استمر د.’باسم يوسف اشهرا يتهكم على الرئيس المصري محمد مرسي من دون أن يلغى البرنامج أو تقفل القناة، لم يعتقل ولم يسجن. عندما حاولت مجموعة من الاخوان مقاضاته، انبرى الاعلام المصري المعارض ينافح عنه، وعن حرية التعبير والرأي. بعد انقلاب الثلاثين من يونيو/حزيران، توقف البرنامج أشهرا. راهن الكثيرون على انه عندما يعود لن يجرؤ على انتقاد السيسي ولا المؤسسة العسكرية. خسروا الرهان. سجل باسم حلقتين ومُنع عرضهما. لجأ الى قناة (ام بي سي مصر) ليبدأ موسمه الثالث. حتى الان بثت اربع حلقات ملتهبة جدا. انتقد بشدة الثورة الجديدة ولم يتورع عن تسميتها بالانقلاب، والفريق السيسي، الذي رقي الى مشير لاحقا، والاعلام المصري الذي ينافقه اناء الليل واطراف النهار. نال من رموز الاعلام المصري الحالي بسخرية شديدة مثل احمد موسى وعمرو اديب ومصطفى بكري ومحمود سعد وعكاشة وتامر، وكثيرين غيرهم.
ضاق هؤلاء ذرعا من سخريته اللاذعة. قاضاه بعضهم، وهدده آخرون، ونعته آخرون بالفاظ ومسميات نابية وبذيئة مثل ‘مخنث وعميل وماسوني وصهيوني، وشتائم اخرى لا تجيز الرقابة الذاتية نشرها على هذه الصفحة. ضحك هو من كل هذه الالقاب التي نبزوه بها بروح رياضية، واستمر يناكفهم. هؤلاء انفسهم هم الذين دافعوا عنه ايام مرسي وضحكوا ملء اشداقهم على نكاته عن الاخوان. ماذا اختلف في الامر؟ هم صنعوا من السيسي والعسكر هاله مقدسة يحرم على اي كان تناولها بالنقد او السخرية. هل المشير وعسكره فوق القانون وفوق النكتة؟
لم يسخر باسم من الاعلاميين المصريين بدون أدلة، بل كانت ادلته من افواههم. كشف عدم موضوعيتهم وسذاجتهم وسطحيتهم، وهذا ما أغاظهم. قال في احدى حلقاته هل لهذا المستوى وصل الاعلام المصري؟’ورغم ابتسامته الواسعة الا ان المرارة لم تختبئ خلفها، بل كانت بينة، فهو في النهاية مصري يتألم لانحدار الاعلام المصري الى الحضيض. ضحك كثيرا واضحك الجمهور على فكرة استجداء الشعب للسيسي حتى يقبل ان يترشح لرئاسة مصر، احكمنا واشكمنا. خص مصطفى بكري بالسخرية من مقولته انه سيذهب ليحضر السيسي من بيته ليصير رئيسا، وقال له انت بتعرف يا مصطفى مين اللي بيجيب التاني من بيته! ولم يوفر من تهكمه حمدين صباحي، والناصريين الذين يشبّهون السيسي بعبد الناصر. على ان اللقطة التي تموت من الضحك هي الشاب المصري الذي يقول بكل جدية ووقار انه لم يمر على مصر احسن من زعيمين اتنين جمال وعبد الناصر. حلوة حلوة.
في امريكا تنتشر الكوميديا الليلية، ويتبادلون النكات عن الرئيس. في العشرين سنة الماضية شاهدت جورج بوش الابن وبيل كلينتون وباراك اوباما يحلون ضيوفا مرارا على مقدمي هذه البرامج، الذين يتهكمون عليهم فيضحكون معهم. اذكر ان احدهم قال لبوش الابن كنت يا سيادة الرئيس مادة دسمة للنكات في برامجنا وسنفتقدك، ضحك بوش. من منكم رأى رئيسا او ملكا او اميرا عربيا يفعل ذلك. على العكس من يتهكم على القائد الرمز يجرجر الى السجن بتهم مثل ازدراء الذات الملكية او الاميرية او الرئاسية، وهذه تهمة يحكم على مرتكبها بالسجن سنوات عجاف، حسبما تنص عليه معظم الدساتير العربية.
معظم رموز الاعلام المصري وقعوا في فخ الجهاز العلمي الاشعاعي الجديد الذي يكشف ويعالج مرض الايدز والتهاب الكبد الفيروسي من نوع سي (سي واحدة مش سي سي) وتصلب شرايين القلب والصدفية والسرطان والسكري، ولا ندري لماذا يعجز جهاز عسكري جبار مثل هذا عن شفاء امراض اخرى مثل شلل الاطفال وقرحة المعدة والتراخوما والبلهارسيا. نقول وقعوا في الفخ لان المكتشف طبيب عسكري، لذا لا يجوز تكذيب اي خبر يأتي من المؤسسة العسكرية. وضعهم هذا في موقف حرج للغاية، لا يحسدون عليه، فكان موقفهم اسوأ’ حالا من حرامي المولد. كانت هذه الواقعة مادة دسمة لباسم يوسف لينال منهم في مقتل. ‘ ان يضحك الحاكم على التهكم والسخرية ظاهرة صحية ديمقراطية، اما ان يلاحق الاعلامي الكوميدي، فهي علامة الدكتاتورية والقمع. حري بنا ان نضحك حتى نفهم معنى الحرية، شعوبا واعلاما وحكاما. حري بالاعلام المصـــــري ان يتمتع بالجرأة والشجاعة لانتقاد اي كان حتى رأس النظام. التقارير الان تشير الى تدني مستوى الاعلام المصري’وانتهاكات لحقوق الانسان وتراجع للحريات الى مستويات اسوأ مما كانت عليه ايام مبارك، اذا كان الامر كذلك، فأين الثورة اذا؟
كاتب فلسطيني
good article from dr kaato.
باسم يوسف صنيعتهم، أما الكوميدي الأصيل فهو الشاب يوسف حسين (جيوتيوب)