القاهرة ـ «القدس العربي»: واصلت الصحف المصرية الصادرة أمس الثلاثاء 26 مارس/آذار التركيز على عدد من الموضوعات وأولها، إقرار ترامب بسيطرة إسرائيل على هضبة الجولان السورية، وكل التعليقات والمقالات هاجمته ونددت بقراره، وذكّرت الناس بالتاريخ الأسود لبلاده ضد العرب والفلسطينيين خاصة. والاهتمام الآخر كان للتسويات التي ستتم لأصحاب المعاشات، والإشادة بقرار الرئيس السيسي بحصولهم عليها تنفيذا للحكم القضائي. والاهتمام الثالث كان بعدم تمكن مئات الآلاف من الطلاب من أداء الامتحان التجريبي، باستخدام التابلت بسبب سقوط السيستم واتهام الوزير الدكتور طارق شوقي للإخوان المسلمين بإسقاطه. والاهتمام الرابع بالهجوم على المطربة شيرين عبد الوهاب وتأييد قرار منع أغانيها حتى يتم الانتهاء من التحقيق معها.
سقط السيستم وفشلت الامتحانات ووزير التعليم يلجأ إلى شماعة الإخوان المسلمين! وصفعات ترامب لا تجد من يرد عليها
أما الاهتمامامت الحقيقية للأغلبية فلم تتغير، رغم كل ذلك وهي، امتحانات الثانوية العامة ونهاية العام، وارتفاع الأسعار. واهتمام كل فئة بما يمس مصالحها.
أما الحكومة فمشغولة كالعادة بتوفير كل السلع في المجمعات استعدادا لشهر رمضان والاطمئنان على الاستعدادات لمباريات كأس الأمم الإفريقية، وثقة وزارة الداخلية في قدرتها الفائقة على تأمينها ومنع وقوع أي أعمال إرهابية تعكر صفوها. وإلى ما عندنا من أخبار..
مشاكل وانتقادات
وإلى المشاكل والانتقادات ومنها المشكلة الأبرز حاليا، وهي الكشف على متعاطي المخدرات وإعداد مشروع جديد للخدمة المدنية يتيح فصل الموظف أو العامل الحكومي إذا ثبت تعاطيه المخدرات بعد إنذاره وعلاجه. وطالب حسين الزناتي في «الأهرام» بالكشف عن طلاب الجامعات، حيث ينتشر التعاطي بين الشباب وعدم تسليم أي شاب شهادة التخرج إذا كان مدمنا وقال: «ما تبذله الدولة للكشف عن المتعاطين للمخدرات بين العاملين في جهازها الإداري، وفي مقدمتهم السائقون أمر طيب، وأن يعلن مجلس الوزراء أنه لن يتم السماح بوجود موظف متعاط أو مدمن مخدرات وإحالته إلى النيابة الإدارية لاتخاذ الاجراءات القانونية لدرجة فصله من العمل، هو أمر ضروري، لكن ماذا ستفعل الدولة عندما يصل الأمر إلى طلبة الجامعات والمدارس؟ للأسف هناك أعداد لا بأس بها من طلبة الجامعات يواجهون المصير نفسه ويمارسون عملية إدمان المخدرات، وهم طلبة في مقتبل العمر وقاعدتهم هي الأولى بالاهتمام، وإذا كانت الحكومة تحظر على أي موظف يمتنع عن تحليل المخدرات بتوقيع عقوبة عليه وإيقافه عن العمل، فإن الأولى أن يتم التعامل مع طلبة الجامعات على أنهم الأكثر أهمية وخطراً في قضية الإدمان، يتجاوز الأمر من وجهة نظرنا موظفي الدولة إلى ضرورة الوصول لكل مؤسساتها العامة والخاصة، وفي مقدمتها الجامعات التى تُعد الانطلاقة الرئيسية لكل شاب، إما باستكمال حياته سوياً، وإما بالوقوع في براثن خراب نفسه ووطنه، لقد حان الوقت ألا يحصل طالب الجامعة على شهادته إلا بعد التأكد من أنه غير مدمن».
