الكاظمي يخطط لاسترداد المال المنهوب… ووزير سابق يكشف عن خسائر بـ360 مليار دولار خلال حكم المالكي

مشرق ريسان
حجم الخط
0

بغداد ـ «القدس العربي»: يعتزم رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، خوض «حربٍ جديدة» تستهدف «مافيات الفساد» المتوغّلة في جميع مفاصل الدولة، وملاحقة الأموال المهربة إلى الخارج، بُغيّة إعادتها إلى البلاد، والإسهام في رفد العجز المالي الكبير الذي تعاني منه الدولة، لا سيما بعد انخفاض أسعار النفط العالمية.
مهمة الكاظمي في «ضرب الفساد» لا تقل أهمية عن «محاربة الإرهاب»، كما يرى المراقبون، خصوصاً أن «الفاسدين» يتحصنون بكتلٍ سياسية نافذة، سيطرت على مقاليد الحكم في البلاد منذ عام 2003.
ويحتاج الكاظمي في «حربه المرتقبة ضد الفساد» إلى دعمٍ سياسيٍ وشعبي، بالإضافة إلى تشريع قوانين تصبّ في صالح ضبط قنوات هدر المال العام، غير إن رئيس الوزراء «المستقل» قد يواجه «حرباً مضادة» يقودها «الفاسدون» والمنتفعون من المال العراقي.

«لائحة كاملة»

ورغم الإقرار بصعوبة مهمة الكاظمي، غير أن بوادر الأمل أتت من لجنة النزاهة البرلمانية، إحدى الجهات المعنية بمكافحة الفساد، من خلال إعلانها إمتلاك «لائحة كاملة» بشأن الأموال المهربة خارج العراق، ملوّحة بـ«قرب التحرك عليها» بعد الانتهاء من جائحة كورونا.
وذكر مقرر اللجنة، عبد الأمير المياحي، للوكالة الرسمية، أن «اللجنة تمتلك لائحة كاملة بشأن الأموال المهربة، فيها أسماء الأشخاص والأموال الموجودة في خارج العراق». وأضاف أن «العراق لديه أموال كثيرة في الخارج قسم منها مجمد والآخر بأيد غير أمينة».
وتابع، أن «جائحة كورونا حالت دون التحرك على تلك الأموال»، لافتا إلى أن «لجنة النزاهة استدعت رئيس قسم استرداد الأموال خارج العراق لمعرفة هذه الأموال ما قبل 2003 وما بعدها، وبعد انتهاء الجائحة سيتم متابعة الملف بشكل كامل».
ويحتاج استرداد الأموال العراقية المهرّبة إلى الخارج منذ عام 2003، إلى تشريع قانون خاص، وهذا ما دعا إليه النائب عن كتلة «النهج الوطني»، التابعة لحزب «الفضيلة الإسلامي»، حسين العقابي.
وأضاف، في بيان صحافي، إن «منذ تسلم مصطفى الكاظمي للحكومة منذ قرابة شهرين، ونحن نراقب أداء حكومته وخطواتها، ومما يؤسف له أن لم نلحظ أي خطط واقعية أو خطوات إصلاحية جادة لإنقاذ البلد من أزماته المتتالية، وقد راقبنا أيضا الإجراءات التي قامت بها الحكومة لمواجهة الأزمة المالية ووجدناها قاصرة وبعيدة عن روح المسؤولية والإصلاح ولا تعدو كونها ذرا للرماد في عيون الشعب».
وزاد: «هناك عدة حلول واقعية وممكنة التطبيق للخروج بالبلد من أزماته السياسية والاقتصادية، ونود هنا أن نقدم أحد هذه الحلول، ونقترح على حكومة الكاظمي وبالتنسيق مع مجلس النواب تقديم مشروع قانون (استرداد الأموال العراقية المنهوبة بعد عام 2003)، ويتضمن هذا القانون تشكيل لجنة عليا من الخبراء العراقيين المعروفين بنزاهتهم وخبراتهم ووطنيتهم لتدقيق وجرد حسابات الدولة العراقية بعد عام 2003 منذ تشكيل الحكومة المؤقتة في حزيران /يونيو 2004 لغاية عامنا الحالي 2020، على أن تحظى هذه اللجنة بالدعم المعنوي والحصانة المطلوبة لكشف الأموال المنهوبة طيلة السنوات الماضية وتحديد المقصرين والمساهمين في هدر الأموال العامة وإحالتهم إلى القضاء وحجز أموالهم ومصادرتها، لا سيما من ظهرت عليهم ملامح الإثراء الفاحش والكسب غير المشروع».
وأشار إلى أن «هذا القانون في حال تشريعه وتطبيقه سيشكل ردعا لحيتان الفساد وموردا مهما من الموارد المالية التي تساهم في سد العجز وتعزيز إيرادات الدولة العراقية بدلا من اللجوء إلى تكبيل الاقتصاد العراقي المنهك بأعباء القروض الداخلية والخارجية وما يستتبعها من فرض للشروط والإملاءات الخارجية، وسيكون أحد الحلول العديدة التي ينبغي تطبيقها للنهوض بالبلد واستنقاذه من الأزمات المتراكمة».
ويقدّر حجم الخسائر المالية التي تكبّدتها الدولة العراقية جراء الفساد والهدر والمشاريع الوهمية وغير المنجزة، منذ عام 2006 وحتى عام 2014، وهي الفترة التي تولى فيها نوري المالكي دفّة الحكم، وشهدت انتعاشاً في أسعار النفط، بنحو 360 مليار دولار، حسب الوزير السابق والقيادي في «المجلس الأعلى الإسلامي»، باقر الزبيدي.
وحسب منشور على صفحته في «فيسبوك»، حمل عنوان «أبواب الهدر في الاقتصاد العراقي»، قال الزبيدي: « هناك هدر كبير لموارد البلاد لم يبوب، كونه ضمن عمل الدولة وتم تغطيته على شكل تعاقدات مثل: صفقات شراء أسلحة فاسدة أو إفادات أو شراء معدات من قبل بعض الوزارات بمبالغ خيالية وهي، مبالغ من الصعب حصرها بسبب الفساد المستشري فيها».
وأضاف مستعرضاً أهم الأبواب التي يستشري فيها الفساد، من بينها النفط، قائلاً: «بالرغم من أن النفط هو المورد الرئيسي للبلاد، إلاّ أنه أيضاً هو أكبر أبواب الهدر فيها بسبب الإدارة الخاطئة والفساد المستشري في هذا القطاع».

