طرابلس – «القدس العربي»: يوماً بعد آخر يتفاقم الانقسام السياسي في ليبيا، وتتزايد الفجوة بين الأطراف المسؤولة على إيجاد حلول، كانت عقدت عليها الآمال للتوافق حول القاعدة الدستورية والسلطة التنفيذية والانتخابات والمناصب السيادية.
صراع تزداد حدته بين مجلسي النواب والأعلى للدولة دون حلول تلوح في الأفق، فكل منهما يرفض التنازل لصالح الآخر، فبعد أن تعدى مجلس النواب على استقلالية السلطة القضائية ومسها بالضرر، رفض الآخر ذلك مصوتاً على تعليق أي تواصل معه حتى يسحب «النواب» ما قام به من إجراءات مخالفة.
وفي جلسة طارئة، صوّت المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، الأحد، بالإجماع على تعليق التواصل مع مجلس النواب إلى حين إلغاء الأخير قانون إنشاء محكمة دستورية، حسب عضو المجلس الأعلى نعيمة الحامي.
وجاء ذلك في جلسة المجلس، التي سبق أن دعت لها رئاسة المجلس بشكل «طارئ» للنظر في الإجراءات المتخذة حيال تصويت مجلس النواب على قانون استحداث محكمة دستورية، وإلغاء الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا.
واشنطن تعتبر الدبيبة رئيسا مؤقتا للحكومة
وصادق مجلس الدولة في جلسة طارئة ظهر الأحد بالعاصمة طرابلس، على الإجراءات المتخذة بتعليق التواصل مع البرلمان إلى حين إلغاء القرار الذي من شأنه تأزيم الأوضاع وحالة الانقسام في البلاد والتأثير على استقلالية القضاء، على حد ما نشره المجلس عبر صفحته الرسمية في موقع فيسبوك.
والثلاثاء الماضي، أعلن مجلس النواب التصويت بأغلبية أعضائه على إصدار قانون لإنشاء محكمة دستورية، تنقل إليها جميع اختصاصات وأعمال الدائرة الدستورية في المحكمة العليا، ويكون مقرها بنغازي.
وشهدت جلسة مجلس النواب المنعقدة، الثلاثاء، في مقر المجلس في مدينة بنغازي مناقشات حول بند الطعن في دستورية القوانين، ومن يحق لهم الطعن، وذلك في مشروع قانون تشكيل المحكمة الدستورية.
وأثار التشريع الجديد جدلاً كبيراً بين الأطراف السياسية، حيث قال المجلس الأعلى للدولة إن إصدار البرلمان قانون المحكمة الدستورية هو مساس بالأساس الدستوري، داعياً البرلمان إلى التراجع عن قراره، وفق بيانه.
وأفاد الأعلى للدولة، في بيان له، بأن أي تعديل على السلطة القضائية يجب أن يكون من خلال دستور مستفتى عليه من الليبيين، أو تعديل دستوري متوافق عليه من الأطراف السياسية، حسب البيان.
ودعا الأعلى للدولة السلطة القضائية إلى الامتناع عن تنفيذ القانون، مؤكداً رغبته في «اتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك»، وفق تعبيره.
كما نبه رئيس المجلس الأعلى للدولة في خطاب أرسله بشكل رسمي وشخصي إلى رئيس مجلس النّوّاب عقيلة صالح، إلى ضرورة إلغاء قانون استحداث محكمة دستوريّة عُليا في مدينة بنغازي، الّذي صدر بالمخالفة للنّصوص الدّستوريّة ولكلّ ما توافق عليه المجلسان، حسب قوله.
وقال المشري في خطابه، إنّ عملية التّواصل بين رئاستي المجلس وأعمال اللّجان المشتركة بين المجلسين تُعتبر كلّها معلّقة إلى حين إلغاء القانون المشار إليه.
للأمر ذاته، بعث المشري خطاباً رسميًاً إلى رئيس المحكمة العليا ومستشاريها ورئيس المجلس الأعلى للقضاء وأعضائه وأعضاء الهيئات القضائية، يشيرُ فيه إلى خطورة قانون استحداث المحكمة الدستورية العليا الذي صدر عن مجلس النّوّاب.
وعلى الصعيد المحلي، نظمت مجموعة من المكونات السياسية والمدنية والاجتماعية، الأحد، ملتقى أطلق عليه «الملتقى الليبي الجامع» ينادي بحل مجلسي النواب والدولة والمضي في استكمال الاستحقاق الانتخابي. وصرح منظمو الملتقى، أن أهداف الملتقى تتضمن أيضاً السعي بشكل دؤوب لتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة، ومد جسور الحوار المجتمعي العام والتشديد على خروج المرتزقة.
ويضم الملتقى أعضاء من ملتقى الحوار وشخصيات سياسية وحزبية وأعياناً وحكماء من شرق ليبيا وغربها وجنوبها وممثلين عن مؤسسات المجتمع المدني، كانوا أجروا الأسبوع الماضي لقاءات عدة مع سفراء تركيا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا.
وفي سياق آخر، برزت تصريحات أمريكية جديدة حول الشأن الليبي، حيث قال سفير الولايات المتحدة الأمريكية لدى ليبيا ومبعوثها الخاص ريتشارد نورلاند، إنهم يعتبرون عبد الحميد الدبيبة رئيساً مؤقتاً للحكومة، وإن ليبيا ليست في حاجة إلى فريق آخر من الوزراء المؤقتين، مشدداً عن أنهم أوضحوا لجميع الأطراف أنه يجب إجراء انتخابات في أقرب وقت ممكن. وتابع نورلاند أن الدبيبة ليس وحده من يرغب في إجراء الانتخابات، فالجميع يرغب في رؤية المزيد من التقدم، مشيراً إلى دور مجلسي النواب والدولة والجهات الفاعلة الأخرى في هذا السياق، وفق اعتقاده.
وأشار نورلاند إلى رغبة المجتمع الدولي بأسره وجميع القوى السياسية الليبية، بما في ذلك 2.8 مليون ناخب سجلوا أسماءهم في القوائم، في إجراء الانتخابات.