الناصرة- “القدس العربي”:
تظهر استطلاعات رأي متتالية استمرار حالة التعادل بين المعسكرين المتنافسين على السلطة وأن “الليكود” يواصل تقدمه على بقية الأحزاب لكن فرص بنيامين نتنياهو في تشكيل حكومة ضعيفة مما يدفع نحو خيار تقاسم السلطة كما هو الحال اليوم مع بيني غانتس أو الذهاب لانتخابات خامسة في الخريف القادم.
وأظهر استطلاع للرأي نشرته القناة 12 الإسرائيلية، الأربعاء أن حزب “الليكود” برئاسة بنيامين نتنياهو يواصل تقدمه ويرتفع إلى 30 مقعدًا في الانتخابات البرلمانية التي ستجري في شهر آذار/ مارس القادم، مقابل 15 مقعدًا لحزب “أمل جديد” برئاسة جدعون ساعر المنشق عن حزب “الليكود”.
وبين الاستطلاع أن تحالف أحزاب اليمين “يمينا” برئاسة نفتالي بينت سيحصل على 13 مقعدًا، بينما يحصل حزب “هناك مستقبل” برئاسة يائير لابيد على 14 مقعدًا. أما “القائمة العربية المشتركة” برئاسة أيمن عودة في مركباتها الأربعة “فسيتراجع تمثيلها بحسب الاستطلاع من 15 مقعدًا حاليًا إلى 10 مقاعد وهذا ما أكده عدد كبير من الاستطلاعات السابقة نتيجة اختلافات وخلافات داخلية متفاقمة.
وأظهر الاستطلاع أن حزب “شاس” المتدين برئاسة أرييه درعي وحزب “يهدوت هتوراة” المتدين برئاسة يعقوب ليتسمان سيحصلان على 8 مقاعد لكل منهما، ويليهما حزب “يسرائيل بيتينا” برئاسة أفيغدور ليبرمان الذي سيحصل على 7 مقاعد، أما حزب “ميرتس” برئاسة نيتسان هوروفيتش فسيحصل على 6 مقاعد.
وأشار الاستطلاع إلى أن حزب “أزرق أبيض” برئاسة بيني غانتس يحصل على 5 مقاعد فقط، بينما يحصل حزب “الإسرائيليون” برئاسة رئيس بلدية “تل أبيب-يافا” رون حولدائي على 4 مقاعد.
وأظهر الاستطلاع الأحزاب التي لا تتجاوز نسبة الحسم في الانتخابات وهي: الحزب “الاقتصادي الجديد” برئاسة يارون زليخا ويحصل على 2.4% من أصوات الناخبين، ويليه حزب “الصهيونية الدينية” بتسلئيل سموتريتش بنسبة 1.9%، وحزب “العمل” 1.6%، وحزب “جيشير” برئاسة أورلي ليفي ابكسيس 0.7%، وحزب “البيت اليهودي” 0.6%، وحزب “عوتسماه يهوديت” برئاسة ايتمار بن غفير 0.5%.
وحسب هذا الاستطلاع فإن الكتلة التي تدعم الائتلاف بقيادة نتنياهو (الليكود وشاس ويهدوت هتوراة) لديها 46 مقعدًا وإذا انضم لها يمينا “بينيت” برئاسة نفتالي بينيت سيصبح لديها 59 مقعدًا لكنها غير كافية لتشكيل حكومة. بينما الكتلة التي تعارض نتنياهو (أمل جديد، يش عتيد، يسرائيل بيتينو، ميرتس، أزرق أبيض، الإسرائيليون) – بدون القائمة المشتركة – تحصل على 51 مقعدًا وإذا انضم لها تحالف “يمينا”، فهناك إمكانية لتشكيل حكومة بـ64 مقعدًا.
بيضة القبان
وأظهر استطلاع آخر للرأي الأربعاء لراديو تل أبيب حصول حزب الليكود برئاسة بنيامين نتنياهو على 30 مقعداً، وحلّ حزب “الأمل الجديد” برئاسة جدعون ساعر في المرتبة الثانية بعد أن حصل على 17 مقعداً. وجاء في المرتبة الثالثة حزب يوجد مستقبل برئاسة يائير لبيد الذي انخفض إلى 14 مقعداً. أما حزب يمينا بزعامة نفتالي بينت (من المرجح أن ينضم لحكومة برئاسة نتنياهو رغم تهربه من توضيح موقفه بهذه النقطة) فقد تراجع إلى 11 مقعداً بعد انشقاق بتسلئيل سموتريتش عنه وخوضه الانتخابات منفرداً.
وحسب هذا الاستطلاع أيضا حصلت القائمة المشتركة على 10 مقاعد، وحزب شاس على 5 مقاعد، وحصل حزب الإسرائيليين بزعامة رون خولدائي على 4 مقاعد، وهذا ما حصل عليه أيضاً حزب أزرق أبيض بزعامة بني غانتس. أما حزب العمل فلم ينجح في تجاوز نسبة الحسم، وكذلك حزب موشيه يعلون “تيليم”، وحركة عوفر شيلح، وحزب البيت اليهودي لإيتمار بن غفري، والحزب الاقتصادي برئاسة البروفيسور يارون زليخا.
وبحسب الاستطلاع، ربما يكون حزب “يمينا” بيضة القبان بين الكتلتين المتنافستين كتلة نتنياهو وكتلة مناوئيه فإذا كانت كتلة بنيامين نتنياهو تساوي 48 مقعداً من دون “يمينا” فإن الكتلة التي يرأسها جدعون ساعر توازي 61 مقعداً مع القائمة المشتركة ومن دون “يمينا”، علما أن هذا الخيار مستبعد لأن المشتركة ترفض منح أي دعم لساعر بسبب توجهاته اليمينية المتشددة. ولكن حتى لو انضم حزب “يمينا” إلى كتلة نتنياهو فإن عدد مقاعد الكتلة سيبلغ 59 مقعداً، وسيظل نتنياهو غير قادر على تأليف حكومة وفي ظل هذه الحالة تبدو الانتخابات الخامسة في الأفق القريب.
وعلى خلفية هذه الحالة المأزومة يرى المحلل السياسي في صحيفة “يسرائيل هيوم” موطي طوخبيلد أن نتنياهو يتطلع لزيادة قوة حزبه “الليكود” بعدة مقاعد في مواجهة أحزاب صغيرة كثيرة كي يرفع احتمالات تشكيله الحكومة ويكون صاحب الحظ الأكبر وصاحب الشرعية الأكبر كون حزبه الأكبر وبفارق كبير عن بقية الأحزاب.
هدف نتنياهو: حزب ليكود كبير في مواجهة أحزاب صغيرة كثيرة
ويتابع طوخبيلد “قيل عن رئيس الحكومة السابق إيهود باراك أنه بارع في التفكيك، تفكيك حزبه ومعسكره. يتضح أن نتنياهو أيضاً بارع في التفكيك، لكن بعكس باراك هو اختصاصي في تفكيك الآخرين. في كل معركة انتخابية يحاول رئيس الحكومة هندسة معسكر اليمين وسحق خصومه من اليسار. لم يكن ينجح في ذلك بصورة كاملة. هذه المرة يبدو أنه يوشك على أن ينجح أكثر من أي مرة سابقة”.
تفكيك المشتركة
وأوضح أنه بعد تفكيك حزب “أزرق أبيض” فإن أغلبية مكونات كتلة اليسار الصهيوني تفككت من تلقاء ذاتها، وتفرّغ نتنياهو لمهمتين سياسيتين ملتهبتين قبل إغلاق تقديم القوائم الانتخابية، واللقاحات واتفاق السلام على الطريق؛ تفكيك القائمة المشتركة وتفكيك حزب يمينا، منوها أيضا إلى أنه في الحالتين المهمة لم تنته بعد، لكن العملية في ذروتها.
ويستذكر لقاء نتنياهو بواسطة تطبيق زووم رؤساء السلطات المحلية العربية للتداول في موضوع الخطة الحكومية لمكافحة الجريمة في الشارع العربي كما وعد عدة مرات. ويخلص طوخبيلد للقول “في الانتخابات هذه المرة ليس أكيداً وجود حزب كـ”أزرق- أبيض” في معسكر اليسار. من هنا ستكون الاستراتيجية مختلفة: “ليكود” كبير وأحزاب كثيرة صغيرة ومتوسطة من حوله والتوزع على الكتلتين المتنافستين لن يغير الكثير، لكن بالنسبة إلى حزب صغير سيكون من الأسهل عليه أن يختار طرفاً والانضمام إلى الحكومة، من الانجرار إلى انتخابات إضافية والاختفاء نهائياً.
ويضيف “من علياء 16 مقعداً يستطيع جدعون ساعر الحديث عن تأليف الحكومة، وعن رفضه المطلق الانضمام إلى نتنياهو لكن إذا انتهت الانتخابات بحصوله على خمسة أو ستة مقاعد سيضطر إلى التفكير في مسار جديد”.
وتعهد وزير الداخلية الإسرائيلي آرييه درعي رئيس حزب “شاس” لليهود الحريديم “المتشددين دينياً” أن يجلب حزب “أمل جديد” برئاسة جدعون ساعر المنشق عن الليكود إلى حكومة يمين برئاسة نتنياهو، وذلك على رغم تعهد ساعر عدم الانضمام إلى حكومة كهذه. وقال درعي في سياق كلمة ألقاها لدى افتتاح الحملة الانتخابية لحزب شاس إن الليكود هو صاحب الاحتمال الوحيد لتأليف حكومة بعد الانتخابات العامة التي ستجري يوم 23 آذار/ مارس المقبل.
