بغداد ـ «القدس العربي»: اختتم رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، زيارته إلى العاصمة التركية أنقرة استغرقت يوماً واحداً، عائداً إلى العاصمة العراقية بغداد، محمّلا بـ«ثلاثة عروض» تركية تخص ملفات الأمن والاقتصاد والمياه، وسط ترحيب سياسي بالزيارة.
ونشر المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي، صباح أمس الجمعة، بياناً مقتضباً أفاد بأن «الكاظمي اختتم زيارته إلى تركيا وعاد إلى أرض الوطن».
وتعليقاً على الزيارة، ذكر أثيل النجيفي القيادي في «الجبهة العراقية» التي يتزعمها شقيقه أسامة النجيفي، أمس، أن الكاظمي تلقى ثلاثة عروض من تركيا لمعالجة ملفات مهمة تتعلق بالأمن، والاقتصاد، والمياه.
وقال النجيفي في منشور له على مواقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» إن «تركيا قدمت للكاظمي عروض في ثلاثة ملفات، وهي: الأمن: التعاون في مكافحة داعش وحزب العمال الكردستاني، والاقتصاد: التعاون في اصلاح وتشغيل خط أنابيب كركوك- جيهان، والمياه: التعاون في استخدام التكنولوجيا الحديثة لتأمين احتياجات المياه».
وتساءل النجيفي: «فهل يستطيع الكاظمي التغلب على الجهات السياسية التي لديها أجندات مختلفة حول هذه الملفات؟».
ممثل لملف المياه
وقرر الكاظمي، تسمية وزير الموارد المائية، مهدي رشيد الحمداني، مبعوثا خاصا وممثلا عنه لملف المياه أسوة بالجانب التركي، فيما أكد الحمداني، التوصل لاتفاق مع أنقرة للتفاوض حول بروتوكول التعاون في مياه نهر دجلة.
وقال المكتب الإعلامي لوزارة الموارد المائية في بيان أمس أن «على خلفية مشاركة وزير الموارد المائية، مهدي رشيد الحمداني، باجتماعات الوفد الوزاري برئاسة الكاظمي إلى تركيا، قرر رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي تسمية وزير الموارد المائية مبعوثا خاصا وممثلا عنه لملف المياه أسوه بالجانب التركي».
وأضاف «في نفس السياق أعلن وزير الموارد المائية عن التوصل إلى اتفاق مع الجانب التركي لعقد اجتماع يوم 2021/1/15 للتفاوض حول بروتوكول التعاون في مياه نهر دجلة والمقدم من قبل وزارة الموارد المائية والمقترن بموافقة مجلس الوزراء، والذي يضمن الحصص المائية للعراق في نهر دجلة الرئيسي».
مقوّمات النجاح
وفي سياق متصل، قال مكتب الكاظمي في بيان سابق، إن الأخير «التقى، عدداً من رجال الأعمال والمستثمرين ورؤساء الشركات التركية، وذلك على هامش زيارته الرسمية للعاصمة التركية أنقرة».
وأضاف البيان، أن الكاظمي «بحث مع رجال الأعمال والمستثمرين سبل تسهيل إجراءات الاستثمار ورفع المعوّقات والتخفيف من الإجراءات البيروقراطية، كما استمع إلى أهم ما عرضه رجال الأعمال من مسائل وقضايا تسهم في تيسير عملهم في العراق».
ونقل البيان عن الكاظمي قوله إن «العراق بلد واعد ويحمل كل مقوّمات النجاح لقطاع الأعمال والاستثمار، وإنه ينظر إلى تركيا باعتبارها شريكاً حقيقياً في المجال الاقتصادي على طريق تحقيق التنمية المستدامة».
وتابع، أن «العراق جاد في فتح أبوابه أمام الاستثمار، وإنه مقبل بقوّة على جذب الاستثمارات والخبرات التركية إلى السوق العراقية، لأجل توسعة قاعدة الاقتصاد العراقي في الصناعة والزراعة، وتقليل الاعتماد على النفط الخام».
ووقّع العراق، اتفاقيتين مع الجانب التركي، في المجالين الضريبي والثقافي، بحضور الكاظمي، وأردوغان.
محلل سياسي يدعو لعدم تحويل البلاد ساحة لتصفية الحسابات والانضمام لمحور ضد آخر
وذكر المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء، في بيان أن «وزير التخطيط خالد بتال النجم، وقع مع الجانب التركي، اتفاقية تجنّب الازدواج الضريبي».
وأضاف: «فيما وقّع وزير الخارجية فؤاد حسين، ونظيره التركي مولود جاويش أوغلو، اتفاقية التعاون الثقافي بين البلدين».
