المرأة التي قادت تونس للانتصار على كورونا… ومسلسل رجالي باسم «شط الحرية»

شهر رمضان المبارك لم يأت بخيراته المعهودة هذا العام، بعدما صمتت صلوات التراويح، وكفت لقاءات الأسر على الموائد. كورونا لست السبب في كل ما يحدث، لكنك السبب في قتل الطقوس المعتادة الدينية منها والدنيوية. السبب في غياب من يواسي الثكالى بحضن دافئ وأياد حانية تجفف الدمع الحار المنهمر من العيون. أنت السبب في عدم القاء النظرة الأخيرة على الأطفال الأربعة الراحلين غرقا في سد مائي في بومرداس الجزائرية. هكذا لا تكف وسائل التواصل الاجتماعي عن إحداث ندوب في وجداننا الهش. بينما كنا ننتظر، يوميا، موعد نشرة الخامسة بتوقيت الجزائر أو قبلها بقليل ليلقى على مسامعنا، وفي صورة مكررة، الإعلان اليومي عن عدد الإصابات الجديدة، والتي لم ترد أن تنخفض في شهر رمضان، وعدد الذين شفوا وعدد الوفيات.تمر الأرقام والنسب جوفاء مجردة من كل إحساس. نتحسر للزيادة.
ثم نعود للاختفاء بين طيات روتين حياتنا الممل. وإذا صدقنا الأعداد التي لم تتخط العشر وفيات، تزلزل مواقع التواصل الاجتماعي ركود أحاسيسنا وعدم تفاعلنا مع الأرقام التي لا تحمل اسما ولا عمرا ولا جنسا، بما تحمله لنا من أخبار في الصور والنعي والعويل والصراخ.يتفاعل الناس مع الأسماء والأجساد والمناظر المروعة. هكذا اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي في نعي وتصريحات كل الفئات من أبسطها إلى النخبة المثقفة على إثر وفاة الطبيبة بوديسة متأثرة بعدوى «كورونا»، التي رحلت حاملة معها غصة وجنينا ذكرا في الشهر الثامن. قالوا إنها لا تشتغل في مصلحة متخصصة في كوفيد-19. لكن هل الكوفيد من قتلها، وهو من فتك بآلاف الأطباء والممرضين بين صفوف الجيوش البيضاء. بوديسة قتلتها التجاوزات وتخطي القوانين وحتى الأعراف. قتلها انعدام الإنسانية في زمن نحتاج للتضامن الإنساني. فمن أين جاءتنا هذه القسوة في ظل هذه الظروف» ما أوحش الإنسان وما أقبحه! توفيت إلى رحمة الله تاركة وراءها ابنة مصابة بالفيروس وأفرادا من عائلة زوجها. الخبر تناقلته مختلف المواقع والجرائد ومنصات التواصل الاجتماعي. «أسينات» ابنة الطبيبة البالغة من العمر 28 شهرا احتضنتها وزيرة التضامن ولامس خدها وزير الصحة وإصلاح المستشفيات، ها هي تقبع في المستشفى في الحجر الصحي برفقة عمها وجدتها. تركت المرحومة تركة ثقيلة ابنة يتيمة ومصابة. وزملاء عاجزين عن مواجهة جنون المدير وأعوانه وعيونه. نعم كل مدير مؤسسة يلتف بمخبرين ينقلون له الأخبار.فقط من أجل إلحاق الأذى بالموظفين ولا يهمه التفاعل ولا الحوار ولا سماع أي حجة.إذا كانت الخبزة من تذل المفكر والطبيب والباحث والمتنور. فهي خبزة ذل لا يمكن بلعها والتلذذ بها. الصمت على الظلم والظالمين ممن حولوا المؤسسات لمنابر خاصة، يعتبر جريمة نحاسب عليه جميعنا. والاحتجاج المتأخر لا يعيد الموتى وإقالة المسؤول لا تطفئ ما تأجج من نيران في الأكباد ولا تعيد لليتيمة أمها وصحتها وسلامتها النفسية. كورونا إن لم يعلمنا المواجهة والتراحم والتضامن. إن لم يعد لنا إنسانيتنا فهو فناء آثم.

نصاف بن علية: الصدق والتضحية

إنها رئيسة المرصد الوطني للأمراض الجديدة والمستجدة لم تمنعها انشغالاتها الكثيرة المكثفة في مواجهة الوباء العالمي من أن تظهر أنيقة بشعر أشقر مصفف بعناية. نصاف بن علية، التي تعرضت للتنمر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب قصر قامتها، وهي تخوض غمار حرب ضد الصحة، وتحاول التوعية بصوت صادق. السيدة، التي ترفض محاورة أي صحافي لا يرتدي كمامة، بل وتأمره أن يغادر مكان اللقاء، الذي تتواجد فيه.فلا أحد فوق الإجراءات. هي من قالت إذا لم نلتزم بالحجر الصحي العام سنخسر أحبابنا، ويا خيبة المسعى. تحذيرات البداية بقلب حار ونية صادقة أوصلت تونس لتخطي سيناريو سيئ. الصدق والتضحية يوصلان صاحبهما إلى مبتغاه. المرأة، التي تفانت في عملها وقصرت في حق أسرتها وأبنائها ووالديها، لدرجة البكاء، لكن ما تقدمه من تضحيات في مواجهة كورونا هو في سبيل تونس كلها سليمة وآمنة. هكذا وصفها تقرير صور ما تقوم به، أثناء تكريم التلفزيون الوطني التونسي لها بمناسبة يوم الشغل (باب نات). هذه السيدة أيضا احتفى بها الإعلام العربي باعتبارها امرأة قادت تونس إلى الانتصار على كورونا. حيث تحدثت كثير المواقع والقنوات المعروفة في إطناب عن نجاح تونس في تجاوز عقبة وباء كورونا تدريجيا وتخطي فترة الذروة وارتفاع الإصابات بالآلاف مثلما كان متوقعا.
اعتبرها بعض الإعلاميين المرأة الحديدية وفخر الدولة التونسية والمغرب العربي، وشددوا على أنها نجحت في توعية المواطنين بعد أن كسبت ثقتهم وكانوا يؤمنون برسائلها وهي إحدى أبرز نقاط قوة وزارة الصحة، والتي قادت تونس لبر الأمان. وفي المقابل اعتبرت نصاف بن علية أنها قامت بواجبها خدمة للوطن، وهي لا تنتظر أن تكون في موقف بطولي، بل أن العمل كان جماعيا لفائدة تونس (موقع ولاد بلاد) الكل ينحني لما فعلته وتفعله هذه السيدة.برافو.

هل «الزعيمان» سيناريو إخواني؟

على الرغم مما قيل عن مسلسل «الزعيمان» وهو من الدراما الرمضانية، ويعرض على قناة السلام، التي سخرت لها إمكانات بشرية ومادية كبيرة، باعتماد كتاب سيناريو من مصر وممثلين من مختلف الدول العربية (تونس، المغرب، الأردن) ومواقع تصوير من خارج ليبيا (تونس وتركيا) بسبب ظروف ليبيا الراهنة، ورغم الإشادة في عمل تاريخي يصالح الليبيين – وخاصة الشباب مع تاريخهم وذواتهم في الاقتداء بزعمائهم – إلا أن المسلسل لم يسلم من انتقادات تقنية وتاريخية.أضيفت له «تهمة» الموالاة لجماعة الإخوان المسلمين، كما جاء في موقع «الساعة 24» يقول صاحب المقال: «حاول أتباع جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا السير على النهج التركي، الذي يتخذ من التلفزيون أداة لترويج تاريخهم وثقافتهم، فأنتجوا مسلسل «الزعيمان» بملايين الدولارات، محاولين إبراز وتلميع بعض رموز التاريخ الليبي باستخدام القوى الناعمة والمسلسلات التاريخية لإيصال ما يريدون إيصاله إلى ضعاف العقول، وعلى الرغم من الأموال الطائلة التي أنفقت على انتاجه إلا أنه لم يحقق النتائج المرجوة لهذه الجماعة. وعقب عرض الحلقة الأولى سارع الخبراء إلى ذكر المغالطات التاريخية، التي سردها المسلسل، بينما رأى آخرون أن ما يحدث هو تزوير للتاريخ الليبي.
وأنه لم يحقق مشاهدات كبيرة تتناسب والأموال التي انفقت عليه. منذ الحلقة الأولى تدفقت الانتقادات، لكن المشاهد أيضا لا يرى بعين مجردة، بل الذوق والرؤية لهما منطلقاتهما وخلفياتهما الأيديولوجية. واتهام المسلسل أنه يروج لوجهة نظر الإخوان، بسبب أن مؤلف القصة هو الدكتور علي الصلابي، المنتمي لتيار الإخوان المسلمين في ليبيا. وأفردت مقارنة بين «الزعيمان» ومسلسل «شط الحرية»، الذي يشهد موسمه الثاني، والذي يعرض على قناة «218»، واعتبر مسلسلا حقق انتشارا واسعا ونجاحا مبهرا. وهو يناقش الأزمات التي يعاني منها الشعب الليبي في قالب كوميدي. وإذا كان قد حقق نسبة مشاهدة تفوق المليون، منذ عرض حلقته الأولى، فهو شط حرية رجالي، حسب ما كتبته فتحية المفتي (من صفحة الأستاذة فاطمة الغندور)، متحدثة عن «المرأة والهوية في شط الحرية»، وأن المسلسل لم ينصف كل المواطنين وتعمد إلغاء دور المرأة، وأبعدها عن المشهد نهائيا. هذا رغم مكانة المرأة في المجتمع البدوي كقوة عمل لا تخضع لنمط الحجبة المفروض على نساء المدن. فالبدويات يخرجن للعمل في الحقول والرعي ومخالطة الناس في النجوع، مما ساهم في تعزيز مكانتهن في المجتمع البدوي. كذلك ذكرت الكاتبة بأسباب نجاح المسلسل من وجهة نظرها، حيث يعالج قضايا معاصرة في أسلوب بسيط وعميق وفي إطار كوميدي. ومناظر طبيعية غير مستهلكة وألوان زاهية تعكس حياة الريف في ليبيا. لياقة الممثلين البدنية.
تفرد كل شخصية بجملة مميزة علقت في اذهان المشاهدين. فعلا شط كئيب ليس فيه حرية. إن لم يغير من محتواه ونمطيته، وأن يأخذ مستقبلا في اعتباره الجانب الإرشادي التوعوي واستشارة طبيب نفسي واستشارة متخصص اجتماعي. مع تخصيص عدة حلقات تظهر المرأة بشكل لائق ومشرف وحصاري، كطبيبة في النجع أو مدرسة أو محامية تحل مشاكل النزاع عن الأرض. وأن يتفادى المسلسل الألقاب المهينة جسديا والألفاظ العنصرية، وإلا سيبقى شطا كئيبا لا حرية فيه ولا نساء! وهناك من أراد مقاضاة قناة 218 لبثها المسلسل وتوعد أن يكون ذلك بعد العيد.وأنه يطلب تعويضا لا يقل عن خمسة ملايين دولار، كما جاء في صفحة الصحافية مروة الزلاوي على فيسبوك. واعتبار المسلسل هابطا ويزيف حياة البادية أيضا.

٭ كاتبة من الجزائر

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية