قبل بضعة ايام حل رئيس الوزراء الاردني الأسبق، زيد الرفاعي، ضيفا على منزل إبنه (هو ايضا رئيس وزراء سابق) سمير الرفاعي، مع مجموعة من كبار السياسيين. ‘المحادثات بين اسرائيل والفلسطينيين لن تعطي ثمارا’، بشر الرفاعي الأب الحاضرين. ولم تُسمع اقواله بخيبة أمل، بل استقبلت حتى بالرضا.
فمنذ نحو اسبوعين وكبار المسؤولين الاردنيين، بمن فيهم رئيس الوزراء الأسبق والسفير في اسرائيل الأسبق، معروف البخيت، رئيس مجلس الأعيان، عبد الرؤوف الروابدة وشخصيات أخرى من القيادة السياسية ممن تنصت أذن الملك عبد الله لهم، ضغطوا لاتخاذ سياسة فاعلة في المحادثات الجارية بين اسرائيل والفلسطينيين. وتخوف هؤلاء الشخصيات، والذي اشركوا فيه الملك، هو ألا يصمد الفلسطينيون أمام الضغط الامريكي فيقدموا تنازلات تأتي على حساب الاردن. ‘مرة اخرى بدأوا يتحدثون في الاردن عن الخوف من ‘الوطن البديل’ ومن أن يصبح الاردن الدولة الفلسطينية’، قال لـ ‘هآرتس’ مصدر اردني مقرب من اولئك السياسيين.
يكمن مصدر القلق الاردني في مسألة اللاجئين، أو الأدق، في مكانة نحو مليوني لاجيء فلسطيني يحمل معظمهم هوية اردنية، آلاف اللاجئين الذين يحملون جوازات سفر اردنية ولكنهم ليسوا مواطنين، ولاجئين من غزة لا يحملون هويات. ‘حسب المعلومات التي لدينا، تقترح الولايات المتحدة تعويض الاردن عن ‘فترة الاستضافة’ التي مكث فيها اللاجئون في الاردن منذ 1948 شريطة أن يبقى هؤلاء اللاجئون في الاردن وألا يطالبوا بالتعويض’، قال المصدر.
اذا كان ثمة بالفعل اقتراح كهذا، واذا ما أُخذ به، فمعناه هزة عميقة للميزان الديمغرافي في الاردن، وعمليا، فقدان هويتنا الاردنية’، على حد تعبيره. على خلفية هذه المخاوف أقيم في الاردن مجلس خاص يضم الى جانب السياسيين الكبار رئيس المخابرات، فيصل الشوبكي، رئيس مكتب الملك عماد الفاخوري، رئيس البرلمان ورئيس مجلس الأعيان. ويفترض بهذا المجلس أن يصيغ موقف الاردن ومطالبه ويعرضها على وزير الخارجية الامريكي جون كيري.
القلق الاردني الذي ترافق وتلميحات علنية في أن محمود عباس يدير قناة محادثات سرية مع الامريكيين من خلف ظهر الاردن، دفعت عباس لأن يبعث بعباس زكي، المسؤول عن الملف العربي في م.ت.ف الى لقاءات تهدئة مع الروابدة وبخيت للتأكيد لهما أن ليس هناك أي قناة سرية وأن كل اتفاق يتحقق لن يكون على حساب الاردن. كما أن هذا كان هدف لقاء نتنياهو مع الملك عبد الله، ولكن مشكوك أن تنجح هذه المحادثات في تهدئة قيادة الحكم في الاردن. ‘للمفاوضات مثلما للحرب يجب أن يأتي المرء جاهزا. محظور الدخول اليهما دون ذخيرة ودون خطة. ومثلما خسرنا في حرب 1948 لأنها جاءت في توقيت غير مناسب، هكذا قد نخسر المعركة السياسية اذا جاءت في وقت غير مناسب’، حذر هذا الاسبوع معروف البخيت في محاضرة ألقاها في جامعة عمان.
وعلى حد قوله فان المفاوضات الحالية تأتي بينما الجبهة العربية غير موحدة، وكل دولة تعنى بشؤونها الداخلية، ولا يمكن عرض موقف عربي يسند الفلسطينيين، ومن هنا التخوف من أن يضطر الفلسطينيون للخضوع للضغوط ولا سيما في مسألة اللاجيئين. ولكن أكثر من القلق من نجاح الفلسطينيين في الاتصالات، فان خوف الاردن من الفاتورة السياسية التي ستعرض عليه. فمع أن الاردن يؤيد حل الدولتين ولكنه لن يؤيد بأي حال أن يكون هو واحدة منهما.
يرفض الاردن ايضا امكانية أن تحتفظ قوات اسرائيلية أو امريكية بغور الاردن، ولكنه قلق ايضا من أن تحتفظ قوات فلسطينية وحدها بالحدود. وقد اقترح الاردن في حينه شراكة قوات فلسطينية واردنية تقوم بأعمال الدورية على جانبي الحدود وتستعين بتكنولوجيا امريكية، ولكن الاقتراح غير مقبول من اسرائيل التي تطالب بأن تحتفظ لنفسها بالغور بل وربما ضمه. ولكن على حد مصادر في الاردن، فان مسألة الغور هي ‘فنية في جوهرها، ومن السابق لأوانه البحث فيها ولا سيما على خلفية مشروع القانون الاسرائيلي لضم الغور، المشروع الذي اذا ما أُقر فانه بكل الاحوال سيقوض المفاوضات’.
‘
تسفي برئيل
هآرتس 19/1/2014
ألوطن لا يُبَدَل ولا يُعوَض،