أكد أن حكومته ليست لتصفية الحسابات وتوعد من يقوم بابتزاز رجال الأعمال

وزاد: «كما أنه الجانب الأقل في الاقتصاد العراقي من حيث الشفافية؛ لكثرة منافذ السرقة والسيطرة من قبل جهات معروفة وأخرى تعمل في الظل حيث لم يتم إطّلاع الرأي العام على أغلب العقود التي أبرمتها الحكومات المتعاقبة التي تشكّلت، كما أثرت الأجندات الخارجية بشكل كبير على القطاع النفطي (الشمالي والجنوبي) في ظل خضوع سياسي مهين».
ووفقاً للزبيدي، فإن العراق يمتلك «ثالث أكبر احتياطي نفطي في العالم، حيث أن 71٪ من الاحتياطي موجود في الحقول الجنوبية خصوصاً البصرة، و20٪ في الحقول الشمالية خصوصاً في محافظة كركوك والمحافظات الشمالية، أما الـ 9٪ الباقية فهي في الوسط في حقل شرق العاصمة بغداد».
واعتبر الوزير السابق، أن «الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للدخل، جعل (العمود الفقري) للاقتصاد في العراق بخطر، في أسواق النفط تنخفض وترتفع وفق مستجدات الأحداث العالمية، مما يعني أن وضع البلد بات تحت مطرقة الأزمات طوال الوقت»، منوهاً إلى أن «قيمة ما يسرق من النفط العراقي، يقدر بـ17 مليار (دولار) سنوياً، وهو رقم كبير جداً يذهب إلى جيوب اللجان الاقتصادية!»، (التابعة للأحزاب) على حدّ قوله.
وتحت باب «المنافذ الحدودية»، بين الزبيدي: «تمثل المنافذ الحدودية العراقية بوابات البلاد للتجارة والاستيراد مع بعض دول الجوار، حيث يمتلك العراق (22) منفذاً برياً وبحرياً بالإضافة إلى المنافذ الجوية المتمثلة بالمطارات»، مبيناً أن «هناك فارقاً كبيراً بين ما يدخل عبر المنافذ وما يجري توريده لخزينة الدولة».
وتابع: «حجم التبادلات التجارية التي تمر عبر المنافذ يتراوح سنوياً بين (31 ـ 40 مليار دولار)، الأرقام التقريبية للإيرادات المفروض تحقيقها من جميع المنافذ تقدر بـ10 مليارات (دولارات) سنوياً، لكن المتحقق الفعلي من الإيرادات يصل إلى 2.4 مليار (دولار) فقط»، موضّحاً أن «بغداد لم تتسلم أي عوائد من منافذ إقليم كردستان العراق (الستة الدولية) مع إيران وتركيا ومطاري أربيل والسليمانية، خلافاً لما جرى الاتفاق عليه».