أصحاب المعاشات
أما أبرز ردود الأفعال على قرار الرئيس لوزيرة التضامن الاجتماعي بسحب الاستشكال الذي قدمته لعرقلة تنفيذ حكم قضائي بصرف المتأخرات لعدة أعوام لأصحاب المعاشات فكان لخالد حريب في «البوابة»، الذي طالب بالاعتراف لأصحاب الفضل من الأحزاب والقوى السياسية والأفراد، الذين ناضلوا من أجل هذا المطلب سنوات وساندوا البدري فرغلي رئيس اتحاد اصحاب المعاشات وقال: «من محكمة إلى أخرى، ومن صراخ في البرلمان إلى اعتصامات وكتابات واضحة ورافضة لاستيلاء الحكومة على مدخرات الناس، من بين صفوف النخبة كان هناك من يدعم اليأس، ومن بينهم أيضًا من زرعوا الأمل والمقاومة والإصرار، وبالأسماء حتى لا ينسى التاريخ أكتب بحروف واضحة، نواب حزب التجمع في البرلمان خالد محيي الدين، وأبوالعز الحريري، والبدري فرغلي، ومحمد عبدالعزيز شعبان، ومختار جمعة، ومحمد الضهيري، ورأفت سيف، وحسن المهندس، وهلال الدندراوي، وأحمد سليمان، وعبدالحميد كمال وسيد عبدالعال، إضافة إلى رفعت السعيد، وعبدالرحمن خير في مجلس الشورى، هذه الأسماء لم تحتكر تلك المعركة وحدها، ولكنني أشهد بأن التيار الناصري بممثليه في المجالس التشريعية كانوا أيضا في الصف الأول من تلك المعركة، بينما غاب عنها الانتهازيون الذين أكلوا على كل الموائد، غاب عنها من تشدقوا بالدين في العمل السياسي، وكان على الضفة الأخرى في مواجهتنا كل نواب الحزب الوطني بلا استثناء، فما الذي حدث لتتحرك تلك البركة الراكدة؟ الذي حدث هو قيام أصحاب المصلحة المباشرة بتنظيم أنفسهم في اتحاد سموه اتحاد أصحاب المعاشات، أو نقابة أصحاب المعاشات، ذلك الاتحاد الذي نجح بامتياز في تجاوز الحزبية الضيقة والبرامج العامة الفضفاضة، ليصيب بدقة هدفه المحدد وهو الدفاع عن حقوق أصحاب المعاشات وتأمين أموالهم واسترداد حقهم في العلاوات المنهوبة. لا شك في أن وجود البدري فرغلي على رأس ذلك الاتحاد منحه زخمًا خاصًا بطعم قانوني وشرعي، كما أن التفاف أصحاب المصلحة من الإسكندرية إلى أسوان حول اسم البدري، أعطى للاتحاد تماسكه ووضوح هدفه. الآن وقد جاءت حزمة قرارات الرئيس عبدالفتاح السيسي من سحب استشكال وزيرة التضامن على حكم العلاوات الخمس، إلى اتخاذ الخطوات اللازمة لرد أموال المعاشات التي تقترب من 600 مليار جنيه، وكذلك التوجيه ببحث جاد لهيكلة جدول رواتب الموظفين في مصر بما يتناسب مع الأسعار، أستطيع أن أكتب عن زراعة الأمل عن التفاؤل عن الطريق الصعب الذي يؤدي لبلوغ الهدف. أستطيع أن أقول شكرا للدولة المصرية التي عرفت أن سر قوتها يكمن في شعبها، وأن العدالة هي مفتاح الأمن. أما البدري فرغلي ورفاقه فهم قصة كبيرة تحتاج إلى توثيق وكتابة من نوع مختلف وأعتقد أن يومًا سيكتبها عدد من المخلصين».
