المتاجرة العاهرة بمكارم الأخلاق والعفة!

الممثلة الإيطالية آسيا أرجنتو كانت من الأوائل اللواتي تجرأن على اتهام القطب السينمائي الهوليوودي هارفي واينستين بالاغتصاب وشراء صمت الطامحات للنجومية بوعود تكاد تصل إلى الحصول على جائزة الأوسكار، وهو من الأعضاء الفاعلين في لجنة منحها.
وتوالت الاتهامات عليه وعلى سواه من (ذكور السينما) الكبار.. كاتهام راشيل أدامز وسيلما بلير للمخرج الأمريكي جيمس توباك بالتحرش (في هوليوود) إلى جانب 200 طالبة نجومية أخرى!.. والممثلة بلير صرحت بذلك لمجلة «فانيتي فير» الأمريكية مع بعض التفاصيل حول خلع الملابس في غرفة المخرج في الفندق، مضيفة إعلانها عن خوفها على حياتها إذا قالت المزيد!!
أما جريدة (لوس أنجليس تايمز) فنشرت اتهامات طامحة أخرى للنجومية.. وسواها. المخرج وصفهن بأنهن كاذبات وليس لديه تعليق على أقوالهن.. في فرنسا اتهمت مؤخرا ممثلة صاعدة (22 سنة) الممثل الفرنسي الشهير جيرار ديبارديو باغتصابها ربما لأن ذلك حدث حقا، وربما للتمسح بشهرته، ولن ننسى الأستاذ الجامعي اللامع طارق رمضان الذي سجن مرات بتهم مشابهة دونما دليل على ذلك أيضا. وقيل إن سبب سوء معاملته يعود إلى أنه «داعية إسلامي».

لا تَنْهَ عن خلق وتأتي مثله!

حتى هنا كان بوسع النجمة الإيطالية آسيا أرجنتو أن ترفع قبضتها في مهرجان «كان» السينمائي الشهير وتعلن كمؤسسة لتحرك «وأنا أيضا» ضد «ذكور التحرش» من أقطاب السينما الهوليوودية والأوروبية، قائلة إن بين الحضور كثير من الذكور (المتحرشين) مطالبة بفضح أولئك «الخنازير»، تحت شعار: «افضحي خنزيرك»!
ثم جاءت المفاجأة حين أعلنت الصحف أن آسيا أرجنتو التي تدين التحرش هي متحرشة بدورها ومن حزب «الخنازير»، لأنها مارست علاقة مع الممثل الشاب جيمي بينيت حين كان قاصرا (17 سنة)، وكي يصمت عن ذلك الآن بعدما صارت (نجمة) لتحرك «وأنا أيضا» وتحرك «أفضحي خنزيرك» وتبين أنها قامت بما تفضحه وتنهى عنه- دفعت مبلغ 332000 يورو ثمنا لصمته (حوالي نصف مليون دولار) وقبض المبلغ بسرور ولم يصمت!! ونشرت الصحف صورة ذلك الشاب الذي مَثّل مع آسيا أرجنتو فيلما ثم أغواها شبابه وآسيا (42 سنة)، وبعدما مثلت في الفيلم معه دور الأم، قررت أن تلعب في الحياة دورا آخر كلفها مالها وسمعتها!

آسيا: الوجه والقناع!

حين انكشفت فضيحة آسيا أرجنتو بدليل مادي هو المال الذي دفعته للممثل الشاب المغمور شراء لصمته، لم يصدق أحد مزاعمها بأن صديقا لها دفع المال بنفسه حرصا عليها، حين تداولت وسائل الإعلام الفضيحة.. وهكذا خاب أمل (رفيقات النضال) ضد (الاستبداد الجنسي الذكوري) الذي رفعت آسيا قبضتها في وجهه في صورة شهيرة لها في مهرجان «كان» وهي تصرخ بالحضور من نجوم ومخرجين: بعضكم اقترف ذلك ولن نسكت عنكم! وإذا بها منهم!.. ووجهها الاتهامي هو القناع، ووجهها الحقيقي ممارسة ذلك مع من هو بعمر أولادها لو كان لها أولاد.
وتبين أن الوجه الصارخ ضد ممارسة ذكور السينما للاغتصاب في مهرجان «كان» هو القناع، حيث تعرى وجهها الذي ارتدت فوقه «قناع العفة».
ولكن ذلك لا يخص آسيا الممثلة وحدها.. ففي عالمنا العربي السياسي وجوه ترتدي أقنعة مثلها، وتخفي حقائق مثلها، وتدافع عن (العفة السياسية) على طريقتها، وبينهم من له اتصالات مع العدو الإسرائيلي وسواه، لكن القناع يؤكد شيئا آخر!

«الرفيقات» تخلين عنها…
فمتى نتخلى عن خادعينا؟

كشْف حقيقة آسيا أرجنتو تسبب في (زلزال) في التحرك الذي أطلقته وتزعمته وتبين أن تحرك «افضحي خنزيرك» تخص «خنزرتها الجنسية» مع قاصر! وتحرك «أنا أيضا» يعني سرا أنها أيضا كالذين تفضحهم!
وقد خابت آمال (رفيقات النضال) ضد التحرش، وقالت صديقة الأمس، الممثلة روز ماكفوين رفيقة (النضال) ضد تحرش أقطاب هوليوود: «قلبي انكسر.. لكنني سأتابع نضالي ضد التحرش»، وجاء في كثير من مواقع التواصل الاجتماعي رسائل من سواها بهذا المعنى أكثر قسوة على آسيا، (التي لم تقدم حتى الآن ردا مقنعا) كقول بعض رسائل «تويتر»: علينا الحذر من تاجرات مكارم الأخلاق، إنهن أكبر أعداء «القضية» و«كيف نستطيع أن نلعب دور القاضية حين نكون مذنبات؟»، وغير ذلك..
في عالمنا العربي نستمع إلى كثـــير من السياسيــين المتاجــرين بالعفة الوطنـــية وهم يمارسون خيانة آمال الناس، والمؤسف أننا لطالما صدقناهم حتى بعدما ثبت كذبهم.. فلديهم الكثير من الأعذار، ولدينا الكثير من السذاجة السياسية.. والمطلوب إسقاط أقنعتهم، ومعظمهم لا يسعى لغير تقاسم قطعة الجبنة (لبنان) مثلا تحت شعارات نضالية بينها ما هو ضد إسرائيل طبعا، وإذا كان الدليل على خيانة آسيا ارجنتو لقضيتها قد بان أخيرا فلدينا، نحن العرب، عشرات الأدلة على طول السنين عن خيانة هذا السياسي العربي لقلوبنا أو ذاك.. لكن قدرتنا وسذاجتنا السياسية على تصديق القناع لا يجاريها إلا مهارتهم في ارتدائه!
وكل ما تقدم يذكرني بقول الشاعر العربي القديم:
ومهما تكن عند امرئ من خليقة
وإن خالها تُخفى عن الناس تُعْلَمِ

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية