عاموس جلبوعثلاث نقاط في سياق زيارة اوباما: الانسان، الجوهر والاستنتاجات لاسرائيل. الانسان اوباما لم يتغير وبقي بالضبط مثلما كان قبل أربع سنوات: سياسي، خطيب بالهام علوي، متكلم فكاهي لامع، واعظ مع ايمان بالعدل، بالارادة وبالتطلعات المشتركة لكل من خلق بطبيعة الانسان، وبالخير الذي في الانسان: واعظ شعار ‘yes, we can’ لا يزال يشتعل في عظامه، وفي نفس الوقت يفهم في أن في عالم الواقع ليس له قدرة ولا إرادة لتحقيق القدرات العظمى للولايات المتحدة. وبشكل عام لديه ما يكفي من المشاكل الداخلية. ولكن، في الجوهر طرأ تغيير حاسم، وهذا ما يعطي النبرة والاتجاه. المحيط الاقليمي تغير تماما. والسياسة التي أعلن عنها في القاهرة قبل أربع سنوات عناق العالم العربي والاسلامي وهجر أصدقاء الولايات المتحدة انطلاقا من الايمان بان المسلمين سيشكرون أمريكا، في ظل القناعة الذاتي بان وقف المستوطنات سيدفع الى الامام بالاستقرار في الشرق الاوسط، هذه سياسة انهارت وتحطمت. المنطقة تشتعل، وما لا يشتعل من شأنه أن يشتعل، وكذا اعلام الولايات المتحدة وصور اوباما تشتعل ايضا. الصديقة شبه الوحيدة التي للولايات المتحدة في المنطقة هي اسرائيل. هذه صديقة مصداقة، مخلصة وقوية في جبهة التقدم العالمي؛ صديقة تتمتع بدعم الجمهور الامريكي والكونغرس الامريكي. اسرائيل هي اليوم الدولة الوحيدة في العالم (وبالتأكيد في المنطقة) التي يمكن لاوباما أن يستقبل فيها كملك. هذا هو المكان الوحيد في العالم الذي يوجد للولايات المتحدة فيه سهم آمن يحقق الارباح. لشدة الاسف، هذه الصديقة توجد في أزمة مع تركيا الاسلامية، الصديقة الثانية للولايات المتحدة. وهي لا تساوي اسرائيل في عمق صداقتها، ولكن التعاون بينهما ضروري لمعالجة المشكلة الفورية والاكثر اشتعالا في المنطقة: الحريق في سوريا. وعليه، فقد جلبت زيارة اوباما معها لدولة اسرائيل (على الاقل في الجانب العلني، وهو في نهاية المطاف الامر المقرر) أربعة امور مركزية: الاول هو العلاقات الشخصية الوثيقة بين اوباما ونتنياهو. هذه علاقة كلها مصلحة وطنية امريكية، ولهذا برأيي فانها ستصمد وهي ليست مثابة ‘ملاطفة لغرض الصفعة’. والثاني هو الدعم الامني والمالي بعيد المدى كي تكون اسرائيل على ما يكفي من القوة كي تواجه وحدها التهديدات عند الحاجة، فيما تدعمها الولايات المتحدة وتشكل لها ظهرا. والثالث هو استئناف العلاقة الاستراتيجية مع تركيا، وهذا هام أولا وقبل كل شيء للولايات المتحدة. والرابع هو اعطاء حرية عمل سياسي واسعة لاسرائيل في المسيرة السياسية في ظل تحديد حدود الجبهة: من جهة اعتراف فلسطيني (وعموم عربي) بحق وجود اسرائيل كدولة يهودية؛ لا شروط للمفاوضات التي ينبغي في نهاية المطاف الى دولة قومية فلسطينية ذات قدرة عيش وحدود ‘قابلة للترسيم’ (خطوط 67 لا تذكر)؛ والامن لمواطني اسرائيل هو العنصر المركزي والحيوي في كل تسوية. ومن الجهة الاخرى، الاحتلال واستمرار السيطرة على الشعب الفلسطيني سيئان ولا يمكنهما أن يستمر واستمرار الاستيطان ضار. الان يجب السؤال ماذا ستفعل الولايات المتحدة وماذا ستفعل اسرائيل. هنا برأيي يكمن التجديد الجوهري. اوباما جاء وقال لاسرائيل في كل كلماته العلنية (والعالم رآها وسمعها): القرارات قراراتكم وليست قرارات الولايات المتحدة. حكومة اسرائيل يجب أن تفهم بانها حصلت من الولايات المتحدة على حرية العمل كي تقرر. اذا ارادت أن تقرر اقامة المزيد من المستوطنات؟ فهذا حقها، ولكن فلتعلم م هو رأينا. اذا ارادت ‘الخروج من العلبة’ مع مبادرات ابداعية لتحريك المسيرة السياسية؟ فالى الامام، فنحن خلفك. الان الكرة تنتقل الى ملعب نتنياهو. اوباما يعود الى مشاكله في الولايات المتحدة، وحكومة اسرائيل الجديدة ملزمة باتخاذ القرارات. فهل نتنياهو سيخاف. استئناف العلاقة مع تركيا في السياق الاقليمي الاستراتيجي، في ظل الاعتذار، هو مؤشر على تغلب الاعتبار الاستراتيجي على الكبرياء. فهل هكذا سيكون ايضا في سياق المسيرة السياسية؟ معاريف 24/3/2013qeb