طرابلس – « القدس العربي» : حتى الآن لم تستطع حكومة باشاغا المعينة من قبل مجلس النواب الليبي، العمل بشكل فعلي مع وجود المؤسسات المركزية في طرابلس، والتي تسيطر عليها حكومة الوحدة الوطنية المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي، حيث إن مصرف ليبيا المركزي والمسؤول عن تنفيذ بنود الميزانية فضلاً عن وزارة المالية ومؤسسة النفط وغيرها من الأجسام المركزية، تتخذ من طرابلس مقراً لها، وتنفذ تعليمات حكومة الوحدة الوطنية.
ومع تقديم حكومة باشاغا لمشروع ميزانية مازال ينتظر الاعتماد، أعلن رئيس مجلس النواب عقيلة صالح قبل أيام، عن دعوته للمؤسسات السيادية في الدولة وأبرزهم المصرف المركزي ومؤسسة النفط وديوان المحاسبة، لاجتماع الثلاثاء بحضور باشاغا لدارسة هذه الميزانية، واستمالة المؤسسات لصالح الحكومة المعينة من قبله لمباشرة التعاون معها.
وبالفعل، وصل رئيس مجلس النواب عقيلة صالح ورئيس الحكومة المكلفة من المجلس فتحي باشاغا، ظهر الثلاثاء، إلى مقر ديوان مجلس النواب في مدينة سرت مقر الاجتماع، إلا أن محافظ مصرف ليبيا المركزي ورئيس المؤسسة الوطنية للنفط وغيرها من المؤسسات السيادية لم يستجيبوا لدعوة رئيس مجلس النواب، بل حضر ممثلون فقط عن حكومة باشاغا ونائب محافظ مصرف ليبيا المركزي، الذي يعمل منذ سنوات من شرق ليبيا وعين كمحافظ للمصرف الموازي قبل سنوات.
وتحديداً غاب عن الاجتماع كل من رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله، رئيس ديوان المحاسبة خالد شكشك، فضلاً عن رئيس هيئة الرقابة الإدارية سليمان الشنطي، فيما لم يحضر سوى رئيس الحكومة المُكلف فتحي باشاغا، وبعض ممثلي تلك المؤسسات السيادية.
لكن غياب المدعوين عن الاجتماع أغضب عقيلة صالح، حيث قال في كلمته إنه لا يجوز لمصرف ليبيا المركزي صرف الأموال دون قانون الميزانية العامة، داعياً إلى ضمان توزيع إيرادات الدولة بعدالة وشفافية. وشدد عقيلة على أن المصرف المركزي يجب أن يديره مجلس الإدارة وليس المحافظ منفرداً، مضيفاً أن المصرف المركزي التابع لمجلس النواب يجب أن يدار من قبل مجلس الإدارة وطبقاً للقانون، وليس للمحافظ وحده فقط إدارة المصرف، وكل ذلك مخالف للقانون ويعد عملاً باطلاً لا يعتد به، قد يصل إلى جريمة إساءة استعمال السلطة.
وتابع أن على الأجهزة الرقابية التابعة لمجلس النواب الالتزام بالقوانين الصادرة عن المجلس، ومتابعة وضبط الصرف بما يستجيب للمطالب الوطنية ويقطع الطريق على التدخلات الأجنبية، داعياً إلى وضع رقابة فعالة على جميع الثروات، والعمل على إيقاف إهدار المال العام والسيطرة على المصرف الخارجي، وأشار إلى اقتراح آلية لصرف العوائد النفطية وغير النفطية.
وقال عقيلة إن المسؤول أو رئيس أي جهة تابعة لمجلس النواب، ممتنع عن تنفيذ ما يصدر عنه من قوانين وقرارات، فقد صفته وأهليته، ولا يمثل إلا نفسه، ويعتبر منتحلاً للصفة، وعلى النيابة العامة تحمل مسؤوليتها في هذا الشأن.
وطالب رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، النائب العام المستشار الصديق الصور، بتحريك دعوى ضد من سولت له نفسه أو تسول له التعدي على مقدرات الشعب الليبي، مشيراً في حديثه إلى الدبيبة.
وتحدث عن قضية الدستور التي لاقت خطواته فيها رفضاً كبيراً حيث كشف عن أن العمل جار على صياغة دستور جديد للبلاد، سيعرض على الشعب للاستفتاء عليه، وصولاً إلى انتخابات شاملة في أقرب وقت ممكن. وتابع عقيلة إلى أهمية إنهاء الانقسام عبر التداول السلمي للسلطة، محذراً من أن الاقتتال بات مرفوضاً في ظل وجود حلول سياسية، تمكن من إجراء الانتخابات في أقرب وقت وإزالة الأسباب التي حالت دون إجرائها.
وفي السياق ذاته، قال رئيس الحكومة المكلف من مجلس النواب، فتحي باشاغا الذي كان حاضراً للاجتماع أيضاً، إن من متطلبات تنفيذ الميزانية العامة، تعاون مصرف ليبيا المركزي من خلال مجلس إدارته وبرئاسة محافظ المصرف بما يحقق أعلى درجات التعاون والتكامل بين السلطة التنفيذية والسلطات المالية والرقابية.
وأشار إلى أهمية اضطلاع المؤسسات المالية والرقابية التابعة لمجلس النواب بمهامها واختصاصاتها وفق القانون، وأن يكتمل تشكيلها القانوني وفقاً للقانون كذلك. vولفت إلى أن حكومته ملتزمة بممارسة اختصاصاتها دون الالتجاء للعنف ضد أي خصم سياسي، متابعاً أن ليبيا كلها عاصمة ولا فضل لمدينة على أخرى، ولا تمييز لمنطقة على أخرى، مضيفاً أنه سيباشر أعماله من مدينة سرت.
وقال باشاغا إن المؤسسات المالية والرقابية التابعة لمجلس النواب الليبي لا بد أن تضطلع بمهامها واختصاصاتها وفق القانون، وأن يكتمل تشكيلها القانوني وفقاً للقانون كذلك.
وفي 12 أيار/مايو، أحالت حكومة باشاغا مشروع ميزانية البلاد البالغة 94 ملياراً و830 مليون دينار ليبي (نحو 20 مليار دولار) إلى مجلس النواب لإقرارها.
وتوجد في ليبيا حكومتان الآن، الأولى معينة من ملتقى الحوار السياسي الليبي الذي نظمته الأمم المتحدة قبل أكثر من سنة، والأخرى عينها البرلمان مع وجود حكومة الوحدة الوطنية بعد فشل تنفيذ الانتخابات في الموعد المقرر في كانون الأول/ ديسمبر الماضي.