كارثة تعليمية
وننتقل إلى مشكلة اهتمت بها ملايين الأسر، التي أصابها الذعر من النظام التعليمي الجديد باستخدام التابلت في سياسة وزير التربية والتعليم الدكتور طارق شوقي، عندما لم يتمكن ستمئة وخمسون ألف طالب في الصف الأول الثانوي من أداء الامتحان التجريبي، ونشرت عنه «الأهرام» تحقيقا لهبة حسن وسماح منصور وأنجي البطريق جاء فيه: «فشل جميع الطلاب تقريباً في أداء الامتحان التجريبي الثاني على مدى اليومين الماضيين، فقد أصيب 650 ألف طالب في الصف الأول الثانوي وأولياء أمورهم بالصدمة عقب البدء في الامتحان التجريبي الذي عقد أمس الأول في مناطق تعليمية كاملة فشلت في الدخول على «سيستم وزارة التربية والتعليم» لدرجة أن هناك محافظات لم يجر فيها الامتحان ولم يشارك أي طالب مطلقا فيها، وهناك طلاب كثيرون دخلوا على النظام وما أن بدأوا في الإجابة على الأسئلة، انقطعت شبكة الإنترنت وسقط «السيرفير» نتيجة للضغط الهائل عليه، وهناك من الطلبة من تمكن الإجابة عن سؤال واحد ولم يتمكن من استكمال باقي الأسئلة، علما بأن إجمالي أسئلة الامتحان كان 45 سؤالاً. أما من حالفه الحظ واستمرت إشارة الإنترنت لم يستطع الإجابة سوى على 35 سؤالا ولم يعرف الطلبة عدد الأسئلة المطلوب الإجابة عليها في مادتي اللغة العربية والأحياء. وتأكيدا للعجز الذي تعاني منه بعض الإدارات التعليمية، كشف مسؤول في مديرية التربية والتعليم في الجيزة، رفض ذكر اسمه، عن وجود إدارات تعليمية كاملة لم يمتحن بها أي طالب نتيجة عدم تفعيل شبكة الإنترنت في المدارس، رغم وجود خبير تطوير تكنولوجي في كل مدرسة، لكنه لم يفعل شيئا مثل إدارتي أطفيح والصف التعليميين، وعاد الطلاب إلى منازلهم يجرون خيبة الأمل، والخوف يملأ نفوسهم. كما سادت حالة عامة من اللامبالاة لديهم في الوقت الذي يثمن فيه التجربة والنظام التعليمي الجديد، أكد الدكتور حسن شحاتة أستاذ المناهج في كلية التربية جامعة عين شمس وعضو المجالس القومية المتخصصة على أن امتحان الصف الأول الثانوي الذي استخدم فيه التابلت مجرد تجريبي وليس نهائيا، يحتمل الفشل والنجاح، مؤكدا على أن نتيجة الامتحان لن تحسب في درجات الطلاب للصف الأول الثانوي مع درجات النجاح والرسوب، ووصف التجربة الجديدة بالمفيدة، موضحا أن احتمالات الخطأ في التطبيق واردة والتجربة الجديدة لابد أن يواجهها بعض المشكلات، خاصة أن هذه التجربة تعتمد على استخدام التكنولوجيا المتقدمة مثل التابلت وبنك المعرفة، ولذلك عندما تلقى الوزير هجوماً كبيراً قرر وقف التجربة وإعادة دراستها».
عدّاء الحواجز
أما في «اليوم السابع» فقد دافع حمدي رزق عن الوزير ومجهوداته، وكرر اتهامات الوزير للإخوان المسلمين بإسقاط السيستم وقال تحت عنوان «سقط السيستم ولم يسقط الوزير»: «نتوقع بعض العقبات في الأيام الأولى ولكن سنتجاوزها قبل نهاية الأسبوع، ونطمئن جميعا لشكل الأسئلة الجديدة وصلابة النظام الجديد الذي سيخدمنا في السنوات المقبلة، من توضيح الدكتور طارق شوقي وزير التعليم بعد سقوط السيستم، كأنه عداء حواجز متمرس. أتحدث عن الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم كلما قفز حاجزا قابله حاجز فحاجز وهكذا دواليك، حتى تنقطع أنفاسه والرهان أن يسقط في نهاية السباق، سقط السيستم لساعات ولم يسقط الوزير بيان توضيح الحقائق الذي ألقاه الوزير بشفافية وشجاعة في المواجهة، خلاصته السيستم وقع بفعل فاعل، تكالبت خلايا الإخوان العقورة على الدخول على موقع الامتحان، تكالبها على قصعتها ملايين الحسابات الإخوانية هطلت كسيل عرم لتسقط السيستم صريعا خطة ممنهجة لإفشال نظام الامتحانات بدون تحسب تام من قبل الوزارة، التي عالجت الأمر بصعوبة بالغة وبتحوط من تكراره خلال بقية أيام الامتحانات مواجهة أولى يخوضها شوقي».
«إفتكاسة التابلت»
«لليوم الثاني على التوالي، فشلت وزارة التعليم يوم الاثنين الماضي في تنظيم الامتحان التجريبي لطلاب الصف الأول الثانوي، بنظام «إفتكاسة التابلت» الذي وضع الوزارة، بل وضع الوزير نفسه في مشهد كارثي، كما يقول مجدي سرحان في «الوفد»، أتصور أنه لا طريق للخروج منه إلا بالاعتذار والرحيل. تفاصيل المشهد تتلخص في أن الطلاب الذين ذهبوا إلى مدارسهم لأداء الامتحان فوجئوا بـ«وقوع سيستم التابلت»، وفشلوا في الاتصال بمركز الامتحانات، أو بنك المعرفة «وهذه افتكاسة أخرى»، للحصول على الأسئلة، أضف إلى ذلك انقطاع الاتصال بشبكة الإنترنت في المدارس، وعدم تفعيل شريحة التابلت، ما جعله «جثة هامدة» أو «حديدة خردة» في أيديهم. كارثة أخرى تمثلت في عجز المدارس نفسها عن التعامل مع المشكلة، بسبب عدم تأهيلها فنياً لمواجهة مثل هذه المشكلة «المخجلة»، فقد ظل الطلاب، وفقاً لما نشره أولياء أمور على مواقع التواصل الاجتماعي، ينتظرون فوق مقاعدهم داخل الفصول منذ التاسعة صباحاً حتى الحادية عشرة والنصف، ثم اضطروا للانصراف بعدما طالبهم المعلمون بالانتظار خارج المدرسة، لحين إيجاد حلول للأزمة ووصول مسؤولي الدعم الفني من الوزارة، وانتهى الأمر بالفشل في تأدية امتحان اليوم الثاني، وهو ما حدث في اليوم الأول.. كما أعلنت الوزارة السماح للطلاب بأداء الامتحان «من منازلهم» ومن «الكافيهات» ومراكز الدروس الخصوصية، لمدة 12 ساعة تبدأ من 9 صباحاً وتنتهى 9 مساء، في مهزلة لم يسبق لها مثيل في تاريخ التعليم في مصر. أمام هذا الفشل لم يكن مشهد وزير التعليم أقل كارثية من مشهد فشل الامتحان نفسه، إذ خرج إلينا الوزير بعد اليوم الأول للامتحانات بتصريحات تبريرية مذهلة، أرجع فيها ما حدث إلى «مؤامرة»، كعادته دائماً، وهذه المؤامرة تمثلت في «هجوم على السيستم» استمر 4 ساعات بمشاركة 4 ملايين و700 ألف شخص من داخل وخارج مصر، «آه والله زمبؤلك كده»، ولم يفت الوزير طبعاً أن يلجأ إلى «شماعة الإخوان»، موجهاً حديثه إلى منتقدي ما حدث بقوله: «بلاش تشمتوا فينا الإخوان ومواقع الإخوان»، وأن «الإسراع في سن السكاكين هدف ناس آخرين غيركم»، لكن الوزير طمأن أبناءه بأن الوزارة «فهمت الحكاية»، وقامت بإغلاق الموقع من الخارج، كما أغلقته في الداخل المصري على الطلاب، مؤكدا أن المشكلة انتهت، وأن غداً- أي في اليوم الثاني للامتحانات- سيكون هناك شكل جديد تماماً. وللأسف، جاء اليوم الثاني بما لم يشته الوزير، وبعكس ما وعد به، وسقط السيستم، وفشلت الامتحانات، ما معنى ذلك؟ الاستنتاج الأول والأهم، هو أن هناك مشكلة كبيرة في البنية التحتية لنظام أو «سيستم» الامتحانات الإلكترونية الذي تطبقه الوزارة، وأن حديث الوزير عن أن «ما حدث لا علاقة له بالبنية التحتية وأن الوزارة مستعدة بشكل كامل» لهذا النظام، هو حديث غير صحيح، وكذلك ليس صحيحاً أن «مؤامرة هجوم الإخوان» على السيستم هي السبب، بدليل أن الفشل تكرر في اليوم الثاني، رغم غلق الموقع من الخارج وقصر فتحه في الداخل على الطلاب فقط وفقاً لما أعلنه الوزير. وهنا نتساءل: ما الذي جعل «السيستم» مفتوحاً أصلاً أمام نحو 5 ملايين شخص ليدخلوه، رغم أن عدد الطلاب المسجلين في الصف الأول والمتوقع أداؤهم الامتحان نحو 650 ألف طالب فقط؟ أين الأجهزة التي تفكر وتخطط وتدرس احتمالات مشكلات التشغيل؟ وهل توقع مثل هذه المشكلة يغيب عن أقل فرد متخصص يعمل في مثل هذا المجال الدقيق؟ أم أن الوزارة عجزت عن الاستعانة بخبراء متخصصين لتصميم وإدارة عمل سيستم الامتحانات؟ ثم كيف يفوت الوزارة أيضاً أن توفر فنيين متخصصين في المدارس وقت إجراء تجارب الامتحانات، لديهم القدرة على سرعة التصرف لو حدثت مشكلة، وتركوا إدارات المدارس التي تفتقد الخبرة لتتصرف بمعرفتها، فكان نتيجة ذلك أنهم أخرجوا الطلاب من المدارس لحين حضور الفنيين، فانصرف الطلاب بدون أن يؤدوا الامتحانات؟ سيادة وزير التعليم ليس لدينا ما نقوله لكم إلا أن ما حدث هو كارثة بكل المقاييس، ومؤشر خطير لعدم جدوى وواقعية كل ما قدمتموه لنا من خطط لتطوير التعليم، ونرجوك أن تكف عن «التبريرات التآمرية»، كما نرجوك أن تحترم عقولنا، وتعترف بأن هناك مشكلة حقيقية، وكبيرة، وأنه حان وقت وضع نهاية لكل هذا الفشل، فاعتذر واعتزل يرحمك الله.»
سيف الحجب
«يسعى الصحافي طوال عمره إلى الحصول على أكبر مساحة حرية تمكنه من التنفس مهنيا والإبداع فكريا، وتقديم أفضل خدمة لمجتمع اختاره للعب دور أساسي في التنوير، وإعلام الناس بما يجري في مجتمعهم من أحداث تشكل تأثيرا مباشرا وغير مباشر على حياتهم اليومية ومستقبل أوطانهم. هذا السعي المشروع للحرية في رأي طلعت إسماعيل في «الشروق»، يصطدم عادة برغبة الحكومات في كل زمان ومكان، في حجب ما يدور خلف الكواليس، ومحاولة تقديم صورة واحدة لمجريات الأحداث تخدم وجهة نظرها، باعتبارها الأفضل والأصلح للناس، وبما يجور على حق الجمهور في معرفة ما يحدث من مختلف الزوايا، عملا بحرية الرأي والتعبير، التي تنص عليها الدساتير جميعها. «صحافي يريد كل الحرية، وقيود تعوق حركته» هذا باختصار جوهر المشكلة، وهو التفسير المنطقي لحالة الانزعاج والغضب التي انتابت الجماعة الصحافية في الأيام الأخيرة، بصدور لائحة الجزاءات التي خرجت عن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، بما تضمنته من مواد تشكل قيودا حقيقية على حرية الرأي والتعبير، في ظل مناخ يعلم القاصي والداني إلى أي مدى يعانى فيه الصحافيون من صعوبات للوصول إلى مصادر معلوماتهم، حتى باتت صحفنا أقرب للنشرات المتشابهة. لن أخوض في ما تضمنته لائحة جزاءات المجلس الأعلى للإعلام من مواد تتعارض مع ما نص عليه الدستور من حقوق تكفل حرية الرأى والتعبير، ولن أتناول التوسع الكبير في نصوص تمنح المجلس حق الحجب والمنع وتوقيع الغرامات الكبيرة على الصحف والمواقع الإلكترونية، فقد تناول العديد من الكتاب هذا الأمر، لكن اللافت أن سيف الحجب والغرامة طال الموقع الإلكتروني وصحيفة «المشهد» الأسبوعية التي يرأس تحريرها زميلنا مجدي شندي، في اليوم التالي لصدور تلك اللائحة مباشرة. شندي الذي لجأ إلى مسار التظلم أمام المجلس الأعلى للإعلام، والطعن أمام محكمة القضاء الإداري على قرار حجب موقعه 6 أشهر، وتغريم صحيفته الورقية 50 ألف جنيه، يقول إن أحدا لم يحدد له المواد الصحافية التي كانت سببا في القرار، ولم يسبق أن وجه إليه المجلس، أو أي جهة، تنبيها أو إنذارا، أو خطابا يبدي فيه مرسله ملاحظات على ما يبثه الموقع أو تنشره الصحيفة، مع تأكيده على التزام الموقع والصحيفة بالقوانين واللوائح المنظمة للعمل الصحافي والاحتكام إلى القواعد المهنية المتعارف عليها. رئيس تحرير «المشهد»، وردا على تصريح لرئيس المجلس الأعلى للإعلام، الأستاذ مكرم محمد أحمد، ذكر فيه أن الموقع الإلكتروني غير مرخص، قال شندي إن «المشهد» كانت «أول صحيفة تدرج في نشاطها الصحافة الإلكترونية