محاصصة وفساد

وحسب الزبيدي، فإن «هذه الأموال هي فقط لرافدين من روافد الدولة، لو تم إدارتهما بالشكل السليم وبعيداً عن المحاصصة السياسية والفساد، فلن يحتاج العراق إلى قروض تقيد البلاد لعشرات السنين؛ وتجعل من الإصلاح الاقتصادي أمراً مستحيلًا».
من جهة ثانية، يقرّ الكاظمي، بوجود «عمليات ابتزاز» يتعرض لها القطاع الخاص، رغم تعهده باتخاذ إجراءات رادعة، وفتح أبواب مكتبه أمام رجال الأعمال لتسجيل أي شكوى بهذا الجانب.
والتقى الكاظمي، أول أمس، وفدا يمثل عددا من رجال الأعمال العراقيين، واستمع خلال اللقاء، إلى ملاحظاتهم بشأن أعمالهم واستثماراتهم في العراق، والمشاكل والتحديات التي تواجههم، والعقبات التي تقف حجر عثرة أمام تنشيط عمل القطاع الخاص داخل البلد، وسبل تذليلها، حسب بيان حكومي.
ونقل البيان عن الكاظمي قوله: «الحكومة الحالية هي حكومة توافق وتكاتف وتفاهم وطني لتجاوز الأزمة والعبور في العراق إلى برّ الأمان، وليست حكومة تصفية حسابات، بحيث تؤثر في تقديم الخدمات للمواطن وتحقيق ما يتطلع اليه، وإنما المستهدف هو الفاسد»، مبينا أن «العراق يمرّ اليوم بتحديات عديدة تأتي في مقدمتها، جائحة كورونا وتداعياتها على الاقتصاد».
ودعا الكاظمي، الجميع أحزاباً، ونقابات، وكذلك القطاع الخاص، والفعاليات الاجتماعية الى «التكاتف والتعاون لمواجهة هذه التحديات»، مشيرا الى «أهمية القطاع الخاص في العراق، وضرورة تعزيزه وتشجيعه ليأخذ دوره الريادي بما يمكّنه من تنشيط الاقتصاد العراقي، والحكومة تتجه اليوم وبقوة لدعم القطاع الخاص، وإيجاد المناخات الملائمة لتفعيله ومساهمته في بناء البلد».
وأوضح أن «الحكومة تسعى لأن يكون العراق بيئة جاذبة للاستثمار والمستثمرين وليس بيئة طاردة»، مبينا أن «هناك عمليات ابتزاز يتعرض لها القطاع الخاص، وأن الحكومة لديها إجراءات رادعة لمحاسبة وملاحقة من يقوم بعمليات الابتزاز والمساومة».
وأكد أن «أبواب مكتب رئيس الوزراء مفتوحة أمام رجال الأعمال لتقديم شكاواهم بشأن أي حالة ابتزاز قد يتعرضون لها»، مشددا على أن «أي قضية فساد يتم التعامل معها بكل جدية وملاحقة أصحابها قانونيا».
ولفت إلى أن «الحكومة تعمل على تحرير الاقتصاد العراقي من رهنه بالنفط، والاهتمام بقطاعات الصناعة والزراعة والسياحة والخدمات والاستثمار والنقل وغيرها»، مشددا على «جدية الحكومة في محاربة الفساد في كل مفاصل الدولة، لاسيما المنافذ الحدودية». وشدد على «ضرورة التزام القطاع الخاص بدفع الضرائب من أجل تعزيز إيرادات الدولة، وكذلك سحب أي إجازة أو فرصة استثمارية لم يتم تفعيلها».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية