الكساد والقلق والاستقطاب وراء تراجع بهجة اجواء رمضان التقليدية
10 - يوليو - 2013
حجم الخط
0
القاهرة ـ’ القدس العربي’ ـ من حسام عبد البصير: رمضان كريم يقولها المصريون لبعضهم البعض ولكن هذه المرة بعيون يخيم عليها الترقب، وقلوب تفيض بالخوف مما هو قادم من ايام على اثر حوادث العنف التي تشهدها البلاد وتردي الأوضاع الاقتصادية لمستوى غير مسبوق. لا بندق ولا لوز ولا يميش ولا حلوى، قالتها ام منكسرة فقدت احد ابنائها فيما بات يعرف بمذبحة الحرس الجمهوري التي راح ضحيتها 51 مواطنا قبل يومين . وعلى عكس الاعوام الماضية تراجعت في منطقة وسط القاهرة الاجواء الرمضانية بسبب حالة الكساد التي خيمت على المحلات التجارية. وقد أثرت حالة الاستقطاب السياسي التي تشهدها مصر على مظاهر الاجواء الرمضانية وفي القلب منها موائد الرحمن التي تعد ابرز تلك الاحتفالات بحلول الشهر الكريم، فقد اكتست لافتات تلك الموائد بإشارات تكشف تأثر المصريين بحالة الزخم السياسي التي تشهدها بلادهم، حيث قام عدد من اهل البر والاحسان باستغلال تلك الموائد في الدعاء للجيش المصري بالخير ومزيد من القوة والنصر، فيما لجأ عدد من خصوم جماعة الاخوان الى استثمار تلك الموائد بتهنئة المصريين بزوال حكم الاخوان. في حي فيصل قام احد المؤيدين للجيش ووزير الدفاع بتعليق لافتة كتب عليها مائدة الرحمن ترحب بالصائمين وتدعو للمشيرعبد الفتاح السيسي بطول العمر والصحة، فيما كتب فاعل خير آخرعلى لافتة مائدة اهلا بالصائمين حفظ الله مصر وجيشها. ومن لافتات ذلك العام التي يقيمها احد رموز النظام السابق لافتة في حي امبابة كتب عليها مبروك لمصر وشعبها وجيشها ومرحباً يالصائمين، فيما كتب احد تجار نفس الحي على لافتة مائدته ‘اللهم انصر المشير والجيش واحفظ مصر من الفتن’. ولم يفوت المنتمون لجماعة الاخوان وانصار الرئيس المعزول محمد مرسي الفرصة التي بدأت بحلول الشهر الفضيل في الدعاء للرئيس والجماعة التي يرى انصارها انها تتعرض لابتلاء غير مسبوق منذ مولدها. وبالرغم من الحالة الاقتصادية التي تشهدها البلاد غير ان كثيرا من مساجد مصر اعلنت عن اطلاق موائد الرحمن فضلا عن موائد يقيمها اثرياء تجار الاخوان وغيرهم من الاسلاميين. وقد شهدت المساجد التابعة للجمعيات السلفية والاخوانية في اول ليالي رمضان دعاء للرئيس في صلاة القيام حيث حرص الدعاة على ان يرفعوا اكف الدعاء للرئيس المتحفظ عليه وفي مسجد الرحمة بالجيزة دعا الامام لعدة دقائق للرئيس بقوله’ اللهم فك اسره وارفع عنه البلاء واعده منتصراً لقصر الرئاسة ورد كيد خصومه في نحورهم وفك شملهم، اللهم انصر الرئيس واتباعه’. وتكرر المشهد في العديد من المساجد فيما وقفت مساجد الاوقاف على الحياد حيث رفض معظمها الدعاء لأي من الفصيلين وفضل ائمتها الدعاء لمصر بأن يحفظها الله عز وجل من كل سوء، اما النسبة لموائد الرحمن التي يقيمها انصار الرئيس فقد حمل بعضها اشارات على التعاطف مع الرئيس محمد مرسي وقام بعض المشرفين على تلك الموائد بأحياء مدينة نصر والعباسية برفع صور للرئيس عليها مع عبارات تدعو لرفع الكرب الذي تعرض له ومن بينها ما كتبه احد اصحاب احدى الموائد ‘اللهم عجل برفع الضرر عن الرئيس وفرج كربه واهلك اعداءه’. من جانبه يرى الشيخ محمود عاشور وكيل مشيخة الزهر السابق انه لايجب ان يقوم اصحاب تلك الموائد في استخدامها لأغراض سياسية لانه من المفترض انهم اقاموها من اجل وجه الله عز وجل. ويشير الى ان تلك الموائد احد اهم المظاهر الايجابية في ذلك الشهر لكونها تدلل على تآلف المسلمين في ما بينهم ولذا لا ينبغي بأي حال ان نفسدها من خلال استخدامها لخدمة اي اغراض سياسية او دنيوية. وقد خلفت الاحداث التي تشهدها البلاد هذا العام حالة من الحزن بين المواطنين على خلفية احداث العنف التي شهدتها مصر، مما عزا الكثيرين من المقيمين بالعاصمة لعدم النزوح لقراهم لقضاء اول ايام الشهر مع اهاليهم وفق ما كان يعتاد عليه هؤلاء حيث تقوم العلائلات بالتجمع على مائدة واحدة اول يوم في رمضان، وفيما يستقبل فقراء العاصمة والغرباء الذين يعملون بمهن غير ثابتة الشهر الفضيل بترحاب شديد لكونه يرفع عنهم الاعباء المادية طيلة الشهر الكريم، وهو ما يجعلهم ينتظرونه بفارغ الصبر ومن المألوف ان تمتلئ ميادين القاهرة قبيل حلول موعد الافطار بساعتين بالفقراء والغرباء الذين يزحفون على تلك الموائد مبكراً من اجل حجز مقاعد لهم.