منذ عام 2015، وقبل إنشاء المجلس الأعلى لتنظيم للإعلام»، وإنه «بعد إقرار القانون 180 لسنة 2018، استجاب لدعوة المجلس للتقدم بأوراق ترخيص جديدة، رغم أن الموقع مرخص بالفعل، ورغم عدم صدور اللائحة التنفيذية حتى الآن، وقدم فعليا كل الأوراق المطلوبة». اختار شندي الطريق القانوني للدفاع عن صحيفته، بالتنسيق مع نقابة الصحافيين والجماعة الصحافية، كما يقول، وهذا حقه، غير أن الأثر السلبي لما حدث مع «المشهد» ستكون له تداعيات خطيرة على العديد من الصحف والمواقع الإلكترونية المصرية، باعتبار «المشهد» تمثل رأس الذئب الطائر، والرسالة المطلوب تعليقها على جدران غرف الأخبار في وسائل الإعلام المصرية المختلفة، لتذكير الجميع بأن «المشهد الصحافي» قبل لائحة عقوبات الأعلى للإعلام لن يكون بعد صدورها وقبل أن تلجأ «المشهد» إلى المسار القانوني، للتعبير عن رفض جزاءات الأعلى للإعلام، قال نقيب الصحافيين الجديد الزميل ضياء رشوان إن النقابة ستسلك الطريق نفسه في الاعتراض على اللائحة، التي تعد من وجهة نظر العديد من الصحافيين المحك العملي والاختبار الحقيقي لقدرة النقيب ومجلس النقابة على الدفاع عن حرية الرأي والتعبير، وتجنيب الصحافة المحنة الكبرى التي تمر بها. الأيدي المرتعشة لن تصنع إعلاما جيدا، والتوسع في الملاحقة والحجب والتوقيف، والمنع من النشر، ستكون له أوخم العواقب على حرية الرأي والتعبير ومهنة الصحافة والمجتمع ذاته، فلا تقدم لمجتمع تغلق نوافذه وأبوابه بـ«ضبة ومفتاح» لوائح جائرة».
ترامب والجولان
وإلى إعلان الرئيس الأمريكي ترامب الاعتراف بسيطرة إسرائيل على منطقة الجولان السورية المحتلة، حيث استمر الكثيرون في الهجوم عليه وعلى بلاده والتذكير بتاريخها الأسود ضد العرب، ومهاجمة الدول العربية بسبب صمتها وفرقتها وعدم إعادة سوريا إلى مقعدها في الجامعة العربية، وتحذير العرب من أن ما حدث بداية لإنشاء إسرائيل الكبرى التي ستمتد لاحقا إلى المطالبة بمدينة مكة المكرمة التي كانوا فيها ونبدأ بـ«الأهرام» التي قال فيها مسعود الحناوي: «لا تهمني هنا كثيراً أو قليلاً قرارات وتصرفات ترامب، فالرجل على الأقل واضح وصريح منذ الوهلة الأولى في عدائه السافر لكل ما هو عربي أو إسلامي، ولكنني مندهش وبشدة لموقف العرب والمسلمين من هذه الصفعات الموجعة التى يتلقونها الواحدة تلو الأخرى ولا تحرك لهم ساكنا، اللهم إلا من بعض البيانات والتصريحات التي تجنبت توجيه النقد لترامب وإدارته، واكتفت بتأكيد عروبة الجولان. الواقع محزن وأليم في عالم لا يحترم إلا الأقوياء أصحاب الهمم والعزيمة الذين لسنا منهم بكل حسرة وأسف».
«الطريق إلى مكة»
وفي عدد «الأهرام» نفسه حذر الدكتور محمد السعيد إدريس من أن صمت العرب عن مواجهة أمريكا سوف يشجع إسرائيل على المطالبة بالمدينة المنورة، ويشجع تركيا على المطالبة بأراض في سوريا والعراق، وأن الأمريكيين ومندوبتهم السابقة في الأمم المتحدة، نيكي كررت أكثر من مرة أن قرارات الأمم المتحدة كانت متحيزة ضد إسرائيل، وهو ما كرره ترامب وأن نظام الاسد يرتكب فظاعات وقال: «هذان المبرران الأمريكيان، مبرر معاقبة الرئيس الأسد باقتطاع أجزاء من أرض بلاده وإعطائها لإسرائيل، ومبرر احتياجات الأمن الإسرائيلية، لا تنسف فقط كل مرتكزات القانون الدولي وقواعد إرساء السلام في الشرق الأوسط لكنهما، فضلاً عن ذلك يمكن أن تجعل أرض سوريا وغيرها من الدول العربية نهباً لمن يريد من دول الجوار الإقليمي، وبالذات تركيا، التي لديها أطماع في الأراضي السورية والعراقية، ولديها من الحجج التاريخية التي تعلنها وتؤكد من خلالها على حقوق سيادية في شمال سوريا، تمتد حتى حلب، وفي العراق تمتد حتى الموصل وكركوك، وهذا خطر لا يمكن للعرب الهروب منه لأن الصمت سوف يعطي كل دول الجوار الإقليمي حقوق التمدد في الأراضى العربية. أما السبب الثاني والأهم الذي يرجح أن العرب لن يلتزموا الصمت على القرار الأمريكي، أنه يطلق وعلناً وبدون إخفاء البدء في تنفيذ مشروع «إسرائيل الكبرى» الذي كان يتستر وراء شعار «من الفرات إلى النيل» وهناك من يتحدثون عن حقوق لليهود في شمال الجزيرة العربية تصل إلى المدينة المنورة نفسها، كما كشفها كتاب صدر أخيرا عنوانه «الطريق إلى مكة» ويصور اليهود باعتبارهم أصحاب الأرض الحقيقيين ليس في فلسطين وحدها بل في كل البلاد المجاورة».
صفقة القرن
أيضا في «الأهرام» قال فتحي محمود عن ارتباط إعلان ترامب بصفقة القرن التي يعدها لتسوية المشكلة الفلسطينية: «السؤال الذي يفرض نفسه في كل الأحوال: هل هناك علاقة بين قرار الجولان وما يسمى صفقة القرن، أو الخطة الأمريكية لتسوية الصراع العربي الإسرائيلي؟ كل المؤشرات تؤكد بالطبع أن الإجابة هي نعم، فكل المواقف التي تصدر عن إدارة ترامب منذ انتخابه تؤكد سعيه لتنفيذ الخطة، عقب انتهاء الانتخابات الإسرائيلية، رغم الغموض الذي يحيط بها، وبعد إدخال عدة تعديلات عليها لم تمس جوهر الأسس المبنية عليها، مثل تبادل الأراضي والتوطين المتبادل والترتيبات الأمنية في المناطق الحدودية والدور الاقتصادي العربي، فالتصورالأمريكي قائم على ضرورة أن يدفع كل طرف ثمن التسوية في الشرق الأوسط، ويمكن التنبؤ بشكل هذه التسوية إذا علمنا أن الفريق الأمريكي المشرف عليها مكون من رجل الأعمال اليهودي الأرثوذوكسي جاريد كوشنر صهر الرئيس ترامب وكبير مستشاريه، وجيسون غرنبلات المبعوث الأمريكي لعملية السلام، وديفيد فريدمان السفير الأمريكي في إسرائيل، والثلاثة من المتعصبين بشدة للجانب الإسرائيلي، وليس لديهم خبرات كبرى سابقة في التعامل مع الوضع في الشرق الأوسط، وبهذا الشكل أصبحت الصورة واضحة فالمسألة ليست القدس أو الجولان، ولكن إصرار ترامب على فرض تسوية معينة للشرق الأوسط، تكون أحد الإنجازات التي يدخل بها الانتخابات الأمريكية العام المقبل، بدعم إسرائيلي كبير، فقد حقق لها ما لم يحققه أي رئيس أمريكي آخر خلال السنوات الأخيرة، وهو ما يتطلب اتخاذ موقف عربى موحد يتم الاتفاق عليه خلال القمة العربية التي ستعقد في تونس نهاية الشهر الحالي، يتضمن سيناريوهات محددة للتعامل مع تداعيات الموقف الأمريكي من عملية التسوية الذي ستظهر تفاصيله رسميا قريبا، فالتعامل العربي الفردي مع هذا الأمر يعني أن يخسر العرب جميعا، ويسبب تداعيات سلبية كثيرة على الأمن القومي العربي، ويكفي أن التعامل العربي غير المدروس مع وعد بلفور أوصلنا إلى ما نحن فيه الآن، ولن نكرر المأساة بالتعامل بالأسلوب نفسه مع وعود ترامب التي تتحول دائما إلى واقع».