«العمليات العسكرية»
في السياق، رأى المراقب للشأن السياسي، أحمد الخضر، أن «زيارة الكاظمي إلى تركيا ليست بعيدة عن العمليات العسكرية التركية التي ينفذها الجانب التركي في إقليم كردستان» مبينا أن «هذا الموضوع هو جزء رئيسي من الزيارة، كما تسربت المعلومات».
وأضاف: «الكاظمي حمل إلى تركيا ملفات مهمة لبحثها مع الجانب التركي هي في غاية بالأهمية، يأتي في مقدمتها ملف حزب العمال الكردستاني والتوغل التركي داخل إقليم كردستان الذي يعد خرقا فعليا للسيادة العراقية» مبينا أن «بالتالي، هو حمل هذا الملف المهم والاستراتيجي للتوصل إلى اتفاق ينهي هذا التدخل ويكون هنالك تنسيق بين الجانبين لمنع ما تسميه تركيا تهديدا أو خطرا على أمنها القومي».
وأشار إلى أن «الكاظمي حمل في حقيبته أيضا ملف غاية في الأهمية ألا وهو ملف المياه» لافتا إلى أن «العراق يعتمد كليا مع مصادر مياه تنبع من تركيا أساسا، وبالتالي ربما سيواجه العراق شحا في المياه خلال الصيف المقبل» لافتا إلى أن «الكاظمي وضع هذا الملف في مقدمة مباحثاته، إضافة إلى ملفات أخرى مثل الملف المالي وملاحقة الأموال العراقية المهربة إلى تركيا، وأيضا ملف تشجيع الاستثمار التركي داخل المناطق العراقية الآمنة».
بيّن، أن «الكاظمي يعطي أهمية كبرى للعلاقات العراقية الخارجية، ومؤمن تماما أن العراق لا يمكن أن يتقدم أو يكون فيه إصلاح لوضعه الداخلي دون إسناد دولي أو وجود علاقات له متوازنة مع الجميع» واصفا تركيا بـ«الدول المهمة في المنطقة» على حد تعبيره.
وحول فرض الولايات المتحدة العقوبات على تركيا، وتأثير تلك العقوبات على العلاقات العراقية التركية، بيّن أن «هذه المسألة تتوقف على مهارة رئيس الوزراء الاتحادي، أن تكون له علاقة متوازنة مع الجميع، وأن يكون له تصرف متوازن في إدارة العلاقات ما بين تركيا وأمريكا» مشدداً على أهمية «ألا يكون العراق جزءاً من أي محور على حساب محور آخر» مؤكداً في الوقت ذاته، أن «العراق بات يحتاج إلى علاقات متوازنة بين الجارة تركيا والدول العظمى، ومنها أمريكا».
وتابع: «على الكاظمي أن يقنع الجانب التركي بأن العراق ليس ساحة لتصفية الحسابات ولن يكون جزءا من محور معين ضد محور ثان، وإلا سنصل إلى مرحلة كارثية قد يمر بها العراق».
المحلل سياسي علي البيدر، وصف، زيارة الكاظمي إلى تركيا بـ«المكسب للعراق».
وقال، إن «من أهم القضايا، هو ملف حزب العمال الكردستاني، وكذلك التدخل التركي والتواجد والتحركات التركية على الأراضي العراقية، وأبرز الأهداف التي من ممكن أن تصوب نحوها تركيا بنادقها وقصفها وطيرانها وصواريخها».
وأضاف: «من الضروري أن يكون هنالك تنسيق تركي مع الحكومة العراقية حول العمليات العسكرية التي تنفذها على الأراضي العراقية، كي لا تعتبر هذا التحركات خروقات للسيادة العراقية» مشيرا إلى أن «ملفات أخرى تتعلق بحصة العراق من المياه، والجانب التجاري الذي يمثل عصب الحياة لتركيا، ستكون على طاولة المباحثات بين الطرفين، خصوصا بعد تشديد الدول الغربية بعض الإجراءات على تركيا وتراجع الواقع الاقتصادي التركي».
وأكد أن «ما يميز هذه الزيارة أنها توفر بيئة مناسبة لمرحلة جديدة من العلاقات التركية العراقية بعد أن شهدت توترات، إضافة إلى حاجة العراق للجوانب الاقتصادية وحتى الأمنية» لافتا إلى أن «هذه التحركات فيها جوانب إيجابية للعراق وتركيا، ويجب استثمارها على أتم وجه للشروع بمرحلة جديدة تخدم البلدين ومصالحهما».
وتوقع أن «يكون هنالك زيادة للقوام العسكري التركي على الأراضي العراقية بعد هذه الزيارة» منوها إلى أن زيارة الكاظمي إلى تركيا، «وخصوصا في هذه الفترة العصيبة، تعتبر مكسباً للبلاد».