بيروت- “القدس العربي”:
انطلقت اليوم الثلاثاء، اجتماعات اللجنة الاستشارية لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” AdCom برئاسة لبنان ومشاركة 28 دولة وهيئة دولية، في بيروت وتستمر ليومين، لمناقشة جدول أعمال يتضمن قضايا متعددة ذات صلة بأنشطة عمل الوكالة وبرامجها واستراتيجياتها والخدمات التي تقدمها للاجئين والتحديات التي تواجهها والأزمة المالية.
حضر الافتتاح المفوض العام لـ”الأونروا” فيليب لازاريني، ممثل وزير الخارجية والمغتربين المدير العام للخارجية السفير هاني شميطلي، رئيس اللجنة الاستشارية رئيس لجنة “الحوار اللبناني الفلسطيني” الدكتور باسل الحسن وأعضاء وفود من 29 دولة و4 مراقبين من الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي وفلسطين.
وتحدث في حفل الافتتاح كل من السفير شميطلي، رئيس اللجنة الاستشارية، نائب رئيس اللجنة الاستشارية القنصل العام للمملكة المتحدة في القدس دايان كورنر والمفوّض العام لازاريني. بعد ذلك انطلقت الاجتماعات التي تختتم غدا الأربعاء بمؤتمر صحافي مشترك يعقده لازاريني والحسن.
وتأتي اجتماعات اللجنة الاستشارية بعد أسابيع من تصريحات للمفوض العام لـ”الأونروا” فيليب لازاريني قال فيها إن “أحد الخيارات التي يجري استكشافها حاليا هو زيادة الشراكات داخل منظومة الأمم المتحدة إلى أقصى حد، بأن يكون من الممكن تقديم الخدمات نيابة عن الأونروا وتحت توجيهها”.
واعتبر لازاريني أن الخطوة تتماشى تماما مع الولاية التي تلقتها “الأونروا” من الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأن “مثل هذه الشراكات تملك إمكانية حماية الخدمات الأساسية وحقوق اللاجئين من نقص التمويل المزمن”، وهو ما واجه رفضا فلسطينيا واسعا.
كما تأتي اجتماعات اللجنة الاستشارية في ظل تحديات تمر بها الوكالة على مستوى التمويل.
ومن المقرر التصويت على تجديد ولاية “الأونروا” لثلاثة أعوام قادمة خلال الاجتماعات السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة المقررة في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، ويتخللها كذلك اجتماعات للجهات المانحة للوكالة الدولية.
وكانت للمفوض العام لـ”الأونروا” فيليب لازاريني كلمة بارزة خلال الجلسة الافتتاحية للجنة الاستشارية استعرض فيها الأزمة المالية التي تتعرض لها الوكالة ومقدما شرحا حول ما تناقلته وسائل الإعلام من تصريح له بنقل مهام وكالة الأونروا إلى منظمات ومؤسسات أممية أخرى، مؤكدا على أن الأونروا “تمر بفترة صعبة، ومؤلمة بالنسبة للاجئي فلسطين، وهم أحد المجتمعات الأشد عرضة للمخاطر في هذه المنطقة”، معربا عن ألمه لأن لاجئي فلسطين، الذين تم تفويض “الأونروا” بحمايتهم ومساعدتهم، يواجهون حالة كبيرة من عدم اليقين.
وأضاف “منذ حزيران 2020، أبلغت هذا المنتدى مرارا وتكرارا أن نموذج تمويل الوكالة غير مستدام، وقد حذرت مرارا وتكرارا من أن التحديات المالية التي نواجهها قد تؤدي إلى التآكل البطيء لجودة خدماتنا أو إلى توقفها”.
وشدد على أن تفويض “الأونروا” هو مسؤولية جماعية، كما أن الوكالة سليمة وممولة بالكامل وقوية، وهي مسؤولية المجتمع الدولي، مؤكدا على أن من حق لاجئي فلسطين التمتع بحياة كريمة، ولديهم أيضا الحق في أن يتم تذكرهم باستمرار وباستمرار كمجتمع ينتظر حلا عادلا ودائما لمحنته.
