرة نحو قرية «ود كولي» من جهة خور حمرا حيث وجدنا الجيش منتشرا بكثافة على طول المنطقة. وزرنا مع مرافقنا أحد المعسكرات التابعة لأحد التجار الإثيوبيين، وشاهدنا مباني واسعة وحمامات و«بارا» في معسكر التاجر الذي عرف بقسوته واسمه هاولي، حسب الدليل الذي رافقنا إلى قرب ما يسميها السودانيون مستوطنة، واسمها «خور حمرا».
هناك ظهرت بنية تحتية متكاملة من مبان بالطوب والإسمنت، تتخللها طرق وصهاريج مياه بجانب خدمات الاتصالات، حيث قمنا بتجربة شرائح اتصالات إثيوبية ووجدناها تعمل بكفاءة عالية داخل عمق الأراضي السودانية، وهو أمر يخالف الأعراف الدولية للاتصالات التي تمنع إقامة بنية اتصالات تحتية في أراضي دولة أخرى.
وعند عودتنا لمدينة القضارف مررنا بعدد من الجبال التي يمر فيها خط الحدود، والمتمثلة بجبل الطيور وقلع اللبان وقلع النحل وسلسلة جبال السنارات، والمشهد الوحيد الذي يلاقيك هو انتشار كثيف لقوات متعددة من الجيش السوداني بجانب أعمال الإنشاءات من طرق وجسور في مناطق متفرقة على ضفة نهر عطبرة الذي يخترق منطقة الفشقة الصغرى ويقسمها إلى قسمين.
احتياجات متزايدة بعد تدفق اللاجئين الإثيوبيين
قال والي ولاية القضارف سليمان علي الذي التقيناه في مكتبه في مدينة القضارف لـ«القدس العربي»: «نحن سعيدون بانتشار الجيش السوداني في منطقة الفشقة، ونرى أن هذا الأمر سيوفر مناخا ملائما للزراعة هذا الصيف في الفشقة، ونحن نشارك عبر شركات الولاية في تعبيد عدد كبير من الطرق، لكن عملنا توقف مؤخرا نتيجة لعدم توفر الوقود اللازم ليس للتنمية فقط ولكن لإدارة شؤون المواطنين أنفسهم، لذا أنا كنت في الخرطوم الأسبوع الماضي لتذليل هذه العقبات لجهة الوقود والدقيق، وتلقيت وعدا بتأمين احتياجاتنا».
وتابع «الولاية دخلها عشرات الآلاف من اللاجئين الإثيوبيين، نحن في السابق كنا نحتاج إلى 2200 شوال دقيق في اليوم الواحد، لكن مع وجود الجيش واللاجئين أصبح لدينا نقص بنحو 1500 جوال، ولكن وعدنا برفع حصة الولاية إلى 4500 جوال في اليوم، والحال نفسه، بالنسبة للوقود حيث وعدت وزارة النفط بتوفير كميات معتبرة لعمليات التنمية في الفشقة بجانب حاجة المواطنين، لذا نحن في حاجة لدعم من المركز في الخرطوم ومن المنظمات الدولية أيضا».
وعدد سليمان المشاكل المترتبة من استضافتهم للاجئين الإثيوبيين، وقال «أكبر التحديات هي ارتفاع معدل تهريب السلاح من وإلى الولاية، حيث انهيت اجتماع لجنة الأمن في الولاية هذا اليوم وأبلغت بضبط كميات من الأسلحة والذخائر داخل الولاية بجانب عمل المهربين في المخدرات وتجارة البشر».
وأضاف «فضلاً عن الضغط الكبير على الخدمات الذي نتوقع أن يجر أمراضا وبائية في الولاية بشكل عام أو في المعسكرات بشكل خاص، نتيجة للازدحام، وعلى سبيل المثال، نحن قررنا وقف استقبال لاجئين جدد في معسكر (الطنيدبة) بعد أن وصل العدد فيه إلى خمسة آلاف، فيما وصل العدد في معسكر (المدينة 10) إلى 19 ألف لاجئ».
وزاد: «ووفق هذه الأرقام يمكنك أن تتخيل حجم الضغط على قطاع الخدمات في الولاية في وقت نحن ملتزمون فيه بتوفير الحاجيات الاساسية وسبل العيش الكريم لإخوتنا اللاجئين الإثيوبيين، وهذه معادلة صعبة نعمل على حلها مع الحكومة في المركز».
عضو في السيادي السوداني: نسيطر على أكثر من 90٪ من أراضي المنطقة
قال عضو مجلس السيادة في السودان، الفريق إبراهيم جابر لـ«القدس العربي» عندما التقته في القصر الرئاسي: «ما قمنا به هو إعادة انتشار لقواتنا داخل أراضينا، وفي مواقع أصلا كان لدينا فيها انتشار ونقاط عسكرية وشرطية، قمنا بسحبها خلال حرب الجنوب واستغل الإثيوبيون هذا الفراغ وقاموا بالتوغل في أراضينا، وظل السودان في حالة مفاوضات مستمرة معهم حول ترسيم الحدود منذ العهد الماضي، لكننا لم نصل إلى نتيجة».
وتابع «بعد اندلاع الحرب الإثيوبية الداخلية الأخيرة، زار رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان إثيوبيا، وقدم نصائح كثيرة لرئيس الوزراء أبي أحمد حول إدارة الملف داخل بلاده، وتعهد السودان بإغلاق الحدود والانتشار عليها وهو ما كان بالفعل، لكن تفاجأنا لاحقا أن إثيوبيا أصبحت تتحدث على أن السودان يجب أن يعيد الوضع إلى ما كان عليه، ونحن في الأصل أعدنا انتشار قواتنا داخل أراضينا ولو كنا تعدينا خط الحدود لكان الاتحاد الأفريقي والمنظمات الدولية أدانا انتشارنا هذا، لكن لأن الجميع يعلمون أننا لم نتعد خط الحدود المعروف دوليا لم يدنا أحد».
وأوضح «نحن الآن نسيطر على ما بين 90٪ إلى 95٪ من أراضي الفشقة وظل ديدننا في تحركنا هذا تفادي المدنيين قدر الإمكان من الموجودين في مستوطنات إثيوبية أقيمت داخل أراضينا، والآن شرعنا في إعادة الأمن والآمان لموطنينا في هذه المنطقة، الذين ظلوا على مدار أكثر من 25 عاما عرضة للانتهاكات والتعديات من قبل ميليشيات إثيوبية، بل هي في الأصل قوات إثيوبية كانت تريد فرض أمر واقع جديد في المنطقة «.
وزاد «نحن لا نريد الدخول في حرب مع إثيوبيا، لأننا في ظل السودان الذي يتكون بعد الثورة الأخيرة. لا نريد حربا، ولكن ما نريده هو وضع العلامات فقط على شريط الحدود خاصة».
وواصل «إثيوبيا، لأول مرة في علاقتنا معها، تقول إن الفشقة أرض إثيوبية وهذا حديث جديد كليا ويدحضه اعتراف رئيس الوزراء السابق هايلي مريام ديسالين في خطاب للبرلمان مصور يقر فيه بأن الفشقة أرض سودانية ويطالب الميليشيات بعدم تخريب العلاقة مع السودان بالتوغل والتعدي على أراضيه».