اللوبي الصهيوني والانتخابات الأمريكية المقبلة

تطرح الانتخابات الرئاسية الأمريكية المزمع اجراؤها في الثالث من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الجاري 2020 أسئلة حول حقيقة نفوذ اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة الأمريكية في المجالات كافة.

العلاقات الدولية

وفي هذا السياق يعرف «اللوبي» أنه مجموعة من العملاء النشطاء، الذين لهم مصالح خاصة، ويمارسون الضغوط على الموظفين الرسميين خصوصا المشــرعين، وذلك للتأثير عليهم، أما الطبعة الدولية من قاموس «ويبستر»، فتذكر التعريف التالي: أشخاص يترددون على ردهات المجلس، أو أشخاص ليسوا أعضاء في المجلس التشريعي ولا يحملون صفة رسمية، أو يشغلون مناصب حكومية، يحاولون التأثير على المشتركين أو الشخصيات العامة من خلال الصلات الخاصة، وذلك بهدف تشريع معين أو اتخاذ قرارات محددة.
في حين كان التوجه الصهيوني لبريطانيا قبل عام 1948، أصبح فيما باتجاه القطب الأمريكي ؛ نظرا للنفوذ والقوة الأمريكية في إطار العلاقات الدولية. وتجلى النهج الصهيوني من أجل تحقيق الهدف المذكور في أنماط متعددة، بعضها رئيسي وبعضها فرعي، وأهم هذه الأنماط وأشدها سيطرة على النهج بأكمله، هو النمط المرحلي، فالمرحلية هي اللون السائد في لوحة الصهيونية أو النغم السائد في معزوفتها، أو الخيط المتصل في نسيجها، والحديث عن النهج الصهيوني أو البرنامج الصهيوني هو في أصدق معانيه، الحديث عن النمط المرحلي الذي يتخلله بأكمله ويتجلى في كل لحظة من لحظاته وفي كل حركة من حركاته، وقوام فكرة المرحلية في نظرية العمل الصهيوني، تفاعل عدة مبادئ:
في المقدمة منها ،الواقعية، التي تعين الحد الأقصى لما تطالب به الحركة الصهيونية في كل ظرف، طبقا لأوضاعه وإمكانياته، وكذلك المرونة، التي تقوم بتكييف الأشكال والوسائل، فضلاً عن مبدأ اللاتراجع، الذي يعين الحد الأدنى للمطالب الصهيونية في كل ظرف، وكذلك التصاعد أو الانتقال، بعد استنفاد مكاسب ذلك الظرف إلى مرحلة جديدة، تفصح فيها الحركة الصهيونية عن مطالب جديدة، يكون حدها الأدنى ما كان في المرحلة السابقة حدا أقصى ومطلبا كاملا مدعوما.
وتبعا لتلك المبادئ يمكن فهم العلاقات الصهيونية مع دول العالم. وقد استفادت الحركة الصهيونية من وجود غالبية اليهود في العالم في الولايات المتحدة، حيث وصل عددهم إلى أكثر من خمسة ملايين يهودي في عام 2019؛ واستطاعت الاستفادة من إنشاء لوبي يهودي ضاغط في الولايات المتحدة الأمريكية، بالاعتماد على القانون الأمريكي الصادر عام 1946 والذي أعطى الحق للجماعات المختلفة بتشكيل مجموعة ضغط، بهدف ضمان مصالحها من خلال استراتيجيات وتكتيكات متعددة منها:

لجنة إيباك

التأثير المباشر، مثل الاتصال بكل من السلطة التنفيذية والتشريعية، والتأثير غير المباشر، مثل تعبئة الرأي العام، وخلق اتجاه عام يؤثر على صانعي السياسة، لإقناعهم بقرار يحقق مصلحة مثل هذه الجماعات. وتبعا للقانون المذكور استطاعت الجماعات اليهودية بدعم من الحركة الصهيونية تشكيل لجنة الشؤون العامة الأمريكية – الإسرائيلية (أيباك) عام 1959، وسجلت لدى الدوائر الأمريكية باعتبارها لوبيا صهيونيا.
وتتألف لجنة إيباك من رئيــس ومدير تنفيذي، ويقوم مجلس الاتحاد الفيدرالي اليهودي، ومنظمة بناي بريث، بدعم لجنة إيباك لخدمة الحركة الصهيونيــة وإسرائيل، وذلك من خلال دعم اللوبي اليهودي، وزحف نفوذه في الكونغرس الأمريكي ومواقع القرار الأخرى في الولايات المتحدة الأمريكية.
وتحرص لجنة إيباك على أن يحضر ممثلها كل اجتماع مفتوح في الكونغرس الأمريكي، ليوزع البطاقات، ويتصل بكل موظف من أعلاهم درجة إلى أدناهم.
أما الاجتماعات المغلقة فيحضرها دائما، عضو من التجمع المؤيد لدولة الاحتلال الصهيوني ويطالع سجل الكونغرس بانتظام، وكل ملاحظة تدعو إلى القلق تستتبع زيارات من قبل اللجنة.

استمالة المشرعين

ويتضح من هذه الأمثلة مدى قوة اللوبي الصهيوني في تأثيره على الكونغرس. إلا أنه من الواضح تماما، أن المساندة الأمريكية لإسرائيل تتجاوز حدود مجموعات اللـوبي، وهذا ما أكده رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحاق رابين، أثناء عمله كسفير لإسرائيل في واشنطن، حيث قال:
«أعتقد أن ارتباط الشعب الأمريكي وإدارته في إسرائيل يفوق وزن الجالية اليهودية ونفوذها».
استطاع اللوبي اليهودي في أمريكا على مدار السنوات السابقة، محاربة أعضاء الكونغرس الأمريكيين الذين حاولوا الوقوف إلى جانب الحق العربي في فلسطين، ويتهمون عضو الكونغرس الذي يقف إلى جانب الحق الفلسطيني بمعاداته السامية، وكذلك مناهضة دولة الاحتلال، ونجح اللوبي اليهودي في إبعاد المشرعين الأمريكيين عن زيارة البلدان العربية، بقدر نجاحه في عرض وجهات نظر دولة الاحتلال الصهيوني دون سواها، ويستخدم اللوبي اليهودي عبر منظماته العديدة في الولايات المتحدة، المال لاستمالة بعض أعضاء الكونغرس إلى جانب إسرائيل.
واستطاع هذا اللوبي الضغط على الإدارات الأمريكية للإبقاء على المساعدات الأمريكية التي بلغت قيمتها التراكمية خلال الفترة (1951-2020) نحو 157 مليار دولار، منها 61 في المائة كانت على شكل مساعدات عسكرية.
ويمكن الجزم أن للوبي اليهودي في الولايات المتحدة نفوذا قوياً في كافة المستويات الاقتصادية والإعلامية والانتخابية أيضاً، وسيحظى ترامب بعدد كبير من أصوات الناخبين من اللوبي اليهودي خلال الانتخابات الأمريكية المقبلة في الثالث من تشرين /نوفمبر المقبل ،نظراً لأنه الرئيس الأمريكي الوحيد الذي انحاز بشكل مطلق وجلي لمواقف دولة الاحتلال الصهيوني إزاء قضايا القدس واللاجئين وضم الضفة الغربية.

كاتب فلسطيني مقيم في هولندا

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول محمد عز الدين السعدي:

    شكرا لك
    بناءا على ما تقدم هل ترجح فوز ترامب في الانتخابات القادمة أم أن هناك متغيرات خلال الأشهر القادمة

إشترك في قائمتنا البريدية