و”بصفتي مفوضا عاما، فإنني مسؤول وخاضع للمساءلة عن سن وتنفيذ الولاية التي تتلقاها الأونروا”، مجددا القول إن “الأونروا” اليوم تواجه الوضع المالي الأكثر تهديدا في تاريخها الحديث.
هذه الأزمة المالية لا تحدث في فراغ: إنها تحدث وسط تحول الاهتمام العالمي إلى مكان آخر، والإرهاق العام مما يراه البعض على أنه صراع طويل مزعج وغير محلول.
مضيفا: “لم يتم حل النزاع بالفعل، ولا تلوح في الأفق آفاق سياسية إيجابية. قد يكون الأمر طويلا بشكل مزعج على المستوى السياسي الدولي، لكن بالنسبة للفلسطينيين فإن حياتهم اليومية وماضيهم ومستقبلهم على المحك”، معتبرا في الوقت نفسه أن “الأونروا”، وهي الكيان الوحيد الذي يوفر الإحساس بالحياة الطبيعية والأمان للاجئي فلسطين، مهددة بالشلل.
“وليس من قبيل المصادفة، على ما يبدو، أنه وفي ظل الافتقار إلى الآفاق السياسية، تستمر المحاولات لشطب لاجئي فلسطين والوكالة التي تمثلهم”.
وأشار إلى أن تأثير الخدمات التي يمكن التنبؤ بها على سلامة وأمن اللاجئين وعلى الاستقرار الإقليمي يجب أن يكون كافيا لإقناع كل دولة عضو بالالتزام بتمويل “الأونروا” بما يتماشى مع القرارات التي تتبناها، مضيفا، “إلا أن تحول الأولويات الجيوسياسية، والحراكات الإقليمية الجديدة، وظهور أزمات إنسانية جديدة، وإرهاق المانحين، دفعت جميعها بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني إلى أسفل قائمة الأولويات لدى العديد من البلدان المانحة”.
لافتا إلى أن “الحملات المنسقة لنزع الشرعية عن الأونروا بهدف تقويض حقوق لاجئي فلسطين تتزايد في وتيرتها وعدوانيتها. واليوم عندما أزور عواصم الدول المانحة، أقضي معظم وقتي في لقاء البرلمانيين للاستجابة للمفاهيم الخاطئة حول “الأونروا”.
كما أن “الأونروا” قد تعرضت بشكل متزايد للسياسة الداخلية في بعض البلدان المانحة التقليدية، حيث نتيجة الانتخابات الوطنية تحدد استمرار دعم الدول للأونروا.
منذ انعقاد اجتماع اللجنة الاستشارية الأخير، اشتركت أنا ونائب المفوض العام وكبار موظفي الأونروا مع أكثر من 60 دولة عضو، ومانحين ملتزمين ومحتملين، وعملنا على التواصل مع المؤسسات العامة والخاصة.
وقال “إن التزامي الأساسي هو ضمان استمرار وصول لاجئي فلسطين إلى الخدمات الجيدة، وحماية حقوقهم وحقوق الموظفين”، محذرا من أن ما يجري قد يكون إشارة لبداية تفكيك “الأونروا” معربا عن قلقه بسبب الوضع الأمني المتدهور بسرعة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك الأحداث الأخيرة في القدس الشرقية، والوضع المالي الصعب للسلطة الفلسطينية، والوضع الاجتماعي والاقتصادي المتدهور في المنطقة.
وأعرب لازاريني في كلمته أمام اللجنة الاستشارية، عن تعاطفه بشدة مع الخوف الذي تثيره الشراكات داخل مجتمع اللاجئين. و”إنني أقود عملية توعية واسعة النطاق لطمأنة المجتمعات بأنه لن يكون هناك نقل للخدمات أو تفويض المسؤوليات إلى وكالات الأمم المتحدة الأخرى”، لافتا إلى أن “الأونروا” هي الوكالة الوحيدة المعهود إليها تنفيذ التفويض الممنوح من الجمعية العامة للأمم المتحدة، مؤكدا على أن أي مبادرة يمكن إطلاقها تكون رهينة فشل المجتمع الدولي في حل الصراع.