درعي يتعهد جلب ساعر وبينت إلى حكومة يمين برئاسة نتنياهو
وأكد أنه في هذه الحالة ينوي جلب حزب ساعر وتحالف “يمينا” برئاسة نفتالي بينت إلى معسكر اليمين والانضمام إلى الحكومة. وتابع درعي: “سنحضرهما بأفضل طريقة ممكنة، وسيحصلان على المناصب التي يستحقانها”. وتمنى لهما النجاح لأن هذا يعني كسب حكومة نتنياهو أصواتاً من معسكر اليسار – الوسط.
وقدّر درعي أن يحصل الليكود على 30 مقعداً في الانتخابات وبذلك سيكون من الصعب إقامة حكومة يمينية من دون نتنياهو. كما التزم درعي أن يقوم شاس بالتوصية بأن يكون نتنياهو رئيساً للحكومة أمام رئيس الدولة، وشدّد على أن حزبه لن يجلس في حكومة “فقط ليس نتنياهو غير يمينية بأي حال من الأحوال”.
وتعقيباً على أقوال درعي هذه قال حزب “أمل جديد” في بيان صادر عنه: “نبلّغ درعي أن هذا لن يحدث. درعي يفهم أيضاً أن نتنياهو فقد ثقة الجمهور به ولن يحصل على 61 مقعداً ولن يؤلف حكومة. كل ما يعرف نتنياهو أن يفعله هو أن يعرض على دولة إسرائيل مزيداً من الجولات الانتخابية ومن عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي. ما لن ينجح فيه نتنياهو سننجح فيه نحن بعد الانتخابات وسنقيم حكومة مستقرة برئاسة ساعر”.
الانتصار لعودة والورود لنتنياهو
ويرى المحلل السياسي آفي دابوش أن القائمة المشتركة حققت نجاحا هاما في 2015 بعدما انتقلت من موقع هامشي في الكنيست إلى لاعب مهم، عندما أوصت لدى رئيس الدولة بتفويض غانتس لتأليف الحكومة، بالإضافة إلى ذلك وضعت الانتخابات الأخيرة على الطاولة بصورة واقعية إمكانية تأليف حكومة بتأييد من القائمة المشتركة، كما جرى فقط في سنة 1992 عندما دعم نواب عرب حكومة رابين بتوجيه من منظمة التحرير الفلسطينية تمهيدا للمصادقة على اتفاق أوسلو.
المشتركة ستنقسم لكتلتين
وأوضح أن سياسيين إسرائيليين سبق أن عارضوا علناً هذه الإمكانية، مثل يائير لبيد ويعلون، تحولوا إلى مؤيدين متحمسين لهذا الخيار بصفته الإمكانية الوحيدة لتأليف حكومة من دون نتنياهو بعدما قام الأخير بنفسه بالتقرب من العرب.
ويقول دابوش في تحليله إن العملية فشلت لكنها مهدت الأرضية لتطرّق علني وواضح من يائير لبيد في نهاية يوم السبت الأخير، لأول مرة وبصورة مسبقة، إلى أنه سيسير مع عملية تأليف حكومة بدعم من القائمة المشتركة.
وبعد الحديث عن تصاعد قوة العرب الانتخابية في إسرائيل يضيف “كما قال أيمن عودة رئيس المشتركة: “نحن المواطنين العرب لا نستطيع وحدنا، لكن مستحيل من دوننا. أضيف إلى هذه القوة السياسية مسرّع غير متوقع: نتنياهو، الذي قرأ الخريطة السياسية وفهم أنه إذا نجح فقط في تحييد القائمة المشتركة فإن فرص بناء كتلة تتألف من 61 مقعداً للوسط – اليسار ستنهار. نتنياهو هو أول من فهم أن لعبة “بيبي أو الطيبي” توشك على استنفاذ نفسها. خطوته تفكيك المشتركة من خلال احتضان زعيم القائمة الإسلامية منصور عباس، تتوجه تحديداً نحو هذا الاتجاه. لا نعرف إذا نجح في ذلك. الأكيد أن نتنياهو أزال حاجز الخوف لدى الزعماء السياسيين اليهود وشجعهم على التحدث علناً عن التعاون مع القائمة المشتركة”.
وبرأيه الأمر الأكثر أهمية هو إخراج أعضاء الكنيست العرب من المقاطعة السياسية وهو توجه يمكن أن “يشجع على الاندماج، وعلى تصحيح العلاقات المتوترة في المجتمع الإسرائيلي، على حساب توجهات العنف والعنصرية والتمييز”. على الأرض يبدو أن المشتركة تتجه للتفكك نظرا لخلافاتها الداخلية وعدم وجود مساع حقيقية للمصالحة رغم الإعلان عن دور يقوم به رئيس لجنة المتابعة العليا محمد بركة بهذا الخصوص.