غزة – “القدس العربي”:
لم تعد المخاوف الفلسطينية من بناء “الممر المائي” الذي يربط قطاع غزة، بجزيرة قبرص، مرتبطة بوجود مخطط لتهجير سكان قطاع غزة، حيث ازدادت المخاوف خلال الساعات الماضية، مع الإعلان عن انتهاء تشييد هذا الممر، لإدخال المساعدات، بتنفيذ الهجوم البري الإسرائيلي ضد مدينة رفح.
وفي دلالة على ذلك، فقد جرى الإعلان عن الانتهاء من بناء الرصيف الخاص بهذا الممر، من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، في الوقت الذي كان فيه أكثر من مسؤول إسرائيلي يعلنون قرب شن الهجوم البري على مدينة رفح.
ولم تستبعد مصادر سياسية فلسطينية، تواصلت معها “القدس العربي”، أن يكون هذان الأمران مرتبطين ببعضهما البعض، حيث تهرب إسرائيل من الضغوط الدولية التي تطالبها بإدخال المساعدات لقطاع غزة بكميات كبيرة، لمنع حدود “المجاعة”، من خلال هذا الممر البحري، ومعابر أخرى برية يجري فتحها، لتكون بديلا عن معبري مدينة رفح، والمتوقع إغلاقهما في حال نفذت العملية البرية.
وفق المصادر فإن شن عملية عسكرية إسرائيلية ضد مدينة رفح، سيتخلله وقف عمل المعابر التي تمر منها البضائع لسكان غزة
ووفق المصادر فإن شن عملية عسكرية إسرائيلية ضد مدينة رفح، سيتخلله وقف عمل المعابر التي تمر منها البضائع لسكان غزة، وهما معبر رفح البري الفاصل عن مصر، والذي تمر منه شاحنات تقل مساعدات لسكان القطاع بشكل يومي، وكذلك معبر كرم أبو سالم، الذي يفصل بين قطاع غزة ودولة الاحتلال، وتمر منه أيضا شاحنات مساعدات وأخرى للقطاع، تحملان بضائع متنوعة لسكان القطاع.
وحاليا لا يوجد سوى هذين المعبرين في القطاع، بالإضافة إلى معبر بيت حانون “إيرز”، الذي خصص لدخول كميات قليلة من البضائع التي تمر لمناطق شمال قطاع غزة من الأردن، كما يجري إسقاط مساعدات غذائية من طائرات عربية وأجنبية بكميات قليلة على مناطق مدينة غزة وشمالها.
وبهدف القفز عن أي تنديد دولي بعملية رفح، ستلجأ إسرائيل إلى الهروب من هذا الضغط، من خلال “الممر المائي”، فيما أكدت المصادر الفلسطينية أن هناك معلومات وردت عبر قنوات دولية، تشير إلى احتمال أن تقوم إسرائيل بفتح معابر من مناطق حدودية تقع وسط وشمال غزة، لإدخال المساعدات، عوضا عن معبري مدينة رفح.
وكانت الإدارة الأمريكية والعديد من الدول الغربية، وكذلك المنظمات الاغاثية، طالبت مرات عدة من إسرائيل بزيادة الممرات الإنسانية، وفتح المزيد من المعابر لدخول البضائع لقطاع غزة، وقد أكدت الأمم المتحدة من قبل أن الممر المائي، لا يمكن أن يكون بديلا عن معابر غزة الرئيسة.
وقبل يومين أعلن البيت الأبيض عن افتتاح معبر جديد إلى شمال غزة، وأشار إلى أن العمل على الرصيف المؤقت يسير بوتيرة جيدة، وقال “نتوقع استلام البضائع في الأيام القادمة”، معلنا أن أكثر من 200 شاحنة مساعدات تدخل يومياً إلى القطاع الفلسطيني.
وفي حال فتحت هذه المعابر، بالإضافة إلى “الممر المائي”، فإنهما بحكم صغر المعابر وكميات البضائع القليلة التي ستصل عبر “الممر المائي”، لن تسدا مكان معبري رفح، اللذين لم تكن سلطات الاحتلال تسمح إلا بإدخال القليل من البضائع عبرهما، وهو ما عمل على ارتفاع معدلات المجاعة في القطاع، وتسجيل وفيات في صفوف المواطنين.
ولذلك أشارت المصادر السياسية خلال حديثها لـ “القدس العربي”، إلى أنه جرى التحذير من هذا المخطط، خلال اللقاءات السياسية الأخيرة لمسؤولين فلسطينيين كبار، وتحديدا خلال الاجتماع السداسي لوزراء الخارجية العرب مع وزير الخارجية الأمريكي، وخلال لقاءات الرئيس محمود عباس مع مسؤولين كبار، خلال زيارته الأخيرة قبل أيام للسعودية.
وقد طالب الجانب الفلسطيني في تلك اللقاءات سواء الجماعية أو العامة، بتحرك دولي جدي لإنهاء الحرب، وتحديدا من قبل الإدارة الأمريكية، وقد طلب من دول عربية وازنة، التحدث بسرعة مع أمريكا.
ورغم ذلك لم يحصل الجانب الفلسطيني، على أي وعود أمريكية بمنع عملية رفح، وهو ما دفع بالرئيس محمود عباس للقول صراحة في كلمته أمام المنتدى الاقتصادي العالمي الذي عقد في السعودية “أمريكا الوحيدة القادرة على وقف كارثة رفح”.
أما الناطق باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، فقال معلقا على تهديد بنيامين نتنياهو، بأن الحرب مستمرة، وإن اجتياح رفح سيتم قريبا، “لولا الدعم الأمريكي المنحاز وغير الأخلاقي لصالح الاحتلال، ما كان نتنياهو تجرأ على تحدي الشرعية الدولية والقانون الدولي بإصراره على استكمال العدوان وارتكاب المزيد من الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني”.
وطالب من جديد الإدارة الأمريكية بـ “التدخل الفوري”، وإلزام سلطات الاحتلال الإسرائيلي وقف جرائمها، وفي مقدمتها منع الاحتلال الإسرائيلي من اجتياح رفح، الذي أكد أنه “سيكون له تداعيات خطيرة جداً على المنطقة بأسرها والعالم”.
وفي هذا السياق، قال مدير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية مارتن جريفيث، “إن العالم ظل يناشد إسرائيل لتجنب هجوم على رفح إلا أن عملية برية هناك تلوح في الأفق القريب”.
وأكد جريفيث، أن الغزو البري لرفح “سيؤدي إلى مزيد من الموت لمئات آلاف الأشخاص الفارين من المجاعة والمقابر الجماعية”.
أما الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، فقال إن الهجوم الإسرائيلي المحتمل على مدينة رفح سيكون تصعيدا كبيرا “لا يمكن احتماله” وسيقتل آلاف المدنيين، مؤكدًا أن اجتياح رفح سيكون له تداعيات خطيرة على الضفة الغربية والمنطقة بأسرها.
وكانت تقارير عبرية، كشفت بعد تهديدات رئيس حكومة الاحتلال الأخيرة، ومسؤولين في المؤسسة العسكرية، بقرب شن الهجوم البري على رفح، أنه تم بناء الممر المائي لتسهيل نقل المساعدات الإنسانية بواسطة المنظمات الاغاثية إلى غزة، وأنه من المتوقع أن تصل الشحنة الأولى من المساعدات بالفعل السبت القادم.