وشدد على أن الولاية لـ”الأونروا” لا يمكن تنفيذها بدون تمويل، أو بدون إرادة سياسية واتفاق بين المانحين والمضيفين. وبدون هذه العناصر، فإن الوكالة ستصبح أضعف وأضعف، مؤكدا أن الطريقة الأكثر مباشرة والفعالة من حيث الكلفة والعملية هي أن يقدم المانحون أموالا تتناسب مع التكاليف السنوية لتشغيل خدمات “الأونروا”.
وتابع لازاريني كلمته، كاشفا عن أن “الأونروا” تخضع لثلاثة مصادر من الضغط الحاد:
= الجمعية العامة، بدعم شبه عالمي، والتي توجه “الأونروا” لتقديم الخدمات، بما في ذلك من خلال الشراكات والتعاون، للاجئي فلسطين.
= عدم وجود تمويل كاف من الدول الأعضاء لتنفيذ تفويض الجمعية العامة، ومطالبات بعض المانحين بتعديل عمليات “الأونروا” بحيث تبقى تعيش في حدود إمكانياتنا.
= المضيفون ولاجئو فلسطين الذين يرون في أي تغيير على عمليات “الأونروا” خطوة نحو التعدي على حقوق اللاجئين وتدمير الوكالة.
وختم قائلا، “قد يبدو النقص البالغ 100 مليون دولار كبيرا للوهلة الأولى، خاصة مع عدم وجود ضمانات بأموال إضافية قادمة. إلا أنه وبالنسبة لوكالة بحجم ونطاق وتأثير “الأونروا”، فإن مبلغ 100 مليون دولار إضافية يعد استثمارا متواضعا يمكن أن يكون له تأثير كبير على الاستقرار الإقليمي وعلى حقوق لاجئي فلسطين، في غياب حل سياسي عادل ودائم”.
وكشف “في الأسبوع المقبل في 23 حزيران، ستستضيف الجمعية العامة للأمم المتحدة مؤتمر إعلان التبرعات حول الأونروا في نيويورك”.
وبالتزامن مع انعقاد جلسات اللجنة الاستشارية لوكالة “الأونروا” وكلمات المشاركين، اعتصم لاجئون فلسطينيون توافدوا بالباصات وسيرا على الأقدام من جميع المخيمات الفلسطينية في لبنان، إلى مقر انعقاد اجتماعات اللجنة في منطقة الروشة غرب العاصمة اللبنانية بيروت، بدعوة من هيئة العمل الشعبي المشترك، ورفع المشاركون خلال الاعتصام الأعلام الفلسطينية واللافتات المطالبة باستمرار دور وكالة “الأونروا” وعدم تقليص خدماتها ومساعداتها للاجئين.
وألقيت خلال الاعتصام كلمات طالبت الدول المانحة بمواصلة دعمها ومساعدتها للوكالة من أجل ضمان خدماتها للاجئين الفلسطينيين، وجددت رفض اللاجئين الفلسطينيين لتقليص خدمات “الأونروا” أو إلغاء دورها وعدم توكيل مهمتها التي تأسست من أجلها إلى وكالات ومنظمات أممية أخرى.
من جهتها، دعت “اللجنة الفلسطينية العليا لمتابعة إعمار مخيم نهر البارد”، اللجنة الاستشارية لوكالة “الأونروا”، إلى الاهتمام بمعاناة اللاجئين الفلسطينيين والإسراع في تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية في ظل الانهيار المعيشي الذي يتعرض له لبنان.
وقدمت اللجنة في بيان لها وصل “القدس العربي” نسخة عنه، اليوم الثلاثاء، مذكرة إلى اللجنة الاستشارية، أكدت رفضها لنقل أي من مهام “الأونروا” لأي مؤسسة أخرى باعتبارها المؤسسة المسؤولة عن معاناة اللجوء للشعب الفلسطيني “وهذا يتطلب أن يكون لها موازنة دائمة تستطيع من خلالها تغطية الاستشفاء ورفع عدد عائلات العسر الشديد وإعادة تدريس مادتي تاريخ وجغرافية فلسطين في مدارسها.. وباستمرار دعم النازحين من سوريا من خلال تأمين مساعدات الإيواء والغذاء حفاظا على أرواحهم من خطر الهجرة في البحر”.