إيران وليس إسرائيل
وفي «الشروق» قال محمد عصمت عن صفقة القرن: «صفقة القرن في آخر تسريباتها ستحرم الفلسطينيين من دولتهم التى يضمنها لهم القانون الدولي كل ما ستعطيه لهم مجرد حكم ذاتي في غزة والضفة، مع حرية تنقل الفلسطينيين بينهما، وضم الكتل الاستيطانية الكبرى في الضفة لإسرائيل وإدارة أردنية فلسطينية إسرائيلية للمسجد الأقصى، واستثمار مليارات الدولارات في غزة لتحسين حياة الفلسطينيين هناك، وإعطاء تعويضات مجزية للاجئين الفلسطينيين للبقاء في الدول التي يعيشون فيها، إذا أثبتوا أن لهم أملاكا في فلسطين، وقبل ذلك كله تطبيع علاقات الدول العربيــــة مع إسرائيـــل وتشجيع التعاون بينهما لمواجهة إيران. لا يوجد مبرر واحد لقبــول الحكومات العربية بهذه الصفقة التي ستجعل منها «أضحوكة القرن» اللهم إلا إذا كانت تعتبر أن إيران أكثر خطرا عليها من إسرائيل، وإنه لا بد من خوض الحرب ضدها، وهو أمر لا يستقيم مع العقل والمنطق، بل مع أبسط الحسابات السياسية الرشيدة».
سوريا لن تتسول العودة
وختامها مع عباس الطرابيلي في «الوفد» الذي هاجم الدول العربية لرفضها إعادة سوريا إلى مقعدها في الجامعة العربية، وذكّر بدورها التاريخي في تأسيس الجامعة، وقال تحت عنوان «سوريا لن تتسول العودة»: «أبكي على سوريا بالدماء وليس فقط بالدموع، وما صار إليه حال العزيزة سوريا التي احتضنت «العروبة» فكرة وتنفيذا، وتعلمنا منها- حتى قبل المفكر العربي الأشهر ساطع الحصري معنى العروبة، وكانت من أهم القلاع التى صمدت للغزوات الصليبية قروناً عدة- وكانت سوريا هي الأولى استجابة لفكرة الجامعة العربية، حتى إن كانت جامعة حكومات، ولم تكن جامعة شعوب، وكانت سوريا هي الأولى التى انطلقت لتحول هذا الحلم العربي إلى عالم الحقيقة، وكان وفدها هو السباق للحضور إلى القاهرة برئاسة سعدالله الجابري رئيس وزراء سوريا، ليشترك في بروتوكول إنشاء جامعة الدول العربية، وكان يرأس وفد مصر يومها الزعيم مصطفى النحاس باشا، حيث تم توقيع بروتوكول الإسكندرية يوم السبت 7 أكتوبر/تشرين الأول 1944 بعد مباحثات بدأت يوم 25 سبتمبر/أيلول، وبذلك انبثقت فكرة هذه الجامعة من الدول العربية المستقلة، ثم كانت سوريا في مقدمة الموقعين على ميثاق هذه الجامعة يوم 22 مارس/آذار 1945 وقام بالتوقيع نيابة عن سوريا يومها الشيخ فارس الخوري، وبالتالي فهي من الدول المؤسسة لإنشاء هذه الجامعة العربية. والمؤلم أن سوريا- هذه الدولة المؤسسة لهذه الجامعة- تجد معاناة رهيبة من «الأشقاء» العرب الذين قرروا في يوم أسود تجميد عضويتها في هذه الجامعة، ولكي تعود دمشق إلى موقعها الطبيعي في طليعة الجماعة العربية، وهنا نجد العجب العجاب: سوريا وهي من المجموعة الأولى المؤسسة خارج الجامعة العربية بينما- داخل الجامعة نفسها- دول لا نسمع لها صوتاً مثل الصومال وجيبوتي، ولا نشاطاً فكيف يستقيم ذلك يا عرب؟ والأكثر مرارة أن العرب وهم يبدأون هذه الأيام الإعداد لعقد قمة عربية جديدة في تونس، لم يقرروا ضم ملف سوريا وعودتها إلى أحضان الجامعة، وإذا لم يحدث ذلك في هذه القمة سوف يلعننا كل العرب المخلصون، ولن تنسى سوريا ولا شعبها العربي الأكثر عروبة من أعضاء آخرين في هذه الجامعة تلك الجريمة التى صاحبت إبعاد سوريا العربية عن هذه الجامعة».
الاخوان هم اللي اسقطوا السيستم !!!… ليه “لأ” ما دام هم اللي كانوا ورا سقوط الاندلس.. ربنا ما يحرمكم من الهطل والعبط.